نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: التحقيق مع 128 طالبا وطالبة بسبب الغش.. ولجان مفاجئة ب145 مركز شباب لرصد الانضباط    "موان" ينفذ عددًا من المبادرات في قطاع إدارة النفايات بموسم الحج    وزير الإعلام يزور جناح وزارة الداخلية في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى إعلام الحج مكة المكرمة    حماس والجهاد الإسلامي: مستعدون للتعامل بإيجابية مع اتفاق ينهي حرب غزة    تصفيات المونديال| ليبيا يخسر من الرأس الأخضر وجزر القمر يفوز على تشاد    يورو 2024| أكبر عدد أهداف في مباراة بتاريخ بطولة الأمم الأوروبية    دي بروين يوجه صدمة مدوية لجماهير الاتحاد    وسط تكتم .. وفاة 4 سجناء داخل قسم شرطة إمبابة في ظروف غامضة    استعدادًا لعيد الأضحى.. حملات مكثفة لمراقبة الأسواق وإنذار 7 مطاعم بالغلق في مطروح    أحمد عز يكشف سبب تقديم ثلاثة أجزاء من "ولاد رزق".. شاهد    عالم أزهرى يكشف لقناة الناس لماذا لا يصوم الحجاج يوم عرفة.. فيديو    أول رد من عريس الشرقية بعد فيديو ضرب عروسه في الفرح: «غصب عني»    كاتبة أردنية: كلمة الرئيس السيسي في قمة اليوم مكاشفة وكلها مدعومة بالحقائق والوثائق    «الأعلى للإعلام»: حجب المنصات غير المرخصة    رسالة جديدة من «الهجرة» للمصريين في دول النزاعات بشأن مبادرة استيراد السيارات    خالد الجندي يعدد 4 مغانم في يوم عرفة: مغفرة ذنوب عامين كاملين    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الأضحية لا تجزئ عن الأسرة كلها في حالة واحدة    نقابة الصيادلة: الدواء المصري هو الأرخص على مستوى العالم.. لازم نخلص من عقدة الخواجة    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    «طه»: الاستثمار في العنصر البشري والتعاون الدولي ركيزتان لمواجهة الأزمات الصحية بفعالية    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    مباشر الآن تويتر HD.. مشاهدة الشوط الأول مباراة السعودية والأردن في تصفيات كأس العالم    مفاجأة.. بيراميدز مهدد بعدم المشاركة في البطولات الإفريقية    مصدر بمكافحة المنشطات: إمكانية رفع الإيقاف عن رمضان صبحى لحين عقد جلسة استماع ثانية    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    عبدالقادر علام: التفرد والتميز ضمن معايير اختيار الأعمال فى المعرض العام 44    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رصف طريق الحصفة بالرياض    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    حقوق إنسان الشيوخ تتفقد مركز الإدمان والتعاطى بإمبابة    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    الأمين العام للناتو: لاتفيا تمثل قدوة لدول الحلفاء    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    تأجيل محاكمة المتهم بإصابة شاب بشلل نصفى لتجاوزه السرعة ل30 يوليو المقبل    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    الأزهر الشريف يهدي 114 مجلدا لمكتبة مصر العامة بدمنهور    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبد الصبور شاهين: بناء الجدار العازل فيه شبهة الاقتراب من الكفر
نشر في الدستور الأصلي يوم 04 - 01 - 2010

يجب ألا نوافق عليه وأن نجاهر برأينا صراحة لأنه لا يحمي إلا أمن العدو الصهيوني
منفذو العمليات الاستشهادية في فلسطين شهداء والذين يصفونهم بالانتحاريين يفتون علي الطريقة الأمريكية
العدوان الصهيوني مستمر على الفلسطينيين وسط صمت عربي مخزي
في الجزء الثاني من الحوار مع د.عبد الصبور شاهين الداعية الإسلامي والأستاذ المتفرغ بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، تدخل «الدستور» معه في مناطق شائكة، مثلا علاقته بالإخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا، وكذا رأيه في الخلافات بين السنة والشيعة، والمفهوم المعاصر للجهاد ورأيه في العمليات الاستشهادية التي يقوم بها الفلسطينيون ضد الاحتلال الإسرائيلي، وإلي التفاصيل..
سألنا الدكتور عبدالصبور شاهين عن رأيه في بناء الجدار العازل بين رفح المصرية وغزة الفلسطينية؟
- أجاب الدكتور: كلنا يعرف أن رفح هي البوابة الوحيدة والمنفذ الرئيسي لغزة علي العالم بعد أن سد اليهود عليهم كل منفذ، وهذا الجدار يمنع المعونات الحيوية مثل الغذاء والدواء عن إخواننا وجيراننا في فلسطين وقد نبهنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أنه ليس من الإيمان ترك الجار جائعًا محتاجًا قال - صلي الله عليه وسلم-:
(والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قالوا من يارسول الله؟ قال من بات شبعان وجاره إلي جواره جائع)، ولا يقتصر الجوار علي جوار السكن ولكن الجار أيضًا هو من يجاورنا في الأرض والحدود
كأهلنا في فلسطين، ومادام بناء هذا الجدار فيه شبهة الاقتراب من الكفر فيجب ألا نوافق عليه وأن نجاهر برأينا صراحة.
وما رأي فضيلتكم في موافقة مجمع البحوث الإسلامية علي بناء الجدار وإصدار فتوي بشرعية بنائه خلافا لرأي الدكتور يوسف القرضاوي والذي أفتي بحرمة بنائه وعدم مشروعيته؟
- إن بناة هذا الجدار ومن ولاهم يتصورون أنه سيكفل لهم الحماية ويضمن لهم سلامة كراسيهم ومراكزهم علي جميع الأصعدة ،أما حجتهم الواهية أنهم يفعلون ذلك حفاظا علي أمن مصر، فذلك مما لا يصدقه العاقل فبناء الجدار لا يحمي سوي أمن العدو الصهيوني، أقول لكل من يؤيد بناء الجدار تذكروا قول الله عز وجل (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا). وأقول لأخي الدكتور القرضاوي بارك الله فيك وفي علمك لما فيه نفع الإسلام والمسلمين.
دكتور عبد الصبور ؛ هل أنتم من الإخوان المسلمين ؟
- نعم.. كنت من الإخوان المسلمين، ولكن أين هم الآن ؟ لقد غيروا مفهومهم السابق، وتحولوا من الدعوة إلي السياسة إلي المطالبة بحزب لهم، وانشغلوا بالسياسة فأهملوا الدعوة، الدعوة كما بدأها حسن البنا -رحمه الله- كانت من مبادئ إيديولوجيتها الأساسية عدم الدخول في معترك السياسة، إن أعداء الدعوة يحاولون جرهم إلي جعلها حزبية وليست إسلامية حتي تفقد مضمونها.
هل قابلتم الإمام حسن البنا ؟
- نعم قابلته وجها لوجه وكنت في السنة الثانية بدار العلوم، وهو من أكثر الشخصيات التي أثرت في حياتي، قابلته- رحمه الله- في جريدة الإخوان المسلمين وكان اللقاء يوم الخميس، وامتد بنا الحديث ساعات وكان يكلمني كأب لي، وقال لي: عندما تتخرج يا عبد الصبور تعالي لي، حتي أزوجك ابنتي، فابتسمت وسلمت عليه وخرجت، كان رجلا طيبا- رحمه الله-.
بعد كل هذه السنوات ما قضية حياتكم التي تكافحون من أجله ؟
- علي الصعيد الأسري أن أحافظ علي بيتي وأسرتي، وأن أحرص علي تربية أبنائي تربية دينية صحيحة وعلي أسس متينة، أما علي الصعيد الديني والاجتماعي فقضيتي كانت ومازالت هي الدعوة، وماينبغي عمله لإنجاحها، أما خطواتها أن تتولي وزارة التربية توجيه الشباب توجيها صحيحا إلي طاعة الله، كي يكون حصنا للدعوة للعمل علي نهوض البلد من كبوته، ولن يكون ذلك إلا بنجاح الدعوة إلي طاعة الله، أما علي الصعيد السياسي فأهم مايشغل بالي هو الأمل الكبير الذي أرجو أن يتحقق إن شاء الله، وأعني به توحد الأمة الإسلامية، لأن وحدتها فقط هي التي ستمنع عنها هذا التكالب الخطير، واتحاد أمة محمد صلي الله عليه وسلم هو مصدر قوتها الوحيد إذا اقترن بالإيمان الحق، وأعداؤنا يدركون هذا جيدا، فقاموا بزرع إسرائيل الشوكة الكبري في خاصرة الأمة العربية كي يقصموا ظهرها فلا تستطيع الوقوف مرة أخري، كما خطط أعداء الإسلام، وقد دعا القرآن الكريم في أكثر من موضع المسلمين إلي الأخذ بالإعداد القوي لمواجهة عدو الله وعدو الإسلام، قال تعالي: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ).
كيف تري أحوال خير أمة أخرجت للناس اليوم؟
- لقد تفرق المسلمون في العالم الإسلامي اليوم، فهناك السلفي والخلفي والصوفي والسني والشيعي واليميني واليساري والعشرات من الملل والنحل، وليس هذا هو السبيل الذي أراده الله تبارك وتعالي لأمته ( خير أمة أخرجت للناس )، لقد استقر في أعماق المسلمين أن الانقسام هو الوضع الطبيعي، وتبدد الرصيد المعرفي المشترك بين المسلمين، وأخذ الإسلام غالبا وظيفة الجنسية والقومية أو الطائفية أو العرقية، وتحولت المظاهر الطقوسية إلي دهان يستر التشوه، وقشور تغطي العفن، وغطاء يخفي التخلف، وكل ذلك لحساب أعداء الإسلام الرابضين في قلب أرض الإسلام.
وكيف السبيل إلي الخروج من هذه الحالة المزرية للمسلمين ؟
- إن العلاقة الوثيقة التي تربط الأمة الإسلامية بقبلتها هي مفتاح الحل، لأن القبلة هي قلب الأمة ومحورها التي تدور حوله، فالمسلمون يتحلقون حول الكعبة المشرفة حلقات متواصلة زمانا ومكانا، وداخل المسجد الحرام في مكة أو خارجها، وإذا كانت مكة أم القري تتوسط اليابسة علي امتداد الخريطة الأرضية.
فإن المؤمنين يشكلون حولها حلقات متواصلة علي اختلاف الأماكن والمواقيت، ونموذج الأمة هو النموذج الأمثل الذي اختاره القرآن صيغة تستوفي كل المقومات المطلوبة لحياة الجماعة البشرية، فالشعور الذي يجمع الناس في إطار الأمة هو دينونتهم لله الواحد القهار، وانقيادهم لمنهاجه وشرعه بعيدا عن شبهات الشرك، ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ).
ولكن المشهد في العالم الإسلامي يدعو إلي اليأس الكامل من التغيير؟
- هذا صحيح للأسف الشديد، المسلمون في العالم يزيدون علي المليار ونصف المليار ومع ذلك فإن وجودهم الفعلي في العالم هو في نهاية الأمر يساوي صفرا، ولاعزاء لأحد، ولو أننا أحصينا عدد القوات المسلحة في دول الإسلام الستين الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي لوجدناها تتعدي العشرة ملايين، ولكن السياسات التي تقود هذه الجيوش الهائلة فاشلة بكل المقاييس، وأكثر بؤر الصراع والتناحر والحروب الداخلية متمركزة في مناطق العالم الإسلامي.
هل هذا الوصف لأحوال العالم الإسلامي يؤكد علي غربة الإسلام في آخر الزمان كما ورد في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ( بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ) ؟
- إن معني هذا الحديث- كما أري- أن الإسلام بدأ غريبا لا من الغربة بل من الغرابة، أي مدهشا، بما يتمثل فيه من قوة وسطوة آسرة، وبما كان عليه حامله صلي الله عليه وسلم من عمق الإيمان وقوة التصميم، وعظيم الإصرار علي إقامة دين الله في الأرض، وهذا في رأيي غاية القوة إلي جانب أنه آية في الغرابة والإدهاش، فأسلم الناس وجوههم لله وحملوا الراية مع النبي صلي الله عليه وسلم، وطاروا بدعوتهم إلي الدنيا كل مطار وشادوا الحضارة ونشروا الدعوة، ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فضعف بهم شأن الإسلام، وأفلح أعداؤه في محاصرته ؛ من الداخل من خلال المواجهات التبشيرية والعلمانية، ومن الخارج في صورة حروب وصراعات، فهذه مرحلة ضعف ولاشك غاب فيها الإسلام عن سبق الحضارة، ثم عاود الإسلام كفاحه ليؤكد وجوده، وحمله إلي الدنيا آحاد من الناس سنة وشيعة، ذهبوا بدعوتهم إلي أوروبا وأمريكا، فدخل الناس في دين الله أفواجا واسترد الإسلام سلطانه علي العقول، ودخل فيه كثيرون من عقلاء العالم ومثقفيه لما رأوا فيه من وضوح الرؤية وقوة الحجة، ونصاعة التوحيد المطلق، فهذه هي غرابته، وحق لحملة الدعوة من المجاهدين والمهاجرين أن يتلقوا هذا الوسام المحمدي ( طوبي للغرباء )، لا للضعفاء ولكن للأقوياء الذين حملوا الأمانة وطوفوا بالآفاق.
وماذا عن الحديث في أيامنا هذه عن انقسام الأمة الإسلامية إلي سنة وشيعة ؟
- هذا انقسام عجيب لايقوم علي قاعدة أو أساس عقائدي، فالعقائد الصحيحة تجمع كلا الفريقين، فهما معا علي التوحيد الخالص يعبدون الله وحده لاشريك له، وعلي الإيمان بنبوة محمد صلي الله عليه وسلم، وعلي وحدة القبلة، وعلي الصلوات الخمس، وعلي صيام رمضان، وعلي الزكاة المفروضة علي المسلمين جميعا القادرين منهم دون تفريق بين سني وشيعي، وعلي القرآن الكريم دستور الأمم الإسلامية جميعا والذي يجمع بين الفريقين إلي الأبد، ولا ننسي حب آل البيت المشترك بين السنة والشيعة، وكذلك احترام الشخصيات الكبري لدي الشيعة يلاقي قبولا واستحسانا من السنة، مثل حُب علي والحسن والحسين وفاطمة الزهراء رضوان الله عليهم، وهذه المقومات كلها مقومات للوحدة، وهي تجعل الانقسام بين شقي الأمة سنة وشيعة انقساما وهميا، وقد جهدت في البحث عن نص قرآني يَشيع بين العامة أن الشيعة ينفردون به دون أهل السنة ؛ فلم يزيدني البحث إلا اقتناعا بأن الشيعة ليس لديهم إلا القرآن الكريم الثابت بأيدي الأمة سنة وشيعة، إذن فالانقسام بين السنة والشيعة انقسام وهمي، والسنة والشيعة أمة واحدة، وهذا بالمناسبة هو عنوان كتابي الأخير.
وهل يعترف الشيعة بما تقولون ؟
- أحد أهم الكتب التي تحدثت عن عقائد الشيعة كتاب (عقيدتنا ) وهو يتحدث عن الشيعة الإمامية للشيخ ناصر الشيرازي، يحدد فيه الشيخ مصادر الشيعة الفقهية أنها كتاب الله وسنة النبي صلي الله عليه وسلم وإجماع العلماء والفقهاء ودليل العقل، وفرائض الإسلام لدي السنة والشيعة واحدة من صلاة وصيام وزكاة والحج، وهذه المعتقدات تتطابق مع معتقدات أهل السنة، والاختلافات بين أهل السنة والشيعة ليست بمستوي أن تصبح عائقا عن التعاون المشترك بينهم لوجود نقاط التقاء كثيرة بين جميع المذاهب الإسلامية، ولأنهم معرضون جميعا لتهديد عدو واحد، ولكن هناك أياد تحاول تضخيم الخلافات بين المذاهب الإسلامية لتسعير نار الفتنة بينها، لتحجيم حركة الإسلام الجبارة المنطلقة في عصرنا، وعلي عقلاء الأمة الإسلامية ألا يسمحوا للعدو بتحقيق هدفه حتي لاتضيع الفرصة الثمينة المتاحة للإسلام بعرض أفكاره عالميا.
أصدرتم كتابكم (علموا أولادكم القضية )، أي قضية ؟
- القضية هي الصراع بين الإسلام وأعدائه، فالغرب الصليبي متحالف مع القوي الصهيونية يعتبر نفسه خصما للشرق الإسلامي، لأنه يري في الإسلام البديل الوحيد له، حضاريا وإنسانيا، ولذلك حرص الغرب علي زرع الكيان الصهيوني في فلسطين، وقال الزعيم البريطاني تشرشل عشية إعلان قيام الدولة الصهيونية : ( لقد زرعنا في قلب العالم العربي دولا هي الخنجر الدائم الذي يعوق نمو العرب ويشل تفكيرهم )، قال تشرشل هذا الكلام عندما كان الاستعمار البريطاني يستعد للرحيل من المستعمرات في البلاد الإسلامية، كمصر والعراق والأردن وفلسطين، وحين أعلنت الدولة اليهودية في 15 مايو 1948، ثار بركان الغضب في أنحاء العالم الإسلامي كله، وتحركت كتائب المتطوعين تحت راية الإسلام ليحولوا دون سيطرة العصابات الصهيونية علي فلسطين، بعد أن سلم البريطانيون المتآمرون مدن فلسطين لعصابات الهاجاناه والأرجون وشتيرن، وهنا تحركت القوي الإسلامية من متطوعي الإخوان ودخلت فرقهم فلسطين، ووقعت معارك بين الجانبين، وأيقن اليهود والأمريكان والبريطانيون أن كفة الإسلاميين هي الراجحة، وأن العصابات الصهيونية توشك أن تلقي سلاحها هزيمة ويأسا، وضغطت القوي السياسية في أمريكا وبريطانيا لإنقاذ العصابات فخيلت للحكومة المصرية آنذاك وللملك أن انتصار الإسلاميين خطر علي العرش، وعلي استقرار النظام الحاكم، وكان المطلب الأساسي حل جماعة الإخوان المسلمين واعتقال المتطوعين وقد كان، وفرضت هدنة علي الجيش المصري تمكن اليهود بفضلها من مضاعفة أسلحتهم وتدريب مقاتليهم، وتولت الجهود السياسية ترويض الساسة والحكام، في مصر وفي الأردن، فتمكنت العصابات الصهيونية من السيطرة علي الكثير من المدن، وعلي صحراء النقب، وبذلك تكونت دولة إسرائيل.
هل تغير مفهوم القضية عبر الستين عاما التي مرت ؟
- أكثر ما كان يؤرق الزعماء الإسرائيليين هو اعتبار مشكلة فلسطين مشكلة إسلامية، وقد كانوا يرون ضرورة فصل القضية عن اهتمامات العالم الإسلامي، وحصرها في الدائرة العربية، وقد تم ذلك بالقضاء علي المتطوعين الإسلاميين، وصارت القضية إلي ثرثرة القوميين العرب، تساندهم الجامعة العربية المفككة أصلا، والتي هي ديوان للموظفين العرب، ثم آلت القضية إلي الساحة الفلسطينية فالفتحاوية وأصبحت قضية عرفاتية، وبعد عرفات ذهبت إلي العباسية، وعبر الأيام اختفت معالم القضية عن وعي الأجيال العربية، ودخلت في نفق مظلم بعزلتها عن العالم الإسلامي، ولا خروج من هذا المأزق إلا بالعودة إلي الساحة الإسلامية، وهذه هي القضية التي يجب أن نعلمها لأبنائنا.
إذن أنت لاتؤمن بالقومية العربية ؟
- الحقيقة العرب ثابتون دائما علي مبدئهم الذي يتضمن في الواقع فقرتين ؛ الأولي أنهم دائما مختلفون، حتي ولو لم يكن هناك موضوع للخلاف، فقد اتفقوا علي ألا يتفقوا، والثانية أن العرب دائما عند حسن ظن أعدائهم بهم، وهم محققون لمخططات هؤلاء الأعداء، فاقدون لأي نظرة مستقبلية.
وهل للجامعة العربية دور في تلك الفرقة ؟
- الجامعة العربية قامت عام 1945 علي أمل توحيد الأمة العربية التي قسمها الاستعمار وحشد في مدنها الرئيسة قوات الاحتلال، وقد تعلقت آمال العرب بجامعتهم علي أمل تحقيق وحدتهم، لكنها كانت تفقد وعيها برسالتها شيئا فشيئا، حتي إن جلاء الجيوش الاستعمارية عن الأراضي العربية لم يغير شيئا من الواقع الذي زرعه الاستعمار فيها، فالأرض الواحدة أصبحت مائة أرض، والشعب الواحد مائة شعب، كما زرعت بذور الخلاف بين الجيران واختار الاستعمار الإخوة الأعداء لينصّب منهم سلاطين وملوك وأمراء ورؤساء، وهكذا لم يكن للجامعة العربية أي دور أو أثر في تحقيق أمل الوحدة الذي ينص عليه ميثاقها، ويؤمن به في الظاهر أعضاؤها، من أجل هذا أقول إنه قد بدأ العد التنازلي كي تضع هذه المؤسسة أوزارها وتغلق أبوابها، وأن نضع شاهداً علي مكانها يقول: هنا يرقد أمل الوحدة العربية.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
إذن كيف يجاهد مسلمو اليوم في سبيل الله ؟
- الجهاد بالمفهوم القتالي كان سهلا ميسورا في القديم لأنه لم يكن يحتاج لأكثر من سيف ومؤونة، فما أن ينادي المنادي حي علي الجهاد حتي يتوجه كل فرد إلي بيته يرتدي قراب سيفه، ويحمل كيسا مليئا بالتمر، ويتوجه إلي ميدان المعركة ليقاتل في سبيل إحدي اثنتين ؛ النصر أو الشهادة، وكان الجهاد بالنفس والمال مطلبا يسيرا علي طالبه، ولم يكن بين أهداف الفرد والدولة أدني تناقض، أما الآن فإن بين الفرد وواجب الجهاد أهوالا ينبغي اجتيازها، أولها :أن مصلحة الدولة ليست دائما وبالضرورة مصلحة القادة، فمصلحة الدولة لاتتحقق إلا بالجهاد، ومصلحة القادة تفرض الهدوء والاستسلام، الشعوب تغلي وتحترق غيظا، والقادة يسبحون في بحيرة باردة، وهمهم الأكبر تبريد الشعوب وتفريغ شحناتها الحماسية، وهم بذلك يحققون أهداف عدوهم ويصيبون شعوبهم بالإحباط، وعلي كل من يعارضهم أن يتحمل وزر معارضته، وفي السجون متسع للجميع، وثاني الأهوال أن أدوات الجهاد لم تعد بسيطة كما كانت من قبل، فالفرد لايستطيع أن يمتلك دبابة، أو مدفعا أو قنبلة، بل صار كل ذلك ملكا للدولة ولم يعد مهارة فردية، وبذلك يصبح الجهاد القتالي أمرا شبه مستحيل، وثالثها أن مجالات الجهاد الفردي التي يمكن أن نخوضها هي جزء أساسي من واجبات الحرب الجماعية، من أهمها نشر الوعي - الذي غاب للأسف - بحقيقة الصراع بيننا وبين أعدائنا ونفي التزييف الذي عشش قي عقول العامة بأهمية السلام مع أعدائنا، بينما هو يعلم أطفاله في المهد بضرورة محاربة العرب والمسلمين.
الهجمات التي كان يقوم بها حتي عهد قريب بعض الفلسطينيين بتفجير أنفسهم في الإسرائيليين ؛ هل يعتبر منفذوها شهداء ؟
- أولا: الله تبارك وتعالي هو الذي يصطفي من عباده شهداء، ووصف القرآن الطريق إلي هذا الاصطفاء وصفا دقيقا: ( إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن )، هذه الآية تؤيد هذا الأسلوب الاستشهادي في مواجهة العدو، وثانيا: حاولت إسرائيل أن تشوه هذه الطريقة الفريدة في المواجهة مع الفلسطينيين، وخاصة بعد أن تبرع بعض المشايخ بإعلان أن العمليات التي يقوم بها بعض الأبطال إنما هي انتحار، وليست من قبيل الشهادة التي يمجدها القرآن، وهؤلاء المشايخ غفلوا عن قراءة هذه الآية، وتورطوا في هذه الفتوي الأمريكية، التي لا تهدف إلا للقضاء علي أبطال حماس والجهاد الإسلامي، ومن الاستهانة بالحق أن نتصور أن هؤلاء الأبطال قد اندفعوا إلي تنفيذ هذه العمليات تحت تأثير اليأس أو الإكراه، أو بتلقائية لا عقل فيها، فكل الشواهد تدل علي أنهم أقدموا علي تنفيذ ما اختاروه بمنتهي الإيمان والإصرار واليقين بما وعد الله به الشهداء من ( الحسني وزيادة )، وهنا أود أن أشير إلي الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه جامعة القاهرة التي كان من بين أبنائها شهداء أبطال في معارك التحرير ضد الاحتلال البريطاني في مطلع الخمسينيات، وقد كرمت الجامعة آنذاك هؤلاء الشهداء بنقش أسمائهم علي النصب التذكاري الرخامي القائم أمام الجامعة، ومنذ عدة سنوات فوجئنا بمحو أسماء هؤلاء الشهداء، وكتابة أسماء كليات الجامعة مكانها، وهو تصرف من القماءة بما لا يوصف، وكأنهم يقولون للأجيال: إن الوطن لا يستحق أن تموتوا شهداء في سبيله، وسوف تمحي أسماؤكم من ذاكرة التاريخ، ومن أجل هذا تطالب أمريكا الدول العربية والإسلامية بعدم تدريس الدين وحذف موضوعات الجهاد من المقررات الدراسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.