أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    الدولار يواصل الانخفاض متأثرًا ببيانات الوظائف الضعيفة    البصل يبدأ من 5 جنيهات.. ننشر أسعار الخضروات اليوم 10 مايو في سوق العبور    التنمية المحلية: تلقينا 9 آلاف طلب تصالح في مخالفات البناء خلال أول 48 ساعة    فصل متمرد.. تغير المناخ تكشف تأثير تقلبات الطقس على الزراعات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 10 مايو 2024.. الكومي ب38 ألف جنيه    «القابضة للمياه»: ندوة لتوعية السيدات بأهمية الترشيد وتأثيره على المجتمع    «القاهرة الإخبارية»: العدوان الإسرائيلي يتصاعد بعنف في غزة    الخارجية الفلسطينية: اعتداء المستوطنين على مقرات الأونروا في القدس المحتلة جريمة ممنهجة    «دعم منتظر».. الأمم المتحدة تصوت على عضوية فلسطين اليوم    رئيس الحكومة اللبنانية يبحث مع هنية جهود وقف إطلاق النار في غزة    إصابة شخصين وإحراق منازل في الهجوم الروسي على خاركيف أوكرانيا    "تخطى صلاح".. أيوب الكعبي يحقق رقما قياسيا في المسابقات الأوروبية    "اعتلاء منصات التتويج".. هاني العتال يوجه رسالة للزمالك قبل مباراة نهضة بركان    الأهلي يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة بلدية المحلة.. اليوم    أشرف عبد العزيز: ما فعله محامي الشيبي «جريمة»    نشوب حريق داخل ميناء الشركة القومية للأسمنت بالقاهرة    التعليم: 30% من أسئلة امتحانات الثانوية العامة للمستويات البسيطة    طعنها بالشارع.. حبس المتهم بالشروع في قتل زوجته بالعمرانية    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة بالقليوبية    حالة الطقس المتوقعة غدًا السبت 11 مايو 2024 | إنفوجراف    بالتفاصيل، تشغيل قطارات جديدة بدءا من هذا الموعد    ضبط وتحرير 24 محضرًا تموينيًا في شمال سيناء    إلهام شاهين: مهرجان ايزيس فرصة للانفتاح على العالم والترويج الثقافي لبلدنا    تشييع جثمان والدة الفنانة يسرا اللوزي من مسجد عمر مكرم ظهر اليوم    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    حفل زفافها على البلوجر محمد فرج أشعل السوشيال ميديا.. من هي لينا الطهطاوي؟ (صور)    بكاء المنتج أحمد السبكي بسبب ابنه كريم.. ما السبب؟    صابر الرباعي يكشف حقيقة دخوله مجال التمثيل وتقديم مسلسل 30 حلقة    صلاة الجمعة.. عبادة مباركة ومناسبة للتلاحم الاجتماعي،    دعاء يوم الجمعة لسعة الرزق وفك الكرب.. «اللهم احفظ أبناءنا واعصمهم من الفتن»    الصحة: أضرار كارثية على الأسنان نتيجة التدخين    أسعار اللحوم الحمراء في منافذ «الزراعة» ومحلات الجزارة.. البلدي بكام    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    طبق الأسبوع| مطبخ الشيف رانيا الفار تقدم طريقة عمل «البريوش»    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    مصطفى بكري: مصر تكبدت 90 مليون جنيها للقضاء على الإرهاب    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    ملف رياضة مصراوي.. زيارة ممدوح عباس لعائلة زيزو.. وتعديل موعد مباراة مصر وبوركينا فاسو    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    أشرف صبحي يناقش استعدادات منتخب مصر لأولمبياد باريس 2024    نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة اليوم 10-5-2024.. جدول مواعيد الصلاة بمدن مصر    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    إصابة شرطيين اثنين إثر إطلاق نار بقسم شرطة في باريس    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    البابا تواضروس يستقبل رئيسي الكنيستين السريانية والأرمينية    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    مسؤول أوروبي كبير يدين هجوم مستوطنين على "الأونروا" بالقدس الشرقية    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناظر ديوان المظالم »خالد علي« في حوار ساخن مع »الأخبار« :شهادة حق.. لولا المشير لدهس قطار الخصخصة بنك القاهرة
نشر في الأخبار يوم 15 - 10 - 2011

مسافة قصيرة جدا هي تلك التي تفصل بين مبني رئاسة الوزراء بشارع قصر العيني ومكتب المحامي خالد علي رئيس المركز المصري للحقوق الإقتصادية والإجتماعية في منطقة سوق التوفيقية بوسط القاهرة.. لكن العلاقة بين المكانين تعدت بالنسبة لي هذا التقارب المكاني إلي كونهما تحولا إلي ديوان مظالم المقهورين من أبناء الشعب المصري. في ديوان رئاسة الوزراء اختار رئيس الحكومة د.عصام شرف أن يترك هؤلاء المقهورين ليالي طويلة أمام المبني الذي يدير أمور البلاد من داخله يصرخون حتي يمن عليهم بعطية حكومية تسكن آلامهم، وفي مكتب خالد علي اختار المحامي الشريف ابن الريف المصري الأصيل خيارا آخر وهومساعدة كل من يستعين به من المقهورين في الوصول إلي حل جذري وحاسم، لا يسكن الآلام بل يستأصلها من جذورها. وفي حواره مع " الأخبار " كشف ناظر ديوان المظالم خالد علي عن رؤيته لاستئصال هذه الآلام من جذورها، وهي رؤية استمدها من معرفة دقيقة بإمكانيات مصر الالإقتصادية، التي تخلي عنها نظام مبارك طواعية ببيع شركات القطاع العام، فكان الحصول علي حكم قضائي بإعادة ثلاث منها إلي الدولة يمثل لحظة فارقة في حياة هذا المحامي الشاب لم يستطع معها أن يحبس دموعه. ويزيل خالد علي في حواره الكثير من الغموض حول مصير هذه الشركات حال لجوء المستثمرين إلي التحكيم الدولي، كما يوضح الإجراءات التي من المفترض أن تلجأ لها الحكومة للحفاظ عليها، ويكشف عن رؤيته للكثير من القضايا السياسية والقانونية المطروحة حاليا.
بداية هل نعتبر حصولك علي حكم قضائي بإستعادة ثلاث شركات، هوإحدي ثمار ثورة 25 يناير؟
يجب أن أوضح أولا أن العمال هم من حصلوا علي هذه الأحكام، فأنا لم أرفع أي قضية إلا بناء علي طلبهم.. وجاء الحصول علي أحكام بإستعادة هذه الشركات الثلاث، وهي المراجل البخارية وطنطا للكتان وغزل شبين، بعد أن أصبحت هناك سابقة قضائية ببطلان بيع صفقة عمر أفندي. والقول إن الثورة هي التي شجعتنا فيه ظلم لنا، وظلم للقضاة أيضا، فرفع قضية عمر أفندي جاء بعد الحصول علي حكم قضائي ببطلان إجراءات بيع أراضي مدينتي، حيث منحنا هذا الحكم الأمل في إستعادة أملاك الدولة التي أخذت بطرق غير مشروعة، وهذا الحكم كان قبل الثورة.
لكنك بعد الثورة حصلت علي 3 أحكام ؟
الحصول علي 3 أحكام يتعلق بأداء القاضي الذي كان ينظر هذه القضايا، فهويؤمن بسرعة الفصل في القضايا، حتي انه عندما يؤجل قضية تكون أقصي مدة لفترة أسبوعين، بل انه كان يعطي - أحيانا - فترة ساعتين فقط لقراءة الملفات في بعض القضايا، لكن القاضي الذي ينظر القضايا - حاليا - أداؤه مختلف تماما، حيث انه يؤجل القضايا لفترات ولا أتوقع أن تصدر أحكام جديدة.
وهل الأمر يبدوبالنسبة لك متعمدا؟
هناك حملة إعلامية منظمة تتحدث عن تأثير أحكام بطلان بيع شركات القطاع العام علي جذب المستثمرين الأجانب، ومن الممكن ان تكون هذه الحملة قد أثرت علي المحكمة، لكننا رغم ذلك لن نيأس، وسأواصل رفع القضايا لإستعادة شركات الدولة، فلا يزال في جعبتنا الكثير.
ولماذا تفعل ذلك كله، هل الأمر يتعلق بدافع شخصي، كأن يكون أحد أقاربك أومعارفك أضير من بيع هذه الشركات؟
انا نشأت في ميت غمر، حيث كان يوجد في منطقتنا أحد المصانع التابعة لشركات القطاع العام، وأدركت من صغري الدور الذي كانت تلعبه هذه المصانع، فيحزنني ان تباع لأجانب بأثمان بخسة ويحرم المصريون من نفعها. واهتمامي بهذه القضايا ليس وليد اللحظة، فمنذ اشتغالي بالمحاماة وأنا مهتم بقضايا الحقوق العمالية، وحصلت علي كثير من الأحكام في هذا الصدد، منها بطلان انتخابات النقابات العمالية، ووقف خصخصة هيئة التأمين الصحي، لكن الفرق ان وسائل الإعلام أصبحت أكثر اهتماما بمثل هذه القضايا بسبب المناخ العام الذي خلقته الثورة.
بعبع التحكيم الدولي
لكن الجهد الذي بذلته في استعادة الشركات، قد يضيع مع لجوء المستثمرين للتحكيم الدولي؟
الكلام الذي يتم ترديده اننا سنخسر التحكيم الدولي غير صحيح، ونموذج شركة " سياج " الذي يتم ترديده للتأكيد علي ذلك قول حق يراد به باطل.
فشركة " سياج " صحيح انها نجحت عندما لجأت للتحكيم الدولي، ولكن يجب أن نسأل لماذا نجحت.
الإجابة أنها نجحت لأن إجراءات سحب الأرض منها كان غير قانوني، فالقصة باختصار أن الأرض التي بيعت للشركة لمعت في عين حسين سالم، فقامت الحكومة بسحبها من أجل عيونه، فحصل المستثمر علي حكم من مجلس الدولة بأحقيته بالأرض ورفضت الحكومة تنفيذ الحكم، فكان طبيعيا ان يحصل علي حكم لو لجأ للتحكيم الدولي. وإذا أرادت الحكومة أن تستخدم النموذج الصحيح فأمامها نموذجان أحدهما بمصر والآخر بكينيا، أما النموذج المصري فهومطار رأس سدر الذي تم سحب رخصة إنشائه من شركة إنجليزية، لأنها أعطت معلومات خاطئة عن مركزها المالي، وجاء الحكم في نصه أن جهات التحكيم تحمي الاستثمار الجاد وليس الفاسد. ولا يختلف النموذج الكيني عن المصري، فالشركة الإماراتية التي كانت موكل لها انشاء مطارين هناك تم سحب الرخصة منها، لأنها دفعت رشوة لرئيس الدولة الذي تم الإنقلاب عليه، وكان قرار التحكيم الدولي عندما لجأت إليه الشركة ان التحكيم لا يحمي الاستثمار الفاسد.
معني ذلك انك تثق في الحصول علي حكم لصالح مصر حال لجوء المستثمرين للتحكيم الدولي؟
الأمر يتوقف علي جهود الحكومة ورغبتها الصادقة في الحفاظ علي هذه الشركات.. فالأحكام التي حصلنا عليها يتكون كل حكم منها من 60 صفحة لابد من البدء في ترجمتها فورا لتقديمها عند اللجوء للتحكيم الدولي، كما ينبغي أن يفتح النائب العام فورا ملف فساد الخصخصة لتجميع أدلة الفساد التي شابت عمليات البيع.
وما الذي يعوق الحكومة عن تحقيق ذلك؟
بصراحة أنا لا أشعر بوجود رغبة صادقة لدي الحكومة، فلا هي بدأت في مراجعة عقود بيع الأراضي والشركات، ولا هي بدأت تتخذ من الإجراءات ما يضمن حكما لصالحنا عند اللجوء للتحكيم الدولي.
وسأعطيك مثالا، إذا كان الوليد بن طلال قد اشتري فدان الأرض في توشكي ب 50 جنيها للفدان عام 1998 وتم تعديل العقد بعد إثارة هذه القضية، فعندنا الآن شركة الزهرة الإماراتية التي اشترت الفدان في نفس المنطقة ب 50 جنيها عام 2008، ولم يتم تعديل العقد حتي الآن.
لكن أليس العقد شريعة المتعاقدين، سيكون الدفاع الذي يقدمه المستثمر أمام التحكيم الدولي أن الدولة هي التي أعطته بهذا السعر؟
النظام الذي كان يحكم الدولة نظام فاسد، والنظام الفاسد لا يجلب إلا مستثمرين علي شاكلته، وفساد النظام في عمليات البيع لا يحتاج إلي عبقرية لإثباته. فعندما تباع شركة غزل قليوب ب 4 ملايين ونصف، بينما كانت الشركة قد تم تجديدها قبل البيع ب 15 مليونا، فهذا فساد واضح، ويبدوالأمر أكثر إستفزازا في شركة غزل شبين، فالشركات التي تقدمت للشراء وافقت علي كل الشروط ومن بينها الاحتفاظ بالعمال، لكن فوجئنا بعد أن استقر الأمر علي شركة " أندوراما " بقيام الشركة القابضة بفتح باب المعاش المبكر، حيث تم إخراج ألف و460 عاملا بتكلفة 74 مليون جنيه، ومعني ذلك أن الدولة دعمت صفقة البيع بهذا المبلغ، أليس ذلك فسادا؟.
وفي شركة طنطا للكتان تم البيع ب 83 مليون جنيه، في حين أن ثمن الأرض وحدها يبلغ 85 مليون، بخلاف ما في المصانع من ماكينات ومواد خام.
وبعيدا عن ذلك، سأفترض معك ان الدولة خسرت التحكيم الدولي، ألا تملك الحكومة من الأدوات ما يساعدها في نزاعها مع المستثمرين، ولنا في قضية أوراسكوم في الجزائر سابقة يمكن إتباعها، فالشركة عندما أجبرتها الحكومة علي البيع رفضت ولجأت للتحكيم الدولي وحصلت علي حكم لصالحها، فما كان من الحكومة إلا ان قامت بفرض ضرائب عالية اضطرت معها الشركة للرضوخ والبيع.
ألا تري أن النموذج الجزائري الذي تطرحه ينفر المستثمرين، في وقت نسعي فيه لزيادتهم؟
يضحك ساخرا: مستثمرين إيه ؟ هوإحنا عايزين المستثمرين يشتغلوا عندنا ليه، مش عشان يشغلوا العمالة، هاتلي مستثمر واحد ما طردشي العمال، المستثمر المحترم نشيلوا علي راسنا، أما الفاسدون فلا نحتاجهم.
بمناسبة الحديث عن طرد العمال، ألا تتضمن عقود بيع الشركات شرطا يضمن لهم الإحتفاظ بحقوقهم؟
كل العقود تتضمن شرطا مائعا ينص علي حماية حقول العمال، ولكن دعنا نري كيف تحمي حقوق العمال، ولنا في شركة طنطا للكتان نموذجا.
فالعمال عندما لاحظوا ان المستثمر السعودي بدأ يفصل العمال تعسفيا بشكل ملحوظ اعتصموا في المصنع، وتدخلت الحكومة لإقناع العمال بإستئناف النشاط، فكان أول قرار أخذه المستثمر بعد العودة هوفصل رئيس اللجنة النقابية الذي ساهم في إقناع العمال بالعودة. وبعد ذلك قام بسحب الإدارة فأصبح المصنع بلا إدارة، ثم قام بسحب أتوبيسات العمال، ومع ذلك أصر العمال علي العمل، فأوقف شراء المواد الخام، إلي ان اضطر العمال تحت هذا الضغط إلي القبول بالمعاش المبكر.
وأنت تدافع عن حقوق العمال ألم تتعرض لضغط مادي ومعنوي؟
استقبلت عروضا مادية كثيرة لإثنائي عن مهمتي، ويكفي ان تعرف ان رجل أعمال شهير، وبالمناسبة هوفي السجن حاليا - عرض علي شيكا علي بياض أكتب فيه المبلغ الذي أريده لأتولي الدفاع عنه، لكني رفضت وكان ردي: لا يمكن ان أكون محامي رجل أعمال في قضية، ومحامي العمال في قضية أخري.
حكومة غير جادة
لكن ألا تري أن كثرة الوقفات الإحتجاجية للعمال تعوق حكومة عصام شرف عن القيام بدورها؟
حكومة عصام شرف ليست جادة في تحقيق العدالة الإجتماعية ومقاومة الفساد، ولوأنها جادة لأوجدت مصادر كثيرة للدخل يمكنها تحقيق ما ترجوه هذه الوقفات، فمطالب عمالنا بسيطة جدا، فهل تعرف ان عمال المحلة كانوا ينوون الإعتصام، وأوقفوا مخططهم لمجرد زيادة بدل الوجبة بمعدل جنيه في اليوم، وعمال النقل العام أوقفوا الإضراب بمجرد زيادة قدرها 200 جنيه.
هي فعلا مطالب بسيطة، لكن لوأنت في مكان عصام شرف فمن أين ستأتي بالأموال ؟
مصر دولة غنية بمواردها، ولكن هذه الموارد كانت منهوبة والعلاج سهل وبسيط، فأنا أتعجب أن تمد مصر يدها لدول الخليج، في الوقت الذي تبيع فيه متر مدينتي ب 297 جنيها . فالشركة مالكة "مدينتي" تبيع متر الوحدة السكنية ب 5 آلاف جنيه، ومتر الفيلا ب 25 ألفا، ومتر الوحدات التجارية ب 50 ألف جنيه، فما المانع ان يتم تعديل العقد ليصبح سعر المتر ألف جنيه، وعلي فكرة ستكون الشركة قد حققت مكسبا في المتر 5 آلاف جنيه، أليس ذلك كافيا؟. وبحسبة بسيطة فإن بيع المتر بألف جنيه يمكن ان يجلب للدولة 23 مليار جنيه، فالأرض مساحتها 33 مليون متر، بيعت ب10 مليارات جنيه، فلوحسبنا سعر المتر بألف جنيه، وهوثمن عادل جدا، يصبح ثمن الأرض 33 مليارا، وإذا خصمنا من هذا المبلغ ال10 مليارات، تتحصل الدولة علي 23 مليارا. وسأعطيك مثالا آخر وهوالشركة المصرية الكويتية التي اشترت 27 ألف فدان في العياط، ووضعت يدها علي 13 ألف متر، وقد بيع فدان الأرض ب 200 جنيه، أي ان المتر لا يتعدي قيمته 4 قروش ونصف، في حين ان الشركة باعت الفدان بقيمة 22 ألف دينار كويتي.
مراجعة مثل هذه العقود تأخذ وقتا، أنا أحدثك عن حلول عاجلة ترضي المحتجين؟
الحلول موجودة، ولكن سأعيد عليك نفس الكلام، فالحكومات المتعاقبة بمصر بما فيها حكومة عصام شرف ليست جادة في محاربة الفساد وتحقيق العدالة الإجتماعية. فحكومة عصام شرف تنظر لنفسها علي أنها حكومة مؤقتة " بتمشي حالها " لحين انتهاء مهمتها، لذلك أداؤها متراخ، حيث تنتظر لحين تصاعد الإحتجاجات وتقذف للمحتجين " لقمة " تخرسهم بها، دون ان تضع علاجا جذريا.
وما هوالعلاج الجذري من وجهة نظرك؟
يمكن توفير موارد تحقق العدالة الإجتماعية من خلال مصدرين هما تحديد الحد الأقصي للأجور، والإستفادة مما يعرف بالصناديق الخاصة.
وهذه الصناديق الخاصة هي رسوم تتحصل عليها الدولة من المواطنين نظير بعض الخدمات مثل الحصول علي البطاقة الشخصية أورسوم المحاكم وغيرها، وهذه الأموال لا تدخل ضمن ميزانية الدولة، ولا تخضع حتي لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات. ووفقا لأحد الإستجوابات في مجلس الشعب قبل الثورة كان يقال ان هذه الصناديق دخلها 600 مليار جنيه، وسأفترض أن هناك مبالغة في المبلغ وليكن 100 مليار فقط، تخيل معي ما الذي يمكن ان يصنعه هذا المبلغ.
حلول جيدة وتبدومنطقية، لكن كيف ستفكر الحكومة فيها مع كل هذه الإحتجاجات؟
يبادرون علي الأقل بأن يصنعوا شيئا تبني عليه الحكومات التالية، لكن كل ما نسمعه بلاش إحتجاجات عشان متوقفوش عجلة الإنتاج، أنا نفسي أشوف عجلة الإنتاج اللي وقفت، للأسف هما اللي وقفوا العجلة لما باعوا الشركات، انا عايزك تلف علي المحلات وطلعلي منتج واحد مصري.
أي تجربة يكون فيها إيجابيات وسلبيات ويتم التقييم وفق معيار أيهما يغلب علي الآخر، لكن من الواضح أنك لا تري أي إيجابية للخصخصة؟
طب أنا نفسي حد يقولي إيجابية واحدة، طبعا أنت تعرف تليفزيونات تلميصر التي كانت عنوانا للتميز، بيعت لمستثمر مدين للحكومة ب 28 مليون، لمصلحة من ذلك؟.. وهذا المستثمر دأب حاليا علي طرد العمال، بل انه يجلب شاشات مستعملة ويستخدمها في صناعة التليفزيون.
إذا كانت الشركات تنتج منتجات عالية الجودة، كما تقول، فمعني ذلك أن حركة البيع كانت عالية، ومنطقيا ستكون أرباحها عالية أيضا، فلماذا يتم بيعها؟
كانت هناك خطة منظمة لبيع الشركات، وأول شييء في هذه الخطة هوإظهار أن هذه الشركات تخسر، مع أن الحقيقة ليست كذلك، بدليل ان شركة مثل الشرقية للدخان أرباحها عالية، وهي شركة من شركات القطاع العام.. لماذا لم يسأل أحد عن أسباب عدم بيعها.
الإجابة باختصار لأن الإدارة ممتازة، فالحكومة يمكنها توفير إدارة تقضي علي أي شركة، أوتوفير إدارة أخري تجعلها تربح.
المشير وبنك القاهرة
وماذا عن تجربة مثل بيع بنك الإسكندرية، انا لم أسمع عن أي مشاكل سببتها ؟
يمتعض خالد قائلا: هذه أخطر صفقة من صفقات الخصخصة، فقطاع خطير مثل قطاع البنوك لم أكن أتصور ان تضحي الحكومة بمنتهي السهولة عن أحد بنوكه بهذه الطريقة.
لكن عماله وموظفيه يحصلون علي رواتب عالية؟
أولا الرواتب التي يحصلون عليها أعلي بقدر ضئيل من بنوك القاهرة ومصر، ثم دعنا نري كيف مولوا الزيادة التي أعطوها في الرواتب، فالبنك قام بعمل إختبارات للعاملين وبناء علي نتيجة هذه الإختبارات تم الإستغناء عن عدد من العاملين.
وبمناسبة الحديث عن البنوك ، انه لولا تدخل المشير طنطاوي في أحد إجتماعات مجلس الوزراء لبيع بنك القاهرة، ففي الإجتماع طالبهم المشير بغلق باب المناقشة في هذا الموضوع، وقال لهم: " كفاية اللي بعتوه ناقص تبيعوا الناس " .
تقول ذلك رغم إعلانك أكثر من مرة عدم رضائك عن أداء المجلس العسكري؟
هذه شهادة حق، وعلي فكرة كان له دور - أيضا - في حماية أموال التأمينات الإجتماعية، لكن ألومه في الموافقة علي محضر إجتماع مجلس الوزراء علي تقييم الشركات بالقيمة الدفترية.
ننتقل من موضوع الخصخصة إلي القضية التي رفعتها بخصوص بطلان إعلان حالة الطواريء.. علي أي أساس تستند في قضيتك؟
أستند إلي التعارض بين الدستور والقانون، فوفقا لأحكام محكمة النقض يلغي القانون طالما انه يتعارض مع نص دستوري.. وقانون الطوارئ الذي صدر مؤخرا، كان من المفترض أن يستفتي عليه الشعب قبل إقراره وفق نص الإعلان الدستوري الأخير.
ألا تري ان مبررات إصدار القانون تبدو منطقية لحماية البلاد من الإنفلات الامني ونحن مقبلون علي إنتخابات برلمانية؟
الخطر الذي يواجه مصر ليس احتجاجات عمالية ولا انفلاتا أمنيا، لكن الخطر الذي أستشعره هوصراع علي السلطة زاده سخونة قد تنقلب إلي أوضاع أصعب دخول المجلس العسكري طرفا في هذا الصراع، فأنا لا أستشعر وجود نية لتسليم السلطة رغم التصريحات التي يطلقها أعضاؤه من حين لآخر.
وما المؤشرات التي بنيت عليها شعورك هذا؟
الزيارات الميدانية للمشير،ومنها طبعا الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها لوسط القاهرة مرتديا زيا مدنيا، كذلك الآلة الإعلامية التي بدأت تروج لفكرة أن الأوضاع في مصر تتطلب وجود المجلس العسكري، والإجتماعات التي تعقدها قيادات المجلس مع الأحزاب ليتم بعدها إصدار قوانين منافية تماما لما تم الإتفاق عليه.
معني ذلك أننا لن نصل لمرحلة الإنتخابات الرئاسية؟
الصورة ليست واضحة، فبعد أن كانت المرحلة الإنتقالية ستة أشهر أصبح الحديث الآن أنها ستمتد إلي2013، وكلما زادت المرحلة الإنتقالية زاد الخطر، فأنا أدعوالمجلس العسكري إلي القيام بدوره في حماية مصر من هذا الخطر بتسليم السلطة في أقرب وقت ممكن، والوقوف علي مسافة متساوية من كل القوي والتيارات السياسية.
أفهم من ذلك أنك تتهم المجلس بالإنحياز لتيار دون الآخر؟
كما قلت سابقا هناك صراع علي السلطة والمجلس العسكري هوأذكي لاعب في هذا الصراع، فهويستخدم كل التيارات ويتلاعب بها لإظهارها للشارع في صورة المتنازعة علي الحكم والطامعة في السلطة، بينما في الواقع هومن يطمع في السلطة.
البعض يتحدث عن انه أحسن استغلال الإخوان؟
ليس فقط الإخوان، كل التيارات الإسلامية تم إستغلالها لتمرير التعديلات الدستورية، ففوجئنا أننا كنا نستفتي علي " الله " وليس علي 9 مواد في الدستور، وانا أدعوالإخوان وغيرهم إلي الإعتراف بأنه تم إستغلالهم، والآن لم يعد المجلس العسكري قريبا من أحد، وسينقلب علي الجميع بما فيهم المنظمات الحقوفية.
وهل يعني ذلك انك تستشعر الخطر علي المركز المصري للحقوق الإقتصادية والإجتماعية؟
انا استشعر الخطر علي مصر، فنحن مقبلون علي صراع علي السلطة سيدعم فيه المجلس العسكري كل من يقف إلي جانبه و" يدوس " كل من يعارضه.
حالة الهلع والخوف التي تبدو في حديثك تشعرني اننا مقبلون علي أيام صعبة مثل جمعة الغضب وموقعة الجمل وغيرها؟
يا ريت تكون مثل هذه الأيام، ففي هذه الأيام كان الهدف واضحا وهوالإطاحة بنظام مبارك، أما الأيام المقبلة فالهدف غير واضح في ظل سعي كل طرف لتحقيق مصلحته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.