ينطلق الجميعُ من بدايةٍ تقليدية؛ فيقولون: تنعقدُ القمّة العربيّةُ فى ظرفٍ استثنائىٍّ؛ فمُنذ متى لم يكن الاستثناءُ يُحوِّطها؟ حتى النسخةُ التأسيسية التى لا تعدُّها الجامعةُ فى روزنامة القِمَم، أنشاص 1946، التأمتْ على بحث المسألة الفلسطينية فى ظلِّ (...)
ليست مُجرّد ذكرى مُوجعة لاستنبات دولةٍ من العدم، واقتلاع شعبٍ من جغرافيا يتجذَّر فى أعماقها منذ قرونٍ سحيقة. النكبةُ غلافٌ دموىّ لمَتن من معارك السياسة والثقافة والهُويَّات، وفى كلِّ باب من أبوابها فصلٌ عن التزييف والاختلاق، وحاشيةٌ على الخديعة (...)
استغرق الجميعُ فى سرديّة أن نتنياهو لا يُريد إيقاف الحرب لغايةٍ شخصية، وهذا صحيح طبعًا ولا شكَّ فيه؛ إنما لا يصحُّ اختزال المشهد المُستعر على جبهة غزة فى نوايا رئيس الحكومة الإسرائيلية ونزواته. ومكمنُ الخطورة أنه يلتمس أعذارًا ضمنيّة لجيش الاحتلال، (...)
أفضت الجهود المصرية إلى عودة الأطراف جميعًا لطاولة التفاوض، حسبما أعلن مصدرٌ مصرى رفيع المستوى. ولعلّ نشاط الكواليس ما حال دون توسيع الانتشار الإسرائيلى فى رفح الفلسطينية، مع إدانة ما تجرّأ عليه الاحتلالُ بالفعل من الهيمنة على الجانب المُقابل (...)
لا جديد؛ فالدولةُ التى قامت على دمٍ ومظالم، تُواصل تسطيرَ صفحاتٍ جديدة فى سيرتها المُشِينة بأيدى أسوأ أبنائها. تأسَّست إسرائيلُ على أكتاف اليسار، ولم يجدوا غضاضةً فى الجَمع بين دعائيَّات القِيَم وانحطاط المُمارسات، وبينما يُردِّدون أفكار ماركس (...)
ضاقت فلمّا استحكمت حلقاتُها فُرِجَت؛ على قول الإمام الشافعى فى قصيدته الشهيرة؛ غير أنه ليس من الثابت دومًا أنّ استحكامَ العُقدة مُقدِّمةٌ لحَلِّها، لا سيّما المسائل التى لا يسهُل قياسُها؛ لنعرف هل بلغت ذُروتَها أم ما يزال فى قَوسِها مزيدٌ من الكبت (...)
الحربُ أوّلها كلام؛ على ما يقولُ الأثرُ، ولا سلامَ دون كلامٍ أيضًا. لُغة الحوار هى الحدّ الفاصل وجودًا وعدمًا بين استعار النار وانطفائها، وبحسب مُفرداتها تتحدَّد رقعةُ الحريق وسخونته، أو درجةُ الهدوء وبرودتها. والحادثُ أنَّ المحاورات المُثمرة كانت (...)
التهنئة أوّلاً؛ ثم يليها أىُّ قولٍ ورأى؛ وهى حقٌّ لهم وواجبٌ علينا، وليست لإبراءِ الذمَّة ولا للمُجاملة العابرة. ولا أجدُ غضاضةً إطلاقًا؛ وأنا المُسلم المُعتزّ بعقيدته، فى أن أُبارك للإخوة الأعزَّاء احتفالَهم بعيدِ القيامة المجيد. ليس على مذهب أنها (...)
نحو أربعة ملياراتٍ أو يزيد أَحيوا مُناسبتَهم أمسِ، ربّما من فَرط الاعتياد صار «عيد العُمّال» يومًا روتينيًّا لا يسترعى انتباه المعنيِّين به بالجدّية الواجبة، وحَسبُهم منه أن يغتبطَ العامل بالراحة، ويتأسَّى صاحبُ العمل على يومٍ مُهدَرٍ أو أجرٍ إضافى، (...)
عاشت مصر أوضاعًا صعبة كغيرها من البلدان. منذ تفجَّرت جائحة كورونا قبل أربع سنوات وعدّة أشهر، ووقع ضغطٌ هائلٌ على الإنتاج وسلاسل التوريد، ثمَّ ما إن لاحت بشائرُ التعافى؛ حتى اندلعت الأزمةُ الأُوراسيّة حاملةً معها تأثيراتٍ أكثر حِدّة. وقد تضافرت (...)
حتى مع افتراض النجاح فى الذهاب إلى هُدنةٍ طويلة المدى؛ لن ينقطعَ النفيرُ أو تتلاشى نُذُر الخطر. تُخيِّم الفوضى على فضاء غزّة بشكلٍ كامل، وبينما يحصرُ البعضُ أسبابَها فى العدوان الماثل، فقد يرُدّها آخرون إلى الاحتلال بوصفه منشأَ الأزمة وصانعَ (...)
اثنتا وسبعون ساعةً جسَّدت أعلى صور الديناميكية المصرية على محور البحث عن تهدئةٍ فى غزة. بين مُقترحاتٍ طُرِحَت فى القاهرة، وردودٍ دبلوماسية قوية، ثمّ زيارة وفد أمنى لتل أبيب يضمُّ المعنيِّين بالملف الفلسطينى، بحسب ما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» عن (...)
ليست مناسبةً عادية فى منشأها، ولا فى معناها ضمن السياق القائم. يتجاوز عيدُ تحرير سيناء كَونَه ورقةً فى الروزنامة الوطنية الحديثة لمصر؛ لأنّ استخلاص الأرض المُحتلَّة عندما تحقَّق فى الماضى كان إفلاتًا قسريًّا من قبضةٍ سوداء، لم يُرِد أصحابُها إرخاءها (...)
يمكن أن يُغمض عينيه ويتخيَّل نفسه مُنتصرًا؛ هذا هو السبيل الوحيد لأن يُحرز نتنياهو أهدافه فى غزّة.. صار أسوأ رؤساء الحكومات الإسرائيلية يتقلَّب بين الوهم وأحلام اليقظة، مدفوعًا بطموحاته الشخصية للبقاء أو النجاة من مقصلة الحساب؛ ولأجل ذلك يرتكبُ كلَّ (...)
أسوأ ما فى الحروب أن تصير روتينًا اعتياديًّا؛ وللأسف حدث ذلك فى غزّة. اكتملت 200 يوم من العدوان على القطاع، دون إرادةٍ واضحة أو عمل جاد على إسكات البنادق، ودون أُفقٍ سياسىّ منحته الولايات المتحدة اسم «اليوم التالى»، واستهلكت فى مُداولاته أكثر ممّا (...)
وصلت الرسائل الساخنة بأبرد الوسائل المُمكنة. لقد تلاقت إرادات الأطراف جميعا؛ أقلّه حتى الآن، على إبقاء النار مطمورة بالرماد، وعدم تقليبه حتى لا يتّسع الحريقُ بما يتجاوز أهدافهم التكتيكية الراهنة. الولايات المتحدة تريدُ الشرقَ الأوسط تحت سقف الحرب (...)
يمضى التاريخُ ولا تنقضى مفاعيله. فاللحظةُ الراهنة حصيلة طبخةٍ مُتجانسة المقادير من لحظاتٍ شتّى، والأفكارُ تتناسل وتتداخل؛ فلا تموت فكرةٌ قديمة كما لا تتأتَّى أُخرى جديدة من العَدَم. وإذا كان الأُصوليّون المُتطرفون مثلاً يمضغون رواياتٍ جوفاء عن (...)
ماراثون لا يهدأ من أجل إنجاز هُدنة مُعجّلة فى غزّة. الأوضاع تفاقمت إلى حدٍّ لم يعد مُحتمَلاً، ورمضان على الأبواب، والصلابة التى كانت تُبديها الفصائل خفَّت قليلاً بغرض إنهاء المحنة الإنسانية، وما زالت العُقدة فى مواقف الاحتلال، ونزاعات الجنرالات (...)
كل ما تريده إسرائيل فى غزّة أن تُقايض الدم بالكلام، ما كان يعنيها استهجانُ العالم وفى ظهرها غولُه الأكبر، الولايات المُتحدة، وقد لا تشغلها اليوم مُشاكسات القانون وما زال الغولُ على عهدِه معها، حقيقةُ أنها دولةٌ مارقة، ونسخةٌ عصريّة للنازيّة، لا (...)
فاصلٌ زمنى طويل بين رصاصات الجنود فى الإسماعيلية وصرخات المحتجين فى التحرير. اتّفقتا ظاهريًّا فى التقويم واختلفتا فيما عداه، وجوهريًّا كانت كثير من المشتركات. واليوم، تُجلّ الدولة ذكرى ثورة 25 يناير بموجب الدستور، وديباجته التى احتفت بها جنبًا لجنبٍ (...)
بدأت المسيرةُ بالتوازى قبل قرابة سبعة عقود. وبينما قطعت إسرائيل شوطًا بعيدًا، إلى حدِّ امتلاك برنامجٍ عسكرى وترسانةٍ ضخمة من الرؤوس الحربية، تجمَّدت التجربةُ المصرية عند قدراتٍ محدودة، غايتها البحثُ العلمى وإنتاجُ النظائر المُشعَّة للاستخدامات (...)
فروقٌ جوهريّة عدّة بين الدولة والميليشيا؛ أهمها الانضباط بالقانون والاستثمار فى الاستقرار. فى الأُولى تتحكَّم الجغرافيا والمواثيق الدولية والعلاقة بالآخر على شرط الندّية والتكافؤ، وفى الثانية ينفلتُ السلاحُ وتشيع المُغامرة، وقد تصير دولةً فى ظرفٍ (...)
الرصاصةُ الأخطر قد تأتيك من فريقك؛ ذلك أنها غالبًا ما تكون الأقربَ والأدقّ. وفى فلسطين تتلقَّى القضية ضرباتِ العدوّ لسبعة عقود؛ لكنها ما تضرَّرت قَطّ مثلما جرى فى سنواتها الأخيرة. ومن دون عاطفةٍ أو تجميل، ثمّة مَن يستثمرون فى المحنة بعصبٍ بارد، (...)
حتى اللحظة الأخيرة قبل الحرب، يتبادل الجميع رسائل الطمأنة. الحروبُ بطبعها مُراوغة؛ فإمَّا تُريد أطرافها المناورة طمعًا فى امتلاك المُبادأة، أو تسقط فيها فجأة بفعل سوء التقدير وخطأ الحسابات. والوضعُ فى المنطقة قد آلَ لتصعيدٍ خطير، وصار عند أعلى (...)
اجتماعٌ طلبَه الصومال طارئًا فى 4 يناير، مع ما يحمله من صفة الاستعجال، فعقده مجلس الجامعة افتراضيًّا أمس، ثمّة مُلاحظة أوَّلية على إيقاع «بيت العرب» فى الاستجابة للمسائل المُلحّة؛ صحيح أن تحدّياتها مُتزامنة فى عدّة بيئات ساخنة؛ لكنها لا تُبرّر (...)