بعد ارتفاعها.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الإثنين 20 مايو 2024    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: اليمين المتطرف بإسرائيل يدعم نتنياهو لاستمرار الحرب    فلسطين.. شهداء وحرجى في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    ارتفاع تاريخي.. خبير يكشف مفاجأة في توقعات أسعار الذهب خلال الساعات المقبلة (تفاصيل)    رئيس تايوان الجديد لاى تشينج تى ونائبته يؤديان اليمين الدستورية    المسيرة التركية تحدد مصدر حرارة محتمل لموقع تحطم طائرة رئيسي    فاروق جعفر: نثق في فوز الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    الجزيري: مباراة نهضة بركان كانت صعبة ولكن النهائيات تكسب ولا تلعب    بعد تهنئة للفريق بالكونفدرالية.. ماذا قال نادي الزمالك للرئيس السيسي؟    معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    مصدر أمني يكشف تفاصيل أول محضر شرطة ضد 6 لاعبين من الزمالك بعد واقعة الكونفدرالية (القصة الكاملة)    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    محمد عادل إمام يروج لفيلم «اللعب مع العيال»    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    تسنيم: انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية والراديو في منطقة سقوط المروحية    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    سوريا تعرب عن تضامنها مع إيران في حادث اختفاء طائرة «رئيسي»    سقطت أم أُسقطت؟.. عمرو أديب: علامات استفهام حول حادث طائرة الرئيس الإيراني    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    عمر الشناوي: «والدي لا يتابع أعمالي ولا يشعر بنجاحي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    آخر تطورات قانون الإيجار القديم.. حوار مجتمعي ومقترح برلماني    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    دعاء الحر الشديد كما ورد عن النبي.. اللهم أجرنا من النار    طريقة عمل الشكشوكة بالبيض، أسرع وأوفر عشاء    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق داخل مدرسة في البدرشين    جريمة بشعة تهز المنيا.. العثور على جثة فتاة محروقة في مقابر الشيخ عطا ببني مزار    نشرة منتصف الليل| تحذير من الأرصاد بشأن الموجة الحارة.. وتحرك برلماني جديد بسبب قانون الإيجار القديم    إعلام إيراني: فرق الإنقاذ تقترب من الوصول إلى موقع تحطم طائرة الرئيس الإيراني    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    اليوم.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة بقيمة 9 مليار    ملف يلا كورة.. الكونفدرالية زملكاوية    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    تعرف على أهمية تناول الكالسيوم وفوائدة للصحة العامة    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    خبيرة ل قصواء الخلالى: نأمل فى أن يكون الاقتصاد المصرى منتجا يقوم على نفسه    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 20-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان يكشف حقيقة هجوم أكثر من 700 شخص على المصريين    اليوم.. محاكمة طبيب وآخرين متهمين بإجراء عمليات إجهاض للسيدات في الجيزة    اليوم.. محاكمة 13 متهما بقتل شقيقين بمنطقة بولاق الدكرور    مسؤول بمبادرة ابدأ: تهيئة مناخ الاستثمار من أهم الأدوار وتسهيل الحصول على التراخيص    بعد الموافقة عليه.. ما أهداف قانون المنشآت الصحية الذي أقره مجلس النواب؟    ارتفاع كبير في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 20 مايو 2024    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موقع «ذاكرة مصر المعاصرة» لا يعرف من أعلام الدين فى مصر سوى الوزراء وشيوخ الأزهر !
نشر في أخبار السيارات يوم 25 - 05 - 2019

ارتبط شهر رمضان منذ سنوات طويلة بموسيقى برنامج «لقاء مع فضيلة الشيخ الشعراوى» الذى يسبق رفع أذان المغرب بصوت محمد رفعت أو عبد الباسط عبد الصمد. مع دخول عصر الفضائيات صارت القنوات تتسابق من أجل الاختلاف، وتحاول كل منها الاستعانة بشيخ أو صوت مغاير، لكن الشعراوى لم يتوار، ربما تقلصت المُدة التى يظهر فيها على بعض قنوات التليفزيون المصرى أو المحطات الخاصة إلى دقائق معدودة لا تتعدَّى العشر غالبًا، إلا أنه لا يزال سمة مميزة لهذا الشهر الكريم.
فى مارس الماضى ظهرت لى صفحة الشعراوى وأنا أتصفح موقع «ذاكرة مصر المعاصرة» ضمن الشخصيات العامة، فقلتُ لنفسى: «بالتأكيد هناك غيره، سواء مقرئين أو مفسِّرين» وقررت العودة لاحقًا لتحرى الأمر والاطلاع على المتاح من الوثائق، إلا أننى لم أجد ما توقعته، حيث لا يزيد عدد الشخصيات العامة المذكورة على الموقع فى هذا الاتجاه سوى 12 شخصية، تسعون فى المائة منهم – تقريبًا – تقلَّدوا مناصب رسمية، كوزراء للأوقاف أو شيوخ للأزهر، أما العلماء من غير ذوى المسميات الوظيفية المرموقة فلم يُذكَروا.
تجاوزتُ تلك النقطة وعزمتُ على مطالعة الصفحات الاثنتى عشرة، التى تخص علماء أجلاء أيضًا ولا غبار عليهم، لكنى صُدمت بأنها شبه فارغة، لا تتضمن شيئًا ملموسًا عنهم، إما تعريفًا بسيطًا وغير دقيق بالشخصية بدون وثائق أو أى مواد، وإما وثائق كثيرة تتعدى المائة والمائتين لكنها لا تخص صاحبها بشكل مباشر، وإنما مجرد أوراق حكومية ذُكِر فيها اسمه وبجانبه المنصب.
لم أسعَ هذه المرة – حقيقة – لطرح الأسئلة حول الأسباب، لأننى لم أشأ أن أسمع الرد المعتاد بأن هذا هو المتاح، فهو عذر لم يعد مقبولًا، أن يظهر تاريخ مصر المعاصر بهذا الشكل المهترئ لأن القائمين على المشروع لا يسعون إلى تطويره، وإنما ينتظرون فقط ما ترسله الأقدار إليهم لوضعه فى «فاترينة» العرض، وهو أداء لا يليق أيضًا بمكتبة الإسكندرية واسمها وتاريخها، التى كان يجدر بها الاستعانة بباحثين فى التاريخ يمكنهم التعامل مع تلك الأوراق وإمداد الموقع بمعلومات دقيقة ورصينة ومتسقة مع بعضها، بدلًا من الوقوع فى براثن الأخطاء المخجلة.
فى السطور التالية نستعرض أهم ما جاء فى صفحات الاثنى عشر شيخًا المذكورين فى الموقع، ومحاولة استكمال بعض المعلومات لتتضح الرؤية. وقد قررتُ سلفًا أن تكون البداية مع «أيقونة» الربع الأخير من القرن العشرين.
محمد رفعت
لم يتول وزارة الأوقاف أو مشيخة الأزهر لكن الموقع منحه منصبًا رسميًا كوزير للمعارف!
عدلتُ عن قرارى المسبق بالبدء بالشيخ الشعراوى، وآثرت أن أستهِّل الملف بالشيخ محمد رفعت، لأن وجوده بين القائمة المتاحة على الموقع كان مثيرًا للدهشة بالنسبة لى، لأنه لم يتول وزارة الأوقاف أو مشيخة الأزهر، إلا أن «ذاكرة مصر المعاصرة» منحته منصبًا رسميًا كوزير للمعارف!
رغم أن الصفحة لا تحوى مواد كثيرة، لكنها مليئة بالأخطاء التى يمكن أن ترقى لمرتبة «الفضيحة»، فنجد أن الوثيقة الوحيدة المتاحة هى قرار وزارى صادر من وزير المعارف العمومية بتعيين سليمان بك نجيب مديرًا عامًا بالفنون الجميلة. فى البداية لم أفهم علاقة تلك الوثيقة بالشيخ محمد رفعت، إلى أن وقعت عينى على الإمضاء فى أسفل الوثيقة باسم محمد رفعت، لكن المقصود محمد توفيق رفعت باشا، وزير المعارف العمومية فى وزارة محمد توفيق نسيم الأولى.
قرار وزارى بإمضاء وزير المعارف العمومية وضعت كوثيقة فى صفحة الشيخ محمد رفعت لتشابه الأسماء
وتمتد نفس المشكلة إلى المقالات، حيث نجد بين الأحد عشر مقالًا، ثلاثة بقلم محمد رفعت بك منشورة فى مجلة الهلال تحت عناوين «نحن والحرب المقبلة»، «هل من حرب جديدة فى العام الجديد؟» و«وعود زائفة بذلها الغرب للشرق»، ما بين أعوام 1948 و1949 و1956، رغم أن الشيخ محمد رفعت توفى عام 1950! أما المقال المكتوب عنه فى جريدة الأهرام بقلم خالد أحمد المطعنى عام 2011 بعنوان «محمد رفعت.. قيثارة السماء» فقد جعله الموقع «قيصارة السماء».
وفى سيرته ذُكر أن الشيخ محمد رفعت وُلِد مبصرًا يوم 9 مايو 1882 فى حى «المغربلين» بالدرب الأحمر بالقاهرة. حفظ القرآن الكريم وهو فى الخامسة من عمره وأتم حفظه فى الحادية عشرة حتى تم تعيينه قارئًا بمسجد «فاضل باشا» بالقاهرة. بعد وفاة والده أصبح يرتِّل القرآن الكريم كل يوم خميس فى «مسجد فاضل باشا»، حتى تم تعيينه فى سن الخامسة عشرة قارئًا يوم الجمعة.
لم يكتف بما وهبه الله من صوت شجى، بل وجَّه اهتمامه لدراسة علم القراءات القرآنية، وقراءة أمهات كتب التفسير، ليكون ذلك عونًا له على قراءة كتاب الله وتجويده، كان عفيف النفس يأبى أن يأخذ أجرًا على قراءة القرآن، وصفة معاصروه من الكتاب بأنه صاحب حنجرة ذهبية.
وكان أول من افتتح الإذاعة المصرية فى 31 مايو 1934 بقوله تعالى: «إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا». وقد توفى فى نفس تاريخ مولده يوم 9 مايو 1950.
محمد متولى الشعراوى
- منعه جمال عبد الناصر من العودة إلى السعودية بعد نشوب خلاف مع الملك سعود
- رافق السادات إلى الولايات المتحدة أثناء توقيع معاهدة كامب ديفيد وألقى أول خطبة جمعة هناك
تتضمن صفحة محمد متولى عبد الحافظ الشعراوى سيرة ذاتية لا يصل عدد كلماتها إلى ثمانمائة كلمة، و102 وثيقة غالبيتها لا تخصه بشكل مباشر، وإنما تتعلق بقرارات ذات صلة بالحكومة وتعيين وزرائها، ويقتصر ذكره فيها على اسمه وبجانبه منصبه كوزير للأوقاف وشئون الأزهر، جميعها بين عامى 1976 و1978، المُدة التى تولى فيها الوزارة ضمن حكومة ممدوح سالم الثالثة والرابعة والخامسة، وذُكِر فى القرارات أن يحِّل السيد أحمد سميح طلعت محله فى حال تغيب للسفر إلى الخارج.
ويشمل قسم الصحافة ستة مقالات عن الشعراوى فى صحف الأهرام وأخبار اليوم والهلال والمصرى اليوم، من أبرزها حوار طويل أجراه معه عاطف فرج عام 1981 تحت عنوان عريض «صفحات من تجربة الإمام». بالإضافة إلى 13 مقطع فيديو فى قسم الأفلام، أربعة تحت عنوان «الملفات السرية للثورة المصرية»، وهى سلسلة لقاءات سياسية تاريخية‮ أجريت عام 4991 ‬تتضمن حوارات وشهادات‮ ‬122‮ ‬من صناع ثورة 23 يوليو ومعاصريها،‮ وأربعة آخرين من أحاديثه التفسيرية للقرآن، ومثلهم من لقاء له فى برنامج «نور على نور» تقديم أحمد فراج، الذى يعَّد بداية انطلاقه لشهرته الواسعة، ولقاء أخير من برنامج «الإسلام والحياة».
أما ركن الصور فلا يحتوى سوى على ثلاث صور غير واضحة، اثنتان من مقابلته بصحبة الشيخ سليمان ربيع مع المهندس مشهور أحمد مشهور رئيس هيئة قناة السويس بمحافظة الشرقية، والثالثة من محاضرة ألقاها بالجزائر حينما كان رئيسًا للبعثة الأزهرية فى حفل افتتاح مركز الإعلام العربى وأسبوع الفيلم العربى عام 1967.
من سلسلة لقاءات «الملفات السرية للثورة المصرية» عام 1994
جاء فى تعريف الشعراوى أنه وُلِد يوم 5 إبريل 1911 بقرية دقادوس بمركز ميت غمر محافظة الدقهلية. حفظ القرآن الكريم وهو فى العاشرة من عمره وجوَّده فى الخامسة عشرة، ثم دخل معهد الزقازيق الابتدائى الأزهرى 1926. تزوج وهو فى سن مبكرة بناءً على رغبة والده الذى اختار له زوجته، وأنجب منها ثلاثة أولاد: سامى وعبد الرحيم وأحمد، وبنتين: فاطمة وصالحة. التحق بالمعهد الثانوى عام 1932، ثم بكلية اللغة العربية عام 1937.
انشغل الإمام الشعراوى بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فمن الأزهر الشريف خرجت المنشورات التى تعبِّر عن سخط المصريين ضد الإنجليز. ولأن معهد الزقازيق لم يكن بعيدًا عن الأزهر، فكان الشيخ يحضر هو وزملاؤه إلى ساحاته وأروقته ويلقى الخطب، مما عرَّضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934.
حصل الشعراوى على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943 من جامعة الأزهر، وعمل بالتدريس فى معاهد طنطا والزقازيق والإسكندرية إلى عام 1949 ثم أعير إلى المملكة العربية السعودية عام 1950 مدرسًا بكلية الشريعة بجامعة الملك عبد العزيز، لكن بعد حدوث خلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود، منعه عبد الناصر من العودة ثانية إلى السعودية، وتم تعيينه وكيلاً لمعهد طنطا الدينى عام 1960، وتدرَّج فى المناصب بالأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى أن أحيل للتقاعد عام 1976، فاختاره السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك ليسند إليه وزارة الأوقاف وشئون الأزهر حتى أكتوبر عام 1978، وبعد خروجه منها عُيِّن عضوًا فى مجمع البحوث الإسلامية 1980، ثم تفرغ للدعوة بعد ذلك ورفض كل المناصب والوظائف السياسية.
حوار طويل أجراه معه عاطف فرج في مجلة الهلال عام 1981
كان الشعراوى من ضمن أعضاء الوفد الذى رافق الرئيس السادات فى زيارته للولايات المتحدة وانتهت بالتوقيع على معاهدة كامب ديفيد، وصلَّى أول جمعة أقيمت هناك، ملقيًا خطبة جامعة شاملة دعا فيها المسلمين المغتربين أن يكونوا عنوانًا مشرفًا لدينهم، وأن يكونوا صورة حية لعقيدتهم بسلوكهم.
حصل محمد متولى الشعراوى على عدد من التكريمات والأوسمة، من بينها: وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى بمناسبة بلوغه سن التقاعد فى 15 إبريل 1976، وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عامى 1983 و1988، الدكتوراه الفخرية فى الآداب من جامعتى المنصورة والمنوفية، كما اختارته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافى لعام 1989 الذى تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين.
للشعراوى العديد من المؤلفات، من أبرزها تفسير القرآن الكريم، بالإضافة إلى: الإسراء والمعراج، أسرار بسم الله الرحمن الرحيم، الإسلام والفكر المعاصر، الشورى والتشريع فى الإسلام، الصلاة وأركان الإسلام، الطريق إلى الله، لبيك اللهم لبيك، المرأة كما أرادها الله، معجزة القرآن، نظرات فى القرآن، على مائدة الفكر الإسلامى، وغيرها من الكتابات التى خطها خلال مسيرته الطويلة وحتى وفاته فى السادسة والنصف من صباح يوم الأربعاء 17 يونيه 1998.
الإمام محمد عبده
لا يتضمن ملفه التعريفى أى ذِكر لتدرجه الوظيفى قبل إلحاقه بالعمل فى المحكمة الأهلية رغم أن تلك المعلومات توضحها الوثائق الخاصة بكشف مدة خدمته
بكلمات أكثر قليلًا كُتبت السيرة الذاتية للإمام محمد عبده، مصحوبة بأربع صور، ثلاث لصورة واحدة والأخيرة غير واضحة، و108 وثائق تبدأ من 1878 مع تعيينه خوجة فى مدرسة الألسن وهو فى عمر التاسعة والعشرين، وحتى 1957 بعد وفاته بما يزيد على خمسين عامًا. بالإضافة إلى 49 مقالًا، سواء عنه أو ذُكِر اسمه فيها، أغلبها فى مجلات السياسة والهلال والدوحة. وفى الطوابع اثنان صادران عن البريد المصرى، الأول عام 1965 بمناسبة الذكرى الستين لرحيله، والثانى عام 1978 بمناسبة مرور 150 عامًا على صدور صحيفة الوقائع المصرية، ويتضمن صورة للإمام محمد عبده إلى جانب صورتى رفاعة الطهطاوى وسعد زغلول.
وُلِد محمد عبده بن حسن خير الله عام 1849 لأب تركمانى الأصل، وأم مصرية تنتمى إلى قبيلة «بنى عدى» العربية، ونشأ فى قرية «محلة نصر» بمركز شبراخيت فى محافظة البحيرة. تعلَّم القراءة والكتابة فى منزل أبيه، وبعد أن جاوز العاشرة من عمره أرسله والده إلى كتَّاب القرية حيث تلقى دروسه الأولى، وفى سن الخامسة عشر تقريبًا، التحق بالجامع الأحمدى - جامع السيد البدوى بطنطا - حيث تلقى علوم الفقه واللغة العربية وحفظ القرآن وجوَّده، وفى عام 1865 انتقل إلى الدراسة فى الأزهر الشريف، وظل به حتى حصل على الشهادة عام 1877.
حاول محمد عبده الانفتاح على العلوم الأخرى التى لم يكن الأزهر يهتم بتدريسها فى هذا الوقت، ووجد ضالته فى بعض الشخصيات التى أثرت فى حياته بشكل فعلى، كالشيخ درويش خضر الذى كان يقدم له النصح دائمًا ويوجهه للطريق السليم ويحثه على ضرورة التعرف على مختلف العلوم، وبعد ذلك تعرَّف محمد عبده على الشيخ حسن الطويل، ثم جمال الدين الأفغانى الذى ترك أثرًا كبيرًا فى حياته، حيث نشأت بين الاثنين صداقة قوية مبعثها الدعوة للإصلاح.
تعلَّم محمد عبده اللغة الفرنسية وأتقنها واطلع على العديد من الكتب والقوانين الفرنسية، وبدأ فى كتابة المقالات بعدد من الصحف، فقام رياض باشا - رئيس النظار فى عهد الخديوى توفيق - بتعيينه فى جريدة الوقائع المصرية، وتولى فيها مهمة التحرير والكتابة فى القسم الخاص بالمقالات الإصلاحية الأدبية والاجتماعية، ولُقِّب ب «زعيم الإصلاح الفكرى والدينى». كما كان له عددًا من الكتب المهمة التى خطَّها خلال حياته، من بينها: رسالة التوحيد، تحقيق وشرح «البصائر القصيرية للطوسى»، تحقيق وشرح «دلائل الإعجاز» و«أسرار البلاغة» للجرجانى، الرد على هانوتو الفرنسى، الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية، وغيرها.
بيان بمدد خدمات الشيخ محمد عبده الذلا يعمل نائب قاضى محكمة بنها الأهلية وقتذاك
لا يتضمن الملف التعريفى لمحمد عبده على الصفحة أى معلومات حول تدرجه الوظيفى منذ 1878 حينما عمل خوجة بمدرسة الألسن، قبل إلحاقه بالعمل فى المحكمة الأهلية، رغم أن تلك المعلومات توضِّحها الوثائق الخاصة بكشف مدة خدمته، لكن يبدو أن كل مادة متاحة يُجرى العمل عليها بمعزل عن الأخرى، وتكتفى المكتبة فقط بدور العارض، ولا تنتبه لإغفال المعلومات أو حتى تناقضها فى بعض الأحيان.
فى ثمانينيات القرن التاسع عشر انهمك محمد عبده مع ثورة عرابى، وبعد فشلها حُكم عليه بالسجن ثم بالنفى إلى بيروت لمدة ثلاث سنوات، فسافر بدعوة من أستاذه جمال الدين الأفغانى إلى باريس عام 1884، وأسس صحيفة العروة الوثقى، لكنها لم تستمر كثيرًا حيث أثارت المقالات التى كانت تُكتَب بها حفيظة الإنجليز والفرنسيين، لأنها كانت تندد بالاستعمار وتدعو للتحرر من الاحتلال الأجنبى بجميع أشكاله، فتم إيقاف إصدارها.
فى عام 1889 عُيِّن محمد عبده قاضيًا أهليًا فى محكمة بنها، ثم فى محكمة الزقازيق، وعابدين، ثم مستشارًا فى محكمة الاستئناف عام 1891. وفى 3 يونيو 1899 صدر مرسوم خديوى وقَّعه عباس حلمى بتعيينه مفتيًا للديار المصرية، ليصبح أول مفتٍ مستقل لمصر، بعدما كان منصب الإفتاء يضاف لمن وظيفة مشيخة الجامع الأزهر.
شهادة تتضمن بيانًا بأسماء ورثة الشيخ محمد عبده الشرعيين وحالتهم الاجتماعية لتقدير المعاش المستحق لهم بعد وفاته
ظل الشيخ محمد عبده مفتيًا للديار المصرية ست سنوات كاملة، وبلغ عدد فتاويه 944 فتوى استغرقت المجلد الثانى من سجلات مضبطة دار الإفتاء بأكمله وصفحاته 198، كما استغرقت 159 صفحة من صفحات المجلد الثالث، وكانت تمثل فكرًا إسلاميًا ملائمًا لروح الوطن، حيث واصل التحذير من الغلو والتطرف فى الدين وآمن بأن الإصلاح الأخلاقى يجب أن يسبق الإصلاح السياسى، لذلك كان قاسيًا على مشايخ الأزهر، ولا يتورع عن أن يطلق على الأزهر نعت الإسطبل والمارستان والمخروب، فى محاولة لإقصاء شيوخ الأزهر التقليديين، الأمر الذى أدَّى لمحاولة النيل منه بمختلف السبل الممكنة من خلال المؤامرات، ومحاولة تشويه صورته فى الصحف وأمام الشعب، فاستسلم فى نهاية الأمر وتقدم باستقالته من الأزهر عام 1905، وبعد ذلك اشتدت معاناته من مرض السرطان حتى كانت الوفاة بالإسكندرية فى يوليو 1905، وقبيل وفاته كتب أبياتا شعرية يقول فيها: ولست أبالى أن يقال محمد.. أبلى أم اكتظت عليه المآثم/ ولكنه دين أردت إصلاحه.. أحاذر أن تقضى عليه العمائم.
شهادة باستحقاق السيدة رضا حمادة زوجته وعايشة هانم ابنته المعاش، نموذج الشهادة مكتوب باللغة الفرنسية والبيانات باللغة العربية وموقع بالعربية والفرنسية
بعد أربعة شهور من وفاته حُررت شهادة تتضمن أسماء ورثة الشيخ محمد عبده الشرعيين وحالتهم الاجتماعية، لتقدير المعاش، ومما جاء فيها: «ورثته الشرعيون هم زوجته الست رضا حمادة وبقيت على عصمته إلى أن توفى وهى باقية على قيد الحياة وبدون زواج، وكريماته الأربع هن الست عائشة القاصر وسنها الآن إحدى عشرة سنة من زوجته المذكورة، والست مريم العاجزة (كفيفة البصر) البالغ سنها نحو ثلاثين سنة وهى لعجزها لم تتزوج إلى الآن، والست هانم المتزوجة بعثمان أفندى يوسف المحامى، والست فاطمة التى كانت متزوجة بحضرة محمد بك يوسف المحامى وتوفيت بعد وفاة المرحوم والدها، وكريماته الثلاث الأخيرات مرزوقات من زوجة أخرى متوفاة قبل وفاته... وإخوته لأبيه وهم حضرة حمودة بك عبده والشيخ على عبده ومحروس أفندى عبده... وأخواته لأبيه وهن الستات زينب ولطيفة وفاطمة، وليس له ورثة خلاف ما ذُكر».
تنفيذ قرار مجلس الوزراء بتاريخ 28 مايو 1929 بمنح السيدة رضا حمادة أرملته معاشا شهريا قدره 15 جنيهًا مدى الحياة بديلا عن معاش شهرى قدره جنيهًا واحدًا و583 مليما كانت تصرفه منذ يوليو 1905
ومثلما حدث مع غيرها من أرامل الراحلين من العلماء، فقد قرر مجلس الوزراء فى مايو 1939 منح السيدة رضا حمادة أرملته معاشًا شخصيًا طول مدة حياتها قدره خمسة عشر جنيهًا فى الشهر بدلًا من معاشها السابق وقدره جنيه و583 مليمًا. أما ابنتها عائشة القاصر، فتقرر لها معاش قدره 6 جنيهات و333 مليمًا، يصرفه عمها الوصى عليها حمودة بك عبده.
جمال الدين الأفغانى
أوعز تخلف الشرق إلى التعصب الدينى واستبداد الحكام‏..‏ ودعا إلى الحكومة الدستورية والشورى كفلسفة حكم
فى صفحة جمال الدين الأفغانى، صديق محمد عبده وأستاذه، توجد فقط صورة شخصية، وسيرة ذاتية طويلة جدًا تشمل كل تفاصيل حياته تقريبًا، وطابع أصدره البريد المصرى عام 1967 بمناسبة أسبوع الدعوة العربية، بالإضافة إلى 24 مادة صحفية، 9 بمجلة الهلال والبقية بمجلة الدوحة، ممتدة ما بين عامى 1905 و1983. فيما عدا ذلك، لا وثائق ولا صوتيات ولا أفلام ولا كتب ولا خطب... ولا أى شيء.
وبحسب ما جاء فى السيرة فإن السيد جمال الدين الأفغانى وُلِد فى أكتوبر 1839، لأسرة أفغانية عريقة ينتهى نسبها إلى الحسين بن على (رضى الله عنه)، ونشأ فى «أسعد آباد» إحدى القرى القريبة من العاصمة الأفغانية كابل.
كان لأسرته منزلة عالية فى بلاد الأفغان، لنسبها الشريف، ولمقامها الاجتماعى والسياسى، إذ كانت لها الإمارة والسيادة على جزء من البلاد الأفغانية، تستقل بالحكم فيه، إلى أن نزع الإمارة منها «دوست محمد خان» أمير الأفغان وقتئذ، وأمر بنقل والده وبعض أعمامه إلى مدينة كابل، وانتقل جمال بانتقال أبيه إليها فى الثامنة من عمره، وتعلَّم فى بداية تلقيه العلم اللغتين العربية والفارسية، ودرس القرآن وشيئًا من العلوم الإسلامية، وعندما بلغ الثامنة عشرة أتم دراسته للعلوم.
رحل جمال الدين عن أفغانستان عام 1868، ومرَّ بالهند ولم يكن يخفَى على الحكومة الإنجليزية عداؤه لسياستها، وما يحدثه مجيئه إلى الهند من إثارة روح الهياج فى النفوس، خاصة لأن الهند كانت لا تزال تضطرم بالفتن على الرغم من إخماد ثورة سنة 1857، فلما وصل إلى التخوم الهندية تلقته الحكومة بالحفاوة والإكرام، ولكنها لم تسمح له بطول الإقامة فى بلادها، فأنزلته إحدى سفنها وأقلَّته إلى السويس.
جاء جمال الدين الأفغانى إلى مصر لأول مرة فى أوائل عام 1870، ولم يكن يقصد طول الإقامة بها، لأنه إنما جاء ووجهته الحجاز، فلما سمع الناس بمقدِمه اتجهت إليه أنظار النابهين من أهل العلم، وتردد هو على الأزهر، وأقبل عليه كثير من الطلبة يتلقون بعض العلوم الرياضية، والفلسفية، والكلامية، وأقام بمصر أربعين يومًا، ثم تحوَّل عزمه عن الحجاز وسافر إلى الآستانة، فعظم أمره بها، وذاعت شهرته وارتفعت منزلته، ولقيت دعوته بضرورة التعجيل بالإصلاح صدى طيبًا لدى العثمانيين، فتم تعيينه عضوًا فى مجلس المعارف الأعلى، وهناك لقى معارضة وهجومًا من بعض علماء الآستانة وخطباء المساجد الذين لم يرقهم كثير من آرائه وأقواله، فخرج منها إلى مصر عام 1871.
لقى فى مصر من الحفاوة والتكريم حيث رحَّب به رئيس الوزراء رياض باشا، ووجد من أهلها ما حمله على البقاء بها، وكان لجرأته وصراحته أكبر الأثر فى التفاف الناس حوله، فأصبح له مريدون كثيرون.
خاض الأفغانى غمار السياسة المصرية، ودعا المصريين إلى ضرورة تنظيم أمور الحكم، وقد أدى ذلك إلى تنكر ولاة الأمور له، ونفورهم منه، خاصة أنه كان يعلن عن بغضه للإنجليز، ولا يخفى عداءه لهم فى أية مناسبة، ويحث على وجوب مقاومتهم بعد تدخلهم السافر فى شان مصر وفى شئونها المالية وشرائهم أسهم فى قناة السويس 1875.
جمال الدين الأفغانى - الهلال 1925
كانت مقالاته مثار غضب شديد من الإنجليز ومن الحكام فى مصر على حد سواء، فلما تولى الخديوى محمد توفيق باشا حكم البلاد أخرجه من مصر، حيث تم القبض عليه فى 24 أغسطس 1879، وحُمل فى الصباح فى عربة مقفلة إلى محطة السكة الحديدية، ومنها نُقل تحت المراقبة الشديدة إلى السويس، واُنزل منها إلى باخرة أقلَّته إلى الهند، وسارت به إلى بومباى، ليقيم بحيدر أباد، حيث ألزمته الحكومة البريطانية بالبقاء فى الهند حتى انقضى أمر الثورة العرابية بإخفاقها واحتلال الإنجليز مصر، فسمحوا له بالذهاب إلى أى بلد، فاختار مدينة لندن، وأقام بها أيامًا قبل أن ينتقل إلى باريس ويقضى فيها ثلاث سنوات.
كان تلميذه الأكبر الشيخ محمد عبده منفيًا فى بيروت عقب إخماد الثورة، فاستدعاه إلى باريس، وهناك أصدر صحيفة «العروة الوثقى»، وقد سُميت باسم الجمعية التى أنشأتها، وهى جمعية تألفت لدعوة الأمم الإسلامية إلى الاتحاد والتضامن، ومجاهدة الاستعمار، وتحرير مصر والسودان من الاحتلال، وكانت تضم جماعة من أقطاب العالم الإسلامى وكباره، لكنها توقفت عن الصدور بعد أن أوصدت أمامها أبواب كل من مصر والسودان والهند.
دعاه شاه إيران ناصر الدين للحضور إلى طهران واحتفى به وقرَّبه، وهناك نال الأفغانى تقدير الإيرانيين وحظا بحبهم، ومالوا إلى تعاليمه وأفكاره، لكن الشاه أحَّس بخطر أفكار الأفغانى على العرش الإيرانى، وتغيَّرت معاملته له، وشعر الأفغانى بذلك فاستأذنه فى السفر، وذهب إلى موسكو 1886 و ظل فى روسيا أربع سنوات.
اتجه الأفغانى إلى البصرة عام 1891، وبقى بها سبعة أشهر، ومنها إلى لندن حيث اتخذ من جريدة «ضياء الخافقين» منبرًا للهجوم على الشاه، وكشف ما آلت إليه أحوال إيران فى عهده، وكان تأثير الأفغانى قويًا على الإيرانيين، فلجأ الشاه إلى السلطان العثمانى عبد الحميد ليوقف الأفغانى عن الهجوم عليه، واستطاع السلطان أن يجذب الأفغانى إلى نزول الآستانة عام 1892، وأراد أن يُنعم عليه برتبة قاضى عسكر لكن الأفغانى رفض، وقال لرسول السلطان: «قل لمولاى السلطان إن جمال الدين يرى أن رتبة العلم أعلى المراتب».
لم يتزوج الأفغانى، وأبى أن يعلق قلبه بالمال والبنين أو الرتب والمناصب، وإنما أراد أن يكون كما وصف نفسه ك «الليث لا يعدم فريسة أينما ذهب»، حيث كانت الدعوة إلى القرآن الكريم والتبشير به من أكبر ما يطمح إليه فى حياته، وكان يرى أن القاعدة الأساسية للإصلاح وتيسير الدين للدعوة هى الاعتماد على القرآن الكريم.
كان جمال الدين عارفًا باللغات العربية والأفغانية والفارسية والسنسكريتية والتركية وتعلَّم الفرنسية والانجليزية والروسية، وله مؤلفان هما «تاريخ الأفغان» و«رسالة فى الرد على الدهريين».
فى كتاباته أوعز الأفغانى تخلف الشرق إلى أمرين‏:‏ التعصب الدينى واستبداد الحكام‏،‏ ودعا إلى الحكومة الدستورية وإلى الشورى كفلسفة حكم وليس كنظام مفصل وجاهز لكل زمان ومكان‏، وطالب بتعليم المرأة ودافع عن حرية الصحافة‏،‏ ورأى أن الغرب نهض بالعلم والعمل وانحط الشرق بالجهل والكسل‏،‏ وهو القائل‏:‏ «جمود بعض المتعممين أضر بالإسلام والمسلمين»‏‏.
طابع بريد يحمل صورة الأفغانى صدر فى 22 مارس 1967 بمناسبة أسبوع الدعوة العربية
فى صباح الثلاثاء 10 مارس 1897 توفى الأفغانى عن عمر بلغ نحو ستين عامًا، متأثرًا بمرض السرطان، بعد أن خفقت العملية الجراحية التى أجريت له، وقيل إنها خفقت عمدًا، وثار الجدل حول وفاته، وشكك البعض فى أسبابها، وأشار آخرون إلى أنه اغتيل بالسم. حيث إنه فى مارس 1896، قُتل شاه إيران، فأظهر الأفغانى غضبه علنًا، مما جعل السلطان عبد الحميد يتوجس خيفة منه، فشدد عليه الرقابة وجعله كالسجين فى قصره الذى يعيش فيه، ولما أحس الأفغانى بذلك بعث إلى مستشار السفارة البريطانية فى تركيا.
عندما مات أمر السلطان أن يُدفن بلا احتفال وأن تصادَر كل أوراقه، ولم يسر وراء جنازته إلا ثلاثة من أصدقائه، ثم دفن فى قبر مجهول، ولم يُكتشف هذا القبر إلا بعد ثلاثين عامًا على يد أحد المستشرقين، كان معجبًا بالأفغانى، يدعى «تشارلز كرين»، فبنى له مقبرة لائقة عام 1926، ونُقل رفاته إلى مسقط رأسه فى أفغانستان عام 1944.
محمد مصطفى المراغى
- الذاكرة المعاصرة حوَّلت محل ولادته المراغة من مركز إلى بلدة تابعة لطهطا
- أنشأ ثلاث كليات فى جامعة الأزهر هى: اللغة العربية.. الشريعة والقانون.. وأصول الدين
هو واحد من أبرز تلاميذ الشيخ محمد عبده، الذى أثر فى تكوينه، وتوثقت علاقته به، ودرس على يديه علم التاريخ والاجتماع والسياسة. تتضمن صفحته سيرة ذاتية مختصرة و178 وثيقة تبدأ من السنوات الأولى فى القرن العشرين، حينما تعيَّن قاضيًا فى السودان، وحتى إعلان وراثته بتاريخ 10 مارس 1946 بعد وفاته بسبعة أشهر، معظم الوثائق طلبات أجازة وأوراق إدارية تخص تنقلاته الوظيفية وراتبه. بالإضافة إلى 11 صورة ليس فيهما واحدة شخصية، وإنما جميعها يظهر فيها بجوار آخرين، وأغلبها فى مناسبات بحضور الملك. وسبعة مقالات صحفية، اثنان فى المصرى اليوم والصباح ذُكر اسمه فيهما فقط، وخمسة فى الهلال عنه، من أبرزهم ما نُشر فى يوليو 1928 تحت عنوان «شيخ الأزهر الجديد والمفتى الجديد»، ويتضمن صورة كبيرة للمراغى مع فقرة تعريفية عنه لا تزيد على 50 كلمة، تبعتها 6 صفحات حول «الجامع الأزهر وشيخه الجديد»، إلى جانب حوارين أجريا معه عامى 1929 و1935.
عبد الرحمن عزام يتوسط رئيس الديوان والشيخ مصطفى المراغى شيخ الأزهر أمام قصر عابدين
يذكر «ذاكرة مصر المعاصرة» أن الشيخ محمد مصطفى المراغى وُلِد فى 9 مارس عام 1881 ببلدة مراغا مركز طهطا بمديرية سوهاج فى صعيد مصر (هذه البلدة ليس لها وجود، فالمراغة مركز مستقل بمحافظة سوهاج مثل طهطا ويشمل عددًا من القري)، وأتم حفظ القرآن الكريم فى سن مبكرة فى كتَّاب القرية، ثم التحق بالأزهر الشريف وتلقَّى فيه العلم على يد كبار العلماء والمشايخ.
شهادة طبية من حكيمباشى المصلحة الطبية الملكية تفيد أن الشيخ المراغى لائق طبيًا للعمل بوظيفة قاضى مديرية دنقلة وكان عمره 25 عامًا
تخرج الشيخ المراغى فى الأزهر عام 1904 بعد حصوله على الشهادة العالمية، وكان ترتيبه الأول على زملائه، فاختاره أستاذه الشيخ محمد عبده ليعمل قاضيًا فى مدينة دنقلة بالسودان، وهناك تعلَّم اللغة الإنجليزية، واتسعت علاقاته بزملائه وأصدقائه السودانيين، وتوثقت علاقته بالحاكم العام للسودان مع تمسكه بالقواعد الشرعية، فقد عُرف عنه الاعتدال مع الاستقلال فى اتخاذ القرار، وتقرر أن يتولى منصب قاضى القضاة بالسودان عام 1908 وعمره 27 عامًا، فكان أصغر من تولى هذا المنصب.
خطاب بشأن إرسال دوسيه الشيخ المراغى من مديرية الأوقاف فى مصر إلى السودان حيث تم تعيينه قاضى القضاة هناك
لكنه مع قيام ثورة 1919 بمصر، أصدر المراغى نداءً للمصريين بالسودان للتبرع المالى لإنقاذ منكوبى الثورة، فاستاء الحاكم العام من هذه الخطوة، وعلى أثر ذلك عاد الشيخ المراغى لمصر فى يوليو 1919، ليتنقل فى عدة مناصب: رئيس التفتيش الشرعى بوزارة الحقانية، ورئيس محكمة مصر الابتدائية الشرعية، وعضو المحكمة العليا الشرعية، حتى تولى رئاسة المحكمة الشرعية العليا عام 1923، وفى 25 يونيو عام 1928 تم تعيينه شيخًا للأزهر وهو لا يتجاوز السابعة والأربعين من عمره، كان همَّه الأول إصلاح الأزهر الذى كان قد بدأ يفقد بريقه وبعضًا من سلطاته.
خطاب من الشيخ المراغى إلى المسئول المالى بالحكومة السودانية يفيد علمه بزيادة راتبه إلى 800 جنيه فى السنة وأنه سيتأخر قبل مجيئه إلى السودان لمباشرة عمله
فى سبيل الإصلاح، شكَّل الشيخ المراغى لجنة برئاسته تتولى مهمة إعداد قانون يكون هو الركيزة الأساسية للأحوال الشخصية فى مصر، ووجَّه أعضاء اللجنة المكلفة بإعداد القانون بعدم التقيد بمذهب معين، حيث كان القضاة لا يحيدون عن مذهب الإمام أبى حنيفة، إلا أنه رأى ضرورة الأخذ بغيره من المذاهب إذا كان فيها ما يتفق مع مصلحة العباد. وعلى الصعيد التعليمى، أنشأ ثلاث كليات مدة الدراسة فى كل منها أربع سنوات، هى: كلية اللغة العربية، كلية الشريعة والقانون، وكلية أصول الدين، وحثَّ الطلاب على دراسة اللغات الأجنبية ليكونوا أكثر قدرة على نشر الإسلام والثقافة الإسلامية لغير المسلمين فى كل أنحاء العالم. كما شكَّل لجنة للفتوى داخل الجامع الأزهر تتكون من كبار العلماء تكون مهمتها الرد على الأسئلة الدينية التى تتلقاها من الأفراد والهيئات.
الشيخ مصطفى المراغى شيخ الأزهر يتقدم مودعى الملك فؤاد الأول بمحطة مصر
استكمالًا لإصلاح وضع الأزهر، قدَّم المراغى قانونًا للملك فؤاد الأول، إلا أن بعض الحاشية أوعزوا له أن الشيخ المراغى يريد استقلال الأزهر عن القصر، فرفض الملك فؤاد القانون وأعاده إلى المراغى، فما كان منه إلا أن وضع القانون فى ظرف واستقالته من مشيخة الأزهر فى ظرف آخر، وترك للملك فؤاد حرية الاختيار، فقبِل الملك الاستقالة فى أكتوبر عام 1929، مما حدا بطلاب الأزهر وعلمائه إلى تنظيم مظاهرات يطالبون فيها بعودة الشيخ المراغى لاستكمال مسيرته الإصلاحية، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك، حيث عاد مرة أخرى فى إبريل عام 1935، وظل فى منصبه لمدة عشر سنوات، حتى وافته المنية فى 22 أغسطس 1945، عن عمر يناهز الرابعة والستين عامًا.
إعلام وراثة خاصة بالشيخ مصطفى المراغى يتضمن أسماء الورثة المستحقين لمعاش وتركته
مصطفى باشا عبد الرازق
- أول أستاذ مصرى يلقى محاضرات فى الفلسفة الإسلامية بالجامعة المصرية
- آثر لقب شيخ على الباشاوية ولم يخلع عمامته طوال حياته
التلميذ الآخر لمحمد عبده هو مصطفى باشا عبد الرازق، شيخ الجامع الأزهر، ومؤسس المدرسة الفلسفية العربية الإسلامية، حيث كانت تدرَّس الفلسفة من قبله فى الجامعة المصرية من خلال الدرس الاستشراقى.
تتضمن صفحته سيرة ذاتية مختصرة، بدون وجود لأى صورة أو أى مادة أخرى، بخلاف 6 وثائق لا تخصه بشكل مباشر، وإنما ذُكِر اسمه فيها بحكم منصبه كوزير للأوقاف، و14 مقالا، منهما خمسة عن الشيخ محمد عبده ووجهته فى الإصلاح الدينى فى مجلة «السياسة» تضمنين رأيًا للشيخ مصطفى، ومقالين بقلمه فى مجلة «مجلتى»، أحدهما فى 31 ديسمبر 1905 بعنوان «بين دار العلوم وباريس»، والآخر فى 27 مايو 1914 بعنوان «بين الأزهر وباريس.. أندية الأفندية وأندية المشايخ»، وعددا آخر من المقالات فى مجلة «الهلال»، من أبرزها ما كتبه أحمد زكى عبد الحليم تحت عنوان «الباشا الذى اختار أن يكون الشيخ» عام 1982 مستعرضًا فيه جوانب مختلفة من حياة عبد الرازق.
وُلِد مصطفى حسن عبد الرازق سنة 1885 لأسرة ثرية فى قرية أبو جرج بمحافظة المنيا، وكان والده من مؤسسى جريدة «الجريدة» التى دعت إلى الحكم الدستورى والإصلاح الاجتماعى والتعليم، ومن مؤسسى «حزب الأمة». حفظ مصطفى القرآن الكريم ثم التحق بالأزهر، حيث التقى بالشيخ الإمام محمد عبده، وحصل على شهادة العالمية سنة 1908.
مقال مصطفى عبد الرازق فى «مجلتى» عام 1905
شدَّ عبد الرازق الرحال إلى فرنسا ودرس فى جامعة «السوربون»، ثم «جامعة ليون» التى حاضر فيها فى أصول الشريعة الإسلامية. حصل على شهادة الدكتوراه برسالة عن «الإمام الشافعى أكبر مشرعى الإسلام»، وترجم إلى الفرنسية «رسالة التوحيد» للإمام محمد عبده بالاشتراك مع «برنار ميشيل». ولما عاد إلى مصر عُيِّن سنة 1915 موظفًا فى المجلس الأعلى للأزهر، ولم يلبث أن ترقى إلى وظيفة سكرتير المجلس، ثم انتقل إلى القضاء الشرعى سنة 1920، حيث عمل مفتشًا بالمحاكم الشرعية.
حين صارت الجامعة الأهلية فى مصر جامعة حكومية انتقل إليها فى سنة 1927 أستاذًا مساعدًا للفلسفة بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا)، ثم أصبح أستاذ كرسى فى الفلسفة، وكان أول أستاذ مصرى يلقى محاضرات فى الفلسفة الإسلامية بالجامعة المصرية. ومن أهم كتبه فى هذا المجال «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية» و«فيلسوف العرب والمعلم الثانى».
اختير مصطفى عبد الرازق وزيرًا للأوقاف عدة مرات فى الفترة من 1937 إلى 1944، فكان أول شيخ أزهرى يتولى الوزارة فى مصر، ومُنح لقب الباشاوية، لكنه آثر عليه لقب شيخ، ولم يخلع عمامته طوال حياته. وفى 27 ديسمبر 1945 تم تعيينه شيخًا للأزهر خلفًا للشيخ المراغى، وظل فى منصبه حتى توفى فى 15 فبراير 1947.
على عبد الرازق
- الوثائق تجعله وزيرًا للمعارف فى أوائل السبعينيات رغم أنه توفى عام 1967!
- من أشهر مؤلفاته «الإسلام وأصول الحكم» الذى تسبب فى تجريده من شهادة العالمية الأزهرية
الأخ الأكبر لمصطفى باشا، الشيخ على حسن أحمد محمد عبد الرازق، مواليد المنيا 1888، لم تضم صفحته سوى صورة شخصية، وثلاثة موضوعات فى قسم الصحافة، اثنان فى الهلال وخبر فى أخبار اليوم. بالإضافة إلى ثلاث وثائق لا تخصه على الإطلاق، وإنما تتعلق بالسيد على عبد الرازق، وزير التربية والتعليم خلال عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى أوائل السبعينيات، رغم أن على بك عبد الرازق توفى عام 1967!
وثائق الشيخ على عبد الرازق التى لا تخصه
درس الشيخ «على» فى الأزهر وفى الجامعة المصرية فى نفس الوقت، وفى سنة 1912 أنهى تعليمه فى الأزهر وحصل على شهادة العالمية، وفى يوليو من نفس العام سافر مع أخيه مصطفى عبد الرازق إلى فرنسا ليكمل دراسته هناك، لكنه ترك أخاه هناك وذهب إلى انجلترا نزولًا على رغبة والده، والتحق بجامعة أوكسفورد ليدرس السياسة والاقتصاد، وظل هناك حتى قيام الحرب العالمية الأولى، ثم عاد إلى مصر سنة 1915، وعُيِّن قاضيًا شرعيًا، واختير عضوًا فى مجلس النواب والشيوخ، والمجمع اللغوى.
للشيخ «على» عدد من المؤلفات المهمة فى الأدب والفلسفة، من أشهرها «الإسلام وأصول الحكم» الذى ناقش فيه فكرة الخلافة والحكومة فى الإسلام، وقد أحدث ضجة كبيرة ترتب عليها تجريده من شهادة العالمية الأزهرية فى أغسطس 1925. ومن مؤلفاته الأخرى: «الإجماع فى الشريعة الإسلامية»، و«من آثار مصطفى عبد الرازق».
أحمد حسن الباقورى
- انضم إلى حركة الإخوان المسلمين وكان أحد قياداتها.. وبعد الثورة
- عُرضت عليه وزارة الأوقاف بشرط أن يستقيل من الجماعة فقبِل
الشيخ الباقورى وزير الأوقاف يلقى كلمته فى أول حكومة للثورة
مثل الصفحة السابقة، جاءت صفحة الشيخ أحمد حسن الباقورى بدون تعريف، لكنها أقرب فى محتوياتها إلى صفحة الشيخ الشعراوى، حيث تتضمن صورة واحدة أثناء إلقاء كلمته فى أول حكومة للثورة، و230 وثيقة لا تخصه بشكل مباشر، ذُكر اسمه فقط فيها جميعًا وبجانبه صفته كوزير للأوقاف. بالإضافة إلى 11 مقطع فيديو، عشرة منهم بصحبة الرئيس جمال عبد الناصر فى مناسبات وزيارات مختلفة بين عامى 1953 و1956، والفيديو الأخير يضم لقاء له مدته 49 دقيقة فى برنامج «نور على نور» تقديم أحمد فراج، حول ذكرى المولد النبوى الشريف.
أما قسم الصحافة فضمَّ 17 مقالًا، نُشِر أغلبها فى أخبار اليوم، إلى جانب الهلال والجمهورية وبعض الصحف الأجنبية، والمقالات وثيقة الصلة بشخصه ثلاثة فقط، هى «ذكريات مع الشيخ الباقورى» بقلم الدكتور عبد المنعم النمر فى الأخبار عام 1985، «الشيخ الباقورى يتكلم» متضمنًا حوارًا أجرته معه أمينة السعيد فى أخبار اليوم المصورة عام 1952 يتحدث فيه عن صلاح الأمة وأهمية دور المرأة فى المجتمع، وخبر فى «الجيل الجديد» عام 1953 بعنوان «الباقورى وأسماك البحر الأحمر وقصص أخرى». بالإضافة إلى مقالين بقلمه، أحدهما بعنوان «بقايا الذكريات» فى مجلة الهلال عام 1970، والآخر بعنوان «رحلة الميثاق» مصدره مركز المحروسة للنشر.
وُلِد الشيخ أحمد حسن فى قرية «باقور» التابعة لمركز أبوتيج بمحافظة أسيوط فى 26 مايو 1907. تخرج فى الأزهر الشريف، وحصل على شهادة العالمية عام 1932، وتخصص فى البلاغة والآداب عام 1935. تزوج من ابنة الشيخ محمد عبد اللطيف دراز الذى كان وكيلًا للأزهر الشريف، وقاد الأزهر فى ثورة 1919، وخطب على منبرى الأزهر والكنيسة القبطية.
كان الباقورى من دعاة التقريب بين المذاهب الإسلاميّة، يدعو إلى نشر كتب الشيعة للوقوف عليها بغية إزالة الخلاف بينهم وبين أهل السُنة. انضم إلى حركة الإخوان المسلمين وهو طالب فى الأزهر، وكان أحد قياداتها، وأصبح مرشدًا للإخوان بالإنابة بعد مقتل حسن البنا. رشَّحه الإخوان فى الانتخابات عن دائرة القلعة قبل ثورة 23 يوليو 1952، وبعد الثورة عُرضت عليه وزارة الأوقاف بشرط أن يستقيل من الجماعة، فقبِل ونجح فى إدارة الوزارة حتى عام 1959، وأسس جمعية الشبان المسلمين.
من مؤلفاته وأبحاثه العلمية: «الإدراك المباشر عند الصوفية»، «سيكولوجية التصوف»، «دراسات فى الفلسفة الإسلامية»، «ابن عطاء الله السكندرى وتصوفه»، «ابن عباد الرفدى حياته ومؤلفاته»، «علم الكلام وبعض مشكلاته»، «الإسلام فى أفريقيا»، «الإسلام والفكر الوجودى المعاصر»، «العلاقة بين الفلسفة والطب عند المسلمين»، «وجوب استقلالية الثقافة المصرية بين التيارات الفكرية المعاصرة»، «أثر القرآن الكريم فى اللغة العربية»، «عروبة ودين»، «من أدب النبوة» وغيرهم.
محمود شلتوت
صدر قرار بفصله من عمله هو ولفيف من العلماء المطالبين مثله بالإصلاح عام 1931 فعمل محاميًا شرعيًا لأربع سنوات
أما صفحة الشيخ محمود شلتوت فيمكن اعتبارها مجرد اسم، ليس بها أى شيء سوى ثمانى صور شخصية، ومقال بقلمه نُشِر بمجلة «الاثنين» فى مايو 1954 تحت عنوان «المسلم الصائم ملاك لا يكذب ولا يخدع» وأعيد نشره فى المصرى اليوم بتاريخ 23 سبتمبر 2007.
وفى ظل غياب السيرة الذاتية وُضع تعريف قصير على الصفحة يفيد بأن محمود شلتوت وُلِد فى 23 إبريل 1893 ببلدة منية بنى منصور مركز إيتاى البارود محافظة البحيرة. وكان للشيخ المراغى تأثيره الكبير عليه، حيث لفت ذهنه إلى ضرورة التجديد الفقهى، وقد صدر قرار بفصله من عمله هو ولفيف من العلماء المطالبين مثله بالإصلاح عام 1931، فعمل محاميًا شرعيًا لأربع سنوات، وبعد أن أُسندت مشيخة الأزهر مرة أخرى إلى الشيخ محمد مصطفى المراغى عام 1935 أُعيد شلتوت إلى عمله، وعُيِّن مدرسًا بكلية الشريعة الإسلامية، فأستاذًا، ثم وكيلا للكلية.
مقال الشيخ محمود شلتوت فى مجلة الاثنين
تم تعيينه عضوًا فى مجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 1946، وانتدبته الجامعة المصرية لتدريس فقه القرآن والسنة لطلبة دبلوم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق، ثم عُيِّن مراقبًا عامًا للثقافة والبحوث الإسلامية فى الأزهر، واختير فى العام نفسه سكرتيرًا عامًا للمؤتمر الإسلامى، وفى عام 1958 صدر قرار بتعين شلتوت شيخًا للأزهر، وفى عهده صدر القانون رقم 103 لعام 1961 الخاص بتطوير الأزهر وإصلاحه.
لقاء جمال عبد الناصر مع الشيخ محمود شلتوت
مُنح شلتوت الدكتوراه الفخرية من عدة جامعات، منها جامعة شيلى بأمريكا اللاتينية، والجامعة الإسلامية بإندونيسيا، كما نال أعلى الأوسمة من الملوك والرؤساء، ومنهم الملك محمد الخامس ملك المغرب. وفى 12 ديسمبر 1963 توفى محمود شلتوت مخلفًا وراءه 26 مؤلفًا ما بين كتب ورسائل، من بينها: فقه القرآن والسنة، مقارنة المذاهب، القرآن والمرأة، تنظيم النسل، وغيرها.
عبد الحليم محمود
دعا إلى وحدة الصف وحذَّر من الشيوعية وشرورها وخطورة الإلحاد الذى يهدم الأمم
لا يحوى ألبوم الصور الخاص بالشيخ عبد الحليم محمود إلا واحدة لا تتضح فيها معالم ضمن استقبال رسمى للملك السعودى خالد بن عبد العزيز فى مطار القاهرة. بينما يضم قسم الأفلام خمسة مقاطع فيديو، اثنان من المغرب عن «العلم والإسلام» مدتهما 46 دقيقة، وجزءين من برنامج «أقوال الرسول» تقديم الشيخ عبد الحليم محمود، والأخير حلقة من برنامج «أوتوجراف» تقديم طارق حبيب وإخراج طارق نور، تضمنت لقاءات مع مجدى يعقوب، يوسف شاهين، د.يوسف إدريس، والشيخ عبد الحليم الذى كُتِب اسمه خطأ فى مقدمة البرنامج باعتباره «الشيخ عبد الحكيم محمود». وفى المقالات الصحفية موضوعان ورد ذِكر اسمه فيهما لا أكثر.
مقدمة برنامج أوتوجراف التى ذُكر اسمه فيها خطأ
لقطة من البرنامج
أما السيرة الذاتية فجاءت متوسطة، وفيها يتضح أن الشيخ عبد الحليم محمود وُلِد فى مايو 1910 فى مدينة «أبو حمد» ببلبيس فى محافظة الشرقية. نشأ فى أسرة متدينة مشهورة بالكرم وحفظ القرآن الكريم، حيث كان يعمل والده قاضيًا فى المحاكم التى كانت تؤلف لفض المنازعات وحل الخصومات بين أهالى البلاد.
التحق بالأزهر، ثم بمعهد الزقازيق عندما افتتح، ومعهد المعلمين بعد ذلك، ثم اتجه إلى القاهرة حيث نال العالمية سنة 1932، وبعدها سافر إلى فرنسا ليدرس ترسيخ الأديان واستعد للدكتوراه فى التصوف الإسلامى بجامعة السربون.
فى أثناء الدراسة قامت الحرب العالمية وآثر البقاء حتى نال الدكتوراه سنة 1940 فى الفلسفة الإسلامية، وقررت الجامعة الفرنسية طبع الرسالة على نفقتها. وفى عام 1951 عاد إلى مصر وعمل مدرسًا بالكلية ثم أصبح أستاذًا، وعُيِّن عميدًا لكلية أصول الدين سنة 1964، وألزم الطلبة بحفظ القرآن الكريم.
وضع القواعد لمجمع البحوث الإسلامية، وظل حريصًا على نشر الإسلام عالميًا وإعداد الكفاءات القادرة على توصيل الدعوة الإسلامية، وشكَّل عدة لجان للنهوض بهذه الرسالة ومنها: بحوث القرآن الكريم، السنة النبوية، المسجد الأقصى، التعريف بالإسلام، إحياء التراث الإسلامى، البحوث الفقهية، الحضارة والمجتمعات الإسلامية، العقيدة والفلسفة، دائرة المعارف الإسلامية.
تولى وزارة الأوقاف وأخيرًا مشيخة الأزهر سنة 1973، وحتى وفاته فى 1978، داعيًا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية والصلح بين الدول العربية المتنازعة ووحدة الصف، ومحذِّرًا من الشيوعية وشرورها وخطورة الإلحاد الذى يهدم الأمم، كما نادى بالدفاع عن اللغة العربية والنهوض بها حتى لا يستعجم اللسان العربى وتنفصل الأمة عن كتاب ربها الذى لا يُفهم إلا بالعربية.
من مؤلفاته: الفيلسوف المسلم، السنة فى تاريخها وفى مكانها، أسرار العبادات فى الإسلام، التصوف الإسلامى، التفكير الفلسفى فى الإسلام، جهادنا المقدس، المدرسة الشاذلية الحديثة، فى رحاب الكون، الإسلام والشيوعية، دلائل النبوة ومعجزات الرسول. ومن مترجماته عن الفرنسية: «الحارث بن أسد المحاسبى»، «وازن الأرواح»، «الفلسفة اليونانية»، «المشكلة الأخلاقية والفلسفية» و«الأخلاق فى الفلسفة الحديثة».
محمد حسين الذهبى
27 وثيقة بين عامى 1975 و1976 تتضمن فقط ذِكر اسمه كوزير للأوقاف
يبلغ عدد الوثائق الخاصة بالشيخ محمد حسين الذهبى 72 وثيقة، جميعها بين عامى 1975 و1976، خلال فترة توليه لوزارة الأوقاف، تتضمن فقط ذِكرًا لاسمه. ولا توجد أى مواد أخرى أو بيانات فى الصفحة، سوى سيرة مختصرة جدًا توضِّح أنه وُلِد عام 1914 بمحافظة كفر الشيخ. حصل على الشهادة العالمية من كلية الشريعة عام 1940، والدكتوراه فى التفسير والحديث النبوى عام 1944. ثم عُيِّن أستاذًا بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وأمينًا مساعدًا لمجمع البحوث الإسلامية، ثم عميدًا لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر. واختير أمينًا لمجمع البحوث الإسلامية، وأمينًا لمؤتمر علماء المسلمين. تبنى مشروع «تنقية التراث الإسلامى وتجريده من الإسرائيليات التى أدخلت عليه»، وتولى منصب وزير الأوقاف وشئون الأزهر فى وزارة ممدوح سالم الأولى فى 16 أبريل عام 1975.
وقد أغفلت تلك النبذة كثير من التفاصيل، حتى أنها لم تتضمن تاريخ وفاته فى 17 أكتوبر 1978.
جاد الحق على جاد الحق
أنشأ فى عهده خمسة آلاف معهد أزهرى وفروعًا للجامعة الأزهرية فى محافظات مصر ومدنها الكبرى
فؤاد سراج الدين يصافح الشيخ جاد الحق على جاد الحق
فى صفحة الشيخ جاد الحق على جاد الحق نجد فقط صورة وهو يصافح فؤاد سراج الدين، وسيرة متوسطة توضِّح أنه أحد شيوخ الأزهر الذين قادوا هذه المؤسسة الدينية العلمية الإسلامية العالمية الأكبر فى العالم. وُلِد فى 5 إبريل 1917 بمركز طلخا محافظة الدقهلية، حفظ القرآن الكريم وجوَّده بعد أن تعلم القراءة والكتابة بكُتَّاب القرية، ثم التحق بالجامع الأحمدى بطنطا سنة 1930، واستمر فيه حتى حصل على الشهادة الابتدائية سنة 1934، وواصل بعض دراسته الثانوية، ثم استكملها بمعهد القاهرة الأزهرى، بعدها التحق بكلية الشريعة الإسلامية وحصل منها على الشهادة العالمية سنة 1943، ثم التحق بتخصص القضاء الشرعى فى هذه الكلية، وحصل منها على الشهادة العالمية مع الإجازة فى القضاء الشرعى سنة 1945.
عُين فور تخرجه موظفًا بالمحاكم الشرعية فى 26 يناير سنة 1946، ثم أمينًا للفتوى بدار الإفتاء المصرية بدرجة موظف قضائى فى 29 أغسطس سنة 1953، ثم قاضيًا فى المحاكم الشرعية فى 26 أغسطس 1954، ثم قاضيًا بالمحاكم من أول يناير سنة 1956 بعد إلغاء المحاكم الشرعية، ثم رئيسًا بالمحكمة فى 26 ديسمبر سنة 1971، وعمل مفتشًا قضائيًا بالتفتيش القضائى بوزارة العدل فى أكتوبر سنة 1974، ثم مستشارًا بمحاكم الاستئناف فى 9 مارس سنة 1976، ثم مفتشًا أول بالتفتيش القضائى بوزارة العدل.
عُين مفتيًا للديار المصرية فى 26 أغسطس سنة 1978، وكرَّس كل وقته وجهده فى تنظيم العمل بدار الإفتاء وتدوين كل ما يصدر عنها من فتاوى بشكل دقيق حتى يسهل الاطلاع على أى فتوى فى أقصر وقت.
تم تعيينه وزير الدولة للأوقاف بالقرار رقم 4 لسنة 1982 بتاريخ 4 يناير 1982، وتولى مشيخة الأزهر فى 17 مارس سنة 1982، بالقرار الجمهورى رقم 129 لسنة 1982.
يُذكر للشيخ جهوده فى نشر التعليم الأزهرى والتوسع فى إنشاء المعاهد الأزهرية فى أنحاء مصر، حيث بلغت المعاهد الأزهرية فى عهده خمسة آلاف معهد، وأنشأ فروعًا للجامعة الأزهرية فى بعض محافظات مصر ومدنها الكبرى.
له العديد من المؤلفات، منها: «مختارات من الفتاوى والبحوث»، «أحكام الشريعة الإسلامية فى مسائل طبية عن الأمراض النسائية مع القرآن الكريم»، «النبى فى القرآن الكريم»، «الفقه الإسلامى مرونته وتطوره»، بالإضافة إلى عشرات البحوث الفقهية التى اشترك بها فى مؤتمرات علمية داخل مصر وخارجها. كما أشرف على تنظيم العديد من المؤتمرات التى استهدفت الحفاظ على هوية الأمة الإسلامية، وقد أصدر عن الأزهر كتابًا بعنوان «هذا بيان للناس» فى جزئين.
حصل على أرفع الجوائز والأوسمة، فمنحته مصر «وشاح النيل» فى 1983 بمناسبة العيد الألفى للأزهر، ومنحه المغرب وسام «الكفاءة الفكرية والعلوم» من الدرجة الممتازة، وحصل على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام سنة 1995. وتوفى إلى رحمة الله تعالى سنة 1996.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.