عادت من جديد صفوف أولياء الأمور والطلاب إلى مراكز الدروس الخصوصية في المحافظات المختلفة، مع اقتراب امتحانات نهاية العام، والتسارع لحجز أماكن لأبنائهم بالمراكز الخاصة لاستقبالهم في العام الجديد، إذ ينتهي حجز الطالب لدى المعلم الخاص قبل بداية شهر يونيو من كل عام، الأمر الذي يكشف مدى استمرار الأزمة أمام أعين المسؤولين. ورغم إعلان الحكومة عدة مرات عن تفعيلها الضبطية القضائية التي أقرت منذ ثلاث سنوات في أوائل 2015 لدى المديريات المختلفة لمداهمة مراكز وسناتر الدروس الخصوصية، إلا أن الواقع مختلف، فلاتزال تمارس الغالبية العظمى من المراكز أعمالها وبمحيط مديريات التربية والتعليم في بعض المحافظات دون المساس بها، الأمر الذي أثار شبهة المجاملات في المداهمات، خاصة أن عددا كبيرا من المراكز التي تمت مداهمتها عادت للعمل بعد بفترات قصيرة لعدم تفعيل المخالفات بالشكل المطلوب. وكانت التقارير الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والغرف التجارية منذ عامين فاجأت الكثيرين، إذ كشفت عن ارتفاع فاتورة أسعار الدروس الخصوصية ومصروفات المدارس الخاصة والكتب الخارجية والأدوات والمستلزمات المدرسية حينها لتصل إلى ما بين 10 و20% من دخل الأسر بما يقدر بنحو 60 مليار جنيه سنويًا. وقال خيري فؤاد، نقيب معلمي سمالوط بالمنيا، إن أزمة الدروس الخصوصية ستظل مستمرة دون توقف في ظل فساد المنظومة التعليمية ككل، التي تعاني من عشرات المشكلات في جميع قطاعاتها، متساءلًا: كيف سيتم إصلاح العملية التعليمية بينما يتم اتخاذ قرارات مفاجئة من الوزراء المتعاقبين دون الرجوع لأهل الخبرة والنقابات العامة والفرعية؟ وأضاف فؤاد ل"البديل"، أن العملية التعليمية في الوقت الراهن تحولت إلى "منازل التعليم"؛ فالجميع فقدوا الثقة في العديد من المدارس الحكومية، بينما نرى العكس في المدارس الخاصة التي ترفع من مستوى المعلمين العاملين بها على جميع الأصعدة المادية والمعنوية، لذا نراه يعمل بجد، ولا يلجأ الطالب حينها للدروس الخصوصية لأنه يكون اتقن المناهج داخل المدرسة، وهو ما تفتقده المدارس الحكومية. واستطرد نقيب معلمي سمالوط: "في ظل سوء وضع المعلم، وعدم تطويره من قبل الحكومة أو دعمه ماديا بالشكل المطلوب، فإن الأزمة ستظل مستمرة، مرجعًا عدم تفعيل الضبطية القضائية بالشكل المطلوب إلى العدد الكبير للمراكز وتغيير أماكنها من منطقة لأخرى، وإقبال الأسر والطلاب بشكل مكثف في ظل تردي أوضاع التعليم، مطالبًا بتفادي الأخطاء المستمرة من القائمين على العملية التعليمية كنقل وتدريب المعلمين أثناء العام الدراسي، الأمر الذي يؤثر على العملية التعليمية والطلاب، بالإضافة إلى تثبيت المنظومة التعليمية على المدى البعيد بعد التخطيط لها بشكل جيد حتى لا يصبح الطلاب فئران تجارب، بحسب قوله. وائل المشنب، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، أرجع أزمة الدروس الخصوصية وعدم تطبيق الضبطية القضائية إلى عدة أسباب؛ أبرزها سوء أحوال المعلمين، ما يضطرهم إلى التفنن في استقطاب الطلاب إلى السناتر المختلفة بطرق شتى سواء داخل منازل أو أكاديميات أو بعض الجمعيات الخيرية التي يتم تأجيرها. وأوضح المشنب ل"البديل"، أن الأزمة ستنتهي مع تطبيق منظومة تعليمية تليق بالطلاب والمعلمين على حد سواء؛ من خلال تطوير المناهج والإداريات، الأمر الذي يؤدي لتلقي العلم بسهولة دون أعباء على كلا الطرفين.