رغم أن الغذاء بجانب الماء يمثلان أساس مقومات الحياة، فإن عدم اتباع نهج غذائى صحى، يمثل كارثة وأزمة لدى البشر، وهو ما يفسره تضاعف نسب الإصابة بالأمراض غير المعدية، وكذلك التى تصيب الجهاز الهضمى عدة مرات خلال العقود الأخيرة، ولذلك يغتنم العاقلون فرصة وصولهم إلى المربع الذهبى، وهو بلوغهم شهر رمضان المبارك، الذى يعتبرونه المنطلق لتغيير أو تعديل أو إلغاء عاداتهم التغذوية الخاطئة. د.أيوب الجوالدة
السمنة وما يترتب عليها من مضاعفات، وأمراض الجهاز الهضمى، والقلب وشرايينه، والأورام، والسكر والضغط، والأنيميا، وغيرها من عواقب سوء التغذية، يحتم على الجميع تنفيذ الحكمة الشهيرة «العقل السليم فى الجسم السليم»، وعبر اتباع منهج، الذى عبر عنه الحديث الشريف «صوموا تصحو»، ويترجمه العلماء وخبراء التغذية إلى روشتة تغذوية صحية، تسطر فيها كافة احتياجات الجسم البشرى من بروتينات، ونشويات، وفيتامينات، وغيرها، دون أن يجور أى منها على القدر الأمثل للآخر. وأكدت الأبحاث على أن الصيام يساعد الجهاز الهضمى على التخلص من الخلايا التالفة، ويمنح المعدة فرصة للراحة، مما يساعد فى تقليص حجمها بشكل تدريجى، والحد من الشهية، وتقليل الوزن. ريشة : سامح سمير
ولذلك اختارت مجلة «صباح الخير» أحد أبرز الخبراء فى مجال التغذية العلاجية عالميًا، لكى يسطر لقرائها النصيحة المثلى وهو المستشار الإقليمى لبرنامج التغذية بمنظمة الصحة العالمية، الدكتور أيوب الجوالدة، والذى استهل حديثه معنا ب«وصفة» تغذوية لأسلوب حياة أفضل. يقول: «تحتاج السيدات إلى 1800 سعر حرارى يوميًا، بينما يحتاج الرجال إلى 2200 سعر حرارى، سواء فى الأوقات العادية أو خلال فترات الصيام فى شهر رمضان أو غيره، ولكن تختلف حسب النشاط البدنى للشخص، ومدى ونوع ممارسته للرياضة من عدمه، أو القيام بالأعمال الشاقة، فهؤلاء يحتاجون إلى كم أكبر من السعرات الحرارية، لأن نسبة الحرق عندهم أكبر». وكى يحافظ الإنسان على وزنه يجب تناول وجبات غذائية متوازنة، فى حدود السعرات الحرارية المثلى لكل نوع بشرى، من خلال تنوع الغذاء، وتباينه بين الخضروات، واللحوم، والفواكه، والألبان، والبقوليات، والأجبان، بالإضافة إلى المكسرات، وجزء قليل من السكريات والدهون الصحية. أما عن توزيع السعرات الحرارية فعادة ما يحتاج الجسم إلى 30 % من سعراته عبر الدهون، و60 جرامًا من البروتين، للجسم المتوسط الذى يزن 60 كيلو جرامًا، بمعدل جرام واحد لكل كيلو، ثم تحتل الكربوهيدرات باقى احتياجات الجسم من السعرات الحرارية. وفى شهر رمضان بالذات ننصح بأن تحتوى مائدة الإفطار على الطعام الصحى المتوازن، لتضم الخضروات، والمشويات وخاصة من اللحوم البيضاء كالدجاج والأسماك، إضافة إلى الفواكه، وطبق السلطة متعدد الأصناف ذات الألوان المختلفة، وبعض البقوليات، مع تناول الخبز الأسمر، ويفضل الابتعاد عن المقليات، واللحوم الحمراء، والأملاح، والمخللات. كما يفضل استبدال الأرز الأبيض بالفريك أو البرغل لكونها حبوب كاملة وبها فوائد كثيرة، وضرورة تناول كميات كبيرة من المياه خلال ساعات الإفطار بقدر لا يقل عن 2 لتر مياه يوميًا. وقبل تناول وجبة الإفطار، يفضل كسر الصيام بوجبة خفيفة عبارة عن «تمر، ومياه، وشوربة»، ثم يصلى المغرب، حيث يستغرق ذلك حوالى 15 دقيقة، تجعل الإنسان يشعر بالشبع، وحتى لا يتناول أكثر من احتياجه، لأن ذلك يتسبب فى اتساع المعدة وزيادة حجمها، والتالى حدوث مضاعفات، الأمر الذى يختلف مع توزيع الطعام على وجبات خفيفة ومتوازنة. وقال الجوالدة: تحدث صدمة عند البعض بسبب الإفطار على كميات كبيرة من العصائر المحلاة بشكل زائد، لذلك يفضل تناول العصائر الطازجة المصنعة فى المنزل، والتى تحتوى على كمية قليلة من السكر لضمان سلامتها، وكذلك سوائل أخرى تفيد الجسم مثل الكركديه، وعرق السوس، والخروب، وعصير الفواكه الطبيعية. أما الفاكهة يفضل تناولها دون إضافة سكر، أو بنسب قليلة، وتناول ثمرة الفاكهة كاملة أفضل من عصرها. ففى الحالة الثانية تتحول إلى سكر حر، مما يتسبب فى ارتفاع نسبة السكر بالدم، فى حين عند تناولها ثمرة كاملة لا يحدث ذلك بسبب طول مدة امتصاص وهضم الألياف الموجودة بها. وحسب الجوالدة، يجب تأخير تناول الحلويات عن وجبة الإفطار، لساعتين على الأقل، مع عدم الإكثار منها، فيكفى للفرد تناول قطعة ما بين 30 و 50 جرامًا فى اليوم، ويمكن اختيار حلوى صحية مثل أم على، أو المهلبية، أما عن القطايف فيفضل شيها فى الفرن مع وضع نقطة زيت من كل جانب لعدم إحراقها تحت الشواية. الغذاء والسارية لكن ما الرابط بين تطبيق نظام غذائى صحى سليم، والوقاية من أخطر الأمراض غير السارية؟ يقول الجوالدة: «اتباع نظام غذاء صحى متوازن، يقى الجسم من أخطر أمراض العصر غير السارية، ويساعد الجسم فى التخلص من الدهون الثلاثية، والكوليسترول الضار، ويخفض نسبة الضغط المرتفع فى الدم، ويحسن خلايا الوجه والبشرة، وينشط الصحة العقلية. إضافة إلى آثاره الإيجابية على ميزانية الأسرة أن ليس صحيحًا أن النظام الصحى مكلف، والتغذية العشوائية دون ضوابط، تتسبب فى هدر نسبة تتراوح بين 30 و 40 % مما تعده الأسرة على مائدتها، ويمثل هذا عبئًا اقتصاديًا، فى حين أنه يمكنها ترشيد النفقات وعدم هدر الأغذية. ومن أهم النصائح خلال الشهر الكريم سحور مثالى وصحى هو الآخر، ويفضل تأخير وجبة السحور حتى لا تطول فترة الصيام، وتختلف مدد بقاء الطعام فى المعدة حسب نوع الغذاء، وما إذا كان بروتينيًا، أو دهونيًا، أو يحتوى على نسب مرتفعة من الألياف كالحبوب الكاملة، أو الفواكه، أو الخضروات، والتى يستغرق الجسم مدة أطول لامتصاصها، وتولد الشعور بالشبع، وذلك على العكس الأطعمة المحتوية على الكربوهيدرات كالخبز، والذى يبدأ هضمه مع المضغ. وينصح الجوالدة بتجنب شرب القهوة والشاى بعد السحور، حيث تزيد إدرار بالبول، وبالتالى العطش، ولذلك يفضل تناول الكافيين بعد الإفطار، إضافة إلى حصول الجسم على قسط كاف من النوم فى رمضان. فيفضل عدم النوم مبكرًا بعد صلاة القيام، وكذلك لفترة طويلة خلال النهار، حيث أن الجسم يحول الجلوكوز والجليكوجين المخزن بالكبد إلى سكريات، وبعد نفاذه يبدأ بحرق الدهون الموجودة فى الدم والكبد، ليحولها إلى جليكوجين ومنها إلى سكريات، وفى حالة استمرار الإنسان على هذه العادة السيئة، يستهلك الجسم جميع ما به من دهون ومنها إلى البروتينات، مما يؤثر سلبًا على العضلات، ولذلك يجب التوازن فى النوم وتناول الغذاء، وخاصة لدى الأطفال. بدائل متاحة يمكن الاستعاضة عن البروتين الحيوانى من اللحوم والأسماك ببروتين بديل مثل العدس، والفول، والبازلاء، والبيض، وهناك مصدر ثان للدهون الصحية مثل زيوت الزيتون، والحار، والذرة، حسب الجوالدة، وفى العادات المهمة خصوصًا فى شهر الصيام ممارسة الرياضة أمر مهم وله تأثير إيجابى، حيث يساهم فى تقليل الوزن، وتنشيط الدورة الدموية، والأوقات الأمثل يكون خلال ساعتين قبل الإفطار، ومنها المشى، لعدم الشعور بالعطش، أما الرياضات الشاقة مثل كمال الأجسام، وكرة القدم، فيفضل ممارستها بعد الإفطار بساعتين على الأقل. وحسب الجوالدة: هناك علاقة طردية بين التغذية الصحية ودرجة الاستيعاب والتركيز، حيث يتسبب سوء التغذية فى أنيميا، وبالتالى يؤثر على نسب الذكاء، ودرجة الاستيعاب والتركيز لدى الأطفال بالصفوف الدراسية المختلفة، حيث يمس الصحة العقلية بشكل مباشر. 2932