"الزراعة" توافق على استيراد 145 ألف رأس عجول للذبيح والتربية والتسمين    وزير التجارة يبحث مع نظيره التركي سبل تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين    بيطري الجيزة: تنظيم قوافل مجانية لرش وتحصين الثروة الحيوانية بمركزي الصف والواحات    الحوثيون: القبض على شبكة تجسس أمريكية إسرائيلية (تفاصيل)    خضر ألمانيا: النتائج السيئة في انتخابات أوروبا ليست سببا للتشكيك في الائتلاف الحاكم    روغوف: القوات الروسية تعزز مواقعها في بلدة أوروجاينويه بدونِتسك الشعبية    بشكل مارادوني.. محمد صلاح ينهي عصيان شباك غينيا بيساو (فيديو)    «الفنانات بيعلوا على بعض».. يحيى الفخراني يكشف مفاجأة عن أجور الفنانين (فيديو)    بعد تصدرها مؤشر جوجل.. أبرز تصريحات لميس الحديدي    وَفَدَيْنَٰهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ.. قصة إسماعيل والأضحية بالدليل من القرآن والسنة    نصائح للمواطنين في عيد الأضحى.. ليلة الواقفة ناكل رقاق وأول يوم العيد اللحمة    فتح: استقالة قائد العمليات الإسرائيلية في غزة يشكل ضغطا على نتنياهو وحكومته    حجازي: نمتلك تجربة قوية في إعداد بنوك الاسئلة والامتحانات الإلكترونية    يورو 2024| منتخب هولندا يحلم بتكرار إنجاز نسخة 1988 .. إنفوجراف    مقتل عجوز ثمانينية على يد ابنها في أحد أحياء الفيوم    بث مباشر .. كيف تشاهد مؤتمر أبل WWDC 2024 اليوم    عزة مصطفى عن واقعة مدرس الجيولوجيا: شكله شاطر    "وطني الوحيد".. جريدة المصري اليوم تكرم الكاتب مجدي الجلاد رئيس تحريرها الأسبق    القاهرة الإخبارية: حركة حماس والجهاد تؤكدان ضرورة تضمن أى اتفاق وقفا دائما للعدوان وانسحابا شاملا    تكريم أحمد رزق بمهرجان همسة للآداب والفنون    ياسمين صبري تنشر جلسة تصوير جديدة من أثينا والجمهور يعلق (صور)    جمال الكشكي: إسرائيل غير مستعدة لحرب جديدة في جنوب لبنان    أمين الفتوى يرد على شبهات ذبح الأضاحى (فيديو)    أمين الفتوى: الخروف أو سبع العجل يجزئ عن البيت كله في الأضحية    تطورات جديدة حول اختفاء طائرة نائب رئيس مالاوي ومسؤولين آخرين    أول رد من جامعة الإسكندرية على فيديو رفض إعطاء مريضة سرطان جرعة كيماوي    بالفيديو| كريم قاسم يروج لفيلم "ولاد رزق 3": "لازم الصغير يكبر"    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    مصر تتربع على عرش جدول ميداليات البطولة الأفريقية للسلاح للكبار    10 صور ترصد استطلاع محافظ الجيزة أراء المواطنين بالتخطيط المروري لمحور المريوطية فيصل    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    «الصحة» تنظم برنامج تدريبي للإعلاميين حول تغطية الشؤون الصحية والعلمية    موعد محاكمة ميكانيكي متهم بقتل ابن لاعب سابق شهير بالزمالك    المرصد المصري للصحافة والإعلام يُطلق حملة تدوين في "يوم الصحفي المصري"    غدًا.. ولي عهد الكويت يتوجه إلى السعودية في زيارة رسمية    سفر آخر أفواج حُجاج النقابة العامة للمهندسين    قافلة جامعة قناة السويس الطبية تفحص 115 مريضًا ب "أبو زنيمة"    ليونيل ميسي يشارك في فوز الأرجنتين على الإكوادور    "بايونيرز للتنمية" تحقق أرباح 1.17 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام    وزارة الأوقاف: أحكام وصيغ التكبير في عيد الأضحى    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    المنيا تعلن استمرار فتح باب التقدم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    اسكواش - مصطفى عسل يصعد للمركز الثاني عالميا.. ونور الطيب تتقدم ثلاثة مراكز    توفير فرص عمل ووحدات سكنية ل12 أسرة من الأولى بالرعاية في الشرقية    بحبكم.. مسرحية غنائية للأطفال بقصر ثقافة بورسعيد (صور)    «مودة» ينظم معسكر إعداد الكوادر من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    الأوقاف: افتتاح 27 مسجدًا الجمعة القادمة| صور    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    محمد عبدالجليل يقيّم أداء منتخب مصر ويتوقع تعادله مع غينيا بيساو    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" دراسة تحليلية ":إسرائيل ونظرية التسلل
نشر في مصر الجديدة يوم 05 - 08 - 2011


صورة أرشيفية
تسلط هذه الدراسة الضوء على مصطلح " التسلل " الذي ورد في القرار العسكري الإسرائيلي(1650) شهر أكتوبر من عام 2010م,هذا القرار الذي يطال المواطنين الفلسطينيين بأذى مادي ومعنوي,ونفسي,ويمس حقوقهم الشرعية في أراضيهم ,وفي العيش بكرامة عليها,ويمس كذلك حريتهم بالتنقل الآمن بين هذه الأراضي ,التي لم يكفله لهم الشرع فحسب , بل وكفلتها لهم الأعراف والمواثيق الدولية, كما وتسلط هذه الدراسة الضوء على توقيت وأبعاد هذا المصطلح, والمجالات التي تم تفعيلة من خلالها, كما وتتناول الوسائل التي استخدمتها إسرائيل في هذه المهمة,والأجواء التي خلقتها لتمرر ذلك,مع الإشارة إلى أن هذا المصطلح ليس بجديد في عرف وسياسات الكيان الصهيوني ,بل أنهم تبنوه كجزء من استراتيجيتهم وعقيدتهم الصهيونية التي أسستها الوكالة الصهيوني في مؤتمرها الأول ب"بازل"في العام 1897م,إلى أن أصبح نظرية مورست على مدار عقود ليحقق الصهاينة بها اختراق في العديد من المجتمعات والدول,لا سيما المجتمع الفلسطيني صاحب القضية المركزية في الصراع العربي-الإسرائيلي .
أن هذه الدراسة ستركز على الفترة الواقعة ما قبل العام 1947م,وحتى2011م, وستتطرق إلى الكيفية التي استخدمتها إسرائيل من خلال هذه النظرية للعب على التناقضات الفلسطينية-الفلسطينية ,وستتطرق كذلك إلى الأفعال الإجرامية التي مارستها العصابات الصهيونية من خلال هذه النظرية ليس في فلسطين فحسب,بل في دول عديدة أخرى ,
تمهيد
ما إن يقع سمع الإنسان على مصطلح (التسلل), يتبادر للأذهان وبشكل مباشر القرار العسكري الصهيوني "1650" الذي تم الإعلان عنه في العام 2010م , ودخل حيز التنفيذ بتاريخ 13/4/من ذات العام ,هذا القرار الذي يهدف إلى منع الفلسطينيين,لا سيما سكان قطاع غزة, من التواجد في مدن الضفة الغربية والقدس,وباقي مناطق فلسطين المحتلة عام 48، ويُصنفهم ك"متسللين" إذا ما دخلوا هذه المناطق بدون تصريح مسبق من القائد العسكري ,ويعتبر كل شخص سواء فلسطيني أو غيرة من حملة الجنسيات الأخرى لا يحمل إذن إقامة مسبق في هذه المناطق بغير القانوني ,وعليه يتم محاكمته وإبعاده ,كما ويعتبر الأجانب الوافدين للتضامن مع الفلسطينيين في انتفاضتهم الشعبية ضد الجدار وضد الاستيطان بغير القانونيين،هذا القرار القديم- الجديد, والذي يحمل بين ثناياه نوايا وأهداف صهيونية متعددة,ما هو إلا امتداد لذات القرار الصهيوني رقم (329 ) الصادر في العام 1969م,والذي وصف الفلسطينيين الذين حاولوا العودة للأراضي الفلسطينية بعد حرب 1967م ب(المتسللين), كما انه يعيد للذاكرة جملة من القرارات الصهيونية التعسفية التي ظلم على وقعها الشعب الفلسطيني على مدار عقود, والتي كشفت عن أفعال التطهير العرقي والتهجير القصري التي مارسها وما زال الاحتلال في مجمل الأراضي الفلسطينية,كما ويزيح الستار عن تاريخ وأصول هذا الاحتلال ويكشف الوجه الحقيقي لتكوينه البنيوي المشبع بالعنف والإرهاب الذي أسست المنظمة الصهيونية العالمية أركانه,ونفذته الحكومات الصهيونية المتعاقبة,متبعة بذلك وسائل خبيثة ومتعددة,كان من أبرزها وسيلة(التسلل)محور هذه الدراسة,فهذه الوسيلة التي وفر الصهاينة لها المناخات والظروف المختلفة, وخلقوا لها الذرائع والحيل ,وافتعلوا لها الأزمات, لم تكن حديثة العهد,بل هي قديمة جدا في أجندتهم, وأجندة أسلافهم ,قبائل بني قريضة وبني النضير وبني قينقاع, والجدير ذكره هنا بأنه لم يقتصر استخدام هذه الوسيلة مع الشعب الفلسطيني بل استخدمها الصهاينة في شق صفوف المجتمعات,وتغلغلوا بها في عدة دول عربية وإسلامية, ليعيثوا فيها فسادا وخرابا, كما هو الحال في العراق,والصومال, والسودان,ولبنان ,والإمارات,وبعض الدول الإفريقية, وفي العديد من البلدان, وقد استخدموها لتنفيذ مجموعة من المهام الخبيثة كالسرقات, وحالات السطو, والاغتيالات, والاقتحامات, وعمليات الاحتلال والسيطرة ,والتمركز,كما واستخدمتها في المعارك,وفي الحروب العسكرية والإعلامية والسياسية والنفسية, التي سآتي على ذكرها لاحقاً .
في جميع الحالات التي مارس فيها الكيان الصهيوني هذه الوسيلة كان إما أن هذا الكيان قد استغل ظرف ما أو أزمة ما قد نشأت هنا أو هناك ,وإما أنه قد هيأ وخلق أو افتعل بنفسه ظرف أو أزمة ما ,ليتسلل في ظلها إلى أهدافه "الخبيث"التي يكون قد حددها مسبقاً, كما هو حاصل في العراق,التي شارك الكيان الصهيوني بالدرجة الأساسية في تحريض إدارة بوش "المنصرفة" على احتلاله, ليتسنى لهم بداية الخلاص من نظام صدام الذي ادعوا حينه بأنة يمثل خطرا على كيانهم,ومن ثم ليتسنى لهم تقسيم العراق إلى دويلات,حيث تسلل رجالات الموساد الصهيوني إلى العراق عقب احتلاله ليمارسون في عتمة الصراعات الطائفية والتفجيرات الحاصلة هناك سياسة (دق الاسافين)والتي كان لهم الباع الطولي في تغذيتها , ناهيك على أنهم عمدوا على سرقة التراث والآثار العراقي ,وسرقة الأعضاء البشرية العراقية, وسرقة النفط العراقي وذلك بالتعاون مع بعض الشركات الأمريكية,هذا بالإضافة إلى عمليات اغتيال العلماء والأساتذة العراقيين,وكما هو الحال في العراق هو في دول منبع نهر النيل كذلك ,فقد تسللت أجهزة الاستخبارات الصهيونية إلى دول المنبع ,وسط الخلافات القائمة بين مصر والسودان من ناحية,وبعض دول المنبع من ناحية أخرى,ليحرضوا قادة الأخيرة على اللعب في اتفاقية تقاسم الحصص المائة القائمة منذ عقود,وعملوا بكل جهد على مدار سنوات على تحريض زعماء تلك الدول لبناء السدود المائية ,حتى وصل الأمر بهم للمساهمة في تمويل بناء هذه السدود ,وأرسلوا من أجل ذلك طواقم خبراء صهاينة في بناء السدود لدول المنبع ,والهدف الصهيوني بطبيعة الحال هو أن تُهدد مصر بأمنها المائي,لتبقى منشغلة بهذا التهديد ,وتبتعد بذلك عن ممارسة دورها السياسي المركزي في قضايا الأمة العربية ,أما في السودان, فلا يخفى على أحد دور إسرائيل الفاعل تجاه تقسيم السودان ,سعيا لإقامة دولة مسيحية في الجنوب , حيث عمد رجالات الموساد الإسرائيلي منذ سنين إلى التسلل هناك ,ساعين إلى تغذية الصراعات وإشعال فتيل الفتنة فيها , وقاموا بتحريض بعض جماعات المعارضة للنظام السوداني ,لطلب انفصال الجنوب,وكما هو الحال في العراق ودار فور هو كذلك في لبنان الذي يعج بخلايا الموساد الإسرائيلي التي تعمل على تنفيذ الاغتيالات هناك ,حتى يبقى لبنان كأحد دول "الطوق" , غارق في صراعاته , ويبقى الوضع الأمني فيه غير مستقر ,ليبقى دوله ضعيفة ومنهكة,لا تقوى على تشكيل أي تهديد قد يحدث يوما ما على الحدود الشمالية لإسرائيل, وكما هو الحال في هذه البلدان هو في فلسطين- محور هذه الدراسة,التي لها مع التسلل الصهيوني حكايات طويلة وممتدة الأطراف ,يزيد عمرها عن عشرة عقود مضت' سآتي على ذكرها بالتفصيل, مارست خلالها العصابات الصهيونية المجازر والقتل والتشريد والتهويد والاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وأرضة .وقضيته التي سعى الكيان الصهيوني وما زال جاهدا لمحوها عن الوجود.
((( التسلل )))

( توقيته,أبعادة,مجالاتها ,وطرق استخدامها )
* التوقيت :.

لم يكن مصطلح (التسلل) الذي ورد في القرار العسكري الصهيوني(1650) أكتوبر من العام 2010م,إلا واحد من ضمن مصطلحات عديدة قد استخدمها الصهاينة كوسيلة لإفراغ الأرض الفلسطينية من أصحابها الأصليين,لإحلال المستعمرين الصهاينة محلهم,ومي يعتقد بأن جذور هذا المصطلح حديثة العهد في قاموس الصهاينة فهو مخطئ ,فهذا المصطلح قديم يزيد عمره(المعلن)عن مائة وثلاثة عشر(113)عاما,أي منذ انعقاد المؤتمر الصهيوني العالمي الأول في بازل بسويسرا,هذا إذا ما أضفنا إلى ذلك بأن اليهود قد استخدموه كوسيلة خلال ثلاثة عهود متعاقبة,إذا ما رصدناها سيتبين بأن العمر الفعلي لهذا المصطلح في القاموس اليهودي- الصهيوني يعود إلى إلف وخمسمائة(1500)عام سبقت ,أي منذ عهد الرسول, صلوات الله وسلامة عليه ,حتى أصبح هذا المصطلح في الثقافة والفكر اليهودي منذ ذلك الحين نظرية متوارثة سارت ببعدين ,ومرت بثلاثة عهود .
الأبعاد

البعد العقائدي .

البعد إلاحتلالي .
العهود

عهد- النبي محمد(صلى الله عليه وسلم)
عهد- إلانتداب البريطاني لفلسطين- الفترة الواقعة ما بين(1920م-1948م) .
عهد- الاحتلال الصهيوني لفلسطين – الفترة الواقعة ما بين ( 1948م- حتى إعداد هذه الدراسة/2011م ) .


البعد العقائدي
من الواضح وبحسب المعطيات والشواهد على الأرض,وحسب تسلسل الأحداث,بأن مصطلح (التسلل) الذي مارسه اليهود على مدار أزمنة وعقود , بأنه ينبع من بعد عقائدي- توراتي "محرف"بطبيعة الحال, فهناك دلالات ومؤشرات على أن اليهود قد اعتمدوا التسلل كوسيلة للانقضاض على الإسلام والمسلمين, منذ قديم الزمن,فقد استخدموا هذه الوسيلة بداية الأمر للمساس بالنبي محمد صلوات الله وسلامة عليه,وصحابته رضوان الله عليهم,وقد استخدموها للنيل من مكانتهم الدعوية,وذلك من خلال حملات المطاردة والتنكيل التي تعرض لها الرسول وصحابته الكرام , وقد استخدموها كذلك لبث الإشاعات والأكاذيب والأباطيل بحق زوجات الرسول العفيفات,كيف لا واليهود وكفار قريش مجتمعين لم يتركوا وسيلة إلا وجربوها ,ولم يملوا من اختلاق أشكال وألوان عديدة للنيل من شخص الرسول الكريم(صلى) ,سواء جسدياً أو إعلامياً أو نفسياً, والتي كان من أبرزها محاولات إلاغتيال المتكررة بحقه,وحق صحابته, والتي سنذكر بعض منها للدلالة لا للحصر .
1- محاولة "دعثور بن الحارث" عندما( تسلل)خلسة إلى رسول الله (صلى),واقترب من الشجرة التي كان يستلقى في ظلها شاهرا سيفه في وجه الرسول محاولا قتله,إلا أن إرادة الله منعت ذلك.
2- محاولة اليهودية"زينب بنت الحارث" عندما تسللت بطريقة ماكرة نحو الرسول بهدف تسميمه من خلال ذراع الشاة المسمومة التي قدمتها له .
3- محاولة الأعرابي في الوصول إلى الرسول متسللاً من بين صحابته محاولا غرس خنجره في صدر الرسول .
4- محاولة إلقاء الصخرة على الرسول من أعلى سور احد بيوت بني النظير ,عندما كان الرسول(صلى) مستندا إليه,والأمثلة كثيرة ,لم تنتهي عند هذا الحد .
لم يكن النهج والفكر العقدي اليهودي الماكر-المتطرف-الاستئصالي متوقفا عند حد قوم بعينة ,أو في حقبة أو زمن بعينهما ,بل بقي هذا النهج وهذا السلوك مستمرا حتى يومنا هذا,مارا بأزمنة متعددة, فاليهود (صهاينة العهد الجديد) فقد ساروا على نفس النهج والروح العدوانية التي ورثوها من أسلافهم ,وقد استخدموا نفس الوسيلة(التسلل)للانقضاض على الإسلام والمسلمين, وعلى الأرض, والمقدسات الفلسطينية,فقد كانت أعينهم على فلسطين,منذ زمن بعيد,وفي هذا تحدث مؤسس الدولة الصهيونية"هيرتزل"في يومياته عن فلسطين,ووصفها بأنها الأماكن المقدسة, التي تمتد من النيل إلى الفرات,وضمن تلك الرؤية,وضع "الصهاينة" مسلسل التسلل الى فلسطين قيد التنفيذ,وذلك بهدف الاستيلاء على أراضيها ,مستغلين حالة التنافس التي كانت جارية بين القوى الغربية على أراضي الدولة العثمانية ,والتي من ضمنها فلسطين,حيث سعت كل قوة من تلك القوى (بريطانيا-فرنسا-روسيا-المانيا)إلى اللعب على وتر المذاهب,والى استمالة السكان نحوها ,لجعلهم رعايا تسخرهم في خدمتها,وقد كانت فرنسا كإحدى القوى المتنافسة على المنطقة العربية اول من ابتكر ذلك النظام من الامتيازات حين حصلت في القرن "السادس عشر" على حق حماية التجار الفرنسيين في الأراضي العثمانية, وتم توسيع ذلك ليشمل حمايتها لكافة المسيحيين,غير أن روسيا اعترضت على ذلك مطالبة بحقها في حماية المسيحيين"الارثوذكس",ليقتصر حق فرنسا على حماية "الكاثوليك",هذا بالإضافة إلى حماية القوتين(روسيا-فرنسا)للاماكن المقدسة,المتمركزة في القدس,ومن ناحيتة فقد كان نابليون بونابرت خلال حملتة على مصر وفلسطين (1798-1801) قد وجة نداء إلى "يهود أسيا وأفريقيا"يحثهم على السير وراء القيادة الفرنسية,حتى يتسنى حسب ادعائه استعادة العظمة الأصلية ل"اورشليم القديمة" وذلك شرط أن يقدم اليهود المساعدة لقواته,ومع دحر محمد علي عن المنطقة في العام 1840 دخلت بريطانيا على الخط المذهبي ,من خلال وزير الخارجية البريطاني اللورد "بالمرستون" الذي رأى بان جلب اليهود وإسكانهم في ولاية عكا من شأنه أن يشكل عنصر ردع لمخططات محمد علي ,أو غيرة إزاء أراضي الإمبراطورية العثمانية, خاصة أن اليهود سيكونون حسب رؤيته رعايا بريطانيين ,وسيكون من حق بريطانيا حمايتهم في حال تعرضهم لأي اعتداء,ويُرجح بان فكرة "بالمرستون"قد تمثلت في تحويل اليهود إلى "بروستانت"على غرار مذهب انجلترا,من هنا عمدت القنصلية البريطانية التي تم فتحها في القدس في العام 1839 الى وضع يهود الإمبراطورية تحت رعايتها,وقامت بإنشاء أسقفية في القدس ,ووضعت على رأس تلك الأسقفية "قسا" يهوديا ,اعتنق البروستاتينية" فيما بعد,وفي العام 1881 تزايد الاهتمام البريطاني بفلسطين,حيث عمدت الحكومة البريطاني إلى تنفيذ فكرتها الرامية إلى إسكان يهود في الأراضي العثمانية ,تحديداً في فلسطين ,حيث تم إرسال "لورانس اوليفانت" وهو رجل سياسي بريطاني إلى روسيا وذلك بهدف بث فكرة هجرة اليهود إلى فلسطين ,فيما عرف بهجرة"البيلو" .
تلك العوامل وتلك المنافسات التي كانت دائرة بين تلك القوى,سواء قبل الحرب العالمية الاولى1914م,أو بعدها,وحتى وقوع الحرب العالمية الثانية1939م,وما بعد ذلك,وتبدل القوى الطامعة على فلسطين,حتى يومنا هذا,قد ظلت تشكل بالنسبة لليهود أرضا خصبة للتسلل لفلسطين بموجات هجرة علنية وسرية,وتأكيدا على مطامع اليهود في الأماكن المقدسة,وإزاء ذلك فقد كانت اتفاقية سايكس- بيكو في العام 1916م,والتي خلالها تم اقتسام أراضي التركة العثمانية بين القوى المتصارعة,وسعي كل قوة من تلك القوى إلى جلب اليهود إلى فلسطين ,ليشكلوا عنصرا مدافعا عن مصالح هذه القوة أو تلك,وليشكلوا درعا واقيا في وجهة القوة الأخرى,فقد ظلت تشكل بالنسبة لليهود فرص ثمينة للانقضاض على فلسطين, وحافزا للجرائم التي مارسها الصهاينة على أرضها وبحق سكانها الأصليين,فما شهدته الأراضي الفلسطينية من قمع ومجازر- وتهجير لأهلها بأساليب إجرامية مختلفة ,وبقرارات وقوانين جائرة ,وما تشهده من سطو مبرمج وممنهج على الممتلكات والتراث الإسلامي والمسيحي والوطني الفلسطيني,ومحاولات ضمها أو استبدالهما بتراث يهودي مزيف,كحائط البراق في مدينة القدس الذي ضموه لقائمة التراث اليهودي منذ عقود,وأسموه بحائط "المبكي", والحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، وقبر يوسف في مدينة بيت لحم اللذان ضموهما في فبراير من العام"2010م" إلى قائمة "المواقع التراثية اليهودية,وما يحدث في مدن الضفة الغربية كذلك من تقطيع لأوصالها ,وسرقة لأراضيها ومياهها ,ومساجدها إلا خير دليل على سياسة الكراهية للتراث والحضارة الإسلامية ودليل على سياسة التطهير,وتعبير صريح عن الممارسات الصهيونية الإجرامية المتصاعدة بحق الإسلام والمسلمين, في ظل غياب موقف وإستراتيجية عربية وإسلامية رادعة لهذه الممارسات .


البعد إلاحتلالي

إن مشروع الإستيلاء على فلسطين في جوهر الفلسفة الصهيونية استند بالأساس إلى فكرة قيام كيان صهيوني على الأراضي الفلسطينية,وتكريس لمقولة" ثيودور هرتزل "( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ),لذا كان لابد لمن تستند فلسفته المتطرفة إلى فكره الإستيلاء على أراضي الغير,ويردد مثل تلك الشعارات إلا أي يبحث عن الوسائل المناسبة ويهيئ الظروف والمناخات الملائمة لذلك ,ويستغل أي أحداث أو نزاعات تنشأ هنا أو هناك ليستتر خلفها, فكان "التسلل" من أبرز الوسائل التي استخدمها الصهاينة,منذ عقود مضت,وما يؤكد صحة ذلك ما جاء على لسان "ثيودور هرتزل" أحد مؤسسي دولة الكيان الصهيوني(المزعوم) في خطاب الافتتاح للمؤتمر الصهيوني الأول منذ ما يزيد عن مئة وثلاثة عشر (113) عاماُ,أي في العام 1897م حيث قال:(((أن المسألة اليهودية لا يمكن حلها من خلال التوطن البطيء أو التسلل بدون مفاوضات سياسية أو ضمانات واعتراف دولي بالمشروع الاستيطاني))),مما يعني بأن التسلل كوسيلة لتحقيق المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين,كانت قد سكنت العقول الصهيونية منذ زمن بعيد ,وقد اعتمدت كإستراتيجية لتحقيق هذا الهدف,وذلك لإقامة الوطن القومي الصهيوني البديل على حساب الأرض الفلسطينية,هذا إلى جانب محاولات قادة الصهاينة البحث عن وسيلة تفاوضية تساعدهم في زرع بذور هذا الاستيطان في فلسطين, واعتراف دولي بمشروع كيانهم المزعوم, مع الإشارة إلى أن المفاوضات السياسية التي كان يبحث عنها أو يطمع إليها قادة ومؤسسو الحركة الصهيونية هي المفاوضات التي أرادوا أن يستغلوها لتكريس هذا الكيان,مع القوى التي كانت تتنافس فيما بينها على المنطقة منذ ما قبل ,وما بعد الحربين العالميتين,(بريطانيا- فرنسا,الولايات المتحدة الأمريكية-الاتحاد السوفيتي) ,فمن ناحية استغل قادة الصهاينة التنافس الذي كان حاصل فيما بين بريطانيا وفرنسا لتكريس مشروع الاستيطان في فلسطين,ومن ناحية أخرى استغلوا حالة الفراغ السياسي الذي تلى انهيار تلك القوتين لتجسيد الدولة اليهودية في فلسطين,وسعي القوتين الصاعدتين-الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي نحو مليء ذلك الفراغ من خلال هذه الدولة,التي نظروا اليها بأنها ستكون حامية للمصالح ,وبمثابة أول موطئ قدم نحو الانقضاض على المنطقة برمتها ,وهنا لابد من الوقوف على ثلاثة مواقف لثلاث دول كانت تتنافس على المنطقة , للاستدلال على كيفية استغلال الحركة الصهيونية ذلك التنافس,ولتؤكد نظرية وإستراتيجية هذه الحركة,كما ورد على لسان مؤسسها"ثيودور هرتزل"مطلع العام 1897م .
بريطانيا - وجد الصهاينة فيها ضالتهم,بعد أن أُنتُدبت على فلسطين,وأجازت لهم الاستيطان فيها, وسمحت لهم بالهجرة إليها بموجات تسللية وعلنية, وعوضتهم عن الرفض العثماني, حيث كان رجل السياسة البريطاني "لورانس اوليفانت"هو صاحب فكرة الهجرة المنظمة والعلنية إلى فلسطين,المسماة بهجرة"البيلو" ومنحت بريطانيا اليهود لاحقا وعد بإقامة وطن قومي في فلسطين فيما عرف ب(وعد بلفور) في العام 1917م .
الولايات المتحدة الأمريكية - بعض الوثائق التي تعود للفترة مابين الحربين العالميتين, أشارت إلى أن الرئيس الأمريكي "روزفلت"كان قد توصل إلى اتفاق مع رئيس الوزراء البريطاني"تشرشل"في العام 1945م حول إعادة توطين اليهود في فلسطين,وذلك بعد أن مارست الحركة الصهيونية ضغوطا على أمريكا بعد نقل مقر الحركة من لندن إلى نيويورك .
الاتحاد السوفيتي- في ثلاثينيات القرن الماضي يمكن القول بأن الموقف السوفيتي من المنطقة العربية وفلسطين خاصة,قد خضع لتبدلات جذرية نبعت من النظرة السياسية الجديدة المتمثلة في التعاون مع الحركة الصهيونية باعتبارها,وفقا للتقييم الايدولوجي السوفيتي الماركسي ,حركة برجوازية,وتندرج ضمن هذا الإطار عملية تشكيل اللجنة اليهودية المناهضة للفاشية في الاتحاد السوفيتي .
المجالات التي استخدم فيها الصهاينة نظرية التسلل
(الاستيطاني-العسكري-السياسي-الاقتصادي – الإستخباراتي- الاجتماعي-الثقافي)

المجال إلاستيطاني

لقد أخذت عملية الاستيلاء اليهودي-الصهيوني على الأراضي الفلسطينية ,وعمليات الاستيطان اليهودية- الصهيونية أشكالا ووسائل متعددة,في ظل أزمنة مختلفة,وظروف ووقائع متباينة, تكون قد حدثت عبر هذه الأزمنة وتلك,وأما ظروف ووقائع خلقتها إسرائيل بنفسها,أكانت هذه الوقائع سياسية أم عسكرية, ذلك لتشكل هذه الوقائع وهذه الظروف غطاء لعمليات التسلل الاستيطاني , ولو رجعنا إلى الاستيطاني الصهيوني في فلسطين فيمكن إدراج بداياته إلى زمن ضعف الإمبراطورية العثمانية في القرنين السابع عشر والثامن عشر ,وتنافس القوى الغربية على تقاسم أراضي تلك الإمبراطورية,كما يمكن إدراج إقامة الدولة اليهودية في فلسطين ضمن إطار الفراغ السياسي الذي تلى تدهور قوة بريطانيا وفرنسا, وتسابق القوتين الجديدتين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية من اجل ملء ذلك الفراغ ,كما ذكرت انفاً,وذلك بتبني مشروع الدولة اليهودية,ضمن هذا الإطار يمكن القول بأن الحركة الصهيونية عملت من ناحية على استغلال تلك الظروف,من خلال التظاهر بالولاء لهذه القوة أو تلك,وذلك لتتسلل إلى فلسطين, ومن ناحية أخرى واستكمالا لذات النهج,فقد عمدت المنظمة الصهيونية العالمية إلى اللعب على جملة الإغراءات المادية التي أقرت تقديمها ليهود العالم لحثهم على الاستثمار في فلسطين, كما جاء على لسان "ثيودور هرتزل" في كتابة "دولة اليهود" ,حيث قال: (((أن عائدات الاستثمار في فلسطين ستكون عالية جدا- فالمليون كما قال: سيجلب خمسة عشر مليونا))),مما كان له اثر بالغ في تحفيز المستوطنين اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين,ولكي تتمكن العصابات الصهيونية التي تم تشكيلها آنذاك(الهجانا-الارجون...)من بسط سيطرتها على مزيد من الأراضي الفلسطينية ,فقد عمدت إلى خلق حالة من الترويع والترهيب للمواطنين الفلسطينيين العزل,واللجوء إلى ارتكاب المجازر لدفع المواطنين العزل بقوة السلاح إلى ترك أراضيهم ومنازلهم,كما حدث في مجزرة قبية ,ودير ياسين,وكفر قاسم على سبيل المثال لا الحصر, ومنذ ذلك التاريخ وإسرائيل وعصاباتها المنظمة تمارس عمليات الاستيطان التسللي ,والتطهير العرقي في فلسطين مستغلة بذلك العديد من المحطات لتزيد من وتيرة تسللها إلى الأرض الفلسطينية, كحالة الإحباط التي سادت الشعوب العربية وقادتها ونخبها السياسية بعد هزيمة 48(عام النكبة), والحالة التي سادت المنطقة في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956م,وفي أعقاب نكسة 1967م, وحرب أكتوبر 1973م, واجتياح لبنان 1982م ,وحرب الكرامة 1968م,وكما حدث قبيل اجتياح مدن الضفة الغربية مطلع انتفاضة الأقصى في العام 2000م,حيث هيأت إسرائيل لذلك بإرسال الهالك شارون لساحات المسجد الأقصى,والقيادة الصهيونية تعلم آنذاك بأن مثل تلك الزيارة ستشعل فتيل هبة جماهيرية فلسطينية-عربية-إسلامية ستخلط الأوراق من جديد,لا سيما وان حكومة باراك قد فشلت آنذاك في فرض شروطها على الراحل ياسر عرفات في قمة "كامب ديفد"عام 2000,وبقيت عمليات القتل والمجازر بحق الفلسطينيين قائمة,وبقيت عمليات التسلل والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية مستمرة ,و تتصاعد بوتائر مطردة حتى يومنا هذا,فها هي حكومة الصهيوني"نتنياهو" وكسابقاتها من الحكومات الصهيونية تمعن في الاستيطان,وتمعن في فرض الوقائع الجائرة على الأرض الفلسطينية,وتستولي على الجغرافيا والديمغرافيا الفلسطينية ,مستغلة بذلك جملة من العوامل والظروف,فمن ناحية عمدت حكومة "نتنياهو" على استغلال الوضع الفلسطيني المنقسم على نفسه,والعجز العربي الإسلامي عن اتخاذ مواقف صارمة تجاه ذلك, ومن ناحية أخرى لن أقول انشغال الإدارة الأمريكية بالعديد من الملفات والقضايا الدولية,كالملف الإيراني, والملف الأفغاني,والملف العراقي, والملف الكوري الشمالي...إلى آخرة من هذه الملفات فحسب ,بل انه بالتنسيق القائم والدائم بين الحكومات الصهيونية المتعاقبة والإدارات الأمريكية,التي عملت طوال الوقت على طمس القضية الفلسطينية,وسمحت للكيان الصهيوني بمزيد من التسلل للعمق الفلسطيني في ظل (معمعان)هذه الملفات, ومؤخراً استغلال الحراك الدائر في الشارع العربي (الثورات الشعبية),وانشغال العالم بهذا الحراك,ومن يراقب ويتابع ما يحدث في مدينة القدس,ومدن الضفة الغربية ,وقطاع غزة من انتهاكات يومية,سيجد بأن إسرائيل مع اختلاف الأجواء والظروف-قد أمعنت في انتهاك البشر والحجر والشجر وذلك بمساندة ودعم الإدارات الأمريكية التي لا نسمع منها سوى (نأسف - نأمل- نتمنى...الخ ), من هذه المصطلحات الماكرة ,والتي لا قيمة لها ولا وزن في القانون الدولي .
المجال العسكري
تبقى نظرية التسلل هي السائدة في السياسة والإستراتيجية العامة للصهاينة,ويبقى معها البحث الصهيوني عن ذرائع ومظلات وأجواء ليحتمي بها قائما, فهذا الأسلوب لم يقتصر على ما ورد آنفا فقط ,بل استخدم الصهاينة هذا الوسيلة في المجال العسكري كذلك,ولكن في هذا المجال ليس من أجل الحد من مهارة الخصم على غرار ما يحصل في مباريات كرة القدم,(إذا ما جاز التدليل), ولم يكن بزي أبيض أو برتقالي أو احمر...الخ ,إنما استخدمته المؤسسة العسكرية الصهيوني بقواتها البرية, وتشكيلاتها المحلقة جواً (الطيران الحربي),وبزي قاتم اللون لا يعبر إلا عن لغة الحروب,فقد استخدمت المؤسسة الصهيونية العسكرية هذا الأسلوب في هذا المجال إما للاستطلاع وإما للاحتلال والتمركز ,وإما للاغتيالات,وإما للقيام بعمليات خاطفة هنا أو هناك ,والجدير ذكره هنا بأن جميع هذه الممارسات الصهيونية في هذا المجال لم تقتصر على الأراضي الفلسطينية,بل تعدتها ووصلت إلى دول عربية عدة,مثل مصر وسوريا, ولبنان, وتونس, والعراق...,تماما كما حدث إبان حرب العام 1967م ,حيث نفذت الفرقة(101) التابعة للجيش الصهيوني بقيادة الهالك شارون عملية تسلل واختراق وسط صفوف الجيش المصري في سيناء خلال حرب العام 1967م حيث كان تسلل تلك الفرقة أحد الأسباب التي مكنت الجيش الصهيوني من الوصول إلى قناة السويس ,واحتلال شبة جزيرة سيناء بالكامل " مع الإشارة إلى أن البوارج الأمريكية التي كانت ترسو في عرض البحر آنذاك هي التي رصدت الثغرة في تشكيلات الجيش المصري ,ومن ثم أرسلت إحداثياتها للقيادة الصهيونية .
وعلى جانب أخر فقد عمدت إسرائيل على مدار السنين والعقود الماضية إلى اختلاق الذرائع والحجج ,ودأبت لتهيئ الظروف لتمارس نفس اللعبة,ففي ستينات القرن الماضي راحت تشكوا وتولول للولايات المتحدة وللدول الغربية ,وتدعي بأنها محاصرة وتتعرض لمخاطر وجودية ,بسبب تواجد قواعد عسكرية لقوات الثورة الفلسطينية على طول نهر الأردن فأبلغت الإدارة الأمريكية حينها نيتها ضرب تلك القواعد ,وبعدما لاقت الدعم والمساندة الأمريكية لذلك لجأت إلى التسلل لبلدة الكرامة تحت جنح الظلام صبيحة الواحد والعشرين من مارس 1968م وهاجمت البلدة من أربعة محاور,فيما عرف ب(معركة الكرامة),وفي الثمانينات من ذات القرن اتسعت دائرة الولولة والشكوى الصهيونية ,والادعاء بالمخاطر الوجودية,واتسعت معها سهام عمليات التسلل,لتطال هذه المرة دولة العراق فراحت إسرائيل تشكو من تصاعد وتنامي قدره العراق العسكرية, وتشكو من مخاطر برنامجه النووي على كيانها المزعوم ,والهدف كما في كل مرة هو تهيئة الظروف والأجواء لتتسلل في كنفها إلى ساحة الشرق الأوسط ,لتخليه من أي قوة عسكرية قد توازي القوة الصهيونية, وبعدما نجحت في ذلك لجأ الطيران الحربي الصهيوني في العام 1981م إلى التسلل إلى الأجواء العراقية بطرق ومسارات جوية سماها الخبراء العسكريين بالمتعرجة – فتارة منخفضة وأخرى مرتفعة وذلك حتى يفلت الطيران حسب رأي الخبراء من رصد الرادارات,فقام بالإغارة على المفاعل النووي ليسويه بالأرض, وما زال المسلسل مستمر,والحجج والادعاءات الصهيونية مستمرة, فعاد القادة الصهاينة مرة أخرى للبحث عن فريسة أخرى ,فوقع الاختيار على لبنان,والهدف هنا "التسلل" إلى بيروت الغربية, لضرب قوات الثورة الفلسطينية المتواجدة فيها,وبدأوا يبحثون عن غطاء لذلك, فلجأوا إلى استغلال حادثة إطلاق النار على السفير الإسرائيلي في لندن,والتي حامت الشكوك في كثير من الروايات حول دور الموساد الإسرائيلي في تلك الحادثة لتشكل الذريعة في اجتياح بيروت في العام 1982م,فيما عرف ب(سلامة الجليل) ,هذا بالإضافة إلى استغلال أجواء التوتر التي نشأت في المنطقة بين العراق وإيران آنذاك والحرب التي اشتعلت بينهما, وانشغال الدول ما بين داعم لهذا الطرف وذاك,وانشغال شعوب العالم من ناحية أخرى بمونديال كأس العالم التي كانت تستضيفه أسبانيا آنذاك,والهدف الإسرائيلي الاستراتيجي بحسب رؤية شارون من وراء تلك الحرب هو تصفية منظمة التحرير الفلسطينية كقوة عسكرية وسياسية فعلية .
ملخص الأهداف الإسرائيلية من وراء الحرب على لبنان عام 82 كما وصفها المعلق العسكري الإسرائيلي"زئيف شيف" : .
1-ضرب البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية .
2-إبعاد القوة الفلسطينية المسلحة عن حدود إسرائيل عبر الأراضي اللبنانية .
3-انتقال القوة العسكرية الفلسطينية إلى مواقع جغرافية بعيدة,تجعلها عاجزة عن ممارسة أي عمل عسكري .
وهذه الأهداف الثلاث جاءت لتؤكد في مجملها بأن الغزو الإسرائيلي للبنان كان يستهدف شطب الرقم الفلسطيني من معادلة الشرق الأوسط,وبالتالي شطب منظمة التحرير باعتبارها شاهد الإثبات ,وعامل التوحيد ,ومعقل المقاومة,كما تحدث الراحل ياسر عرفات عن ذلك ,في مقابلة خاصة له مع مجلة البيادر السياسي .
وهنا لابد من الإشارة إلى هدف أخر سعت إسرائيل لتحقيقه من وراء تلك الحرب,الا وهو الهدف السياسي,الذي سآتي على ذكره في المجال التالي, (المجال السياسي).
أما الفصل الذي لا يقل دموية عن فصول التسلل الصهيوني السابقة ,هو فصل التسلل ليلاً إلى مخيمي صبرا وشاتيلا,حيث نفذ الصهاينة بمساندة بعض القوى والمليشيات اللبنانية المسيحية العميلة مذبحة سقط فيها الآلاف من الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين العزل .
ولم تتوقف فصول نظرية(التسلل)الصهيوني عند هذا الحد,بل اتسع نطاقها في أكثر من بلد عربي, واتسعت دائرة الاختراق الصهيوني أكثر فأكثر حتى وصلت قلب العاصمة التونسية "تونس",والمراد "مقر القيادة الفلسطينية", الموجود في "حمامات الشط" ,فقام الطيران الحربي الصهيوني في الأول من أكتوبر 1985 بالتسلل إلى الأجواء التونسية ,وذلك لضرب مقر "م-ت-ف",والهدف هذه المرة مزدوج,ومكمل بطبيعة الحال للسياسات الإسرائيلية السابقة :.
الأول : اغتيال أعضاء القيادة الفلسطينية ,وعلى رأسها الراحل ياسر عرفات .
الثاني: إفشال محاولات قوات الثورة الفلسطينية بالعودة إلى لبنان بعد الخروج الذي أعقب اجتياح بيروت .
أما المبررات والذرائع الصهيونية فكانت عملية لارنكا,والأجواء والظروف التي شكلت الغطاء للهجوم الصهيوني هي الحرب الإيرانية العراقية كذلك,وانشغال العالم بها,إلا أن تلك الذرائع لم تنطلي على أحد ,فقد كان الهدف مكملا لذات الهدف الذي غزت إسرائيل به بيروت عام 82,وهو إكمال القضاء على البنية التحية(العسكرية والسياسية) لمنظمة التحرير الفلسطينية .
وفي فصل آخر من فصول التسلل تم أخترق الأجواء السورية سبتمبر من العام 2007",وتم ضرب ما أسموه آنذاك بنواه مفاعل نووي سوري ,كما تم اختراق للأجواء السودانية,هذا العام2011 "بور سودان",وقاموا بنفس الفعلة قبل عامين,حيث استهدفوا ما ادعوا بأنه شاحنات أسلحة كانت في طريقها إلى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة,والعديد من العمليات التي نفذتها إسرائيل خارج حدود فلسطين .
وليس بعيدا عن ذلك وفي ظل استغلال الصهاينة للانقسام الفلسطيني- الفلسطيني ,منذ العام 2007,ودعم الإدارة الأمريكية ,وتواطيء الدول الغربية,والعجز العربي,فقد استغل الصهاينة الحالة القائمة على الساحتين العربية والدولية,واستغلوا أجواء الانقسام الفلسطيني,ليبادروا بالهجوم على غزة 2008-2009م,في حملة استمرت اثنا وعشرين يوماً, سقط خلالها ما يزيد عن (1500)الف وخمسمائة شهيد وآلاف الجرحى, والمبررات الصهيونية لهذه الهجمة البشعة ,وكالعادة كان (حسب روايتهم) تعاظم القوة العسكرية لكل من حركة حماس والتنظيمات الفلسطينية, وكان قد سبق هذا العدوان عدوان وهجمة صهيونية على مناطق ومدن الضفة الغربية,فيما عرف بعملية السور الواقي في العام 2001م, وشنوا حرب على لبنان في صيف 2006 ,مع الإشارة إلى أن عملية السور الواقي كانت تحمل في طياتها أهدافا سياسية إلى جانب الأهداف العسكرية ,هذا بالإضافة إلى التأكيد على أنه وفي كل مرة يشن فيها الصهاينة عدوانهم هنا أو هناك, تكون المبررات والحجج الصهيونية هو تعاظم قوة التنظيمات الفلسطينية,هذا إلى جانب استغلال الصهاينة التصريحات الخاطئة والقاتلة التي كانت تصدر من بعض قادة الفصائل الفلسطينية عن مدى هذه القوة وهذا التسليح,مما كان يعطي الصهاينة الذريعة والمبرر للهجوم الذي كان آخرة على غزة .
وكما هو الحال في الحروب والمعارك ,وكما حدث في حصار بيروت ,ومخيمي صبرا وشاتيلا,فقد مارست إسرائيل بقواتها العسكرية المدججة بالسلاح هذا الأسلوب أيضاً في عمليات الحصار للمناطق الفلسطينية,كالحصار الذي فرض على الراحل"ياسر عرفات"في العام 2002م,إبان انتفاضة الأقصى,كما وأن إسلوب التسلل للجيش الصهيوني تكرر مرارا خلال الاجتياحات لمناطق السلطة الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أم في قطاع غزة ,وذلك أما بهدف الاعتقال أو الاغتيال ,وأما لإيصال رسائل سياسية للقيادة الفلسطينية .
المجال السياسي
لا أحد يستطيع القفز عن حقيقة القول أن القضية الفلسطينية كأرض وشعب كانت وما زالت لها الأثر الفاعل في كثير من مجريات الأحداث على اغلب الساحات ,وإنها كانت تؤثر وتتأثر بالمتغيرات, ولا يختلف اثنان على أن الغرب الصليبي,بما فيهم الأمريكان قد تسابقوا وتنافسوا على فلسطين منذ عقود من الزمن,طامعين في هذه البقعة الجغرافية الإستراتيجية, الرابطة بين ممرين مائيين استراتيجيين(قناة السويس- نهري دجلة والفرات),مستخدمين اليهود كأداة في نزاعاتهم تلك,وذلك على قاعدة التقاطع بين المشروعين الاحتلاليين-الاستعماريين(الغربي-الصهيوني),إلا أنه وبالرغم من ذلك فلا احد يستطيع القفز عن حقيقة أن الفلسطينيين,شعبا وقياده في جميع مراحل الغزو "الصهيوامبريالي" لفلسطين- منذ ما قبل العام 1948م ,وحتى يومنا هذا من العام 2011م, قد وقفوا في وجهة مشروع الغزو, الساعي للاستيلاء على فلسطين أرضاً وشعباً وثقافة وحضارة,بدأ من ثورات العمال والفلاحين والفقراء, وثورة الحاج أمين الحسيني ,و ثورة الشيخ الشهيد-عز الدين القسام, 1936-1939,وصولاً إلى الثورة الفلسطينية المعاصرة , التي تزعمتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" كبرى الفصائل الفلسطينية مطلع العام1965 ,والتي اعتبرت أطول الثورات الفلسطينية عمراً,وأكثرها تأثيرا وفعلاً ,في الصراع العربي-الإسرائيلي والتي ما زالت مستمرة وقائمة حتى يومنا هذا,فجميع القيادات الفلسطينية المتعاقبة لم تألوا جهدا سياسياً في مواجهة المشروع الصهيوني, ومخططاتة الاستعمارية في فلسطين, والتاريخ شاهد على المساعي والجهود التي بذلتها هذه القيادات,والدور المركزي الذي لعبته من خلال الإستراتيجية السياسية والدبلوماسية التي تبنتها في هذا الاتجاه,إلا أن هذه الاستراتيجيات اصطدمت على الدوام بالدعم الأمريكي,والغربي للكيان الصهيوني,والفيتو الأمريكي على أي مشروع كانت تتقدم به القيادات الفلسطينية يخص القضية الفلسطينية في مجالس الأمم المتحدة, ما ساعد الكيان الصهيوني على التسلل إلى المشهد السياسي الفلسطيني,والاستقواء عليه .
فالإستراتيجية السياسية الفلسطينية قبل العام 1948, على سبيل المثال,والتي كانت تتبناها القيادات الفلسطينية آنذاك, كانت تأتي من وجهة نظر تلك القيادات انطلاقا من أهمية التحرك السياسي على الساحتين العربية والدولية,ذلك لدعم وجهة النظر الفلسطينية,المبنية على المطالب الفلسطينية العادلة والمشروعة ,المتمثلة في الاستقلال , وفي حماية الفلسطينيين من هجمات العصابات الصهيونية, ويأتي ذلك تأكيداً على وجهة نظر الحاج أمين الحسيني ,الذي تبني تلك السياسة,وعلى جانب أخر كانت تهدف تلك التحركات السياسية إلى دفع الأطراف الدولية المعنية على وقف هجرة اليهود إلى فلسطين, وقد تبنت تلك الإستراتيجية سياسة المراسلات والمذكرات للجهات المعنية تلك ,سواء العربية أم الغربية,إلا أن تلك الإستراتيجية قد مرت بظروف وعوامل متعددة أدت إلى إضعافها ,وسمحت للكيان الصهيوني الاستعماري للانقضاض عليها, فقد تعرضت من ناحية إلى اهتزازات وانتكاسات داخلية,تمثلت في الخلافات التي دارت مابين الزعامات الفلسطينية المتمثلة في بعض العائلات الكبيرة,المتنافسة على رئاسة قيادات الساحة الفلسطينية, هذا إلى جانب عدم تمتع الفلسطينيين آنذاك بمنظمة فلسطينية حقيقية تساندهم سياسياً,وتجمع شملهم,كالوكالة الصهيونية التي كانت تجمع شمل اليهود,وتساندهم سياسياً,وتدعمهم عسكريا وماليا ومعنويا, أما الظروف والعوامل الأخرى التي كانت سببا أخراً في إضعاف المواقف السياسية الفلسطينية ,وسمحت للمواقف الصهيونية بالاستقواء فهي : المواقف الهزيلة للدول العربية باتجاه الشعب الفلسطيني ,وقضيته ,فقد دأبت هذه الدول بطريقة أو بأخرى إلى تكبيل الحراك الفلسطيني,سواء العسكري أم السياسي, ذلك تحت ذرائع أن العرب سيتولون حماية الفلسطينيين,ويتبنون مواقفهم السياسية ,فقد ذكر الشهيد صلاح خلف "أبو إياد" في كتابة "فلسطيني بلا هوية"بان الدول العربية كانت تظهر للفلسطينيين تعاطفا بالغ "العذرية" و"الافلاطونية" ,فهي كما قال كانت تعد بالكثير ولا تزودنا لا بمعونة "شبة رمزية" ليؤكد الشهيد أبو اياد بذلك على تلك المواقف العربية-الإسلامية الهزيلة,مما أعطى الصهاينة المجال للاستقواء على الفلسطينيين وتحركاتهم السياسية .
في المحصلة أسهمت تلك العوامل والظروف,سواء الفلسطينية الداخلية ,أم العربية,أم الدولية - في فتح الأبواب لليهود على مصراعيها ,ليتسللوا للمشهد السياسي الفلسطيني, سعياً لتكبيل الجهود السياسية الفلسطينية, ولف الطوق حول عنق تلك الجهود, إلا أنه ومع مرور السنين على هذه الحالة, وبالرغم من أن الكيان الصهيوني قد استطاع بذلك الوصول لهدفه في احتلال فلسطين في العام 1948م, فان الفعل السياسي الفلسطيني الرافض لتلك الحالة لم يتوقف,فقد "حملت" السنين في أحشائها حالة جديدة من حالات الرفض وعدم الاستسلام الفلسطيني للواقع الذي فرضته إسرائيل ,وحلفائها الغربيين,تمثلت في بروز ثورة جديدة , عبرت عن استنهاض الحالة الفلسطينية من جديد,لتثبت بان فلسطين الأرض والشعب "ولادة"وان أجيال تسلم أجيال ,إنها ثورة الفاتح من يناير 1965م,فقد شكلت هذه الثورة في نهجها وسلوكها نهضة سياسية جديدة في عالم الفعل الفلسطيني,هذا إلى جانب الفعل العسكري لهذه الثورة,هذا بموازاة جسم وبيت سياسي جامع للشعب الفلسطيني,كان قد تشكل قبل الإعلان عن هذه الثورة بعام واحد وهو العام 1964م,الا وهي "م- ت- ف",ليكتمل المشهد السياسي الفلسطيني ,وتدخل فلسطين الأرض والإنسان والهوية مرحلة جديدة من مراحل المواجهة مع إسرائيل .
لقد تعاملت إسرائيل مع هذه الحالة الجديدة ,منذ لحظاتها الأولى,بمنطق كسر الإرادات السياسية الفلسطينية, ومنطق الاجتثاث,بوسائل متعددة, ذلك للحؤول دون تمكن الفلسطينيين وضع قضيتهم السياسية على سلم اولويات واهتمامات دول العالم,وعملت إسرائيل ,وبدعم أمريكي-غربي على الوقوف عائقا أمام وصول الفلسطينيين إلى هدفهم المنشود",وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية على قاعدة التحالف الاستراتيجي ما بيننها وبين الكيان الصهيوني الدعم السياسي لهذا الكيان,ومارست حق النقد"الفيتو" ضد جميع المشاريع الفلسطينية,التي كانت تتقدم بها القيادة الفلسطينية,الا أنه وبالمقابل فقد نجحت القيادة الفلسطينية وحركة فتح وعلى رأسها الراحل ياسر عرفات في التصدي لذلك الطوق السياسي الذي حاولت إسرائيل وحليفتها أمريكا فرضه على الثورة الفلسطينية, وعلى منظمة التحرير الفلسطينية,واستطاعت أن تتحرك سياسيا ودبلوماسيا ,ذلك من موقع فهمها وإدراكها بأن الفعل العسكري يجب أن يوازيه تحركات سياسية باتجاه مؤسسات المجتمع الدولي,والدول المعنية, بما يحقق للقضية الفلسطينية هدفها السياسي,وقد تجسد ذلك في الخطاب السياسي المشهور الذي القاه الراحل عرفات في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في الثالث عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1974،,والذي أكد فيه أن القضية الفلسطينية تدخل ضمن القضايا العادلة للشعوب التي تعاني من الاستعمار والاضطهاد، مطالباً في ذات الوقت ممثلي الحكومات والشعوب مساندة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعودة إلى دياره, و قد استطاعت السياسة والدبلوماسية الفلسطينية بذلك الخطاب أن تحقق انجازا تاريخيا للقضية الفلسطينية,حيث منحت الجمعية العامة للأمم المتحدة منظمة التحرير الفلسطينية صفة مراقب بوصفها ممثلا للشعب الفلسطيني ليشمل ذلك التمثيل جميع هيئات الأمم المتحدة لاحقاً ,الا أن إسرائيل حاولت ضرب هذا التمثيل ,وهذا المد السياسي,ذلك بمحاولتها ضرب البنية السياسية لمنظمة التحرير الفلسطيني ,في محطات عديدة,أبرزها في العام 1982"اجتياح بيروت",وهذا ما قد صرح به آنذاك"شارون,واسحق رابين,هذا إلى جانب محاولة كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مخاطبة قيادات من الداخل الفلسطيني(غزة-الضفة الغربية),مطلع انتفاضة"الحجار"1987م,ذلك في محاولة منهما إيجاد قيادة سياسية بديلة عن القيادة الشرعية(م-ت-ف)الا أنه ومع تأكيد الداخل الفلسطيني بالالتفاف خلف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية, والتأكيد على أن الصفة السياسية التمثيلية للشعب الفلسطيني هي منظمة التحرير الفلسطينية,قد أفشلت محاولات التسلل الإسرائيلية الأمريكية للمشهد السياسي الفلسطيني ,وفي محطة أخرى,وعلى اثر خطاب الاستقلال الذي القاه الراحل عرفات عام 1988م من القرن الماضي حازت فلسطين على اعتراف أكثر من مائة وعشرة (110)دولة,وهذا يعني اعتراف دولي بالمنظمة كممثل سياسي للشعب الفلسطيني,وبالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني,مما شكل ضربة للسياسة الإسرائيلية الخارجية,التي سعت لان تكون هذه الحقوق إنسانية,في إطار منظمة الإغاثة العالمية(un),وفي مشهد أخر من مشاهد المواجهة السياسة الفلسطينية مع الكيان الصهيوني,فقد قررت إسرائيل مرة أخرى "التسلل" إلى المشهد السياسي الفلسطيني, ذلك عقب توقيع اتفاقية"اوسلو"في العام 1993م ,وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية,وبعد أن نجحت القيادة الفلسطينية في تجسيد مفهوم الدولة ذات المؤسسات والبنية التحتية والسياسية والعلاقات الدولية,ونجحت في جلب الدعم المادي والسياسي لذلك,فقد مارست إسرائيل, واعتمادا على مبدأ إدارة العملية السياسية,وليس حلها ,وبلعبة "الباب السياسي الدوار" , , فقد مارست سياسة الكذب والتضليل والخداع,وسياسة المماطلة في إكمال تنفيذ استحقاقات العملية السلمية,التي قامت على قاعدة "اتفاقية اوسلو", مستغلة بذلك الدعم السياسي المطلق الذي تقدمة الولايات المتحدة الأمريكية,وحق النقد "الفيتو" الذي تستخدمه ضد المشاريع الفلسطينية المقدمة لهيئات الأمم المتحدة, والتي سألحقها في جدول نهاية هذه الدراسة, كما واستغلت إسرائيل كذلك دعم بعض الدول الأوروبية,التي تقع في الفلك الأمريكي,واستغلت كذلك حالة الضعف والفرقة العربية والإسلامية,ولقد جاءت قمة "كامب ديفد"عام 2000م لتؤكد على أن إسرائيل تسلحت بالدعم السياسي الأمريكي المطلق لتمارس سياسة "خنق" الموقف السياسي الفلسطيني,وقد تجلى ذلك في محاولاتها إخضاع الراحل عرفات للركوع أمام الشروط الصهيو أمريكية في تلك القمة,وفي الحصار الذي فرضته إسرائيل على رأس الهرم السياسي الفلسطيني "الراحل ياسر عرفات" في المقاطعة برام الل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.