يستند الكيان الصهيوني في جرائمه على قدرته في إنكار الحقائق وتزييف التاريخ، فمن سيهتم بتتبع جرائم التطهير العرقي والتهجير والبحث في أسبابها وتقديم الأدلة القاطعة على ما حدث، لكن يأتي الأمر الواقع بل الضمير الإنساني بما لا تشتهي أنفسهم فهناك العديد من الكتب التي اهتمت بالقضية الفلسطينية وتتبع كتابها خيوط المؤامرة الصهيونية على فلسطين، وفي الأسطر التالية سوف نرصد بعض نماذج من هذه الكتب التي لاقت إقبال عالمي واسع وتمت ترجمتها إلى العديد من اللغات. التطهير العرقي في فلسطين تبدأ صفحات الكتاب بمقدمة أكد فيها الكاتب والباحث إيلان لابيه بأن هذا الجهد البحثي الذي بذله في سبيل إخراج الكتاب هو من أجل الفلسطينيين ضحايا التطهير العرقي. ويعد هذا الكتاب من أوائل ما كتب عن حركات التطهير العرقي، وصدر في نسخته العربية بترجمة أحمد خليفة عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية. يسلط الكتاب الضوء على منهج التطهير العرقي الذي اتبعه جيش الإحتلال في فلسطين عام 1948، فقد كانت ومازالت فكرة التطهير جزءا مهما من استراتيجيات الحركة الصهيونية، ويؤكد أن طرد الفلسطينيين خطة محكمة وضعت في اجتماع عقده دافيد بن غوريون في تل أبيب يوم 10/3/1948 بحضور عشرة من القادة الصهيونيين، ونفذت بأوامر مباشرة لوحدات الهاغاناه باستخدام شتى الأساليب لتنفيذ هذه الخطة التي استغرق تنفيذها ستة أشهر انتهت بتهجير 800 ألف فلسطيني، وتدمير 531 قرية، وإخلاء 11 حيا مدنيا من سكانهم. ثم يقف الكاتب متعجبا، كيف تم تجاهل هذه الجرائم وإسقاطها في حينها من الضمير العالمي في ظل وجود مراسلين وصحافيين أجانب ومراقبين للأمم المتحدة؟! كما يقف أمام الاستعدادات العسكرية لعمليات التطهير العرقي حيث تم تشكيل عصابات مسلحة ومنظمات يهودية عسكرية، وفتح ملفات لسكان القرى الفلسطينية التي سوف يتم تطهيرها عرقيا، وقد تبنى ذلك الصندوق القومي اليهودي الذي انشئ عام 1901 وهو الأداة الصهيونية الرئيسية لاستعمار فلسطين وكان بمثابة الوكالة التي استخدمتها الحركة الصهيونية لشراء الأراضي الفلسطينية لتوطين اليهود فيها. وهنا يلقي الكاتب بالضوء على العمليات العسكرية التي حدثت بشأن العديد من المدن والقرى الفلسطينية ومنها: الخصاص، حيفا، بلدة الشيخ، نسف مبنى السرايا في يافا، نسف فندق سمير أميس في القطمون، قيسارية، خربة البرج، دالية الروحاء، سعسع، قيرة. ومن هنا يقف بالحديث طويلا أمام القرارات الصادرة عن الكنيست وعن المؤسسات الإسرائيلية الأخرى لسرقة الأرض الفلسطينية، لكن يظل الأبشع من كل ذلك هو سرقة الأسماء بتحويل الأسماء العربية للمواقع إلى أسماء عبرية، ويعد ذلك عملية محو ممنهج للهوية الفلسطينية لتثبيت الزعامة الصهيونية على أرض فلسطين بطريقة غير مباشرة. القضية الفلسطينية بعد أوسلو في هذا الكتاب الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، يقف الدكتورأسعد غانم أمام التغيرات التي طرأت على المشهد الفلسطيني بعد مفاوضات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، من خلال مناقشة توجهات حركات ومنظمات المقاومة الفلسطينية ومناقشة اخفاقاتهم وأخطائهم التي أضرت بالقضية الفلسطينية وكيف يمكن تجنب تلك الأخطاء التاريخية وتوحيد صفوف المقاومة تحت راية واحدة يستطيع من خلالها المواطن الفلسطيني أن يحصل على حقوقه. وهنا يقدم تتبع تاريخي كامل لحركة المقاومة الفلسطينية، ليشرح كيف بدأت تلك الفجوة الشهيرة بين حركات المقاومة الفلسطينية، مستشهدا بوقائع محددة بالتاريخ والوثائق وكأن صفحات الكتاب هي وثيقة مسائلة ومحاكمة لرجال المقاومة وتوجهاتهم التي أضرت بالشأن الداخلي في فلسطين، كما يبحث الكاتب عن حلول للأوضاع داخل فلسطين، أو بالأحرى وجود إجابة على السؤال الذي ظل العالم يطرحه حتى الآن، ما العمل؟! تاريخ فلسطين الحديث يقدم الكاتب عبدالوهاب الكيالي دراسة شاملة للتاريخ الفلسطيني الحديث مستعينا في ذلك بمراجع عربية وأجنبية، بالإضافة إلى العديد من الوثائق السرية الرسمية من الجهات البريطانية والصهيونية ذاتها للتدليل على أكاذيب الاحتلال الإسرائيلي. هذه الوثائق سلطت ضوء الاهتمام الدولي على الكتاب الأمر الذي أدى إلى ترجمته للعديد من اللغات. تبدأ أحداث الكتاب في الفترة ما قبل الحرب العالمية الأولى وصولا إلى العصر الحديث، حيث يرصد الكاتب في رؤية شاملة الحدود الجغرافية لدولة فلسطين ومنها إلى أهم الأحداث التاريخية والوقائع التي تثبت هذا الوجود وبالتالي تدعم رؤية الكاتب في تكذيب الادعاء الصهيوني بالهيمنة على أرض فلسطين. ثم يسلط الضوء على حركة المقاومة الفلسطينية التي يصل عمرها إلى سنوات ما قبل زمن الحرب العالمية الأولى التي يقوم برصد أسبابها ومنها يذهب إلى خيوط المؤامرة على طرد الشعب الفلسطيني واحتلال الكيان الصهيوني لفلسطين مستشهدا في ذلك بالمؤتمرات التي شككت في عروبة فلسطين وبالتالي أحقية الصهاينة فيها. وهنا يقف طويلا أمام سياسات الاحتلال البريطاني في فلسطين وكيف تخلى للعصابات الصهيونية عن الأسلحة وأفسح الطريق أمامهم للدخول وبناء المستوطنات ثم انسحاب القوات البريطانية من فلسطين مطلقة يد العصابات الصهيونية فيها، كما يسلط الضوء على إجهاض الاحتلال البريطاني لحركة الثورة التي نددت بحركة التهجير الممنهجة لليهود إلى فلسطين وبناء المستوطنات. حرب المئة عام على فلسطين يصدر هذا الكتاب عن الدار العربية للعلوم، للكاتب رشيد الخالدي، بقلم المترجم عامر شيخوني. في هذا الكتاب يخالف الكاتب الطابع الأكاديمي في إخراج وكتابة هذا النوع من الكتب حيث أعتمد في سرد الوقائع والأحداث التي شملت الفترة ما بين 1927_ 2027، على الذاكرة الشخصية والعائلية من الحكايات التي وصفها بالحمولة النفسية، فالذاكرة الشخصية تساعد على رصد وجهات النظر المفقودة في أغلب الكتب الأكاديمية التي كتبت في هذا الصدد ليرسخ إلى مفهوم جديد في الكتابة التاريخية تجمع ما بين الذاكرة الشخصية أي الحكايات والتاريخ متمثلا في الأحداث والوقائع. فقد اعتمد المؤلف على أرشيف الأسر الفلسطينية أي الحكايات والقصص التي يتناولونها فيما بينهم كأمانة يحملها جيل إلى جيل آخر. ولهذا السبب وصفت ليزا أندرسون أستاذة العلوم السياسية الأمريكية والرئيسة السابقة للجامعة الأمريكية بالقاهرة هذا الكتاب بأنه: الرواية الأكثر إقناعًا وشمولية حتى الآن لهذا الصراع من وجهة نظر الفلسطينيين. القدس التاريخ الحقيقي صدر هذا الكتاب عن مركز دراسات الوحدة العربية بقلم الدكتور أحمد الدبش إيمانا منه بأهمية الجهود الفكرية التي تهدف إلى كشف زيف الادعاءات التاريخية للكيان الصهيوني التي يستهدف منها إثبات سيادته وأحقيته التاريخية في الأراضي الفلسطينية. فقد قدم الكاتب رواية مغايرة لأكاذيب الاحتلال من خلال رصد التاريخ الحقيقي لمدينة القدس الذي يمتد إلى آلاف السنين مستندا في ذلك على تفكيك وشرح الرواية التوراتية بوصفها تاريخاً حقيقياً، بالإضافة إلى نتائج الحفريات الآثارية والمعلومات الأركيولوجية الحديثة التي أثبتت أن كل الادعاءات الصهيونية التي تربط مدينة القدس بالرواية التوراتية هي ادعاءات وهمية لا أساس لها في التاريخ. فلسطين: تاريخ أربعة آلاف عام تصدر هذا الكتاب قائمة الأكثر مبيعا على موقع أمازون منذ أن اشتدت وتيرة العدوان الحالي من الجانب الإسرائيلي على قطاع غزة، وقد صدر الكتاب باللغة الإنجليزية ثم ترجم إلى اللغة العربية بقلم الباحث والمفكر فيكتور سحاب. فقد استطاع الكاتب نور مصالحة أن يقدم رؤية مختلفة للعالم عن تاريخ فلسطين من خلال جوانب عدة تحملها الشخصية الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني من حيث الفن والتراث والثقافة التي تتمثل في العادات والتقاليد المتوارثة التي شكلت هوية الفلسطينيين وذلك على مدار سنوات عديدة تمتد إلى أعماق التاريخ. كما يؤكد الكاتب مستندا على أدلة أثرية منها النصوص الفرعونية والآشورية: أن الفلسطينيين هم أهل البلاد، وجذورهم ضاربة في أعماق ترابها، وهويتهم الأصيلة وإرثهم التاريخي سبق ولادة الحركة الوطنية الفلسطينية الناشئة في العهد العثماني المتأخر وظهور الحركة الصهيونية الاستعمارية الاستيطانية قبل الحرب العالمية الأولى، فتاريخ فلسطين، بخلاف روايات الأسطورة في العهد القديم، له بدايات متعددة تطورت مع مرور الوقت إلى مفهوم جيوسياسي وسياسة إقليمية متميزة، فغالباً ما يتم تناول مفهوم فلسطين على نحوٍ تجريدي أو غير تاريخي، ولكن على الرغم من وجود عدد من البدايات والمعاني المتعددة لفكرة فلسطين، فإن السؤال المهم لا يتعلق كثيراً ب أصل فكرة فلسطين، أو من أين أتت الفكرة، ولكن كيف تطورت هوية فلسطين وتجربتها عبر الزمان.