موعد إعلان نتيجة امتحانات نهاية العام بجامعة طيبة التكنولوجية    الإسكان: دراسة فتح باب التقنين لحائزي الأراضي في بعض المدن    تراجع كبير في أسعار السيارات والحديد والهواتف المحمولة في السوق المصري    بلينكن يؤكد التزام نتنياهو بمقترح بايدن لوقف إطلاق النار بغزة    تصفيات كأس العالم وأمم آسيا، تشكيل منتخب الإمارات المتوقع ضد البحرين في مواجهة الليلة    محافظ كفر الشيخ: تحرير 12 محضرا تموينيا ببيلا    ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء    تداول 73 ألف طن و953 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    «الضرائب»: نتبنى فكرا جديدا لتكثيف التواصل مع مجتمع الأعمال الخارجي    استخدام الأقمار الصناعية.. وزير الري يتابع إجراءات تطوير منظومة توزيع المياه في مصر    روسيا تبدأ المرحلة الثانية من مناورات القوات النووية    ارتفاع درجات الحرارة القياسية حول العالم: تحديات التغير المناخي والبيئية    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى المبارك    عاجل| صدمة ل مصطفى شوبير في الأهلي بسبب كولر    خبير تحكيمي يوضح هل استحق منتخب مصر ركلة جزاء أمام غينيا بيساو    منتخب هولندا يكشف بديل دي يونج في يورو 2024    وزير النقل يتفقد محطة أسوان ويعقد اجتماعا مع طوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية    تشغيل قطارات إضافية بمناسبة عيد الأضحى: جدول الرحلات وطرق الحجز    الرابط ورقم الجلوس.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي بمحافظة قنا    موعد ومكان جنازة الموسيقار الشاب أمير جادو    وزيرة الثقافة: المعرض العام من أهم الأحداث الفنية المُعبرة عن روح الحركة التشكيلية    موعد عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل دواعي السفر على منصة WATCH IT    «لا يكتفي بامرأة واحدة».. احذري رجال هذه الأبراج    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    أدعية مستحبة فى اليوم الخامس من ذى الحجة    محافظ بني سويف يوافق على تجهيز وحدة عناية مركزة للأطفال بمستشفى الصدر    "الصحة" تنظم ورشة عمل على تطبيق نظام الترصد للأمراض المعدية بالمستشفيات الجامعية    محافظ سوهاج: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى المبارك    وصول آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    بعد انتهاء الأجندة.. قرار جديد من جوميز بشأن دوليي الزمالك    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    للحجاج، نصائح مهمة تحمي من التعب والإجهاد أثناء أداء المناسك    محافظ الأقصر يبحث التعاون المشترك مع الهيئة العامة للرقابة الصحية    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    8 نصائح من «الإفتاء» لأداء طواف الوداع والإحرام بشكل صحيح    انتشال عدد من الشهداء من تحت أنقاض منازل استهدفها الاحتلال بمدينة غزة    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    وزيرة التنمية الألمانية: هناك تحالف قوي خلف أوكرانيا    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 4 جنود من "لواء غفعاتي" في رفح    شغل في القاهرة.. بحوافز وتأمينات ورواتب مجزية| اعرف التفاصيل    ذاكرة الكتب.. كيف تخطت مصر النكسة وبدأت حرب استنزاف محت آثار الهزيمة سريعًا؟    توجيهات هامة من وزير السياحة بشأن نزلاء الفنادق الألمان    عيد الأضحى 2024.. الإفتاء توضح مستحبات الذبح    أبو الدهب: ناصر ماهر مكسب كبير للمنتخب    صلاح لحسام حسن: شيلنا من دماغك.. محدش جه جنبك    كواليس جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي ومدة إيقافه المتوقعة    إيلون ماسك يهدد بحظر استخدام أجهزة "أبل" في شركاته    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    آبل تطلق نظارات الكمبيوتر فيجن برو في السوق الألمانية    عيد الأضحى 2024.. إرشادات هامة لمرضى النقرس والكوليسترول    أحمد كريمة: لا يوجد في أيام العام ما يعادل فضل الأيام الأولى من ذي الحجة    وفد من وزراء التعليم الأفارقة يزور جامعة عين شمس .. تفاصيل وصور    هل تحلف اليمين اليوم؟ الديهي يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة (فيديو)    وزيرة الثقافة تفتتح فعاليات الدورة 44 للمعرض العام.. وتُكرم عددًا من كبار مبدعي مصر والوطن العربي    دفن جثة شخص والاستعلام عن حالة 2 مصابين في انقلاب موتوسيكل بأوسيم    عالم موسوعي جمع بين الطب والأدب والتاريخ ..نشطاء يحييون الذكرى الأولى لوفاة " الجوادي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطرف والتشدد فى الفكر الدينى!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 15 - 06 - 2013

فى بداية تسعينيات القرن العشرين أثارت كتابات د. فرج فودة جدلاً فيما يتعلق بفصل الدين عن الدولة، وأن الدولة المدنية لا علاقة لها بالدين، وكانت النتيجة أن تم اغتياله فى 8 يونيو 1992 نتيجة لفتوى من شيوخ جماعة الجهاد بردته ووجوب قتله.




وقد جاء ذلك أيضاً فى شهادة الشيخ محمد الغزالى فى أثناء محاكمة القاتل والذى يصفه البعض بالاعتدال، وفى المحاكمة سألوا القاتل: «لماذا اغتلت فرج فودة؟ قال: لأنه كافر فى كتاباته، سألوه: ومن أى من كتبه عرفت أنه كافر؟ فقال: أنا لا أقرأ ولا أكتب».
وكثيراً ما يتردد أن عقوبة الردة تهدف إلى الحفاظ على المجتمع وإقامة هيبة للدين حتى لا يتطاول عليه أصحاب القلوب المريضة، فهل صحيح أن هيبة الدين يمكن أن تهتز برأى؟ أو بارتداد فرد أو أفراد؟
إن القرآن الكريم ليس فيه حد للردة، مما يخالف ما يقال عن وجوب قتل المسلم إذا اعتنق ديناً آخر أو اختار الإلحاد استناداً إلى أقوال منسوبة إلى النبى عليه الصلاة والسلام منها: «من بدل دينه فاقتلوه»، مع أنه لم يثبت من سيرته عليه الصلاة والسلام قيامه بتطبيق عقوبة ضد من يغيرون دينهم، مع ثبوت ردة عناصر كثيرة عن الإسلام فى عهده ومعرفته عليه الصلاة والسلام بهم.
وحد الردة هو من ضمن مجموعة من الحدود وضعها بعض الفقهاء، ورأيهم مبنى على أن معتنق الدين الإسلامى لم يجبره أحد على اعتناقه ومن ثم فلا يجوز له أن يخرج منه بإرادته.
مع أن هذا الرأى يخالف ما جاء فى القرآن: (كَيْفَ يَهْدِى اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ ..) آل عمران 86 (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) النساء 137 فالآيتان ليس فيهما أى أمر بعقوبة للردة.
كما أن القرآن الكريم ليس فيه أى إشارة تصريحاً أو تلميحاً إلى ضرورة إكراه المرتد على العودة إلى الإسلام أو قتله إذا رفض، لأن حرية الاعتقاد مقصد مهم من مقاصد الشريعة فى الإسلام.
فعندما يعلن أى فرد ارتداده عن الإسلام لا يصح أن نعتبر أن الدين قد تمت إهانته، ولا أن نعتبر أن الفرد حر فى دخول الإسلام ثم يفقد حريته ولا يستطيع الخروج منه، فأى قيمة تلك التى ستعود على الإسلام والمسلمين من شخص تم الضغط عليه ليبقى بالقهر فى دين لا يريده؟.
ومن الآيات نجد أن من يرتد عن دينه بعد الإيمان ليس له عقوبة دنيوية وإنما حسابه ومرجعه إلى الله تعالى.
وحد الردة بالمعنى المعروف يعنى قتل المرتد عن الدين إذا ما تمت استتابته ولم يتب، وفى أحيان كثيرة لا يكون هذا المرتد قد ترك الإسلام فعلياً، وإنما اعتبروه مرتداً لأنه قال برأى أو فكر مخالف، أو جاء بمفهوم جديد مضاد لما تم الاصطلاح عليه بالمعلوم من الدين بالضرورة.
مع أن القرآن الكريم لم يأمرنا بالحكم على المخالفين لنا والمختلفين معنا بالقتل، حتى وإن كانوا كفاراً أو مشركين، فكيف نحكم نحن بالقتل على من هم على دين الإسلام؟.
لقد أعطى تعالى الناس الحرية فى الإيمان أو الكفر، وفى المقابل سيحاسبهم تعالى على اختيارهم يوم الحساب: (وَقُلِ الْحَقّ مِن رّبّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ..) الكهف .29
إن الله تعالى هو مشرع الدين ومالك يوم الدين وهو وحده جل جلاله الذى يحكم على البشر إن أحسنوا فى العقيدة أو أساءوا، ولم يعط الله تعالى أحداً من البشر الحكم على الآخرين بالكفر، بل أمر بالحوار بالحكمة والموعظة الحسنة مع تأجيل الحكم إلى الله تعالى يوم القيامة.
وقد كان البعض يسارع إلى إعلان الكفر، ويحزن الرسول عليه الصلاة والسلام ولكن ليس عليه معاقبتهم: (يَأَيّهَا الرّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الّذِينَ يُسَارِعُونَ فِى الْكُفْرِ مِنَ الّذِينَ قَالُوَاْ آمَنّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ) المائدة ,41 والله تعالى يقول للنبى عليه الصلاة والسلام: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذّبَهُمْ فَإِنّهُمْ ظَالِمُونَ. وَللّهِ مَا فِى السّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذّبُ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ) آل عمران 128-.129
والقتل ليس بالموضوع السهل ليرى أى إنسان أن من حقه القيام به: (..أَنّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً..) المائدة 32 (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنّ النّفْسَ بِالنّفْسِ..) المائدة ,45 أى ليس هناك مبرر لقتل النفس إلا إذا قتلت نفساً أى فى القصاص.
والله تعالى جعلها قاعدة تشريعية: (.. وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِى حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقّ ذَلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ) الأنعام ,151 وسنة النبى عليه الصلاة والسلام هى التطبيق العملى لتشريع القرآن ولا تتناقض معه.
فالذين يعتقدون أن النبى عليه الصلاة والسلام كان يميل إلى التفتيش فى الضمائر ومطاردة الأفكار، أو يرتاح إلى إزهاق الأنفس وإراقة الدماء، عليهم قراءة قوله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ..) آل عمران ,159 (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم) القلم ,4 فأصحاب الفكر المتشدد يرفضون الاعتراف بحق الإنسان فى حرية التعبير عن الرأى، كما يرفضون التعامل مع المخالفين لهم بالرحمة.
إن إنكار دور العقل وتغييبه أمام تشدد الفكر الدينى الذى يريد أصحابه أن يفرضوا تفسيراتهم معتمدين على أساليب الترهيب والتهديد، أدى ذلك إلى اعتبار أن من يحاول أن يجتهد لينتج فهماً جديداً للنصوص الدينية، بناءً على منهج منطقى يتفق مع تطور أدوات ووسائل المعرفة، فإنه يتهم بالتكفير والعلمنة ويكون جزاؤه القتل مثل فرج فودة.
لقد أسس الإسلام ضمن مبادئه حرية الاعتقاد الدينى والتى تتضمن حرية الإنسان فى الإيمان أو الكفر، وحد الردة يناقض ما أراده الله تعالى للإنسان من الحرية فى اختيار معتقداته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.