التعليم العالي: تقدم 28 جامعة في تصنيف التايمز العالمي للجامعات الناشئة 2024    طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان العلوم    المجلس الأعلى للحوار الإجتماعي يستكمل جلساته برئاسة وزير العمل    «الصحفيين» تدعو قيادات الصحف للاجتماع التحضيري للمؤتمر العام الثلاثاء المقبل    مفتى الجمهورية: الالتزام بالقوانين المنظمة للحج ضمن شرط الاستطاعة ويجب عدم مخالفتها    برلماني عن قانون إدارة المنشآت الصحية: من فشل في الإدارة لن يكون كفء في الرقابة    توريد 200 ألف طن من محصول القمح لصوامع البحيرة    وصول 96 ألف طن قمح على متن سفينتين لصالح هيئة السلع التموينية والقطاع الخاص    مؤتمر أخبار اليوم العقاري | أحمد العتال: أسعار العقارات لن تنخفض خلال الفترة القادمة    الرئيس السيسي يهنئ نظيره التشادي بفوزه في الانتخابات الرئاسية    محمد حمزة يهزم لاعب التشيك ويضمن ميدالية لمصر في بطولة الجائزة الكبرى لسلاح الشيش    وسام أبوعلي: سنقاتل للفوز بدوري أبطال أفريقيا    مصدر من نادي إينتراخت فرانكفورت يكشف ل في الجول مصير عملية مرموش الجراحية    ياسر إبراهيم: جاهز للمباريات وأتمنى المشاركة أمام الترجي في مباراة الحسم    إصابة طالبة بإعدادية الأزهر بالزائدة الدودية في الشرقية    أمن الجيزة يضبط طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء داخل مدرسة بفيصل    متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 1445 وما الأعمال المستحبة بها؟    السجن 3 سنوات ل حارس عقار و2 آخرين بتهمة «السرقة بالإكراه» في منطقة التجمع الخامس    «دراما الشحاذين» يستهل فعاليات المهرجان الختامي لنوادي المسرح ال31    خفة ظله «سر» شهرته.. ذكرى وفاة الفنان حسن مصطفى    تعرف على النجم الأقل جماهيرية في شباك تذاكر أفلام السينما السبت    «القومي للبحوث» يوجه للأمهات بعض النصائح للتعامل مع الجدري المائي    نصائح مهمة من «الصحة» بسبب الطقس الحار.. تجنبوا الخروج واغلقوا النوافذ    الوقوف فى طابور وحفر المراحيض وصنع الخيام..اقتصاد الحرب يظهر فى غزة    ولي العهد السعودى يبحث مع مستشار الأمن القومى الأمريكى الأوضاع فى غزة    أوكرانيا: القوات الجوية تسقط 37 طائرة روسية دون طيار    المصرين الأحرار عن غزة: الأطراف المتصارعة جميعها خاسرة ولن يخرج منها فائز في هذه الحرب    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    إصابة 4 مواطنين فى مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    رئيس النواب: القطاع الخاص لن يؤثر على تقديم الخدمة للمواطن أو سعرها    رئيس جهاز السويس الجديدة تستقبل ممثلي القرى السياحية غرب سوميد    وزير المالية: حريصون على توفير تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص    وزيرة التضامن الاجتماعي تشهد إطلاق الدورة الثانية لملتقى تمكين المرأة بالفن    عماد الدين حسين: تعطيل دخول المساعدات الإنسانية لغزة فضح الرواية الإسرائيلية    توقعات الأبراج 2024.. «الثور والجوزاء والسرطان» فرص لتكوين العلاقات العاطفية الناجحة    وزيرة التضامن تلتقي بنظيرها البحريني لبحث موضوعات ريادة الأعمال الاجتماعية    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ترامب ينتقد بايدن مجددًا: «لا يستطيع أن يجمع جملتين معًا»    صور| باسم سمرة ينشر كواليس فيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    وزير الصحة: التأمين الصحي الشامل "مشروع الدولة المصرية"    طريقة عمل الكمونية المصرية.. وصفة مناسبة للعزومات    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    الأمور تشتعل.. التفاصيل الكاملة للخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    رئيس النواب يفتتح أعمال الجلسة العامة    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    كيف تستمتع بنوم عميق في الطقس الحار؟    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعرف على أهم الروايات التي وثقت للواقع والتاريخ الفلسطيني
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 11 - 2023

في عام 1985 أعلن الزعيم الصهيوني بن غوريون تصريحه الأشهر عن فلسطين بقوله: "سيموت كبارهم وينسى صغارهم"، هكذا عبر عن استخفافه بالهوية الفلسطينية وقدرة المقاومة على الصمود ممنيا نفسه بأن الحق سيموت بالتقادم، ومرت سنوات ولم تمت المقاومة، مات الكبار لكن لم ينسى الصغار فقد توارثنا القضية، الحكاية، بالرغم من جرائم التهجير والتطهير العرقي والقذف اليومي والتعتيم على ما يحدث في فلسطين، ظلت القرى ماثلة أمامنا وشهداءنا أحياء كأنهم فارقونا بالأمس.
لا يرجع الفضل في هذا الصموت إلى المقاومة فقط، كان لرواية الحكاية فضل أكبر في ذلك تمثل في الأعمال الأدبية التي حفظت حكايات الشهداء وأعادت القرى التي طهرت عرقيا من أصحابها إلى الحياة على صفحات الكتب تستطيع أن تراها حين تقرأ ماثلة أمام عينيك، فكتب التاريخ معنية أكثر بالأرقام والأحداث، لكن حكاية الإنسان وملامح الزمن الذي عاش فيه والعادات والتقاليد يرصدها الأدب المعني بالتجربة الإنسانية، وفيما يخص فلسطين أنتج الأدب العديد من الأقلام التي لم تقتصر على كتاب فلسطين فقط، لكن بطبيعة الأمر كان لهم النصيب الأكبر في هذا المشروع، وفي الأسطر التالية نلقي بالضوء على بعض هذه الأعمال الأدبية.
_مشروع الملهاة الفلسطينية
هو مشروع أدبيى اتخذه الكاتب إبراهيم نصر الله على عاتقه منذ أن استمع إلى تصريح بن غوريون، عزم في البداية على أن يكتب رواية واحدة وإذا بالمشروع يمتد ويكتشف أن تاريخ فلسطين ما قبل النكبة وبعدها أكبر من أن تحتويه رواية فأصبحت الرواية الواحدة مشروع روائي يضم 13 رواية تغطي أكثر من 250 عاما من التاريخ الفلسطيني، كان أحدثهم ثلاثية الأجراس التي تتكون من ثلاثة أجزاء منفصلة، الجزء الأول بعنوان ظلال المفاتيح يتناول من خلالها فكرة احتفاظ الفلسطيني بمفتاح المنزل الذي طرد منه واحتفاظ ذاكرته بملامح قريته التي يستطيع أن يبنيها جغرافيا بكل معالمها على الرمال وحتى أسماء العائلات يحفظها عن ظهر قلب.
الجزء الثاني سيرة عين الذي يتناول فيه قصة حياة كريمة عبود أول مصورة في الشرق الأوسط والتي قررت قبل سنوات النكبة أن توثق بالصور معالم فلسطين وأهلها، لتتحول صورها إلى أرشيف يدحض أكذوبة أن فلسطين أرض خاوية من أهلها.
وفي الجزء الثالث، دبابة تحت شجرة عيد الميلاد يتناول المقاومة وأهم أعضاءها منذ ثورة 1936 وصولا إلى الانتفاضة الأولى والانتصارات التي حققتها ضد هذا الكيان الصهيوني.
ومؤخرا صدرت أحدث أجزاء الملهاة، رواية طفولتي حتى الآن، التي يحلق فيها نصر الله فوق آلام المخيم، فهي بمثابة شاهد علي يوميات الطفل الفلسطيني في المخيمات، كيف يتعلم وتتكون خبرته الشخصية وقناعاته، وأحلامه، وما يحصل عليه من حقوق وسط أهم الأحداث السياسية التي حدثت في المنطقة وأثرت على وجوده منذ سنوات النكبة وحتى عام 2020.
_الطنطورية
هي أشهر أعمال الكاتبة رضوى عاشور، صدرت عام 2010 عن دار الشروق، تدور أحداث الرواية حول تاريخ عائلة فلسطينية منذ عام التهجير 1948 وحتى عام 2010، تروى الحكاية على لسان رقية وتنطلق من قرية الطنطورة إحدى القرى التي استولت عليها العصابات الصهيونية وقامت بتطهيرها عرقيا أي قتل جميع أهلها ودفنهم في مقابر جماعية.
تشهد رقية على هذه المجزرة وتهجر قريتها إلى لبنان فنعيش أجواء الحرب اللبنانية، ومنها إلى مصر والإمارات ومحاولات العودة مرة أخرى، رقية شاهد على حياة المهجرين بين البلدان العربية والصعوبات النفسية والمادية التي يواجهونها، كما أنها رمز للمرأة الفلسطينية التي تحملت الكثير في مراحل عمرها المختلفة.
ويظل أهم ما يميز هذه الرواية، التركيز على التراث الفلسطيني حتى في اللكنة التي يتحدثها أهل القرى والمدن التي كتبت في ملحق مرفق بالرواية بالإضافة إلى الوثائق والشهادات التي كانت شاهد على الأحداث.
_مراد مراد
رواية للكاتبة سعاد العامري ترصد من خلالها جانب آخر من حياة المواطن الفلسطيني داخل فلسطين، ذلك الذي يضطر يوميا إلى عبور السور الشهير للبحث عن فرصة عمل، والتجول في المدن الفلسطينية المحتلة وسط قبضة أمنية غاشمة للاحتلال.
أهم ما يميز هذه الرواية هي فكرة المعايشة التي طرحتها من خلال بطلة الأحداث التي كانت دائما تتوق لحياة الرجال وتقوم بتقليدهم حتى جاءتها الفرصة فارتدت ملابس العمال ورافقت مراد في رحلته اليومية هو وأصدقائه، لتعايش حياتهم وأحاديثهم الجانبية خلال رحلة العمل المحفوفة بالمخاطر، ومنها تعكف على منازلهم على خلفياتهم وتاريخ مقاومتهم، فترصد من خلال العمال جانب آخر من حياة فلسطين، عن الواقع اليومي لأهلها بين المدن التي يحفظون دروبها عن ظهر قلب ويمنعون من العيش فيها، فقط يسمح لهم بالعمل في حرف ومهن محددة فماذا يعتمل في صدورهم حيال ذلك وكيف يقاومون ويستطيعون الاستمرار تحت هذه الضغوط؟!
_عائد إلى حيفا
في التاسع من أبريل عام 1936 ولد الكاتب والصحفي غسان كنفاني بمدينة عكا شمال فلسطين، عاش السنوات العشر الأولى من حياته في مدينة يافا حتى نكبة احتلال فلسطين عام 1948؛ فأجبر على مغادرتها واللجوء إلى لبنان ثم سوريا حيث عمل في دمشق ثم الكويت وعاد مرة أخرى إلى بيروت عام 1960 التى لم يفارقها حتى استشهاده في الثامن من يوليو عام 1972.
من يافا إلى بيروت رحلة قصيرة استطاع كنفاني أن يخلق منها رمزا لقضية شعب بأكمله؛ حين سخر حياته للتعبير عنها من خلال مئات المقالات، بالإضافة إلى ثمانية عشر كتابا ترجمت إلى العديد من اللغات، كانت رواية عائد إلى حيفا من أهم هذه الأعمال الأدبية، فقد أصابت القراء والواقع الثقافي بحالة من الارتباك عقب صدورها عام 1969.
فقد أنطلق كنفاني بالأحداث من نقطة السماح للاجئين الفلسطينيين بزيارة المدن التي هجروا منها فكانت زيارة سعيد وصفية إلى منزلهم في حيفا، وهنا كانت المفاجأة فلم يطردوا من المنزل فقط، بل سرق ابنهم وتبنته الأسرة الصهيونية حتى أصبح جندي في صفوف جيش الاحتلال وهنا تبدأ المناقشة بين كافة الأطراف.
لم يضع الكاتب نهاية محددة للأحداث بل ترك النهاية مفتوحة يحددها المستقبل، لكنه أكد على حقيقة واحدة؛ أن الحق الفلسطيني لا يمكن استرداده سوى بحرب متكافأة، هذا التكافؤ لا يمكن أن يحدث إلا إذا وقفنا أمام حقيقتنا واعترفنا أننا كنا شركاء في ضياع هذا الحق شئنا أم أبينا وأن كل بيت فلسطيني قد دفع الثمن بطرق مختلفة، وأن الرغبة في المقاومة لابد أن تظل حية حتى لا تبعد المسافات بيننا وبين الطريق إلي حيفا أكثر من ذلك، حتى لو سقط منا في كل دقيقة واحد.. وتلك هي الحقيقة التي ظل غسان كنفاني يرددها قائلا: "تسقط الأجساد لا الفكرة".
_بينما ينام العالم
في هذه الرواية تسلط الكاتبة سوزان أبو الهوى الضوء على الشخصية الفلسطينية من الناحية النفسية، من خلال شخصية آمال التي لم تنعكس عليها المعاناة بالقوة والصلابة التي أعتدنا عليهم في الشخصية الفلسطينية خاصة المرأة.
بدأت معاناة آمال في حرب 1967، حين تعرضت لقصف تمزقت احشائها وشوه جسدها على إثره، ثم كانت هزيمتها الأكبر حين ساقتها الأقدار إلى دور رعاية الأيتام، حتى جاءت خطوة الهجرة خارج البلاد للعمل والدراسة، لتعاني نظرات الازدراء لا التعاطف الأمر الذي يسوقها إلى ضعف إيمانها الديني والنفسي.
ومن خلال زيارة سريعة لفلسطين تلتقي بالعديد من الحكايات التى تعيد إيمانها بالحياة، لكن سرعان ما تموت تلك الأحلام في مهدها، فتزداد شخصية آمال تشوه واضطراب لم تستطيع حتى الأمومة أن تخرجها منه.
بنهاية الأحداث التي تدور تبدأ من خلفية تاريخية تصل إلى سنوات ما قبل النكبة، يكتشف القاريء أن الأبطال لم يفقدوا إيمانهم بوطنهم وبانتمائهم له، كل ما هناك أنهم فقدوا عزيمتهم وقوتهم النفسية التي تساعدهم على الاستمرار، فأشد الآلام التي يمكن أن يعانيها الإنسان أن يعيش ويشهد أحبابه يرحلون، فما بالنا حين يكون هذا الرحيل بهذه الصور المؤلمة ثمن لابد أن يرتضيه وينتظره.
_حينما كان للشوارع أسماء
تبدأ الكاتبة رندة عبدالفتاح أحداث الرواية من لحظة مرض الجدة فتشعر حياة بطة الرواية بالخطر الذي لا يكمن في الموت الذي يحيط بجدتها بل يكمن في أن تموت دون أن تحقق أمنيتها الوحيدة منذ أن هجرت من القدس بأن تمسك بين يديها حفنة من ترابها مرة أخرى، فتقرر حياة أن تنفذ هذه الأمنية مهما كلفها الأمر.
تصطحب سامي صديقها الوحيد فيخوضون مغامرة لعبور الجدار العازل ومراوغة جنود الاحتلال على نقاط التفتيش في رحلة الذهاب والعودة، وفي طريق الرحلة بين بيت لحم والقدس تنتقل الكاتبة بين التاريخ القريب والبعيد، بين حكايات الجدة عن فلسطين ما قبل النكبة وما مرت به القرى والمدن الفلسطينية وما عايشه جيل حياة وسامي الذين لم تتعدى سنوات عمرهم 13 عاما، فتعيد الكاتبة رسم خريطة فلسطين التي تزين بها بالفعل أولى صفحات الرواية؛ خارطة ما قبل التقسيم والحواجر وما بعدها، نشهد من خلالها الفرق بين جيلين، بين حياتهم اليومية على خلفية قرارات حظر التجوال شبه اليومية وما هي نظرتهم للمستقبل وللقضية؟ وهل تنجح المهمة؟ هذا ما يكتشفه القارئ بين صفحات الرواية.
_رام الله
هي أحدث أعمال الكاتب عباد يحيي، وتعتبر سيرة روائية لمدينة، حيث يتناول تاريخ رام الله الفلسطينية منذ فترة الحكم العثماني لفلسطين، كيف تشكلت ملامح المدينة ومن ثم أهميتها التاريخية، فيضعنا الكاتب بذلك أمام 150 عام من التاريخ الفلسطيني، يسرد كيف تكونت خيوط المؤامرة على فلسطين، ويتتبع مراحل تطور المدينة من هلال حكايات أهلها وأهم الأحداث التي مرت بها وصولا إلى العصر الحديث، وأهم ما يميز الرواية هي أن الطبيعة بطل أساسي من أبطالها، وكأنها أحد شهوده على عراقة المدينة التي تعتبر كناية عن الأراضي الفلسطينية كاملة، كما يرسم لوحة لملامح أهلها والتغيرات التي طرأت عليهم جراء هذا التاريخ الطويل الحافل بالصراع والمعاناة، وكيف صمدت المدينة حتى الآن؟
_البحث عن وليد مسعود
رواية للكاتب جبرا إبراهيم جبرا، صدرت عام 1978، لتحتل المركز الثاني فيما بعد ضمن قائمة أفضل 100 رواية عربية، حيث يلقي بالضوء على جانب آخر في القضية الفلسطينية حين يناقش مسألة افتقاد الوطن على الشخصية مهما حققت من نجاحات، كان وليد مسعود نموذج لهولاء الذين يحصلون على حظ وافر من التعليم والثقافة والقدرة على مناقشة أصعب مسائل الحياة وأشدها تعقيدا، لكنه يقف عاجزا أمام مسألة الهوية التي تشكل أزمة نفسية لا يستطيع تجاوزها وتنعكس على جوانب شتى من حياته، فيظل في تساول وبحث دائم عن نفسه من خلال حياته وحياة الكثيرين من حوله، وكيف استطاع أن يعيش بعيد عن التاريخ والصراع داخل وطنه الأم وكيف انعكس عليه ذلك وما هو سبيله للعودة؟!
_ربيع حار
في هذه الرواية ترصد الكاتبة سحر خليفة مرحلة الاجتياح الإسرائيلي لمدن الضفة الغربية في عام 2002، تحت وهم السور الواقي، وما نتج عنه من مذابح، كانت أشهرها مذبحة مخيم جنين وما تبعها من تدمير للمدن والقرى، وكيف شدد الاحتلال الحصار حول الناس وصولا إلى حصار مقر الرئيس ياسر عرفات الذي تقف أمامه الكاتبة طويلا بالبحث والتوثيق، فكيف يعيش الناس تحت تهديدات هذه الاجتياحات والمذابح التي تستمر لأيام طويلة؟! تعتبر الرواية بمثابة توثيق لما يحدث في التاريخ الفلسطيني الحديث الذي نشاهده أمام أعيننا على شاشات التلفاز لكن التعايش اليومي يظل شيء آخر له أبعاد وصورة لا يمكن تخيلها.
_رأيت رام الله
هي أشهر أعمال الكاتب مريد البرغوثي فقد توجت بجائزة نجيب محفوظ عام 1997، تصدر في نسختها الأحدث عن دار الشروق، تعتبر الرواية لدى بعض النقاد والقراء جزء من سيرة ذاتية للكاتب، لكنك حين تمعن النظر في الأحداث تكتشف أنها تعبر عن تجربة الكثيرين، تجربة السفر والهجرة من أجل الدراسة والعمل، فتأتي ظروف الحرب تمنعهم من العودة مرة ثانية، وحين يأتي يوم العودة الذي تمثل في ليلة قضاها بطل الرواية في انتظار عبور الجسر إلى مدينته يظهر التساؤل الذي أثاره الكاتب في عنوان الرواية، فحين تطأ قدمه مدينته ماذا يرى؟! هل يرى ما تركه خلفه وما احتفظت به ذاكرته لسنوات أم تحولت إلى مدينة أخرى بملامح جديدة؟ أم أنه الشوف للبلاد يتحول إلى أمنية بسيطة تتلخص فقط في الرؤية ولو نظرة إلى رام الله.
_باب الشمس
استمد الكاتب إلياس خوري أحداث هذه الرواية من ظاهرة انتشرت عرفت في بداية الخمسينات بالعائدين خفية الى وطنهم بعد الطرد الأول، وهي عبارة ممن هجروا يتسللون عبر الحدود والأسلاك الشائكة، من خلال شخصية يونس الأسدي أحد رجال المقاومة، فيرثد الكاتب سنوات طويلة من نضال هذا الجيل للاحتلال ما بين الجبال والوديان في فلسطين ولبنان، فتتحول حكايته إلى رمز للمقاومة.
على خلفية ما حققته هذه الرواية من نجاح كتب إلياس خوري رواية كأنها نائمة التي صدرت عام 2007، وتناول من خلالها المراحل التي مرت بها مدينة الناصرة خاصة في الفترة ما قبل النكبة وصولا إلى سنوات الاحتلال، ثم أصدر رواية أسمي آدم التي تطرق من خلالها إلى التزييف الذي يتعرض له التاريخ وكيف يكتبه البعض ملىء بالمغالطات للتستر على جرائم الاحتلال.
_السيدة من تل أبيب
يروي لنا الكاتب «ربعي المدهون»، حكاية "وليد دهمان"، الذي استطاع العودة بعد غياب قصري استمر 38 عاما، حين قرر كتابة رواية تدور أحداثها في فلسطين، فإذا به يقف أمام ذاكرته التي ينقصها الكثير عن ملامح البلاد وأهلها فكان قرار العودة، تجمعه الطائرة بفتاة إسرائيلية ولدت في فلسطين فإذا بنا نقف أمام أول أهداف الرواية، بالتعرف على الأكاذيب التاريخية التي تربى عليها جيل الفتاة، بالإضافة إلى القوانين التي يفرضها التجنيد الإجباري على الإسرائيليين، وكيف تجدد فيهم هذه الإجراءات الرغبة في المزيد من الجرائم وسفك الدماء.
ظن وليد أن صفته المهنية كصحفي وكاتب قد تخفف من حدة الإجراءات التعسفية عند دخول فلسطين، نسي للحظات أن أكثر ما يرعب هذا الكيان الصهيوني الأسماء العربية، الهوية التي تذكرهم بأن هناك عودة إلى هذا الوطن مهما طال الغياب ومهما حاولوا وضع العراقيل.
كانت تلك الإجراءات من أهم نقاط الرواية فقد استطاع الكاتب أن ينقل تلك الحالة للقارئ فيشعر وكأنه يقف معه على أبواب المعابر يعاني ما يعانيه المواطن الفلسطيني يوميا من إهانة، وتعذيب نفسي في انتظار عبور تلك الحواجز اللعينة.
_مصائر
يتتبع الكاتب «ربعي المدهون» الزيارة الثانية ل وليد دهمان من أجل كتابة رواية أكثر تعمقا في الواقع الفلسطيني اليومي داخل المدن المحتلة، والمدن التي أحكم الإحتلال قبضته عليها تماما، فإذا بنا أمام عدة قضايا متشابكة مازالت محل جدال حتى الآن.
القضية الأولى هي قضية التطهير العرقي للقرى الفلسطينية من خلال حكاية قرية المجدل عسقلان، وكانت عائلة وليد دهمان من القليلين الذين كتبت لهم النجاة.
القضية الثانية هي عرب 1948، لقب عرف به الفلسطينيين الذين رفضوا التهجير وارتضوا الحياة في منازلهم في مقابل أن يحملوا الجنسية الإسرائيلية، يرصد من خلالهم الكاتب تاريخ الأكاذيب التي أقنعتهم بالبقاء وكيف ينظر إليهم العرب، وحقيقة نظرة الإحتلال لهم، فهم مواطنين درجة ثانية، وصموا بعار الخيانة، لكنهم نموذج موجود على أرض الواقع وتاريخ لا يمكن محوه.
القضية الثالثة هي محارق الهولوكوست وكيف حول الصهاينة معاناة اليهود على يد هتلر إلى حجة لاغتصاب الأراضي الفلسطينية، وكيف عاش البعض منهم أسرى تلك المعاناة، وكيف حولوها إلى تجارة، وكيف يستغلون أكاذيبهم تلك للتغطية على مجازرهم في حق الفلسطينيين، فقد تحولوا إلى أوكسترا تعزف معاناة اليهود على جسد المواطن الفلسطيني كل يوم.
_وارث الشواهد
يخترق الكاتب وليد الشرفا، أسوار سجن الدامون أحد أقوى سجون الإحتلال الإسرائيلي كي نلتقي بصالح بطل أحداث الرواية، الذي كان السجن بمثابة فرصة أخيرة لمراجعة مواقفه السياسية من قضية هذا الوطن، مستخدما تقنية الفلاش باك يعود بنا الكاتب إلى طفولته بين حكايات الجد عن أصولهم التي تعود إلى قرية عين حوض، وحكاية استشهاد والده على يد قوات الإحتلال، بالإضافة إلى بطولات المقاومة التي مازلنا نذكرها حتى الآن، لكن صالح كره تلك الشواهد؛ فكل حكاية تحمل نهاية مأساوية وموت محقق، بالإضافة إلى أنها تذكره بالهزيمة والوقوع في قبضة الإحتلال.
يقرر صالح السفر إلى أحد الدول الأوروبية وتمتد إقامته لسنوات يصبح خلالها أب لطفلة يروي لها يوميا حكايات عن فلسطين وعن قريته عين حوض، ويكرر على مسامعها البطولات والأحداث التاريخية التي طالما رأى أن الحديث عنها بلا طائل، ليكتشف صالح أنه تحول إلى وارث لتلك الشواهد.
يضطر صالح العودة إلى فلسطين بصحبة الطبيب بشارة، وبمرور الأحداث يقع الصديقين في شباك قضية يقفون على إثرها في محاكمة هزلية أمام قضاة الإحتلال. يتخذ بشارة على عاتقه الحديث عن حكايات صالح وما رواه له عن بطولات الأجداد وتاريخ المناضلين من الكتاب والفنانين، ويبدأ الطبيب في نقل تلك الحكايات إلى أبنائه أملا في أن يكتبوها يوما ما وأن تصيبهم تلك الصحوة التي انتابته.
تنتهي الرواية بمشهد يجمع أحداث التاريخ والحاضر معا؛ فما زال الكيان الصهيوني يقتل ويهجر، ويحاكم من يدافعون عن حقوقهم، لكنه لا يعلم أن هذه الجرائم تثبت أن وجودنا حقيقة، ومع كل شهيد يدفن في الأرض يزداد تشبثنا بها، ويولد طفل جديد يحفظ التاريخ ويشهد على الجريمة، وإذا جاء يوم لم يبقى فيه منا سوى الحكايات وشواهد القبور والمنازل، لا تظنوا أن مصيرها النسيان وأنها بلا ورثة فكل إنسان يدين بدين الإنسانية هو وارث لتلك الشواهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.