بعد تأكيد السلطات الإيرانية، مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، برفقة وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، إثر سقوط مروحية كانت تقلهم، أمس، فوق منطقة جبلية وعرة في محافظة أذربيجانالشرقية، أعلن مجلس صيانة الدستور في إيران أن ملء الشغور الرئاسي سيتم وفقا للدستور. ووفق لما ذكره الإعلام الإيراني، فقد أعلن المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، هادي طحان نظيف، أن هيئة مؤلفة من رؤساء السلطة القضائية والتشريعية والنائب الأول لرئيس الجمهورية محمد مخبر، ستتولى صلاحيات رئيس البلاد، وسيتخذ الإجراءات اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية خلال 50 يوما. ولكن، ماذا نعرف عن مجلس صيانة الدستور في إيران؟ مجلس صيانة الدستور هو الغرفة العليا في دستور جمهورية إيران الإسلامية، وواحدة من المؤسسات الحكومية الأكثر أهمية وضمان لشرعية وإسلامية النظام الإسلامي. ويعد مجلس صيانة الدستور، أو مجلس الرقابة على القوانين هو أعلى هيئة تحكيم في إيران ويتكون من 12 عضوا، ستة منهم فقهاء دينيون يعينهم المرشد الأعلى للثورة، أما الستة الباقين فمن الحقوقيين، ويعينهم مجلس الشورى بتوصية من رئيس السلطة القضائية، وتتبع للمجلس لجان مراقبة تشرف على تطبيق وتنفيذ صلاحياته، وفقا لتقرير سابق أعدته موسوعة "الجزيرة" القطرية. مجلس صيانة الدستور.. مهمة مزدوجة وتقع على عاتق أعضاء مجلس صيانة الدستور مهمة مزدوجة، مرة عند الترشيح لعضوية المجالس التشريعية، ومرة عند إصدار المجالس للقوانين واللوائح، فهو يشرف على جميع الانتخابات التي تجرى في الدولة، سواء تعلقت بالبلديات أو التشريعيات أو الرئاسيات أو اختيار أعضاء مجلس الخبراء، وتناط به مهمة تقييم المرشحين وإعلان رأيه بشأن أهليتهم للترشح. ومن معايير المجلس في تقييم المترشح صحة العقيدة الإسلامية والولاء للنظام، وكثيرا ما ألغى المجلس ترشح الشيوعيين والقوميين والأكراد وأعضاء حركة حرية إيران، أو كل من لا يؤمن بمبدأ ولاية الفقيه. ويعد لمجلس صيانة الدستور أيضا الحق في تفسير الدستور وتحديد مدى توافق القوانين التي يجيزها مجلس الشورى "البرلمان" مع مقتضيات الشريعة الإسلامية، وله حق النقض تجاه تلك القوانين. جدل حول الحد من قدرة البرلمان ووفقا لتقرير "الجزيرة"، فكثيرا ما ألغى مجلس صيانة الدستور قرارات مجلس الشورى بحكم صلاحياته، مما حد من قدرة البرلمان على إصدار تشريعات حتى مع وجود أغلبية من الإصلاحيين داخل مجلس الشورى نفسه. ورفض مجلس صيانة الدستور مرارا الكثير من تشريعات البرلمان، ومن أهمها قانون زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية وتعديل شروط الترشيح والانتخابات، كما رفض البرلمان بدوره تشريع زيادة ميزانية مجلس صيانة الدستور، وتشريع مراكز أبحاث ومكاتب معلومات تابعة للمجلس. مجلس فوق برلماني.. يراقب ووفقا لدراسة سابقة صادرة عن "المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية"، فقد ذكر الدستور الإيراني لعام 1979 مع تعديلاته لعام 1989، مجلس صيانة الدستور 13 مرة، أغلبها في خضم المواد المتعلقة بتسيير عمل مجلس الشورى الإسلامي "البرلمان"، على اعتبار أن مجلس صيانة الدستور مجلس فوق برلماني، من شأنه مطابقة ما يصادق عليه مجلس الشورى الإسلامي مع الأحكام الإسلامية والدستور. ولذلك، فإن مجلس صيانة الدستور يراقب ما يصدره البرلمان من قرارات أو قوانين، ويتعين عليه دراسة وتقرير مدى مطابقتها مع الموازين الإسلامية ومواد الدستور. وبعد الدراسة، إذا وجد مجلس صيانة الدستور قرار البرلمان مغايرا للدستور ولأحكام الشريعة، فإنه يعيده إلى مجلس الشورى الإسلامي لإعادة النظر فيه؛ وإلا يعتبر نافذ المفعول في غضون عشرة أيام، وفقا للمادة الرابعة والتسعين من الدستور، وفي كثير من الأحيان يرفع المجلس تقريرا بذلك إلى المرشد الأعلى للبلاد الذي غالبا ما يستمع إلى توصياته ويطبقها. المصفاة السياسية الدستورية ووفق الدراسة فقد خصص الدستور الإيراني 9 مواد كاملة، تحديدا من المادة 91 إلى المادة 99، لتوضيح طبيعة عمل المجلس وتكوينه وصلاحياته الدستورية. ووفقا للمادة الحادية والتسعين من الدستور الإيراني، فإن المجلس يتكون من 12 عضوا هم ستة أعضاء من الفقهاء يختارهم القائد، إلى جانب ستة أعضاء من الخبراء القانونيين يشترط أن يكونوا "سلمين، ويرشحهم رئيس السلطة القضائية ويصادق عليهم مجلس الشورى الإسلامي، وبالتالي فإن الأعضاء الاثني عشر يتم اختيارهم من خلال المرشد الأعلى للبلاد بصورة مباشرة وغير مباشرة. وتعد أهم مادة تنظم عمل مجلس صيانة الدستور هي المادة التاسعة والتسعين التي تخوله لتولي الإشراف على كل الاستحقاقات الانتخابية بما فيها انتخابات مجلس خبراء القيادة وانتخابات رئاسة الجمهورية وانتخابات البرلمان، فضلا عن الاستفتاء العام الذي يدعو له المرشد إذا اقتضت الضرورة ذلك، لذلك يعد مجلس صيانة الدستور هو المصفاة السياسية الدستورية في إيران.