الملكة حتشبسوت هي الملكة الأكثر شهرة وإثارة للجدل في مصر القديمة! فما قصة هذه الملكة المثيرة التي شغلت الناس وملأت الدنيا جميعًا؟ واسم حتشبسوت بالكامل في اللغة المصرية القديمة هو »حتشبسوت غنمت آمون» ويعني »مقدمة النبيلات، المتحدة مع آمون»، بينما »حتشبسوت» هو اسمها المختصر والشائع في العالم كله. وهي ابنة الملك تحتمس الأول، من أوائل ملوك الأسرة الثامنة عشرة، والملكة أحمس، ورأس الأسرة هو الملك أحمس الأول الذي طرد الهكسوس وأسّس الأسرة الثامنة عشرة وعصر الإمبراطورية في مصر والشرق الأدني القديم. وتحتل حتشبسوت الترتيب الخامس بين ملوك الأسرة الثامنة عشرة. وتعتبر من أشهر ملوك هذه الأسرة ومصر الفرعونية قاطبة. وعندما توفي والدها الملك تحتمس الأول أصبحت هي الوريثة الشرعية الوحيدة لعرش مصر. وكانت التقاليد الدينية في مصر الفرعونية تقضي بأن يتولي الحكم ذكر. ومن ثم تزوجت حتشبسوت من أخيها غير الشقيق الملك تحتمس الثاني الذي خلف أباه علي الحكم. وكانت لها طفلة وحيدة هي نفرو رع. وحصلت حتشبسوت في هذه الفترة علي عدد من الألقاب منها »ابنة الملك» و»أخت الملك» و»الزوجة الإلهية لآمون». ويعد اللقب الأخير من أهم الوظائف التي شغلتها نساء البيت المالك من ملكات وأميرات فيعصر الدولة الحديثة. وكانت أول من حمل هذا اللقب الملكة »إياح حتب الأولي»، زوجة الملك »سقنن رع تاعا الثاني» وأم الملك أحمس الأول، حيث ظهر علي تابوتها. وسمح الملك أحمس الأول لزوجته الملكة أحمس نفرتاري بتولي هذا المنصب الكهنوتي، والذي كانت له أهمية كبري حيث كان يكفل لحاملته الإشراف الديني والإداري الكاملين علي معابد الإله آمون ولنا أن نتخيل ما يتبع ذلك من ثراء وسلطة ونفوذ لحاملته. وورثت هذا اللقب ابنتا الملك أحمس الأول الأميرة »أحمس مريت آمون» والأميرة »(أحمس) سات آمون»، ثم انتقل بعد ذلك إلي الملكة حتشبسوت، ومن بعدها إلي ابنتها الأميرة »نفرو رع». ويري بعض العلماء أن هذا اللقب كان بمثابة جواز المرور الذي من خلاله استطاعت الملكة حتشبسوت الانفراد بالحكم. وبعد ذلك توفي زوجها الملك تحتمس الثاني، وكان له ابن، من زوجته الثانوية »إيزيس»، يدعي تحتمس. وتولي تحتمس الحكم تحت اسم »تحتمس الثالث» وذلك تحت وصاية ومشاركة زوجة أبيه وعمته الملكة حتشبسوت. وقامت بعد ذلك بتزويجه من ابنتها »نفرو رع» كي يظل تحت وصايتها وتظل هي شريكته في الحكم. واستمر هذا الوضع لعدة سنوات. ويقال إن الملكة حتشبسوت قامت بحجز الملك تحتمس الثالث في أحد المعابد كي تنفرد بالحكم. ولا أعتقد في صحة هذه الفرضية التي لا يوجد ما يؤيدها من أدلة تاريخية أو أثرية. واستطاعت الملكة حتشبسوت أن تحكم البلاد. وحملت العديد من الألقاب مثل »سيدة الأرضين» وهو الصيغة المؤنثة من اللقب الملكي »سيد الأرضين». ثم اتخذت الألقاب الملكية الخمسة كي تعلن من نفسها ملكًاعلي البلاد. وهناك من يعتقد أن حتشبسوت قد أبعدت تحتمس الثالث عن الحكم. ولا أعتقد في هذا الاعتقاد لعدة أسباب منها أن تحتمس الثالث كان صغير السن في حوالي الثانية عشرة عامًا من عمره تقريبًا؛ ولذلك رأت الملكة حتشبسوت بأن هذا الطفل لن يستطيع حكم مصر وأن يحافظ علي الإمبراطورية، فزوجته ابنتها وجعلت من نفسها شريكًا له في الحكم. معبدها الشهير المعروف بمعبد الدير البحري يظهر به خرطوش الملكة حتشبسوت وخرطوش الملك تحتمس الثالث فوق بعضهما البعض مما يؤيد صدق هذا الرأي، ويجعلنا نقف علي حقيقة العلاقة بين الملكة وبين ابن زوجها وزوج ابنتها الملك تحتمس الثالث، وأيضًا ينفي أية ادعاءات غير صحيحة عن فترة الحكم المشترك بين حتشبسوت وبين فرعون الحرب والتعمير الملك تحتمس الثالث.