يتواصل في بعض مناطق المملكة زواج القصر، مما يدفع الأمر لأن يكون قضية وطنية. ولم يصدق سكان إحدى القرى التابعة لمحافظة العارضة في منطقة جازان أن جبران الصغير الذي لم يكمل عامه الخامس عشر ويدرس في الفصل السادس الابتدائي قد أصبح زوجا لفتاة تكبره بعام واحد. وكان استغرابهم يكمن في كيفية قدرة هذا الطالب على مواكبة العصر الحديث مع شريكة حياته واضعين اللوم على والده الذي وافق على زواج ابنه في سن مبكرة, فالأمر يتطلب منه البحث فورا عن عمل بأسرع وقت حتى يوفر من خلاله حاجات زوجته خاصة أنه يسكن في غرفة مع أسرته ولا عائل له ولزوجته إلا والده الذي يعتمد على الزراعة وتربية الماشية في توفير المال. جبران الذي أجبره والده على الزواج من ابنة عمه تزوج قبل شهرين وبمهر بلغ الخمسين ألف ريال يدفعها على أقساط. أما والده فاعترف بأن الزواج المبكر هو عادة ينتهجها بعض أفراد قبيلته وأبناء قريتهم منذ زمن وليس له تأثير سلبي على الحياة الزوجية مستقبلا لأن هناك من الأجيال السابقة من قام بفعل ذلك غير مدرك باختلاف الظروف من كل النواحي بما فيها المعيشية على وجه الخصوص، فيما هدد والد العروس باسترداد ابنته من زوجها إذا ترك دراسته. تحفظات نظامية وقانونية المشرف العام على فرع جمعية حقوق الإنسان بمنطقة جازان أحمد بن يحيى البهكلي فيقول في قضية الزواج المبكر ومدى تأثيراته الاجتماعية مستقبلا فيقول: لا يستطيع أحد أن يعترض على إجراء زواج بين رجل وامرأة بالغين من ناحية شرعية، أما من الناحية النظامية فهناك تحفظات تتعلق بالجانب القانوني والجانب المعيشي للزوجين، ولكن إذا تطرقنا للقضية من الناحية الحقوقية الإنسانية فمما لا شك فيه أن زواج شخص لم تكتمل إمكانياته الجسدية والنفسية ولم يستكمل تأهيله العلمي أو وضعه الوظيفي بما يضمن استمرار الحياة الزوجية والعلاقة بين الزوجين بشكل سليم ومطمئن، يدعونا للقول: إن الجمعيات المختصة بحقوق الإنسان ترى أن زواجا كهذا قد يؤدي إلى مشكلات لا حصر لها من جميع الجوانب وقد تنتهي بانفصال الزوجين وطلاقهما ويكون الحكم في نهاية الأمر على الفتاة بشكل خاص مؤثرا وذلك من خلال ما يكونه المجتمع من صورة نمطية عن الفتاة المطقة وقد يتسبب لها في مشكلات نفسية واجتماعية كثيرة ربما تستمر معها طول حياتها وبخاصة إذا كانت هناك ثمرة بينهما من الأطفال نتيجة هذا الزواج وذلك من منطلق حرص جمعيات حقوق الإنسان على استقرار الحياة الزوجية بين أطراف متكافئة وقادرة على ضمان المتطلبات الأساسية للحياة الزوجية وخاصة في هذا العصر.