بعد شهور من الكتابة عن دار النشر الأشهر بين المراهقين والقراء الشباب في مصر والمنطقة العربية، «عصير الكتب»، وكشف منشوراتها الإخوانية، التي تحتل قوائم الأكثر مبيعًا في المكتبات المصرية والعربية، وفي أجنحة معارض الكتاب الدولية، وبعد شهور من نفي القائمين عليها لأي شبهة تحوم حول هذه الكتابات، ثم مع كشف أكاذيبهم حول عدم وجود أي علاقة لهؤلاء الكتاب وتنظيم الإخوان، خرج القائمون على شركة عصير الكتب بتصريحات عن جهلهم بالماضي المرتبط بتنظيم الإخوان لتلك الأسماء، وقال آخرون: إنه مجرد خطأ غير مقصود ارتكبه شباب صغير السن حسن النية، وقد عرف الشباب الصغير خطأه غير المقصود، ثم قرروا أيضًا أن الحديث في تلك المسألة غير ذي جدوى، نقول باللغة الشعبية الدارجة: «عيال وغلطوا»، لكن المسألة ليست بمثل تلك البساطة! يظن أغلبنا - للأسف الشديد - أن المعركة مع إرهاب تنظيم الإخوان انتهت بلا رجعة، يرددون في كل مكان أن الحديث عن وجود الإخوان أو على الأقل محاولات للعودة وتصدر المشهد من جديد هو مسألة غير صحيحة، وأنها مجرد وساوس لا أساس لها من الصحة! قبل شهور بدأت سلسلة من المقالات ضمن حملة أطلقها صالون روزاليوسف الثقافي لكشف اختراقات الإخوان للمشهد الثقافي المصرى، وخلال ثمانية شهور بالتحديد كتبت العديد من المقالات عن المئات من دور نشر تنظيم الإخوان الإرهابي التي تعمل في المشهد الثقافي المصري بشكل مستتر، ويدعي بعض مدرائها كذبا أنهم رجال وطنيون، لكن بمرور الوقت، ومع تدفق المعلومات، اتضح أنني لم أكن أدرك حجم خطورة الموضوع في البداية، كنت أظن أنها مجرد محاولات محكوم عليها بالفشل في المهد، أو أنها محاولات غير منظمة، يعمل عليها فلول الإرهابية المختبئون تحت الأرض بعد سقوط مؤسسات التنظيم، غير أن حملة إعلامية شرسة شنها إعلام التنظيم الدولي للإخوان ضد كاتب المقالات، دفاعا عن دار نشر عصير الكتب أثارت التساؤلات، فلماذا تنتفض القنوات الإخوانية، والمجلس الثورى في لندن، وجريدة العربي الجديد ضد سلسلة مقالات تكشف محاولات تأطير الوعي المصري من خلال التكريس لشكل معين من دور النشر، وتكريس شكل محدد من الكتابات، ومن الأفلام المحسوبة علي تيار الإسلام السياسى، تكريس أصبحت بسببه تلك المؤسسات هي المتحكمة فيما يقرأه المصريون في السنوات العشرة الأخيرة، سواء كتابات العراقي أحمد خيري العمرى، أو الأردني أيمن العتوم، أو الفلسطيني أدهم شرقاوى، أو المصرية حنان لاشين، والروائية دعاء عبدالرحمن، والمصري الهارب إلى تركيا يوسف الدموكى! ملايين النسخ المباعة، من كتابات تفوح منها أفكار تنظيمات الإسلام السياسى، تحديدًا جماعة الإخوان الإرهابية، كتابات القارئ الأكبر لها مراهقون وشباب أعمارهم بين 13 - 25 عامًا، أغلبهم يعتقد أن الكتابات الدينية التي تقدمها دور نشر الشباب المنتشرة في مصر بعد أحداث يناير 2011 تمثل الصورة الحقيقية للدين، سيل من الكتابات ذات الطابع الإسلامي عن الصحة النفسية والصحة الجنسية وتربية الأطفال والتنمية البشرية، إصدارات منظمة تحتكرها نفس الدار الأشهر التي يقول الناس عنها الآن: «شوية عيال وغلطوا»، دار عصير الكتب، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بالفعل، كيف ينفذ خطأ غير مقصود بمثل تلك الدقة والنظام؟ كيف يكون نشر كتابات تقدم أفكار جماعة الإخوان، تحديدًا فى فروع التنمية الذاتية، والصحة النفسية والجنسية، وتربية الأطفال، بل وأفكار قدمها التيار الإسلامى واكب بها الجيل الجيد من شباب الحركة الإسلامية، وليس الأفكار الكلاسيكية للجماعة! لكن الأفكار الجديدة التى يتبناها ما بات يعرف فى كتب المتخصصين بالإخوان المسلمين الجدد، من يملكون تصورات أكثر رحابة عن الحريات الجنسية، والنظر فى المثلية، بعد أن كانت شذوذًا ولواطًا، ثم فجأة أصبحت فى كتابات الجيل الجديد من شباب الحركة الإسلامية مثلية، وحرية شخصية لا يجب أن نقحم أنوفنا فى اختيار صاحبها، للتعرف أكثر على تلك الرؤية يمكنكم الرجوع إلى كتابات الطبيب النفسى الإسلامى شهاب الدين الهوارى، وللصدفة البحتة، أو ربما خطأ غير مقصود بحسن نية هو الآخر، تنشرها دار عصير الكتب إلى جانب أكثر من 100 عنوان آخرين رصدناها سابقًا، وقال القائمون على الدار: إنه أيضًا خطأ غير مقصود! مدهش جًدا أخطاء دار نشر عصير الكتب غير المقصودة، حسنة النية، التى دفعتها لنشر كتابات مديرة قسم الأنشطة بدار الرعاية الإسلامية بلندن «مايو 2010 يناير 2011» التابعة لرابطة مسلمى بريطانيا، الدكتورة غادة حشاد، تحديدًا كتابها المنشور فى يناير 2021، تحت عنوان «الحوار مع الأبناء عنوان كل داء»، نسيت أن أضيف أن رابطة مسلمى بريطانيا تابعة لمؤسسات التنظيم الدولى للإخوان فى أوروبا، مؤسسها كمال الهلباوى المتحدث الرسمى للتنظيم الدولى للإخوان سابقًا، والرابطة أيضًا مسئولة عن مسجد فينسبرى بارك، منذ العام 2005، بعد انتقال تبعية المسجد لها على خلفية سجن إمام المسجد أبوحمزة المصرى، عضو تنظيم القاعدة، حينها خرجت تصريحات عزام سلطان التميمى، عضو الرابطة فى لندن، تؤكد على انتهاء عصر الإرهاب الذى سيطر على أفكار مسجد فينسبرى بارك لسنوات، وللصدفة فعزام سلطان التميمى هو أيضًا مؤسس قناة الحوار فى لندن لسان حال تنظيم الإخوان الدولى! لا يوجد عاقل يقول، إن كل ذلك صدفة، أو خطأ غير مقصود، فقط الجاهل من يظن ذلك، أو خلايا الإخوان النائمة التى تسعى للحفاظ على استمرار المؤسسات الثقافية التابعة للتنظيم، أو الداعمة لأفكار الإسلام السياسى عمومًا، وللأسف البعض يدعم تلك المؤسسات اعتقادًا منه أن هناك حربًا على الإسلام بالفعل، أو أن تلك المؤسسات تحمى الإسلام من الإضرار بعقيدة أبنائه، فأصبح الدين فجأة مرتبطًا بوجود الإخوان، ولو ذهب الإخوان ربما أصبح المجتمع ملحدًا فى نظر هؤلاء! للمرة الأولى أقولها، بعد عشرات المقالات، وشهور من الكتابة والمثابرة، ومواجهة سيل من لجان التنظيم الإلكترونية على منصات التواصل الاجتماعى، فإن دار النشر التى تقدم سياسة نشر محددة وواضحة، تهتم بالتربة على منهج التنظيم الدولى للإخوان، وتقدم رؤى الإخوان الجدد عن الصحة النفسية والجنسية للشباب، وتخفف من جمود دعوة الإخوان الموجودة فى كتب ومجلدات انتهى زمانها، وتعيد طرحها فى روايات اجتماعية، ورومانسية، أو أدب سيرة ذاتية، روايات مؤدلجة، موجهة، تنضح بأفكار سيد قطب، أستطيع أن أقول الآن بعد شهور من البحث والدلائل: إن تلك الدار تنتمى تنظيميًا إلى جماعة الإخوان، وهو انتماء لا يقل خطورة عن الخلايا الإرهابية التى تحمل السلاح ضد الدولة المصرية، فالعقل الذى حمل السلاح احتاج إلى تهيئة وعى وفكر وثقافة فى البداية، وهى أشياء لن نجدها إلا فى الكتب التى تنشرها مثل تلك الدور والمؤسسات!