لاتزال الأزمات تحاصر منطقة «أبيدوس» الأثرية بسوهاج، رغم إنفاق 30 مليون جنيه على مشروع تطويرها الصادر بقرار المجلس الأعلى للآثار منذ 9 أعوام، ومع اقتراب موعد افتتاح المنطقة الأهم أثريًا على مستوى الجمهورية؛ لكونها تضم أهم معابد ومقابر أثرية في العالم، تقف عوائق نقل البنايات العشوائية للأهالي، وتوقف مشروع الصوت والضوء مقيدًا للافتتاح. بعد صدور قرار المجلس الأعلى للآثار بتطوير المنطقة منذ عام 2009، لوضع سوهاج على خريطة السياحية العالمية، تم إنهاء 90% فقط من أعمال التطوير، التي تكلفت 30 مليون جنيه، ومازالت أجزاء من السور المحيط بالمنطقة قيد الإنشاء، إضافة إلى عدم إنهاء تطوير ساحات الانتظار ومراكز الزوار، وانتظار قرارات الري لتوصيل وتصريف المياه، وعدم اكتمال نقل المنازل العشوائية. وكشف عدد من الأهالي تعرض المنطقة للانهيار بسبب تدفق المياه الجوفية، وقال خليل مخيون، أستاذ التاريخ بجامعة جنوب الوادي، إن عدة شكاوى تقدم بها الأهالي لأكثر من جهة، كما تقدم النائب البرلماني محمد مسعود، منذ 3 أشهر بطلب إحاطة لوزير الآثار بشأن ما تتعرض له المنطقة، وأضاف مخيون ل«البديل»، أن عمليات التطوير تأخرت كثيرًا بعد أحداث يناير، متسائلا: كيف تترك الحكومة منطقة أثرية بحجم وقيمة «أبيدوس» طيلة هذه الفترة؟ مدير عام منطقة سوهاج الأثرية، جمال عبد الناصر، قال إنه تم إنهاء أعمال تركيب الطلمبات الخاصة بالآبار الستة؛ للحفاظ على المستوى الطبيعي للمياه، والتحكم في منسوب المياه الجوفية، وينتظرون موافقة وزارة الري لتوصيل أحواض التجميع لتكون بمثابة مصب للمياه الزائدة بترعة «برديس»، مضيفا ل«البديل»، أن الأعمال مستمرة وانتهوا من إنشاء السور الدائر حول المنطقة بمسافة 3,5 كم، ويتبقى 500 متر فقط؛ وهي عبارة عن تعديات عمرانية جنوب معبد سيتي، كما يجرى إنهاء التشطيبات الخاصة بمنطقة شرق المعبد؛ وتشمل أماكن الزوار وساحات انتظار الحافلات والسيارات السياحية والكافتيريا المركزي التي يجرى طرحها للاستغلال. وحول إزالة المباني العشوائية، قال مدير آثار سوهاج، إن الآثار تسعى لإزالة نحو 450 بناية ما بين ريفية وعشوائية، وتتفاوض مع أصحاب المنازل بالتنسيق مع المحافظة وقطاع تطوير العشوائيات، مع إنهاء إجراءات تعويض أصحاب بعض المنازل بأخرى تبعد مسافة واحد كيلو متر جنوب معبد سيتي؛ لخلوها من المكنون الأثري، وتبلغ مساحتها نحو 24 ألف متر، مضيفا: "فعليًا اتخذنا إجراءات إخراج هذه المساحة من تعداد أملاك الآثار لأملاك الدولة كي يتسنى بناء المنازل البديلة للأهالي عليها، وتستكمل حاليًا هيئة المساحة إجراءات الرفع المساحي بنظام الإحداثيات"، مؤكدا أن الحفاظ على تاريخ المنطقة وآثارها والبانوراما التي تبرز أهميتها، أمر يتطلب إزالة المبان. وقال المفتش والخبير الأثري، الدكتور جمال توفيق، إن أهمية إتمام مشروع الصوت والضوء، تكمن في إظهاره للمكنون الأثري لمنطقة «أبيدوس»، غير أن الإجراءات مرتبطة بإزالة المنازل، بالإضافة إلى أعمال حفائر على مساحة مائتي فدان من أراض الجبل الواقعة بين قريتي منصور والغابات، لأن تلك الأراضي تتداخل مع موقع «أم الجعاب»، وبالتالي تشكل خطرًا على باطن الأرض التي تزخر بآثار ومقابر تعد الأكثر قدمًا في التاريخ. وأضاف توفيق ل«البديل»، أن «أبيدوس» منطقة مقدسة لعبادة الإله أوزوريس، كان يحج إليها المصريون القدماء ملوكًا وأفرادًا، تضم أهم معابد ومقابر أثرية على مستوى العالم، إذ ترجع للأسرتين الأولى والثانية، ولم تبح عن أسرارها بعد، فسر احتفاظ المنطقة بالمياه لم يكتشف حتى اليوم. فيما قال مدير عام منطقة آثار «أبيدوس»، أشرف عكاشة، إن معبد «أبيدوس» أو «سيتي الأول»، الوحيد المحتفظ بكل أعمدته البالغ عددها 60 عمودًا، والوحيد الذي يضم 7 مقاصير، كما يمتاز بتصميمه المعماري الفريد، لما يحويه من 7 مقاصير مخصصة لإله المصريين القدماء، وكرسي الملك الذي شيد المعبد، وألوان مازالت تحتفظ برونقها، وبجدران المعبد قائمة بأسماء 76 ملكًا حكموا مصر الفرعونية بداية من الملك مينا حتى الملك رمسيس الثاني.