حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 20 مايو    «القاهرة الإخبارية»: وفاة جميع ركاب مروحية الرئيس الإيراني في حادث التحطم    أسعار اللحوم والدواجن والبيض اليوم 20 مايو    تسنيم: قرارات جديدة لتسريع البحث عن مروحية رئيسي بعد بيانات وصور وفيديوهات الطائرة التركية    اليوم.. طلاب الإعدادية يؤدون امتحانات مادتي العلوم والكمبيوتر في الدقهلية    عمر كمال الشناوي: مقارنتي بجدي «ظالمة»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: اليمين المتطرف بإسرائيل يدعم نتنياهو لاستمرار الحرب    فلسطين.. شهداء وحرجى في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    الجزيري: مباراة نهضة بركان كانت صعبة ولكن النهائيات تكسب ولا تلعب    بعد تهنئة للفريق بالكونفدرالية.. ماذا قال نادي الزمالك للرئيس السيسي؟    معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    مصدر أمني يكشف تفاصيل أول محضر شرطة ضد 6 لاعبين من الزمالك بعد واقعة الكونفدرالية (القصة الكاملة)    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    المسيرة التركية تحدد مصدر حرارة محتمل لموقع تحطم طائرة رئيسي    محمد عادل إمام يروج لفيلم «اللعب مع العيال»    فاروق جعفر: نثق في فوز الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    تركيا: مسيرة «أكينجي» رصدت مصدر حرارة يعتقد أنه حطام مروحية رئيسي    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    سقطت أم أُسقطت؟.. عمرو أديب: علامات استفهام حول حادث طائرة الرئيس الإيراني    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    دعاء الحر الشديد كما ورد عن النبي.. اللهم أجرنا من النار    طريقة عمل الشكشوكة بالبيض، أسرع وأوفر عشاء    جريمة بشعة تهز المنيا.. العثور على جثة فتاة محروقة في مقابر الشيخ عطا ببني مزار    نشرة منتصف الليل| تحذير من الأرصاد بشأن الموجة الحارة.. وتحرك برلماني جديد بسبب قانون الإيجار القديم    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    ملف يلا كورة.. الكونفدرالية زملكاوية    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    د.حماد عبدالله يكتب: العودة إلى الماضى والنظر إلى المستقبل    خلال ساعات.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2024 (جدول الأجور)    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق داخل مدرسة في البدرشين    تعرف على أهمية تناول الكالسيوم وفوائدة للصحة العامة    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    مسؤول بمبادرة ابدأ: تهيئة مناخ الاستثمار من أهم الأدوار وتسهيل الحصول على التراخيص    بعد الموافقة عليه.. ما أهداف قانون المنشآت الصحية الذي أقره مجلس النواب؟    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 20-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان يكشف حقيقة هجوم أكثر من 700 شخص على المصريين    اليوم.. محاكمة طبيب وآخرين متهمين بإجراء عمليات إجهاض للسيدات في الجيزة    اليوم.. محاكمة 13 متهما بقتل شقيقين بمنطقة بولاق الدكرور    تقرير رسمى يرصد 8 إيجابيات لتحرير سعر الصرف    ارتفاع كبير في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 20 مايو 2024    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موقع »ذاكرة مصر المعاصرة«
لا يعرف من أعلام الدين في مصر سوي الوزراء وشيوخ الأزهر
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 05 - 2019

ارتبط شهر رمضان منذ سنوات طويلة بموسيقي برنامج «لقاء مع فضيلة الشيخ الشعراوي» الذي يسبق رفع أذان المغرب بصوت محمد رفعت أو عبد الباسط عبد الصمد. مع دخول عصر الفضائيات صارت القنوات تتسابق من أجل الاختلاف، وتحاول كل منها الاستعانة بشيخ أو صوت مغاير، لكن الشعراوي لم يتوار، ربما تقلصت المُدة التي يظهر فيها علي بعض قنوات التليفزيون المصري إلي دقائق معدودة لا تتعدَّي العشر غالبًا، إلا أنه لا يزال سمة مميزة لهذا الشهر الكريم.
في مارس الماضي ظهرت لي صفحة الشعراوي وأنا أتصفح موقع «ذاكرة مصر المعاصرة» ضمن الشخصيات العامة، فقلتُ لنفسي: «بالتأكيد هناك غيره، سواء مقرئين أو مفسِّرين» وقررت العودة لاحقًا لتحري الأمر والاطلاع علي المتاح من الوثائق، إلا أنني لم أجد ما توقعته، حيث لا يزيد عدد الشخصيات العامة المذكورة علي الموقع في هذا الاتجاه سوي 12 شخصية، تسعون في المائة منهم – تقريبًا – تقلَّدوا مناصب رسمية، كوزراء للأوقاف أو شيوخ للأزهر، أما العلماء من غير ذوي المسميات الوظيفية المرموقة فلم يُذكَروا.
تجاوزتُ تلك النقطة وعزمتُ علي مطالعة الصفحات الاثنتي عشرة، التي تخص علماء أجلاء أيضًا ولا غبار عليهم، لكني صُدمت بأنها شبه فارغة، لا تتضمن شيئًا ملموسًا عنهم، إما تعريفا بسيطا وغير دقيق بالشخصية بدون وثائق أو أي مواد، وإما وثائق كثيرة تتعدي المائة والمائتين لكنها لا تخص صاحبها بشكل مباشر، وإنما مجرد أوراق حكومية ذُكِر فيها اسمه وبجانبه المنصب.
لم أسعَ هذه المرة – حقيقة – لطرح الأسئلة حول الأسباب، لأنني لم أشأ أن أسمع الرد المعتاد بأن هذا هو المتاح، فهو عذر لم يعد مقبولًا، أن يظهر تاريخ مصر المعاصر بهذا الشكل المهترئ لأن القائمين علي المشروع لا يسعون إلي تطويره، وإنما ينتظرون فقط ما ترسله الأقدار إليهم لوضعه في «فاترينة» العرض، وهو أداء لا يليق أيضًا بمكتبة الإسكندرية واسمها وتاريخها، التي كان يجدر بها الاستعانة بباحثين في التاريخ يمكنهم التعامل مع تلك الأوراق وإمداد الموقع بمعلومات دقيقة ورصينة ومتسقة مع بعضها، بدلًا من الوقوع في براثن الأخطاء المخجلة.
في الصفحات التالية نستعرض أهم ما جاء في صفحات الاثني عشر شيخًا المذكورين في الموقع، ومحاولة استكمال بعض المعلومات لتتضح الرؤية. وقد قررتُ سلفًا أن تكون البداية مع «أيقونة» الربع الأخير من القرن العشرين.
محمد رفعت
لم يتول وزارة الأوقاف أو مشيخة الأزهر لكن الموقع منحه منصبًا رسميًا كوزير للمعارف!
قسم الصحافة في صفحة الشيخ محمد رفعت
عدلتُ عن قراري المسبق بالبدء بالشيخ الشعراوي، وآثرت أن أستهِّل الملف بالشيخ محمد رفعت، لأن وجوده بين القائمة المتاحة علي الموقع كان مثيرًا للدهشة بالنسبة لي، لأنه لم يتول وزارة الأوقاف أو مشيخة الأزهر، إلا أن «ذاكرة مصر المعاصرة» منحته منصبًا رسميًا كوزير للمعارف!
رغم أن الصفحة لا تحوي مواد كثيرة، لكنها مليئة بالأخطاء التي يمكن أن ترقي لمرتبة «الفضيحة»، فنجد أن الوثيقة الوحيدة المتاحة هي قرار وزاري صادر من وزير المعارف العمومية بتعيين سليمان بك نجيب مديرًا عامًا بالفنون الجميلة. في البداية لم أفهم علاقة تلك الوثيقة بالشيخ محمد رفعت، إلي أن وقعت عيني علي الإمضاء في أسفل الوثيقة باسم محمد رفعت، لكن المقصود محمد توفيق رفعت باشا، وزير المعارف العمومية في وزارة محمد توفيق نسيم الأولي.
وتمتد نفس المشكلة إلي المقالات، حيث نجد بين الأحد عشر مقالًا، ثلاثة بقلم محمد رفعت بك منشورة في مجلة الهلال تحت عناوين «نحن والحرب المقبلة»، «هل من حرب جديدة في العام الجديد؟» و«وعود زائفة بذلها الغرب للشرق»، ما بين أعوام 1948 و1949 و1956، رغم أن الشيخ محمد رفعت توفي عام 1950! أما المقال المكتوب عنه في جريدة الأهرام بقلم خالد أحمد المطعني عام 2011 بعنوان «محمد رفعت.. قيثارة السماء» فقد جعله الموقع «قيصارة السماء».
وفي سيرته ذُكر أن الشيخ محمد رفعت وُلِد مبصرًا يوم 9 مايو 1882 في حي «المغربلين» بالدرب الأحمر بالقاهرة. حفظ القرآن الكريم وهو في الخامسة من عمره وأتم حفظه في الحادية عشرة حتي تم تعيينه قارئًا بمسجد «فاضل باشا» بالقاهرة. بعد وفاة والده أصبح يرتِّل القرآن الكريم كل يوم خميس في «مسجد فاضل باشا»، حتي تم تعيينه في سن الخامسة عشرة قارئًا يوم الجمعة.
لم يكتف بما وهبه الله من صوت شجي، بل وجَّه اهتمامه لدراسة علم القراءات القرآنية، وقراءة أمهات كتب التفسير، ليكون ذلك عونًا له علي قراءة كتاب الله وتجويده، كان عفيف النفس يأبي أن يأخذ أجرًا علي قراءة القرآن، وصفة معاصروه من الكتاب بأنه صاحب حنجرة ذهبية.
وكان أول من افتتح الإذاعة المصرية في 31 مايو 1934 بقوله تعالي: «إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا». وقد توفي في نفس تاريخ مولده يوم 9 مايو 1950.
محمد متولي الشعراوي
منعه جمال عبد الناصر من العودة إلي السعودية بعد نشوب خلاف مع الملك سعود
رافق السادات إلي الولايات المتحدة أثناء توقيع معاهدة كامب ديفيد وألقي أول خطبة جمعة هناك
تتضمن صفحة محمد متولي عبد الحافظ الشعراوي سيرة ذاتية لا يصل عدد كلماتها إلي ثمانمائة كلمة، و102 وثيقة غالبيتها لا تخصه بشكل مباشر، وإنما تتعلق بقرارات ذات صلة بالحكومة وتعيين وزرائها، ويقتصر ذكره فيها علي اسمه وبجانبه منصبه كوزير للأوقاف وشئون الأزهر، جميعها بين عامي 1976 و1978، المُدة التي تولي فيها الوزارة ضمن حكومة ممدوح سالم الثالثة والرابعة والخامسة، وذُكِر في القرارات أن يحِّل السيد أحمد سميح طلعت محله في حال تغيب للسفر إلي الخارج.
ويشمل قسم الصحافة ستة مقالات عن الشعراوي في صحف الأهرام وأخبار اليوم والهلال والمصري اليوم، من أبرزها حوار طويل أجراه معه عاطف فرج عام 1981 تحت عنوان عريض «صفحات من تجربة الإمام». بالإضافة إلي 13 مقطع فيديو في قسم الأفلام، أربعة تحت عنوان «الملفات السرية للثورة المصرية»، وهي سلسلة لقاءات سياسية تاريخية‮ أجريت عام 4991 ‬تتضمن حوارات وشهادات‮ ‬122‮ ‬من صناع ثورة 23 يوليو ومعاصريها،‮ وأربعة آخرين من أحاديثه التفسيرية للقرآن، ومثلهم من لقاء له في برنامج «نور علي نور» تقديم أحمد فراج، الذي يعَّد بداية انطلاقه لشهرته الواسعة، ولقاء أخير من برنامج «الإسلام والحياة».
أما ركن الصور فلا يحتوي سوي علي ثلاث صور غير واضحة، اثنتان من مقابلته بصحبة الشيخ سليمان ربيع مع المهندس مشهور أحمد مشهور رئيس هيئة قناة السويس بمحافظة الشرقية، والثالثة من محاضرة ألقاها بالجزائر حينما كان رئيسًا للبعثة الأزهرية في حفل افتتاح مركز الإعلام العربي وأسبوع الفيلم العربي عام 1967.
جاء في تعريف الشعراوي أنه وُلِد يوم 5 إبريل 1911 بقرية دقادوس بمركز ميت غمر محافظة الدقهلية. حفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره وجوَّده في الخامسة عشرة، ثم دخل معهد الزقازيق الابتدائي الأزهري 1926. تزوج وهو في سن مبكرة بناءً علي رغبة والده الذي اختار له زوجته، وأنجب منها ثلاثة أولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، وبنتين: فاطمة وصالحة. التحق بالمعهد الثانوي عام 1932، ثم بكلية اللغة العربية عام 1937.
انشغل الإمام الشعراوي بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فمن الأزهر الشريف خرجت المنشورات التي تعبِّر عن سخط المصريين ضد الإنجليز. ولأن معهد الزقازيق لم يكن بعيدًا عن الأزهر، فكان الشيخ يحضر هو وزملاؤه إلي ساحاته وأروقته ويلقي الخطب، مما عرَّضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934.
حصل الشعراوي علي العالمية مع إجازة التدريس عام 1943 من جامعة الأزهر، وعمل بالتدريس في معاهد طنطا والزقازيق والإسكندرية إلي عام 1949 ثم أعير إلي المملكة العربية السعودية عام 1950 مدرسًا بكلية الشريعة بجامعة الملك عبد العزيز، لكن بعد حدوث خلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود، منعه عبد الناصر من العودة ثانية إلي السعودية، وتم تعيينه وكيلاً لمعهد طنطا الديني عام 1960، وتدرَّج في المناصب بالأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلي أن أحيل للتقاعد عام 1976، فاختاره السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك ليسند إليه وزارة الأوقاف وشئون الأزهر حتي أكتوبر عام 1978، وبعد خروجه منها عُيِّن عضوًا في مجمع البحوث الإسلامية 1980، ثم تفرغ للدعوة بعد ذلك ورفض كل المناصب والوظائف السياسية.
كان الشعراوي من ضمن أعضاء الوفد الذي رافق الرئيس السادات في زيارته للولايات المتحدة وانتهت بالتوقيع علي معاهدة كامب ديفيد، وصلَّي أول جمعة أقيمت هناك، ملقيًا خطبة جامعة شاملة دعا فيها المسلمين المغتربين أن يكونوا عنوانًا مشرفًا لدينهم، وأن يكونوا صورة حية لعقيدتهم بسلوكهم.
حصل محمد متولي الشعراوي علي عدد من التكريمات والأوسمة، من بينها: وسام الاستحقاق من الدرجة الأولي بمناسبة بلوغه سن التقاعد في 15 إبريل 1976، وسام الجمهورية من الطبقة الأولي عامي 1983 و1988، الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية، كما اختارته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي لعام 1989 الذي تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين.
للشعراوي العديد من المؤلفات، من أبرزها تفسير القرآن الكريم، بالإضافة إلي: الإسراء والمعراج، أسرار بسم الله الرحمن الرحيم، الإسلام والفكر المعاصر، الشوري والتشريع في الإسلام، الصلاة وأركان الإسلام، الطريق إلي الله، لبيك اللهم لبيك، المرأة كما أرادها الله، معجزة القرآن، نظرات في القرآن، علي مائدة الفكر الإسلامي، وغيرها من الكتابات التي خطها خلال مسيرته الطويلة وحتي وفاته في السادسة والنصف من صباح يوم الأربعاء 17 يونيه 1998.
الإمام محمد عبده
لا يتضمن ملفه التعريفي أي ذِكر لتدرجه الوظيفي قبل إلحاقه بالعمل في المحكمة الأهلية رغم أن تلك المعلومات توضحها الوثائق الخاصة بكشف مدة خدمته
بكلمات أكثر قليلًا كُتبت السيرة الذاتية للإمام محمد عبده، مصحوبة بأربع صور، ثلاث لصورة واحدة والأخيرة غير واضحة، و108 وثائق تبدأ من 1878 مع تعيينه خوجة في مدرسة الألسن وهو في عمر التاسعة والعشرين، وحتي 1957 بعد وفاته بما يزيد علي خمسين عامًا. بالإضافة إلي 49 مقالًا، سواء عنه أو ذُكِر اسمه فيها، أغلبها في مجلات السياسة والهلال والدوحة. وفي الطوابع اثنان صادران عن البريد المصري، الأول عام 1965 بمناسبة الذكري الستين لرحيله، والثاني عام 1978 بمناسبة مرور 150 عامًا علي صدور صحيفة الوقائع المصرية، ويتضمن صورة للإمام محمد عبده إلي جانب صورتي رفاعة الطهطاوي وسعد زغلول.
وُلِد محمد عبده بن حسن خير الله عام 1849 لأب تركماني الأصل، وأم مصرية تنتمي إلي قبيلة «بني عدي» العربية، ونشأ في قرية «محلة نصر» بمركز شبراخيت في محافظة البحيرة. تعلَّم القراءة والكتابة في منزل أبيه، وبعد أن جاوز العاشرة من عمره أرسله والده إلي كتَّاب القرية حيث تلقي دروسه الأولي، وفي سن الخامسة عشر تقريبًا، التحق بالجامع الأحمدي - جامع السيد البدوي بطنطا - حيث تلقي علوم الفقه واللغة العربية وحفظ القرآن وجوَّده، وفي عام 1865 انتقل إلي الدراسة في الأزهر الشريف، وظل به حتي حصل علي الشهادة عام 1877.
حاول محمد عبده الانفتاح علي العلوم الأخري التي لم يكن الأزهر يهتم بتدريسها في هذا الوقت، ووجد ضالته في بعض الشخصيات التي أثرت في حياته بشكل فعلي، كالشيخ درويش خضر الذي كان يقدم له النصح دائمًا ويوجهه للطريق السليم ويحثه علي ضرورة التعرف علي مختلف العلوم، وبعد ذلك تعرَّف محمد عبده علي الشيخ حسن الطويل، ثم جمال الدين الأفغاني الذي ترك أثرًا كبيرًا في حياته، حيث نشأت بين الاثنين صداقة قوية مبعثها الدعوة للإصلاح.
تعلَّم محمد عبده اللغة الفرنسية وأتقنها واطلع علي العديد من الكتب والقوانين الفرنسية، وبدأ في كتابة المقالات بعدد من الصحف، فقام رياض باشا - رئيس النظار في عهد الخديوي توفيق - بتعيينه في جريدة الوقائع المصرية، وتولي فيها مهمة التحرير والكتابة في القسم الخاص بالمقالات الإصلاحية الأدبية والاجتماعية، ولُقِّب ب «زعيم الإصلاح الفكري والديني». كما كان له عددًا من الكتب المهمة التي خطَّها خلال حياته، من بينها: رسالة التوحيد، تحقيق وشرح «البصائر القصيرية للطوسي»، تحقيق وشرح «دلائل الإعجاز» و«أسرار البلاغة» للجرجاني، الرد علي هانوتو الفرنسي، الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية، وغيرها.
لا يتضمن الملف التعريفي لمحمد عبده علي الصفحة أي معلومات حول تدرجه الوظيفي منذ 1878 حينما عمل خوجة بمدرسة الألسن، قبل إلحاقه بالعمل في المحكمة الأهلية، رغم أن تلك المعلومات توضِّحها الوثائق الخاصة بكشف مدة خدمته، لكن يبدو أن كل مادة متاحة يُجري العمل عليها بمعزل عن الأخري، وتكتفي المكتبة فقط بدور العارض، ولا تنتبه لإغفال المعلومات أو حتي تناقضها في بعض الأحيان.
في ثمانينيات القرن التاسع عشر انهمك محمد عبده مع ثورة عرابي، وبعد فشلها حُكم عليه بالسجن ثم بالنفي إلي بيروت لمدة ثلاث سنوات، فسافر بدعوة من أستاذه جمال الدين الأفغاني إلي باريس عام 1884، وأسس صحيفة العروة الوثقي، لكنها لم تستمر كثيرًا حيث أثارت المقالات التي كانت تُكتَب بها حفيظة الإنجليز والفرنسيين، لأنها كانت تندد بالاستعمار وتدعو للتحرر من الاحتلال الأجنبي بجميع أشكاله، فتم إيقاف إصدارها.
في عام 1889 عُيِّن محمد عبده قاضيًا أهليًا في محكمة بنها، ثم في محكمة الزقازيق، وعابدين، ثم مستشارًا في محكمة الاستئناف عام 1891. وفي 3 يونيو 1899 صدر مرسوم خديوي وقَّعه عباس حلمي بتعيينه مفتيًا للديار المصرية، ليصبح أول مفتٍ مستقل لمصر، بعدما كان منصب الإفتاء يضاف لمن وظيفة مشيخة الجامع الأزهر.
ظل الشيخ محمد عبده مفتيًا للديار المصرية ست سنوات كاملة، وبلغ عدد فتاويه 944 فتوي استغرقت المجلد الثاني من سجلات مضبطة دار الإفتاء بأكمله وصفحاته 198، كما استغرقت 159 صفحة من صفحات المجلد الثالث، وكانت تمثل فكرًا إسلاميًا ملائمًا لروح الوطن، حيث واصل التحذير من الغلو والتطرف في الدين وآمن بأن الإصلاح الأخلاقي يجب أن يسبق الإصلاح السياسي، لذلك كان قاسيًا علي مشايخ الأزهر، ولا يتورع عن أن يطلق علي الأزهر نعت الإسطبل والمارستان والمخروب، في محاولة لإقصاء شيوخ الأزهر التقليديين، الأمر الذي أدَّي لمحاولة النيل منه بمختلف السبل الممكنة من خلال المؤامرات، ومحاولة تشويه صورته في الصحف وأمام الشعب، فاستسلم في نهاية الأمر وتقدم باستقالته من الأزهر عام 1905، وبعد ذلك اشتدت معاناته من مرض السرطان حتي كانت الوفاة بالإسكندرية في يوليو 1905، وقبيل وفاته كتب أبياتا شعرية يقول فيها: ولست أبالي أن يقال محمد.. أبلي أم اكتظت عليه المآثم/ ولكنه دين أردت إصلاحه.. أحاذر أن تقضي عليه العمائم.
بعد أربعة شهور من وفاته حُررت شهادة تتضمن أسماء ورثة الشيخ محمد عبده الشرعيين وحالتهم الاجتماعية، لتقدير المعاش، ومما جاء فيها: «ورثته الشرعيون هم زوجته الست رضا حمادة وبقيت علي عصمته إلي أن توفي وهي باقية علي قيد الحياة وبدون زواج، وكريماته الأربع هن الست عائشة القاصر وسنها الآن إحدي عشرة سنة من زوجته المذكورة، والست مريم العاجزة (كفيفة البصر) البالغ سنها نحو ثلاثين سنة وهي لعجزها لم تتزوج إلي الآن، والست هانم المتزوجة بعثمان أفندي يوسف المحامي، والست فاطمة التي كانت متزوجة بحضرة محمد بك يوسف المحامي وتوفيت بعد وفاة المرحوم والدها، وكريماته الثلاث الأخيرات مرزوقات من زوجة أخري متوفاة قبل وفاته... وإخوته لأبيه وهم حضرة حمودة بك عبده والشيخ علي عبده ومحروس أفندي عبده... وأخواته لأبيه وهن الستات زينب ولطيفة وفاطمة، وليس له ورثة خلاف ما ذُكر».
ومثلما حدث مع غيرها من أرامل الراحلين من العلماء، فقد قرر مجلس الوزراء في مايو 1939 منح السيدة رضا حمادة أرملته معاشًا شخصيًا طول مدة حياتها قدره خمسة عشر جنيهًا في الشهر بدلًا من معاشها السابق وقدره جنيه و583 مليمًا. أما ابنتها عائشة القاصر، فتقرر لها معاش قدره 6 جنيهات و333 مليمًا، يصرفه عمها الوصي عليها حمودة بك عبده.
جمال الدين الأفغاني
أوعز تخلف الشرق إلي التعصب الديني واستبداد الحكام‏..‏ ودعا إلي الحكومة الدستورية والشوري كفلسفة حكم
في صفحة جمال الدين الأفغاني، صديق محمد عبده وأستاذه، توجد فقط صورة شخصية، وسيرة ذاتية طويلة جدًا تشمل كل تفاصيل حياته تقريبًا، وطابع أصدره البريد المصري عام 1967 بمناسبة أسبوع الدعوة العربية، بالإضافة إلي 24 مادة صحفية، 9 بمجلة الهلال والبقية بمجلة الدوحة، ممتدة ما بين عامي 1905 و1983. فيما عدا ذلك، لا وثائق ولا صوتيات ولا أفلام ولا كتب ولا خطب... ولا أي شيء.
وبحسب ما جاء في السيرة فإن السيد جمال الدين الأفغاني وُلِد في أكتوبر 1839، لأسرة أفغانية عريقة ينتهي نسبها إلي الحسين بن علي (رضي الله عنه)، ونشأ في «أسعد آباد» إحدي القري القريبة من العاصمة الأفغانية كابل.
كان لأسرته منزلة عالية في بلاد الأفغان، لنسبها الشريف، ولمقامها الاجتماعي والسياسي، إذ كانت لها الإمارة والسيادة علي جزء من البلاد الأفغانية، تستقل بالحكم فيه، إلي أن نزع الإمارة منها «دوست محمد خان» أمير الأفغان وقتئذ، وأمر بنقل والده وبعض أعمامه إلي مدينة كابل، وانتقل جمال بانتقال أبيه إليها في الثامنة من عمره، وتعلَّم في بداية تلقيه العلم اللغتين العربية والفارسية، ودرس القرآن وشيئًا من العلوم الإسلامية، وعندما بلغ الثامنة عشرة أتم دراسته للعلوم.
رحل جمال الدين عن أفغانستان عام 1868، ومرَّ بالهند ولم يكن يخفَي علي الحكومة الإنجليزية عداؤه لسياستها، وما يحدثه مجيئه إلي الهند من إثارة روح الهياج في النفوس، خاصة لأن الهند كانت لا تزال تضطرم بالفتن علي الرغم من إخماد ثورة سنة 1857، فلما وصل إلي التخوم الهندية تلقته الحكومة بالحفاوة والإكرام، ولكنها لم تسمح له بطول الإقامة في بلادها، فأنزلته إحدي سفنها وأقلَّته إلي السويس.
جاء جمال الدين الأفغاني إلي مصر لأول مرة في أوائل عام 1870، ولم يكن يقصد طول الإقامة بها، لأنه إنما جاء ووجهته الحجاز، فلما سمع الناس بمقدِمه اتجهت إليه أنظار النابهين من أهل العلم، وتردد هو علي الأزهر، وأقبل عليه كثير من الطلبة يتلقون بعض العلوم الرياضية، والفلسفية، والكلامية، وأقام بمصر أربعين يومًا، ثم تحوَّل عزمه عن الحجاز وسافر إلي الآستانة، فعظم أمره بها، وذاعت شهرته وارتفعت منزلته، ولقيت دعوته بضرورة التعجيل بالإصلاح صدي طيبًا لدي العثمانيين، فتم تعيينه عضوًا في مجلس المعارف الأعلي، وهناك لقي معارضة وهجومًا من بعض علماء الآستانة وخطباء المساجد الذين لم يرقهم كثير من آرائه وأقواله، فخرج منها إلي مصر عام 1871.
لقي في مصر من الحفاوة والتكريم حيث رحَّب به رئيس الوزراء رياض باشا، ووجد من أهلها ما حمله علي البقاء بها، وكان لجرأته وصراحته أكبر الأثر في التفاف الناس حوله، فأصبح له مريدون كثيرون.
خاض الأفغاني غمار السياسة المصرية، ودعا المصريين إلي ضرورة تنظيم أمور الحكم، وقد أدي ذلك إلي تنكر ولاة الأمور له، ونفورهم منه، خاصة أنه كان يعلن عن بغضه للإنجليز، ولا يخفي عداءه لهم في أية مناسبة، ويحث علي وجوب مقاومتهم بعد تدخلهم السافر في شان مصر وفي شئونها المالية وشرائهم أسهم في قناة السويس 1875.
كانت مقالاته مثار غضب شديد من الإنجليز ومن الحكام في مصر علي حد سواء، فلما تولي الخديوي محمد توفيق باشا حكم البلاد أخرجه من مصر، حيث تم القبض عليه في 24 أغسطس 1879، وحُمل في الصباح في عربة مقفلة إلي محطة السكة الحديدية، ومنها نُقل تحت المراقبة الشديدة إلي السويس، واُنزل منها إلي باخرة أقلَّته إلي الهند، وسارت به إلي بومباي، ليقيم بحيدر أباد، حيث ألزمته الحكومة البريطانية بالبقاء في الهند حتي انقضي أمر الثورة العرابية بإخفاقها واحتلال الإنجليز مصر، فسمحوا له بالذهاب إلي أي بلد، فاختار مدينة لندن، وأقام بها أيامًا قبل أن ينتقل إلي باريس ويقضي فيها ثلاث سنوات.
كان تلميذه الأكبر الشيخ محمد عبده منفيًا في بيروت عقب إخماد الثورة، فاستدعاه إلي باريس، وهناك أصدر صحيفة «العروة الوثقي»، وقد سُميت باسم الجمعية التي أنشأتها، وهي جمعية تألفت لدعوة الأمم الإسلامية إلي الاتحاد والتضامن، ومجاهدة الاستعمار، وتحرير مصر والسودان من الاحتلال، وكانت تضم جماعة من أقطاب العالم الإسلامي وكباره، لكنها توقفت عن الصدور بعد أن أوصدت أمامها أبواب كل من مصر والسودان والهند.
دعاه شاه إيران ناصر الدين للحضور إلي طهران واحتفي به وقرَّبه، وهناك نال الأفغاني تقدير الإيرانيين وحظا بحبهم، ومالوا إلي تعاليمه وأفكاره، لكن الشاه أحَّس بخطر أفكار الأفغاني علي العرش الإيراني، وتغيَّرت معاملته له، وشعر الأفغاني بذلك فاستأذنه في السفر، وذهب إلي موسكو 1886 و ظل في روسيا أربع سنوات.
اتجه الأفغاني إلي البصرة عام 1891، وبقي بها سبعة أشهر، ومنها إلي لندن حيث اتخذ من جريدة «ضياء الخافقين» منبرًا للهجوم علي الشاه، وكشف ما آلت إليه أحوال إيران في عهده، وكان تأثير الأفغاني قويًا علي الإيرانيين، فلجأ الشاه إلي السلطان العثماني عبد الحميد ليوقف الأفغاني عن الهجوم عليه، واستطاع السلطان أن يجذب الأفغاني إلي نزول الآستانة عام 1892، وأراد أن يُنعم عليه برتبة قاضي عسكر لكن الأفغاني رفض، وقال لرسول السلطان: «قل لمولاي السلطان إن جمال الدين يري أن رتبة العلم أعلي المراتب».
لم يتزوج الأفغاني، وأبي أن يعلق قلبه بالمال والبنين أو الرتب والمناصب، وإنما أراد أن يكون كما وصف نفسه ك «الليث لا يعدم فريسة أينما ذهب»، حيث كانت الدعوة إلي القرآن الكريم والتبشير به من أكبر ما يطمح إليه في حياته، وكان يري أن القاعدة الأساسية للإصلاح وتيسير الدين للدعوة هي الاعتماد علي القرآن الكريم.
كان جمال الدين عارفًا باللغات العربية والأفغانية والفارسية والسنسكريتية والتركية وتعلَّم الفرنسية والانجليزية والروسية، وله مؤلفان هما «تاريخ الأفغان» و«رسالة في الرد علي الدهريين».
في كتاباته أوعز الأفغاني تخلف الشرق إلي أمرين‏:‏ التعصب الديني واستبداد الحكام‏،‏ ودعا إلي الحكومة الدستورية وإلي الشوري كفلسفة حكم وليس كنظام مفصل وجاهز لكل زمان ومكان‏، وطالب بتعليم المرأة ودافع عن حرية الصحافة‏،‏ ورأي أن الغرب نهض بالعلم والعمل وانحط الشرق بالجهل والكسل‏،‏ وهو القائل‏:‏ «جمود بعض المتعممين أضر بالإسلام والمسلمين»‏‏.
في صباح الثلاثاء 10 مارس 1897 توفي الأفغاني عن عمر بلغ نحو ستين عامًا، متأثرًا بمرض السرطان، بعد أن خفقت العملية الجراحية التي أجريت له، وقيل إنها خفقت عمدًا، وثار الجدل حول وفاته، وشكك البعض في أسبابها، وأشار آخرون إلي أنه اغتيل بالسم. حيث إنه في مارس 1896، قُتل شاه إيران، فأظهر الأفغاني غضبه علنًا، مما جعل السلطان عبد الحميد يتوجس خيفة منه، فشدد عليه الرقابة وجعله كالسجين في قصره الذي يعيش فيه، ولما أحس الأفغاني بذلك بعث إلي مستشار السفارة البريطانية في تركيا.
عندما مات أمر السلطان أن يُدفن بلا احتفال وأن تصادَر كل أوراقه، ولم يسر وراء جنازته إلا ثلاثة من أصدقائه، ثم دفن في قبر مجهول، ولم يُكتشف هذا القبر إلا بعد ثلاثين عامًا علي يد أحد المستشرقين، كان معجبًا بالأفغاني، يدعي «تشارلز كرين»، فبني له مقبرة لائقة عام 1926، ونُقل رفاته إلي مسقط رأسه في أفغانستان عام 1944.
محمد مصطفي المراغي
الذاكرة المعاصرة حوَّلت محل ولادته المراغة من مركز إلي بلدة تابعة لطهطا
أنشأ ثلاث كليات في جامعة الأزهر هي: اللغة العربية.. الشريعة والقانون.. وأصول الدين
الشيخ المراغي يتقدم مودعي الملك فؤاد الأول بمحطة مصر
هو واحد من أبرز تلاميذ الشيخ محمد عبده، الذي أثر في تكوينه، وتوثقت علاقته به، ودرس علي يديه علم التاريخ والاجتماع والسياسة. تتضمن صفحته سيرة ذاتية مختصرة و178 وثيقة تبدأ من السنوات الأولي في القرن العشرين، حينما تعيَّن قاضيًا في السودان، وحتي إعلان وراثته بتاريخ 10 مارس 1946 بعد وفاته بسبعة أشهر، معظم الوثائق طلبات أجازة وأوراق إدارية تخص تنقلاته الوظيفية وراتبه. بالإضافة إلي 11 صورة ليس فيهما واحدة شخصية، وإنما جميعها يظهر فيها بجوار آخرين، وأغلبها في مناسبات بحضور الملك. وسبعة مقالات صحفية، اثنان في المصري اليوم والصباح ذُكر اسمه فيهما فقط، وخمسة في الهلال عنه، من أبرزهم ما نُشر في يوليو 1928 تحت عنوان «شيخ الأزهر الجديد والمفتي الجديد»، ويتضمن صورة كبيرة للمراغي مع فقرة تعريفية عنه لا تزيد علي 50 كلمة، تبعتها 6 صفحات حول «الجامع الأزهر وشيخه الجديد»، إلي جانب حوارين أجريا معه عامي 1929 و1935.
يذكر «ذاكرة مصر المعاصرة» أن الشيخ محمد مصطفي المراغي وُلِد في 9 مارس عام 1881 ببلدة مراغا مركز طهطا بمديرية سوهاج في صعيد مصر (هذه البلدة ليس لها وجود، فالمراغة مركز مستقل بمحافظة سوهاج مثل طهطا ويشمل عددًا من القري)، وأتم حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة في كتَّاب القرية، ثم التحق بالأزهر الشريف وتلقَّي فيه العلم علي يد كبار العلماء والمشايخ.
تخرج الشيخ المراغي في الأزهر عام 1904 بعد حصوله علي الشهادة العالمية، وكان ترتيبه الأول علي زملائه، فاختاره أستاذه الشيخ محمد عبده ليعمل قاضيًا في مدينة دنقلة بالسودان، وهناك تعلَّم اللغة الإنجليزية، واتسعت علاقاته بزملائه وأصدقائه السودانيين، وتوثقت علاقته بالحاكم العام للسودان مع تمسكه بالقواعد الشرعية، فقد عُرف عنه الاعتدال مع الاستقلال في اتخاذ القرار، وتقرر أن يتولي منصب قاضي القضاة بالسودان عام 1908 وعمره 27 عامًا، فكان أصغر من تولي هذا المنصب.
لكنه مع قيام ثورة 1919 بمصر، أصدر المراغي نداءً للمصريين بالسودان للتبرع المالي لإنقاذ منكوبي الثورة، فاستاء الحاكم العام من هذه الخطوة، وعلي أثر ذلك عاد الشيخ المراغي لمصر في يوليو 1919، ليتنقل في عدة مناصب: رئيس التفتيش الشرعي بوزارة الحقانية، ورئيس محكمة مصر الابتدائية الشرعية، وعضو المحكمة العليا الشرعية، حتي تولي رئاسة المحكمة الشرعية العليا عام 1923، وفي 25 يونيو عام 1928 تم تعيينه شيخًا للأزهر وهو لا يتجاوز السابعة والأربعين من عمره، كان همَّه الأول إصلاح الأزهر الذي كان قد بدأ يفقد بريقه وبعضًا من سلطاته.
في سبيل الإصلاح، شكَّل الشيخ المراغي لجنة برئاسته تتولي مهمة إعداد قانون يكون هو الركيزة الأساسية للأحوال الشخصية في مصر، ووجَّه أعضاء اللجنة المكلفة بإعداد القانون بعدم التقيد بمذهب معين، حيث كان القضاة لا يحيدون عن مذهب الإمام أبي حنيفة، إلا أنه رأي ضرورة الأخذ بغيره من المذاهب إذا كان فيها ما يتفق مع مصلحة العباد. وعلي الصعيد التعليمي، أنشأ ثلاث كليات مدة الدراسة في كل منها أربع سنوات، هي: كلية اللغة العربية، كلية الشريعة والقانون، وكلية أصول الدين، وحثَّ الطلاب علي دراسة اللغات الأجنبية ليكونوا أكثر قدرة علي نشر الإسلام والثقافة الإسلامية لغير المسلمين في كل أنحاء العالم. كما شكَّل لجنة للفتوي داخل الجامع الأزهر تتكون من كبار العلماء تكون مهمتها الرد علي الأسئلة الدينية التي تتلقاها من الأفراد والهيئات.
استكمالًا لإصلاح وضع الأزهر، قدَّم المراغي قانونًا للملك فؤاد الأول، إلا أن بعض الحاشية أوعزوا له أن الشيخ المراغي يريد استقلال الأزهر عن القصر، فرفض الملك فؤاد القانون وأعاده إلي المراغي، فما كان منه إلا أن وضع القانون في ظرف واستقالته من مشيخة الأزهر في ظرف آخر، وترك للملك فؤاد حرية الاختيار، فقبِل الملك الاستقالة في أكتوبر عام 1929، مما حدا بطلاب الأزهر وعلمائه إلي تنظيم مظاهرات يطالبون فيها بعودة الشيخ المراغي لاستكمال مسيرته الإصلاحية، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك، حيث عاد مرة أخري في إبريل عام 1935، وظل في منصبه لمدة عشر سنوات، حتي وافته المنية في 22 أغسطس 1945، عن عمر يناهز الرابعة والستين عامًا.
مصطفي باشا عبد الرازق
أول أستاذ مصري يلقي محاضرات في الفلسفة الإسلامية بالجامعة المصرية
آثر لقب شيخ علي الباشاوية ولم يخلع عمامته طوال حياته
التلميذ الآخر لمحمد عبده هو مصطفي باشا عبد الرازق، شيخ الجامع الأزهر، ومؤسس المدرسة الفلسفية العربية الإسلامية، حيث كانت تدرَّس الفلسفة من قبله في الجامعة المصرية من خلال الدرس الاستشراقي.
تتضمن صفحته سيرة ذاتية مختصرة، بدون وجود لأي صورة أو أي مادة أخري، بخلاف 6 وثائق لا تخصه بشكل مباشر، وإنما ذُكِر اسمه فيها بحكم منصبه كوزير للأوقاف، و14 مقالا، منهما خمسة عن الشيخ محمد عبده ووجهته في الإصلاح الديني في مجلة «السياسة» تضمنين رأيًا للشيخ مصطفي، ومقالين بقلمه في مجلة «مجلتي»، أحدهما في 31 ديسمبر 1905 بعنوان «بين دار العلوم وباريس»، والآخر في 27 مايو 1914 بعنوان «بين الأزهر وباريس.. أندية الأفندية وأندية المشايخ»، وعددا آخر من المقالات في مجلة «الهلال»، من أبرزها ما كتبه أحمد زكي عبد الحليم تحت عنوان «الباشا الذي اختار أن يكون الشيخ» عام 1982 مستعرضًا فيه جوانب مختلفة من حياة عبد الرازق.
وُلِد مصطفي حسن عبد الرازق سنة 1885 لأسرة ثرية في قرية أبو جرج بمحافظة المنيا، وكان والده من مؤسسي جريدة «الجريدة» التي دعت إلي الحكم الدستوري والإصلاح الاجتماعي والتعليم، ومن مؤسسي «حزب الأمة». حفظ مصطفي القرآن الكريم ثم التحق بالأزهر، حيث التقي بالشيخ الإمام محمد عبده، وحصل علي شهادة العالمية سنة 1908.
شدَّ عبد الرازق الرحال إلي فرنسا ودرس في جامعة «السوربون»، ثم «جامعة ليون» التي حاضر فيها في أصول الشريعة الإسلامية. حصل علي شهادة الدكتوراه برسالة عن «الإمام الشافعي أكبر مشرعي الإسلام»، وترجم إلي الفرنسية «رسالة التوحيد» للإمام محمد عبده بالاشتراك مع «برنار ميشيل». ولما عاد إلي مصر عُيِّن سنة 1915 موظفًا في المجلس الأعلي للأزهر، ولم يلبث أن ترقي إلي وظيفة سكرتير المجلس، ثم انتقل إلي القضاء الشرعي سنة 1920، حيث عمل مفتشًا بالمحاكم الشرعية.
حين صارت الجامعة الأهلية في مصر جامعة حكومية انتقل إليها في سنة 1927 أستاذًا مساعدًا للفلسفة بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا)، ثم أصبح أستاذ كرسي في الفلسفة، وكان أول أستاذ مصري يلقي محاضرات في الفلسفة الإسلامية بالجامعة المصرية. ومن أهم كتبه في هذا المجال «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية» و«فيلسوف العرب والمعلم الثاني».
اختير مصطفي عبد الرازق وزيرًا للأوقاف عدة مرات في الفترة من 1937 إلي 1944، فكان أول شيخ أزهري يتولي الوزارة في مصر، ومُنح لقب الباشاوية، لكنه آثر عليه لقب شيخ، ولم يخلع عمامته طوال حياته. وفي 27 ديسمبر 1945 تم تعيينه شيخًا للأزهر خلفًا للشيخ المراغي، وظل في منصبه حتي توفي في 15 فبراير 1947.
علي عبد الرازق
الوثائق تجعله وزيرًا للمعارف في أوائل السبعينيات رغم أنه توفي عام 1967!
من أشهر مؤلفاته «الإسلام وأصول الحكم» الذي تسبب في تجريده من شهادة العالمية الأزهرية
الأخ الأكبر لمصطفي باشا، الشيخ علي حسن أحمد محمد عبد الرازق، مواليد المنيا 1888، لم تضم صفحته سوي صورة شخصية، وثلاثة موضوعات في قسم الصحافة، اثنان في الهلال وخبر في أخبار اليوم. بالإضافة إلي ثلاث وثائق لا تخصه علي الإطلاق، وإنما تتعلق بالسيد علي عبد الرازق، وزير التربية والتعليم خلال عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات في أوائل السبعينيات، رغم أن علي بك عبد الرازق توفي عام 1967!
درس الشيخ «علي» في الأزهر وفي الجامعة المصرية في نفس الوقت، وفي سنة 1912 أنهي تعليمه في الأزهر وحصل علي شهادة العالمية، وفي يوليو من نفس العام سافر مع أخيه مصطفي عبد الرازق إلي فرنسا ليكمل دراسته هناك، لكنه ترك أخاه هناك وذهب إلي انجلترا نزولًا علي رغبة والده، والتحق بجامعة أوكسفورد ليدرس السياسة والاقتصاد، وظل هناك حتي قيام الحرب العالمية الأولي، ثم عاد إلي مصر سنة 1915، وعُيِّن قاضيًا شرعيًا، واختير عضوًا في مجلس النواب والشيوخ، والمجمع اللغوي.
للشيخ «علي» عدد من المؤلفات المهمة في الأدب والفلسفة، من أشهرها «الإسلام وأصول الحكم» الذي ناقش فيه فكرة الخلافة والحكومة في الإسلام، وقد أحدث ضجة كبيرة ترتب عليها تجريده من شهادة العالمية الأزهرية في أغسطس 1925. ومن مؤلفاته الأخري: «الإجماع في الشريعة الإسلامية»، و«من آثار مصطفي عبد الرازق».
أحمد حسن الباقوري
انضم إلي حركة الإخوان المسلمين وكان أحد قياداتها.. وبعد الثورة
عُرضت عليه وزارة الأوقاف بشرط أن يستقيل من الجماعة فقبِل
مثل الصفحة السابقة، جاءت صفحة الشيخ أحمد حسن الباقوري بدون تعريف، لكنها أقرب في محتوياتها إلي صفحة الشيخ الشعراوي، حيث تتضمن صورة واحدة أثناء إلقاء كلمته في أول حكومة للثورة، و230 وثيقة لا تخصه بشكل مباشر، ذُكر اسمه فقط فيها جميعًا وبجانبه صفته كوزير للأوقاف. بالإضافة إلي 11 مقطع فيديو، عشرة منهم بصحبة الرئيس جمال عبد الناصر في مناسبات وزيارات مختلفة بين عامي 1953 و1956، والفيديو الأخير يضم لقاء له مدته 49 دقيقة في برنامج «نور علي نور» تقديم أحمد فراج، حول ذكري المولد النبوي الشريف.
أما قسم الصحافة فضمَّ 17 مقالًا، نُشِر أغلبها في أخبار اليوم، إلي جانب الهلال والجمهورية وبعض الصحف الأجنبية، والمقالات وثيقة الصلة بشخصه ثلاثة فقط، هي «ذكريات مع الشيخ الباقوري» بقلم الدكتور عبد المنعم النمر في الأخبار عام 1985، «الشيخ الباقوري يتكلم» متضمنًا حوارًا أجرته معه أمينة السعيد في أخبار اليوم المصورة عام 1952 يتحدث فيه عن صلاح الأمة وأهمية دور المرأة في المجتمع، وخبر في «الجيل الجديد» عام 1953 بعنوان «الباقوري وأسماك البحر الأحمر وقصص أخري». بالإضافة إلي مقالين بقلمه، أحدهما بعنوان «بقايا الذكريات» في مجلة الهلال عام 1970، والآخر بعنوان «رحلة الميثاق» مصدره مركز المحروسة للنشر.
وُلِد الشيخ أحمد حسن في قرية «باقور» التابعة لمركز أبوتيج بمحافظة أسيوط في 26 مايو 1907. تخرج في الأزهر الشريف، وحصل علي شهادة العالمية عام 1932، وتخصص في البلاغة والآداب عام 1935. تزوج من ابنة الشيخ محمد عبد اللطيف دراز الذي كان وكيلًا للأزهر الشريف، وقاد الأزهر في ثورة 1919، وخطب علي منبري الأزهر والكنيسة القبطية.
كان الباقوري من دعاة التقريب بين المذاهب الإسلاميّة، يدعو إلي نشر كتب الشيعة للوقوف عليها بغية إزالة الخلاف بينهم وبين أهل السُنة. انضم إلي حركة الإخوان المسلمين وهو طالب في الأزهر، وكان أحد قياداتها، وأصبح مرشدًا للإخوان بالإنابة بعد مقتل حسن البنا. رشَّحه الإخوان في الانتخابات عن دائرة القلعة قبل ثورة 23 يوليو 1952، وبعد الثورة عُرضت عليه وزارة الأوقاف بشرط أن يستقيل من الجماعة، فقبِل ونجح في إدارة الوزارة حتي عام 1959، وأسس جمعية الشبان المسلمين.
من مؤلفاته وأبحاثه العلمية: «الإدراك المباشر عند الصوفية»، «سيكولوجية التصوف»، «دراسات في الفلسفة الإسلامية»، «ابن عطاء الله السكندري وتصوفه»، «ابن عباد الرفدي حياته ومؤلفاته»، «علم الكلام وبعض مشكلاته»، «الإسلام في أفريقيا»، «الإسلام والفكر الوجودي المعاصر»، «العلاقة بين الفلسفة والطب عند المسلمين»، «وجوب استقلالية الثقافة المصرية بين التيارات الفكرية المعاصرة»، «أثر القرآن الكريم في اللغة العربية»، «عروبة ودين»، «من أدب النبوة» وغيرهم.
محمود شلتوت
صدر قرار بفصله من عمله هو ولفيف من العلماء المطالبين مثله بالإصلاح عام 1931 فعمل محاميًا شرعيًا لأربع سنوات
أما صفحة الشيخ محمود شلتوت فيمكن اعتبارها مجرد اسم، ليس بها أي شيء سوي ثماني صور شخصية، ومقال بقلمه نُشِر بمجلة «الاثنين» في مايو 1954 تحت عنوان «المسلم الصائم ملاك لا يكذب ولا يخدع» وأعيد نشره في المصري اليوم بتاريخ 23 سبتمبر 2007.
وفي ظل غياب السيرة الذاتية وُضع تعريف قصير علي الصفحة يفيد بأن محمود شلتوت وُلِد في 23 إبريل 1893 ببلدة منية بني منصور مركز إيتاي البارود محافظة البحيرة. وكان للشيخ المراغي تأثيره الكبير عليه، حيث لفت ذهنه إلي ضرورة التجديد الفقهي، وقد صدر قرار بفصله من عمله هو ولفيف من العلماء المطالبين مثله بالإصلاح عام 1931، فعمل محاميًا شرعيًا لأربع سنوات، وبعد أن أُسندت مشيخة الأزهر مرة أخري إلي الشيخ محمد مصطفي المراغي عام 1935 أُعيد شلتوت إلي عمله، وعُيِّن مدرسًا بكلية الشريعة الإسلامية، فأستاذًا، ثم وكيلا للكلية.
تم تعيينه عضوًا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 1946، وانتدبته الجامعة المصرية لتدريس فقه القرآن والسنة لطلبة دبلوم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق، ثم عُيِّن مراقبًا عامًا للثقافة والبحوث الإسلامية في الأزهر، واختير في العام نفسه سكرتيرًا عامًا للمؤتمر الإسلامي، وفي عام 1958 صدر قرار بتعين شلتوت شيخًا للأزهر، وفي عهده صدر القانون رقم 103 لعام 1961 الخاص بتطوير الأزهر وإصلاحه.
مُنح شلتوت الدكتوراه الفخرية من عدة جامعات، منها جامعة شيلي بأمريكا اللاتينية، والجامعة الإسلامية بإندونيسيا، كما نال أعلي الأوسمة من الملوك والرؤساء، ومنهم الملك محمد الخامس ملك المغرب. وفي 12 ديسمبر 1963 توفي محمود شلتوت مخلفًا وراءه 26 مؤلفًا ما بين كتب ورسائل، من بينها: فقه القرآن والسنة، مقارنة المذاهب، القرآن والمرأة، تنظيم النسل، وغيرها.
عبد الحليم محمود
دعا إلي وحدة الصف وحذَّر من الشيوعية وشرورها وخطورة الإلحاد الذي يهدم الأمم
لا يحوي ألبوم الصور الخاص بالشيخ عبد الحليم محمود إلا واحدة لا تتضح فيها معالم ضمن استقبال رسمي للملك السعودي خالد بن عبد العزيز في مطار القاهرة. بينما يضم قسم الأفلام خمسة مقاطع فيديو، اثنان من المغرب عن «العلم والإسلام» مدتهما 46 دقيقة، وجزءين من برنامج «أقوال الرسول» تقديم الشيخ عبد الحليم محمود، والأخير حلقة من برنامج «أوتوجراف» تقديم طارق حبيب وإخراج طارق نور، تضمنت لقاءات مع مجدي يعقوب، يوسف شاهين، د.يوسف إدريس، والشيخ عبد الحليم الذي كُتِب اسمه خطأ في مقدمة البرنامج باعتباره «الشيخ عبد الحكيم محمود». وفي المقالات الصحفية موضوعان ورد ذِكر اسمه فيهما لا أكثر.
أما السيرة الذاتية فجاءت متوسطة، وفيها يتضح أن الشيخ عبد الحليم محمود وُلِد في مايو 1910 في مدينة «أبو حمد» ببلبيس في محافظة الشرقية. نشأ في أسرة متدينة مشهورة بالكرم وحفظ القرآن الكريم، حيث كان يعمل والده قاضيًا في المحاكم التي كانت تؤلف لفض المنازعات وحل الخصومات بين أهالي البلاد.
التحق بالأزهر، ثم بمعهد الزقازيق عندما افتتح، ومعهد المعلمين بعد ذلك، ثم اتجه إلي القاهرة حيث نال العالمية سنة 1932، وبعدها سافر إلي فرنسا ليدرس ترسيخ الأديان واستعد للدكتوراه في التصوف الإسلامي بجامعة السربون.
في أثناء الدراسة قامت الحرب العالمية وآثر البقاء حتي نال الدكتوراه سنة 1940 في الفلسفة الإسلامية، وقررت الجامعة الفرنسية طبع الرسالة علي نفقتها. وفي عام 1951 عاد إلي مصر وعمل مدرسًا بالكلية ثم أصبح أستاذًا، وعُيِّن عميدًا لكلية أصول الدين سنة 1964، وألزم الطلبة بحفظ القرآن الكريم.
وضع القواعد لمجمع البحوث الإسلامية، وظل حريصًا علي نشر الإسلام عالميًا وإعداد الكفاءات القادرة علي توصيل الدعوة الإسلامية، وشكَّل عدة لجان للنهوض بهذه الرسالة ومنها: بحوث القرآن الكريم، السنة النبوية، المسجد الأقصي، التعريف بالإسلام، إحياء التراث الإسلامي، البحوث الفقهية، الحضارة والمجتمعات الإسلامية، العقيدة والفلسفة، دائرة المعارف الإسلامية.
تولي وزارة الأوقاف وأخيرًا مشيخة الأزهر سنة 1973، وحتي وفاته في 1978، داعيًا إلي تطبيق الشريعة الإسلامية والصلح بين الدول العربية المتنازعة ووحدة الصف، ومحذِّرًا من الشيوعية وشرورها وخطورة الإلحاد الذي يهدم الأمم، كما نادي بالدفاع عن اللغة العربية والنهوض بها حتي لا يستعجم اللسان العربي وتنفصل الأمة عن كتاب ربها الذي لا يُفهم إلا بالعربية.
من مؤلفاته: الفيلسوف المسلم، السنة في تاريخها وفي مكانها، أسرار العبادات في الإسلام، التصوف الإسلامي، التفكير الفلسفي في الإسلام، جهادنا المقدس، المدرسة الشاذلية الحديثة، في رحاب الكون، الإسلام والشيوعية، دلائل النبوة ومعجزات الرسول. ومن مترجماته عن الفرنسية: «الحارث بن أسد المحاسبي»، «وازن الأرواح»، «الفلسفة اليونانية»، «المشكلة الأخلاقية والفلسفية» و«الأخلاق في الفلسفة الحديثة».
محمد حسين الذهبي
27 وثيقة بين عامي 1975 و1976 تتضمن فقط ذِكر اسمه كوزير للأوقاف
يبلغ عدد الوثائق الخاصة بالشيخ محمد حسين الذهبي 72 وثيقة، جميعها بين عامي 1975 و1976، خلال فترة توليه لوزارة الأوقاف، تتضمن فقط ذِكرًا لاسمه. ولا توجد أي مواد أخري أو بيانات في الصفحة، سوي سيرة مختصرة جدًا توضِّح أنه وُلِد عام 1914 بمحافظة كفر الشيخ. حصل علي الشهادة العالمية من كلية الشريعة عام 1940، والدكتوراه في التفسير والحديث النبوي عام 1944. ثم عُيِّن أستاذًا بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وأمينًا مساعدًا لمجمع البحوث الإسلامية، ثم عميدًا لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر. واختير أمينًا لمجمع البحوث الإسلامية، وأمينًا لمؤتمر علماء المسلمين. تبني مشروع «تنقية التراث الإسلامي وتجريده من الإسرائيليات التي أدخلت عليه»، وتولي منصب وزير الأوقاف وشئون الأزهر في وزارة ممدوح سالم الأولي في 16 أبريل عام 1975.
وقد أغفلت تلك النبذة كثير من التفاصيل، حتي أنها لم تتضمن تاريخ وفاته في 17 أكتوبر 1978.
جاد الحق علي جاد الحق
أنشأ في عهده خمسة آلاف معهد أزهري وفروعًا للجامعة الأزهرية في محافظات مصر ومدنها الكبري
الشيخ جاد الحق يصافح فؤاد سراج الدين
في صفحة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق نجد فقط صورة وهو يصافح فؤاد سراج الدين، وسيرة متوسطة توضِّح أنه أحد شيوخ الأزهر الذين قادوا هذه المؤسسة الدينية العلمية الإسلامية العالمية الأكبر في العالم. وُلِد في 5 إبريل 1917 بمركز طلخا محافظة الدقهلية، حفظ القرآن الكريم وجوَّده بعد أن تعلم القراءة والكتابة بكُتَّاب القرية، ثم التحق بالجامع الأحمدي بطنطا سنة 1930، واستمر فيه حتي حصل علي الشهادة الابتدائية سنة 1934، وواصل بعض دراسته الثانوية، ثم استكملها بمعهد القاهرة الأزهري، بعدها التحق بكلية الشريعة الإسلامية وحصل منها علي الشهادة العالمية سنة 1943، ثم التحق بتخصص القضاء الشرعي في هذه الكلية، وحصل منها علي الشهادة العالمية مع الإجازة في القضاء الشرعي سنة 1945.
عُين فور تخرجه موظفًا بالمحاكم الشرعية في 26 يناير سنة 1946، ثم أمينًا للفتوي بدار الإفتاء المصرية بدرجة موظف قضائي في 29 أغسطس سنة 1953، ثم قاضيًا في المحاكم الشرعية في 26 أغسطس 1954، ثم قاضيًا بالمحاكم من أول يناير سنة 1956 بعد إلغاء المحاكم الشرعية، ثم رئيسًا بالمحكمة في 26 ديسمبر سنة 1971، وعمل مفتشًا قضائيًا بالتفتيش القضائي بوزارة العدل في أكتوبر سنة 1974، ثم مستشارًا بمحاكم الاستئناف في 9 مارس سنة 1976، ثم مفتشًا أول بالتفتيش القضائي بوزارة العدل.
عُين مفتيًا للديار المصرية في 26 أغسطس سنة 1978، وكرَّس كل وقته وجهده في تنظيم العمل بدار الإفتاء وتدوين كل ما يصدر عنها من فتاوي بشكل دقيق حتي يسهل الاطلاع علي أي فتوي في أقصر وقت.
تم تعيينه وزير الدولة للأوقاف بالقرار رقم 4 لسنة 1982 بتاريخ 4 يناير 1982، وتولي مشيخة الأزهر في 17 مارس سنة 1982، بالقرار الجمهوري رقم 129 لسنة 1982.
يُذكر للشيخ جهوده في نشر التعليم الأزهري والتوسع في إنشاء المعاهد الأزهرية في أنحاء مصر، حيث بلغت المعاهد الأزهرية في عهده خمسة آلاف معهد، وأنشأ فروعًا للجامعة الأزهرية في بعض محافظات مصر ومدنها الكبري.
له العديد من المؤلفات، منها: «مختارات من الفتاوي والبحوث»، «أحكام الشريعة الإسلامية في مسائل طبية عن الأمراض النسائية مع القرآن الكريم»، «النبي في القرآن الكريم»، «الفقه الإسلامي مرونته وتطوره»، بالإضافة إلي عشرات البحوث الفقهية التي اشترك بها في مؤتمرات علمية داخل مصر وخارجها. كما أشرف علي تنظيم العديد من المؤتمرات التي استهدفت الحفاظ علي هوية الأمة الإسلامية، وقد أصدر عن الأزهر كتابًا بعنوان «هذا بيان للناس» في جزئين.
حصل علي أرفع الجوائز والأوسمة، فمنحته مصر «وشاح النيل» في 1983 بمناسبة العيد الألفي للأزهر، ومنحه المغرب وسام «الكفاءة الفكرية والعلوم» من الدرجة الممتازة، وحصل علي جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام سنة 1995. وتوفي إلي رحمة الله تعالي سنة 1996.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.