التجار: "بيعنا الأرض والسكن من أجل الرزق والحال فى النازل".. وأحدهم يفكر فى الهجرة غير الشرعية "بعد الحريق لا بيع ولا شراء وحال الناس يدعو للبكاء".. كلمات ترددت على لسان أحد التجار فى منطقة الغورية والذين تضرروا من الحريق الذى اشتعل فى محالهم منذ ما يقرب من الشهرين، لتنقلب حياتهم رأسًا على عقب . الشارع الذى وقع فيه الحريق، ورغم إنفاق التجار كل ما لديهم من أموال ليستطيعوا الوقوف من جديد على أقدامهم وسداد ديونهم، يكاد يخلو تمامًا من الزبائن، لتزداد مأساة هؤلاء بشكل يشعر به من يتحدث إليهم من أول كلمة. الحاج بهاء صاحب تجارة الهدى النبوى، أكثر المتضررين من الحريق والذى بلغت خسائره أكثر من مليون وربع المليون جنيه، يقول "التعويض الذى صرفته الحكومة 30 ألف جنيه، لم يغطوا تكلفة إزالة الدمار الذى لحق بالمحل، هذا التعويض لم يحل أى أزمة، وليس فى يدنا شىء، نحن فى مأساة، والحال كل يوم فى النازل".
وكشف الحاج بهاء، عن الحل الذى يراه الأمثل للخروج من المأزق الذى يعيشه والديون التى تلاحقه فى كل يوم وهو "الهجرة غير الشرعية هو وأسرته لألمانيا، لعله يجد المخرج هناك، فعلاً الناس صاعت رزقها ضاع". وأكد الحاج بهاء، أن هناك إهمالاً من الدولة لخسائرهم الكبيرة، مشيرًا إلى أن الفساد الذى يخيم على البلد فى كل القطاعات جعل أملهم فى النجاة من هذه المصيبة بالنسبة له ضعيف، قائلاً "بتقولوا احنا أحسن من سوريا والعراق، طيب ما السودان والهند، وتركيا اللى عاملين نتطط عليها كل دول أحسن مننا، أنا زهقت". وبجانبه تجد "فرشة" عليها عدد قليل من أتواب القماش يقف عليها الشيخ عليان عبد الشافى، الذى أكلت النيران "تحويشة عمره" بضاعة تقدر قيمتها ب300 ألف جنيه، فضلاً عن 50 ألف جنيه ثمن بضاعة كان من المفروض أن يدفعها لأحد التجار، ولكنه رفض استلامهم حتى يكمل العشرة آلاف جنيه المتبقية، لتحرمه النيران من الدين كله. ويسرد "عليان" المأساة التى يتعرض لها، حيث اضطر والده فى البلد ليبيع الأرض التى يمتلكها والمواشى والمحصول حتى يستطيع سداد شيكات مستحقة عليه لتجار الأقمشة، خشية أن يسجن ابنه بعد الفاجعة التى تعرض لها.
واشتكى "عليان" من التعنت الذى يتعرض له من الحى، قائلاً: "رغم المأساة التى نتعرض لها، اشتريت ثالث يوم من الحريق، فروع خشب لأضع عليها بضاعة لعلى أكسب قوت يومى لإطعام أطفالي، إلا أن المسئولين قرروا حرمانى من هذا الشىء أيضا، فداهموا المنطقة وصادروا ألواح الخشب، ولا أعلم السبب، الحى لا يرحمنا، حسبنا الله ونعم الوكيل". وعلى الجهة المقابلة من السور، يقف محمد صابر سعد، الذى اضطر أن يبيع شقته التمليك الذى يقطن فيها مع أولاده، ليصطحبهم إلى شقة إيجار، لسداد شيك قيمته مائة ألف جنيه، حتى لا يتعرض للحبس، بعد أن بلغت خسائره 300 ألف جنيه. ويحكى سعد كيف كان يقف وسط بضاعته وأتواب القماش، ويشعر بالعزة والكرامة، أما الآن بضاعته قليلة جدًا، ولكنه مصر على الخروج من هذه الأزمة. وحذر "سعد" الحى من مداهمة المنطقة ومصادرة بضائعهم مرة أخرى، قائلاً "الأول كنتم تأتوا والحال كان جيدًا، أما الآن إحنا مدبوحين وضايعين، وأنا مستعد أموت اللى هيتعرض لى إحنا تعبنا بجد سبونا نأكل عيش". ويقف سعد، على سور إحدى المدارس، مشيرًا إلى أن الحى يتذرع بأن "السور" آيل للسقوط، رغم أن حالته جيدة، مبديًا استعداده بأن يتحمل تكاليف ترميم السور، ورصف الشارع فقط مقابل أن تتركه الدولة يأكل عيش، متسائلاً "هل هذا كثير؟". وطالب "سعد" من الدولة معاملتهم مثل بعض المحال فى المنطقة، حيث تم بناء أكشاك مقابل إيجار شهرى يتم تسليمه للحي، حتى يشعرون ببعض الأمان بعد المصيبة التى تعرضوا لها. واللافت عند سؤالهم جميعًا عن سر الحريق، اكتفى البعض بالقول "خلاص اللى فات مات".. فيما تحفظ البعض عن الإجابة، إلا أحدهم كشف عن ما تعرض له أحد التجار الذى قال إن الحريق بفعل فاعل، حيث تم القبض عليه وتغريمه 5 آلاف جنيه، تم جمعها من التجار بينما القضية مستمرة حتى الآن. وفى النهاية، المنطقة لم تعد كما كانت، الشارع شبه خاو من الزبائن، لم أر خلال جولتى أى تاجر باع حتى متر من القماش، ورغم هذا أزمتهم أصبحت منسية. شاهد الصور..