يكتب : وكلما بنيتموه حطَّمناه !! لعله كان أقوى حاجز بين الشعب والسلطة في العقود الثلاثة الأخيرة .. الذي بسببه كنا لا نستطيع الكلام عن حقوقنا المغتصبة ولا ثرواتنا المنهوبة ولا كرامتنا المهدرة ولو حتى إلى جوار الحائط، اعتقاداً منّا أن " الحيطان لها ودان " .. إلى أن جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير حتى استطعنا أن نحطم فيها هذا الحاجز ويتحول بقدرته عز وجل إلى تراب ، بل وصنعنا من بقاياه منابر كبرى ليبلغ صوتنا مداه .. عن حاجز " الخوف " أتحدث .. كلما بُذلت جهود مضنية " مشروعة وغير مشروعة " لإعادة بناء حاجز الخوف من جديد ، يأتي صوت الثورة ليحطمه تحطيماً ، حتى باتت كل أدوات القمع التي يُبنى بها هذا الحاجز هشة وضعيفة ولا تقوى على الاستمرار في مكانها فترة قصيرة .. وبالرغم من ضعف صوت الثورة خلال العامين الماضيين نتيجة التشرذم الشديد للقوى الثورية التي انطلقت في يناير 2011، إلا أنه لازال قادراً على سحق كل حواجز الخوف التي حاولت السُلطة أن تبنيها !! ما شهدته مصر يوم الجمعة الماضية خير دليل على ما أقول .. حيث خرج الآلاف من الثوار في القاهرة والاسكندرية رفضاً لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي أقرت بمقتضاها مصر بتبعية جزيرتي " تيران وصنافير" الواقعتين في البحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية خلال زيارة للعاهل السعودي لمصر الجمعة قبل الماضية.. الهدف كان رفض الاتفاقية لكن الاحتجاجات خرجت ضد أمور كثيرة لعل أبرزها وأشدها هو تسفيه صاحب السُلطة الحقيقي " الشعب " واعتباره كقطيع من الأغنام يساق إلى حيث يُراد له .. ليبعث ذلك اليوم برسالة إلى السُلطة مفادها " لا خوف بعد ثورة يناير، مهما بلغ القمع مداه ". ومما لا شك فيه أننا نعيش في مصر الآن أشد فترات القمع والاستبداد ، لكن الحرية التي استطعنا أن نحررها من براثن قمع حكم مبارك الذي استمر لثلاثة عقود بالقبضة الأمنية .. لم ولن تستطيع أي قوة أن تسلبها وإن دفعنا ثمن ذلك آلاف المرات مثلما دفعناه منذ ثورة يناير.. وسيظل الرعب يسيطر عليهم كلما سمعوا هُتافات الثورة .. حتى وإن أظهروا غير ذلك ! غباء الإخوان تستفزني للغاية قرارات جماعة الإخوان في كل مطلع احتجاجات تحت شعار " فيها وإلا اخفيها " .. وكأنها تريد أن تقول إن الغباء السياسي الذي مارسناه منذ ثورة يناير هو " منهج " نسير عليه وليست مجرد نقص في الخبرة السياسية !! وأنا على يقين أنه لو كان الرئيس مرسي فعل ما فعله السيسي مع " تيران وصنافير " لكانوا أول المرحبين بالاتفاقية وهللوا لها وخرجوا في مظاهرات مؤيدة لقراره الحكيم والثاقب من وجهة نظرهم .. ولصبوا كل غضبهم على كل من يعارضه ويصفونه بالعمالة والخيانة .. تماماً مثلما يفعل مؤيدوا السيسي ضد معارضيه! أقدر مساعيهم وحرصهم على المشاركة في كل فعاليات سياسية خوفاً من أن يقال لهم بعد ذلك أنهم لم يكونوا شركاء فيها .. لكن الواقع الذي نعيشه الآن والمرحلة الحالية تقتضي أن تبتعد جماعة الإخوان تماماً عن أي حراك ثوري في المستقبل من أجل نجاحه ولو بقدر بسيط " إلى أن يُطلب منها أن تشارك " باعتبارها لم تعد فصيلاً مُرحباً به وسط القوى الثورية الأخرى التي من ممكن أن تغض الطرف عن أخطاء بعضها البعض وتتكاتف وتستعيد قواها من جديد .. لكن تدخل الجماعة في الوقت الراهن أو حتى في المستقبل القريب يُعقّد الجهود الرامية إلى استعادة قوة الثورة .. التي كُلنا على يقين بحوله تعالى أنها آتية لا ريب .. " عيش .. حرية .. عدالة إجتماعية " المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية