لم تمض أيام قليلة على توقيع صفقة بيع مدينة رأس الحكمة لعيال زايد فى الإمارات وضخ 35 مليار دولار لنظام الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي إلا وتجددت أزمة الدولار وواصل الجنيه التراجع بل لجأ الانقلاب إلى السحب من الاحتياطي النقدي الأجنبي في البنك المركزي، ويرجع ذلك إلى الديون من جهة حيث ارتفع الدين الخارجي نحو 3.5 مليار دولار في الربع الرابع والأخير من عام 2023، ليصل إلى 168.034 مليار دولار ارتفاعًا من 164.522 مليار دولار في الربع السابق، الإجمالي. والى سطوة الدولار على الجنيه من جهة أخرى. وفى الوقت الذى تمثل فيه الديون الطويلة الأجل نحو 81.6 بالمئة من الإجمالي ارتفع الدين الخارجي بنحو أربعة أضعاف خلال السنوات العشر الماضية بينما أشارت البيانات إلى بلوغ احتياطي النقد الأجنبي 40,363 مليار دولار في مارس الماضي ارتفاعا من 35,313 مليار دولار. يشار إلى أن الاقتصاد المصرى تضرر بسبب الحرب المستمرة في غزة منذ 7 أشهر والتي أبطأت نمو السياحة وقلصت إيرادات قناة السويس بأكثر من 60 بالمئة ، وهما من أكبر مصادر العملة الأجنبية في البلاد. أيضا يرجع الوضع المأساوى للعملة المصرى إلى سماح البنك المركزي المصري في السادس من مارس الماضي، بانخفاض قيمة الجنيه بأكثر من 60 بالمئة، لتنفيذ ما يسمى ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المزعوم الذى يفرضه صندوق النقد الدولي. وجاءت خطوة البنك المركزي لتخفيض العملة المحلية إلى نحو 49.5 جنيه للدولار من مستوى 30.85 ، في أعقاب الاتفاق مع الإمارات على ضخ 35 مليار دولار بعد شراء "رأس الحكمة" ، وهي الأموال التي زعم مطبلايتة العسكر أنها ستساعد في حل أزمة نقص العملات الأجنبية وعقب ذلك تم الاتفاق مع صندوق النقد على زيادة حجم التمويل ضمن البرنامج الذي اُتفق عليه في ديسمبر 2022، ليزيد من 3 إلى 8 مليارات دولار. ورغم ذلك توقع اقتصاديون أن يواصل الجنيه تراجعه أمام الدولار والعملات الرئيسة خلال الفترة القادمة، مع عدم وجود رؤية للمستويات التي سيتوقف عند حدودها، موضحين أن هذا الوضع سببه حالة عدم اليقين التي تسيطر على الوضع الجيوسياسي في المنطقة. كان الدولار قد عاود ارتفاعه في البنوك والسوق الموازية، بعد رحلة هبوط أمام الجنيه، استمرت 4 أسابيع. وبلغ سعر الدولار في البنك المركزي 47.52 جنيهًا للشراء 47.65 جنيهًا للبيع. بينما صعد في البنوك إلى 48.5 جنيه للشراء في المتوسط، فيما يتجاوز هذه المستويات في السوق الموازية ليلامس ال 50 جنيهًا. أسعار النفط من جانبها أكدت حنان رمسيس خبيرة أسواق المال أن ارتفاع الدولار والعملات الرئيسة مقابل الجنيه خلال الأيام الماضية، جاء مرتبطًا بصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، الذي دفع إلى زيادة أسعار النفط ورفع من قيمة الواردات في بلد يعتمد على استيراد المحروقات وأغلب سلعه الرئيسية. وكشفت حنان رمسيس فى تصريحات صحفية أنه رغم توقيع حكومة الانقلاب اتفاقيات مالية بقيم كبيرة، لبيع أرض رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار، والحصول على قروض جديدة من صندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبي، بمبالغ إجمالية تزيد عن 55 مليار دولار، فإن هذه التدفقات مازال معظمها قيد الإعداد، ولم تصل إلى مرحلة التنفيذ إلا الدفعة الأولى من بيع رأس الحكمة لعيال زايد فى الإمارات . وأوضحت أن المتحصلات بالدولار متأخرة وتحتاج إلى مزيد من الوقت لدخولها في أرصدة البنك المركزي، والمؤسسات المصرية، بينما حكومة الانقلاب تواجه زيادة كبيرة في حاجتها إلى الدولار لدفع مستحقات الدائنين والإفراج عن السلع الموجودة في الموانئ، واستيراد الأدوية ومستلزمات الإنتاج، بما يزيد الضغوط على طلب الدولار، في وقت تعهدت فيه حكومة الانقلاب بالالتزام بمرونة سعر الصرف، الأمر الذي يجبر البنوك على رفع سعر العملة الأمريكية، وفقًا لضغوط الطلب مع قلة العرض. حرب غزة وأعربت حنان رمسيس عن تخوفها من استمرار العمليات العسكرية الصهيونية في غزة، بما يدفع شركات الشحن الرئيسة في العالم، إلى استمرار مقاطعة مرور سفنها في البحر الأحمر، الأمر الذي يزيد من خسائر قناة السويس من عوائد المرور بالعملة الصعبة. وطالبت حكومة الانقلاب بالبحث عن مسارات بديلة، للحصول على العملة الصعبة، عبر ضغط المصروفات بالدولار، وتنمية المشروعات الزراعية والإنتاجية، لخفض اعتماد الأسواق على الاستيراد من الخارج، محذرة من استمرار الحرب مع تزايد حاجة حكومة الانقلاب للاستيراد، بما يبقي الضغط قويًا على طلب الدولار. الاحتياطى الأجنبي فى المقابل توقع أشرف غراب نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بجامعة الدول العربية تراجع سعر صرف الدولار في مقابل الجنيه خلال الفترة المقبلة إلى ما بين 40 و42 جنيهاً، مؤكداً أن حكومة الانقلاب تنتظر سيولة دولارية كبيرة تدعم الاحتياطى النقدي تتراوح ما بين 25 إلى 30 مليار دولار، إضافة إلى عوامل أخرى ستزيد من احتياطى النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة. وقال غراب فى تصريحات صحفية إن حكومة الانقلاب تترقب الحصول على تدفقات من النقد الأجنبي تصل إلى 30 ملياراً خلال الأسابيع المقبلة، من بينها الجزء الثاني من أموال بيع رأس الحكمة البالغ 20 مليار دولار، إضافة إلى تمويلات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، إلى جانب استمرار تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، علاوة على دخول استثمارات أجنبية وخليجية في مشاريع سياحية وصناعية جديدة مشيرا إلىً أن الانقلاب حصل على الشريحة الثانية 820 مليون دولار من قرض صندوق النقد الدولي وسيتسلم الشريحة الثالثة البالغة نحو 820 مليون دولار خلال الفترة المقبلة . وأشار إلى أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة في الاحتياط النقدي الأجنبي نتيجة زيادة التدفقات النقدية متوقعاً تراجع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بالبنوك لما بين 40 و42 جنيهاً ، بعد دخول هذه التدفقات النقدية الكبيرة، وهو ما ينعكس أثره الإيجابي وفق تعبيره في انخفاض أسعار جميع السلع بالأسواق وهذا يؤدي لتراجع أكبر في معدلات التضخم ، موضحا أن توافر العملة الصعبة للمستوردين والمنتجين والصناع بسعر صرف منخفض يسهم في توفير خامات ومستلزمات الإنتاج وزيادة معدلات التشغيل وزيادة الإنتاج المحلي وزيادة المعروض بالأسواق وبأسعار مخفضة. كما توقع غراب أن تشهد الفترة المقبلة زيادة أكبر في تحويلات المصريين العاملين بالخارج التي تتجاوز أكثر من 30 مليار دولار سنوياً وذلك بعد القضاء على السوق السوداء، إضافة إلى تقليل فاتورة الواردات وزيادة حجم الصادرات، لافتا إلى أن استقرار سعر صرف الدولار بعد انخفاض سعره يسهم في زيادة تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي وطمأنة المستثمرين بزيادة استثماراتهم والتوسع فيها، وجذب مستثمرين جدد وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد وزيادة توفير فرص العمل.