من الطبيعي أن نتذكر في كل عام اثناء الاحتفالات بانتصار أكتوبر 1973 هؤلاء القادة العظام الذين خططوا واعدوا العدة للعبور العظيم.. ولكن من هم الأدوات والرجال الذين اعتمد عليهم هؤلاء القادة لتحقيق هذا النصر.. إنهم شباب رجال القوات المسلحة من الضباط الذين لم تتجاوز رتبهم الملازم اول واعداداً كبيرة من المتطوعين والمجندين.. ساهموا في تحقيق هذا الانتصار كل في موقعه وسلاحه وطبقاً للتكليف الصادر له. وجميع هؤلاء الابطال قد تجاوزت أعمارهم حالياً اكثر من الستين عاماً ولكن عندما يتحدثون عن المعارك التي شاركوا فيها تشعر أن الدماء تجري في عروقهم وانهم يسترجعون اجمل ساعات حياتهم علي الاطلاق حتي ولو كانوا تعرضوا لأي إصابة او فقدوا أي زميل شهيد في تلك المعارك. اليوم أحكي لكم قصة سقوط اول موقع في خط بارليف واسر وقتل 35 اسرائيلياً. وهو موقع جنوب رأس العش بالكيلو 10 جنوب بورسعيد والذي كان يستمد أهميته للجانب الإسرائيلي في السيطرة علي الطريق الذي تم إنشاؤه عبر الملاحات ليصل منطقة القناة بالطريق الشمالي ويعد بمثابة الشريان الوحيد للقوات الإسرائيلية المتمركزة في تلك المنطقة. وقد تم تكليف الكتيبة 135 مشاة باقتحام هذا الموقع الحصين وكانت مكونة من ضباط حديثي الرتب من ملازم حتي النقيب من بينهم الملازم فتح الله عبد الحميد والملازم محمد فهمي ويحيي عباس ومحمد سالم وحسن الرويني.. حيث بدأت التدريبات الشاقة ليلاً ونهاراً من خلال تشييد موقع تكتيكي مشابه للموقع الهدف تحت اشراف اللواء طلعت مسلم ومصطفي جودت ومعهم الرائد وهيب مجلع.. الي ان جاءت ساعة الصفر حيث بدأت مجموعات الكتيبة في مهاجمة الموقع.. وتحت التمهيد النيراني بدأ عبور تلك المجموعات حيث فوجئوا بنيران كثيفة تطلق من هذا الموقع الحصين علي ابطال يعبرون بقوارب مطاطية.. وهنا تبرز الشجاعة والبطولة الحقيقية لأبطالنا البواسل حيث قام الملازم اول مجدي ناشد ومحمد فهمي باقتحام المواقع بجسديهما وخلفهما بدا الهجوم الكاسح وسط تهليل الضباط والجنود الله اكبر.. الله اكبر في هجوم هادر لا توقفه النيران الموجهة عليهم من كل جانب وتدور معركة استمرت ساعة وثماني وعشرين دقيقة سقط خلالها اول موقع من مواقع خط بارليف المنيع.. وتمت السيطرة عليه وارتفع العلم المصري خفاقاً في عنان السماء وسقط الجنود الإسرائيليون ما بين قتيل واسير ولم يتمكن احد منهم من النجاة.. واستمر الحال حتي الضوء الأخير من يوم 7 أكتوبر لتكتمل الملحمة في قيام مجموعة الملازم حسن الرويني "قائد المنطقة المركزية مؤخراً" بقطع أي امدادات تصل الي القوات الإسرائيلية .. وبرغم انهم لم يكونوا مسلحين سوي بأسلحة خفيفة الا انهم وبكل جسارة قاموا بتدمير دبابتين وعربة مدرعة وعشرات الجنود الإسرائيليين المنسحبين.. وكانت قواتنا برغم قلة عددها تتسلح بالإيمان والثقة في النصر لتستمر تلك المعركة التي تسفر عن قتل 26 إسرائيلياً وأسر 9 آخرين.. في معركة لم يتحدث عنها التاريخ كثيراً.. الا انها كانت احدي المعارك التي قادها وانتصر فيها شباب من رجال القوات المسلحة صدقوا ما عاهدوا الله عليه. وتحيا مصر..