آخر تحديث لسعر الذهب الآن في الأسواق ومحال الصاغة    قبل تفعيله الثلاثاء المقبل.. ننشر المستندات المطلوبة للتصالح على مخالفات البناء    «العمل»: التواصل مع المصريين بالخارج أهم ملفات الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    «القاهرة الإخبارية»: جيش الاحتلال يطالب سكان شرق رفح الفلسطينية بمغادرة المنطقة    الرئيس الصيني شي يلتقي ماكرون وفون دير لاين في باريس    تحذير: احتمالية حدوث زلازل قوية في الأيام المقبلة    مفاجأة بشأن مستقبل ثنائي الأهلي    «الأرصاد» تكشف تفاصيل حالة الطقس في شم النسيم    في يوم شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد في مستشفيات شمال سيناء    فيلم السرب يواصل تصدر شباك التذاكر.. حقق 4 ملايين جنيه في 24 ساعة    تحذير من خطورة تناول الأسماك المملحة ودعوة لاتباع الاحتياطات الصحية    محمد صلاح يُحمل جوزيه جوميز نتيجة خسارة الزمالك أمام سموحة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 6 مايو    تزامنا مع بدء الإخلاء.. تحذير من جيش الاحتلال إلى الفلسطينيين في رفح    موعد وقفة عرفات 1445 ه وعيد الأضحى 2024 وعدد أيام الإجازة في مصر    عاجل.. أوكرانيا تعلن تدمير 12 مسيرة روسية    وسيم السيسي يعلق علي موجة الانتقادات التي تعرض لها "زاهي حواس".. قصة انشقاق البحر لسيدنا موسى "غير صحيحة"    نيرمين رشاد ل«بين السطور»: ابنة مجدي يعقوب كان لها دور كبير في خروج مذكرات والدها للنور    تراجع سعر الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الإثنين 6 مايو 2024    أخبار التكنولوجيا| أفضل موبايل سامسونج للفئة المتوسطة بسعر مناسب وإمكانيات هتبهرك تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo وOnePlus Nord CE 4 Lite    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    سعر التذكرة 20 جنيها.. إقبال كبير على الحديقة الدولية في شم النسيم    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    موعد مباراة نابولي ضد أودينيزي اليوم الإثنين 6-5-2024 والقنوات الناقلة    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رفيق حبيب يكتب: هل يؤيد الإسلاميون تيارًا علمانيًا؟
نشر في الدستور الأصلي يوم 24 - 04 - 2010

تتعدد الأسباب التي تؤكد صعوبة وصول الإسلاميين للسلطة في البلاد العربية والإسلامية، ومنها بالطبع مصر، في الوقت الراهن. وذلك بسبب الأوضاع الإقليمية المتشابكة، والأوضاع الدولية المعقدة، والتي تتلخص في هيمنة الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية علي الأوضاع السياسية في المنطقة، سواء بالقوة السياسية والاقتصادية، أو بالقوة العسكرية المباشرة. يضاف لهذا وجود الكيان الصهيوني المحتل علي أرض فلسطين، والذي يحمي المشروع الغربي في المنطقة، كما يمنع خروج النخب الحاكمة من الحلف الغربي. كل تلك الظروف تجعل من مسألة وصول الحركات الإسلامية إلي السلطة أمرا صعبا، لما سوف يتبعه من مواجهات مفتوحة في ظرف بالغ الحساسية. فالمنطقة العربية والإسلامية تشهد حالة حرب مفتوحة، بسبب ما يحدث فيها من حروب متتالية ومواجهات مسلحة. لذا يعد التغيير المفاجئ والكامل في السلطة من نخب علمانية مستبدة تتعاون مع الحلف الغربي، إلي التيار الإسلامي، بمثابة انقلاب كامل في الأوضاع الراهنة.
وعليه يري البعض أنه لا مكان الآن لوصول الحركة الإسلامية للسلطة، مما أدي إلي ترك العديد من التيارات الإسلامية العمل السياسي، تحت مبدأ أن من السياسة ترك السياسة، حيث رأت تلك التيارات أن العمل السياسي الحالي لا يسمح بأي مساحة معقولة للفكرة السياسية الإسلامية، مما يجعل تأجيل العمل السياسي أمرا مطلوبا. ولكن في المقابل رأي البعض أن العمل السياسي بأوضاعه الراهنة، يفتح الباب أمام التيارات العلمانية دون التيارات الإسلامية، مما يسمح بحدوث تغيير وإصلاح سياسي، ولكن تحت قيادة تيار علماني. حيث لن يمثل التيار العلماني تهديدا للمصالح الغربية، قدر ما يمثله التيار الإسلامي، كما لن يلقي هذا التيار اعتراضا غربيا، أو حصارا غربيا. وأصبح وضع حركة حماس عندما فازت بأغلبية المجلس التشريعي الفلسطيني مثالا علي هذه الحقيقة. فقد تأهلت حركة حماس بأصوات الناخبين الحرة للوصول للسلطة في الأرض المحتلة، لتصبح التيار السياسي المنتخب من الجماهير لقيادة العمل السياسي. ولكن الدول الغربية لم تعترف بنتائج تلك الانتخابات، رغم أنها اعترفت بنزاهتها، ولكنها لم تعترف بأحقية حركة في الوصول إلي موقع قيادة العمل السياسي، وهي لا تتحالف مع الغرب ولا تعترف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي.
بات واضحًا أن الدول الغربية لا تقيد نفسها بالتعامل مع الحكومات المنتخبة، ولكنها تتعامل فقط مع الحكومات الحليفة لها، حتي وإن لم تكن منتخبة. لذا أصبح من الواضح أن أي حكومة منتخبة تنتمي للتيار الإسلامي سوف تلاقي حصارا غربيا واسع النطاق، يصل لحد الحصار الدولي، حتي تجبر هذه الحكومة علي التحالف مع الغرب، والخضوع للأجندة الغربية في المنطقة، وحيث إن الحركات الإسلامية لا يمكنها القبول بالشروط الغربية، لذا يصبح وصولها للسلطة الآن، فيه قدر لا بأس به من المخاطرة.
تلك الأوضاع تجعل البعض يري أن الحل الوحيد لتحقيق الديمقراطية يكمن في تصدر تيار أو نخبة علمانية للمشهد السياسي. والبعض الآخر، يري أن النخب العلمانية هي الأحق بقيادة التحول الديمقراطي، بما أن الديمقراطية غربية المنشأ مثل العلمانية، والبعض يحاول ربط آليات العمل الديمقراطي بالليبرالية، وكأن التداول السلمي للسلطة والتعددية لا تصلح إلا في ظل التوجه الليبرالي العلماني، رغم عدم صحة ذلك. وكل تلك التوجهات، ترشح في النهاية النخب العلمانية إلي قيادة العملية السياسية، رغم أن تلك النخب هي الأقل حظا من حيث الوجود الشعبي.
وتحت ضغوط الواقع الراهن، يتم رسم صورة تشير إلي أن الخيار الحالي هو بين العلمانية المستبدة الحاكمة بالفعل، والعلمانية الديمقراطية المعارضة. فمادام وصول التيار الإسلامي للسلطة في المرحلة الراهنة، يمثل مخاطرة كبري، ومادام التحول الديمقراطي بات مطلبا ملحا، بسبب تمدد الاستبداد والفساد، ومادام التحول الديمقراطي سيؤدي إلي تحقيق حرية مرحلية أو تدريجية، لذا يصبح التحول الديمقراطي مطلبا، وفي الوقت نفسه يصبح هذا المطلب مرتبطا بقيام النخب العلمانية بقيادة التحول الديمقراطي. وكأن بديل الاستبداد العلماني الحالي، هو توجه علماني ديمقراطي.
ويمكن القول إن استبدال العلمانية المستبدة بالعلمانية الديمقراطية في حد ذاته هو تطور، لأنه ينهي الاستبداد ويفتح الباب أمام الحرية. ولكن هذا التطور قد يكون للأسوأ، إذا جاءت نخبة تتبني العلمانية الشاملة، وتحارب مظاهر التدين، وتحارب الدور المحدود للدين في الحياة، والذي لم تعتد عليه النخب العلمانية المستبدة الحاكمة بعد. ولكن إذا قادت نخبة علمانية التحول الديمقراطي، ولم تحاول تعميق العلمانية، فهي بهذا تحقق خطوة نحو الحرية. ولكن هل يمكن في هذه الحالة أن تؤيد الحركة الإسلامية، نخبة علمانية لتصل للسلطة من أجل تحقيق المزيد من الحرية، رغم استمرار العلمانية كمرجعية تنحي دور الدين من النظام العام؟ هنا يظهر التحدي الذي يواجه الحركة الإسلامية، فتحقيق الحرية تدريجيا يفيد المجتمع كما يفيد الحركة الإسلامية، ولكن تأييد الحركة الإسلامية لتيار علماني أمر يمثل مخاطرة كبري بالنسبة لها، خاصة في العديد من القضايا التي تمثل مركز الحركة الإسلامية ومشروعها، مثل الموقف من القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، والموقف من التغريب والعلمنة، والموقف من الشريعة الإسلامية، ففي هذه القضايا تتعارض مواقف التيار الإسلامي مع التيار العلماني تعارضا واسعا. بالطبع سنجد توجهات علمانية مهمة لها مواقف وطنية من قضية فلسطين وتطالب بتحرير فلسطين كاملة، ولكن تلك التيارات ورغم أنها علمانية بصورة أو أخري، تواجه رفضا غربيا لها، وتمثل بالنسبة للغرب تهديدا لمصالحه الحيوية في المنطقة. ومعني هذا أن التيار الليبرالي العلماني، هو فقط الذي يحمل برنامجا سياسيا لا يثير حفيظة الغرب. وتأييد الحركة الإسلامية لتيار ليبرالي علماني أمر ليس هينا.
ولكن إذا تقدم تيار أو نخبة علمانية، تحمل مشروعا للتحرير الكامل لإرادة المجتمع، وتعمل علي تحقيق حرية سياسية واجتماعية كاملة، بما يسمح للمجتمع بتحديد توجهاته واختياراته، وأيضا اختيار مرجعيته، حتي إذا اختار المرجعية الإسلامية، ورفض المرجعية العلمانية الليبرالية، إذا وجدت تلك النخبة التي تعمل لتحرير المجتمع، ولا تعمل لفرض مرجعيتها علي المجتمع، يمكن عندئذ أن تحظي بتأييد واسع من المجتمع، ومن الحركة الإسلامية، مادامت سوف تعمل من أجل تحقيق الحرية للجميع. ولكن هذا الاحتمال ليس متاحا، فمعظم النخب العلمانية تعمل من أجل تأسيس نظام علماني صرف، وتحاول منع تحول النظام السياسي إلي المرجعية الإسلامية. لذا ففكرة وجود نخبة علمانية ليبرالية تتقدم الصفوف من أجل تحرير العمل السياسي بما يسمح بقيام نظام إسلامي في نهاية الأمر، ليست احتمالا مرجحا.
من هنا، ليس هناك بديل عن تصدر القوي الوطنية، وهي التي تعمل من أجل تحرير المجتمع. فكل تيار يرفع شعار تحرير المجتمع ليختار نظامه السياسي ومرجعيته ودستوره، هو تيار يعمل من أجل المجتمع، ويصلح لقيادة حركة التغيير والإصلاح. فمن يرفع مبدأ الأمة مصدر السلطات، هو من يجعل الولاية العليا للأمة، ويعطي لها الحق في اختيار مستقبلها ومرجعيتها. ومن يؤمن بأن اختيار المرجعية العليا هو حق للمجتمع، ولا يحق لأحد فرض الوصاية عليه، هو من يصلح لقيادة حركة التغيير والإصلاح. وهنا سنجد أن الحركة الإسلامية هي من أولي القوي التي تريد الاحتكام للمجتمع في اختيار مرجعيته ودستوره وحكامه، لذا ستكون من أولي القوي المؤيدة لكل نخبة أو قوي تعمل من أجل تحرير إرادة المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.