مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتراجع مستوى المعيشة الذي يعاني منه المصريون في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي وتزايد معدلات الفقر، حيث يعيش أكثر من 70% من المصريين تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي بدأت حكومة الانقلاب تزعم أن وجود نحو 9 ملايين لاجئ من نحو 133 دولة يمثلون 8.7 بالمئة من حجم سكان مصر البالغ نحو 106 ملايين نسمة، هو سبب الأزمة وكلفت كتائب الانقلاب الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر هذه المزاعم . وطالبت كتائب الانقلاب الإلكترونية بترحيل اللاجئين والمهاجرين من البلاد، زاعمة أنهم تسببوا في الغلاء وتفاقم تكلفة المعيشة والتضييق على المصريين . يأتى ذلك في الوقت الذي يعمل فيه نظام الانقلاب على التربح من ملف اللاجئين من خلال التعاون مع الدول والمؤسسات، فيما يتعلق بدعمه ماليا في إطار ملف اللاجئين، حيث وقع الاتحاد الأوروبي، في مارس الماضي، اتفاقات مع الانقلاب بقيمة 7.4 مليار يورو على مدى 4 أعوام للتعاون في مجالات عدة، في مقدمتها الهجرة غير الشرعية. يشار إلى أنه منذ عام 2017، تمنح سلطات الانقلاب الإقامة للأجانب في البلاد لمدة 5 سنوات مقابل شراء عقار لا يقل سعره عن 400 ألف دولار، أو إقامة لمدة 3 سنوات عند شراء عقار بنحو 200 ألف دولار. وخلال العام الماضي، كثفت حكومة الانقلاب من الإجراءات المتعلقة باللاجئين والمقيمين غير الشرعيين في البلاد، حيث طالبتهم بتسوية أوضاعهم من خلال سداد غرامة تبلغ نحو ألف دولار . منظمة الهجرة الدولية المزاعم الانقلابية كذبتها منظمة الهجرة الدولية التي أكدت في تقرير لها أن السوريين الذين يشكلون 17 بالمئة من أعداد المهاجرين في مصر، من أفضل الجنسيات التي تسهم بشكل إيجابي في سوق العمل والاقتصاد بالبلاد. وقدر التقرير الصادر في أغسطس 2022، حجم الأموال التي استثمرها 30 ألف سوري مُسجل في مصر بنحو مليار دولار، مما يعكس أهمية تعزيز اندماج المهاجرين لأثره الإيجابي على المجتمعات المُضيفة. وأشار إلى أن أعداد المهاجرين الذين يعيشون في مصر يقدر بنحو 9 ملايين شخص من 133 دولة، مؤكدا أن السودانيين يُشكلون العدد الأكبر بنحو 4 ملايين، يليهم السوريون 1.5 مليون، واليمنيون نحو مليون والليبيون مليون، كما تمثل الجنسيات الأربع 80 بالمئة من اللاجئين في مصر. ارتفاع الأسعار وانتقد الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، مزاعم حكومة الانقلاب بأن اللاجئين كانوا السبب الرئيس في ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد، مؤكدا أن غياب التخطيط فيما يتعلق باحتياجات السوق في مصر، بما في ذلك متطلبات اللاجئين أدى إلى ظهور بعض المشاكل. وقال عبد المطلب في تصريحات صحفية : "البعض يقول إن ارتفاع الأسعار وعدم توافر السلع جاء نتيجة زيادة أعداد اللاجئين في البلاد، لكن هذا الكلام غير صحيح؛ لأن البلاد شهدت نقصا في عدد كبير من السلع، كما اختفت سلع أساسية مثل السكر، والذي تعتبر دولة العسكر المنتج والموزع الوحيد له باعتباره سلعة استراتيجية، مما يشير إلى وجود سوء إدارة ". وأشار إلى أن ارتفاع أسعار العقارات بسبب إقبال السودانيين على شراء الوحدات السكنية والمحال التجارية دفع بعض المواطنين للشكوى من ارتفاع أسعار العقارات، والإيجارات مؤكدا أنه على الرغم من وجود بعض اللاجئين الذين يعتمدون على إعانات تقدمها المؤسسات الدولية، فإن هناك من يمتلكون الثروات، ويستطيعون لعب دور فاعل في زيادة الإنتاج والاستهلاك . وأكد عبد المطلب أن اللاجئين لديهم خبرات وعقليات، ومن بينهم أصحاب رؤوس أموال بل واستثمارات مالية في مناطق مختلفة حول العالم، وبالتالي لا يمكن تقبل الآراء التي تعتبرهم عبئا على مصر على العكس من ذلك قد يسهمون في تعزيز الناتج المحلي. وأوضح أنه إذا كانت حكومة الانقلاب قد قامت بإنشاء مدن جديدة في المحافظات ، وهناك الكثير من الوحدات السكنية التي لم يتم بيعها فإن وجود اللاجئين فرصة لاستغلال هذه الوحدات سواء بالبيع أو الإيجارات، مؤكدا أن هذا يعد استثمارا غير مستغل، لذلك فإن خطوة تدقيق الأعداد من الضروري أن تعزز من إتاحة بيع هذه الوحدات للأجانب من أجل تحويلهم من لاجئين إلى مقيمين، مما ينعكس إيجابا على الاقتصاد . أسر مقتدرة وقال المحلل الاقتصادي السوداني، أبو القاسم إبراهيم: إن "الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من عام أدت إلى تدفق الكثير من اللاجئين إلى مصر، مؤكدا أن هؤلاء اللاجئين أغلبهم من الأسر المقتدرة ماديا ولديهم ثروات أخذوها معهم حينما انتقلوا إلى مصر". وأضاف إبراهيم في تصريحات صحفية: النازحون السودانيون إلى مصر وأيضا إلى إثيوبيا يختلفون عن النازحين إلى تشاد أو جنوب السودان، حيث إن الذين قرروا الرحيل إلى القاهرة وأديس أبابا يعتبرون من الفئات المقتدرة ماديا، ولديهم وضع مالي يتراوح ما بين المتوسط والممتاز . وأكد أن هؤلاء النازحين إسهاماتهم إيجابية في النشاط الاقتصادي المصري، ولم يشكلوا عبئا، مشيرا إلى فورة الطلب على العقارات في مصر من قبل السودانيين، مما كان له مردود إيجابي على القطاع والصناعة ككل . وأشار إبراهيم إلى أن توافد المهاجرين واللاجئين يحدث منذ سنوات وليس جديدا على مصر، موضحا أن شكاوى المواطنين المصريين ترجع إلى تخوفهم من محدودية الموارد والسلع والخدمات . وشدد على أن زيادة الطلب على بعض السلع والخدمات من جانب اللاجئين ليس بالنسبة التي قد تؤدي إلى أزمة حقيقية، مؤكدا أن السودانيين يرفضون فكرة وجودهم في معسكرات إيواء، وهو أمر إيجابي بالنسبة لمصر؛ لأنهم ينخرطون في الاقتصاد والمجتمع.