وقفت الطالبة تبكي أمام شباك الاستعلامات بإحدي الكليات الخاصة.. فهي حاصلة علي 94 بالمائة في الثانوية العامة قسم العلوم ومجموعها لا يؤهلها للالتحاق بكلية الطب حتي في اي من الجامعات الخاصة.. والطب حلمها منذ الطفولة كما قالت باكية.. أخيرا انصرفت منكسرة. هذه الطالبة حاصلة علي تقدير امتياز في الثانوية العامة ولا تستطيع الالتحاق بالكلية التي تتمناها والتي حلمت بها طوال سنوات الدراسة.. هل يحدث هذا المشهد في اي من دول العالم. علي ايامنا كان الاول علي الثانوية العامة حاصل علي 93 بالمائة.. وكانت كلية الطب تقبل الحاصلين علي 80 بالمائة.. وبالنسبة لي فقد التحقت بكلية الإعلام بمجموع 70 بالمائة بعد ان اجتزت امتحانات القبول وكنت أحد طلاب اخر دفعة تلتحق بالكلية عن طريق الاختبارات التي تنظمها.. لتنضم بعد ذلك إلي مكتب التنسيق ولترتفع نسبة القبول بها إلي حوالي 95 بالمائة. ما الذي حدث؟.. لماذا اصبحت الدروس الخصوصية وسيلة تلقين الطلاب كيفية الاجابة علي أسئلة الامتحانات دون فهم او استيعاب.. لصناعة اوائل يحصدون كليات القمة والقاع علي حساب من يجتهد ويسعي للفهم والاستيعاب ويرفض الغش أو لا يجده؟.. يا سادة الحصول علي 99.5 بالمئة في اي امتحانات يعني اننا امام شخص عبقري يستحق ان تخضع حالته للدراسة.. فهل حقا لدينا في كل دفعة من دفعات الثانوية العامة آلاف العباقرة الذين سيصبحون أحمد زويل وفاروق الباز وربما اينشتين؟ هذا هو السؤال الذي نطالب من يقومون علي تطوير منظومة التعليم الان بالاجابة عليه.. ما الذي حدث؟.. لماذا لا يستمر أوائل الثانوية العامة علي تفوقهم في الجامعة؟.. ولماذا لا نجد بين الاوائل من يواصل عبقريته الفذة التي جعلته يحصل علي الدرجات النهائية في جميع المواد ويحصل علي مجموع يزيد علي التسعة وتسعين بالمائة؟ اين الخلل وإلي متي يظل مكتب التنسيق سيفا مصلطًا علي رقاب طلاب الثانوية وعلي جيوب وصحة اولياء امورهم.. ان بقاء مكتب التنسيق ونظام القبول الحالي في الجامعات ليس له سوي معني واحد.. استمرار معاناة اولياء الأمور من الدروس الخصوصية والضغوط النفسية ثلاث سنوات بدلا من سنة واحدة مع استمرار ظاهرة التفوق المصنوع والمفتعل في الغالب إلي ما لا نهاية.. تطوير التعليم العام يا سادة يجب ان يكون مصحوبا بتطوير آلية القبول في الجامعات.