«المركزي»: ارتفاع ودائع العملاء بالبنوك إلى 10,6 تريليون جنيه بنهاية فبراير    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء في القطاع إلى 37202 منذ بداية الحرب الإسرائيلية    الداخلية البحرينية: قوات الدفاع المدني تواصل إخماد حريق سوق المنامة القديم    بعد فوز السويس وسبورتنج.. تعرف علي ترتيب دورة الترقي للممتاز    "اليوم" يستعرض معايير انضمام شباب السياسيين لتنسيقية الأحزاب    فيفا يعلن جدول 103 مباريات فى كأس العالم 2026 وأماكن التدريب ب25 مدينة    مدارس بديلة للثانوية العامة لطلاب الإعدادية 2024 .. 35 مدرسة تقبل من 140 درجة    بقيادة رونالدو.. 5 نجوم يخوضون كأس أمم أوروبا لآخر مرة في يورو 2024    عقب تبادل إطلاق النار.. ضبط بؤرة إجرامية شديدة الخطورة بأسيوط ومصرع عنصريين إجراميين    الهروب من الحر إلى شواطئ مطروح قبل زحام العيد وارتفاع نسب الإشغال.. فيديو    استنونا.. نور إيهاب تروج ل مسرحية "ميمو"    بابا الشغلانة.. سعد الصغير يطرح أحدث أغانيه (فيديو)    نائب مدير فرع التأمين الصحي بالشرقية يتفقد عيادة ههيا    ابتعدوا عنه في عيد الأضحى.. 7 مخاطر لتناول هذا النوع من اللحوم    الكويت.. ارتفاع عدد ضحايا حريق الأحمدي إلى 49    موعد خضوع نجم الزمالك لجراحة الرباط الصليبي    أسعار فائدة شهادات البنك الأهلي اليوم الاربعاء الموافق 12 يونيو 2024 في كافة الفروع    أفضل الأدعية وتكبيرات العيد مكتوبة.. أدعية يوم عرفة 2024    خالد الجندي للمصريين: اغتنموا فضل ثواب يوم عرفة بهذه الأمور (فيديو)    أوكرانيا تصد هجمات جوية روسية شديدة على كييف    كشف غموض مقتل سيدة مسنة داخل شقتها بشبرا الخيمة    أبو الغيط يدعو إلى هدنة فورية في السودان خلال عيد الأضحى المبارك    بشأن «تصريح مزاولة المهنة للأجانب».. نقيب الأطباء يشارك في اجتماع «صحة الشيوخ» (تفاصيل)    لطلاب الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بالكلية العسكرية التكنولوجية ونظام الدراسة    محافظ الغربية يستقبل الأنبا أغناطيوس أسقف المحلة للتهنئة بعيد الأضحى    الدنماركي بريسك يخلف سلوت في تدريب فينورد    استجابة ل«هويدا الجبالي».. إدراج صحة الطفل والإعاقات في نقابة الأطباء    72 عامًا من العطاء    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 37 ألفًا و202 أشخاص    بلغت السن المحدد وخالية من العيوب.. الإفتاء توضح شروط أضحية العيد    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    اتحاد الكرة يرد على رئيس إنبى: المستندات تُعرض أثناء التحقيق على اللجان وليس فى الواتساب    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية    مبابي: أحلم بالكرة الذهبية مع ريال مدريد    القوات المسلحة توزع كميات كبيرة من الحصص الغذائية بنصف الثمن بمختلف محافظات    بالأسعار.. طرح سيارات XPENG الكهربائية لأول مرة رسميًا في مصر    الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركزا لوجيستيا عالميا    هيئة الدواء تعلن تشكل غرفة عمليات لمتابعة وضبط سوق المستحضرات الطبية في عيد الأضحى    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    أسماء جلال تتألق بفستان «سماوي قصير» في العرض الخاص ل«ولاد رزق 3»    جامعة سوهاج: مكافأة 1000 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لجميع العاملين بالجامعة    مساعد وزير الصحة لشئون الطب الوقائي يعقد اجتماعا موسعا بقيادات مطروح    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى 2024    وزير الإسكان يوجه بدفع العمل في مشروعات تنمية المدن الجديدة    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار في سوق الأسهم السعودية    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    رئيس جامعة أسيوط يفتتح صيدلية التأمين الصحي لمرضى أورام الأطفال    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    رئيس الحكومة يدعو كاتبات «صباح الخير» لزيارته الحلقة السابعة    «الخدمات البيطرية» توضح الشروط الواجب توافرها في الأضحية    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    اليونيسف: مقتل 6 أطفال فى الفاشر السودانية.. والآلاف محاصرون وسط القتال    حبس شقيق كهربا في واقعة التعدي علي رضا البحراوي    النمسا تجري الانتخابات البرلمانية في 29 سبتمبر المقبل    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    «اتحاد الكرة»: «محدش باع» حازم إمام وهو حزين لهذا السبب    نجم الأهلي السابق: مجموعة منتخب مصر في تصفيات كأس العالم سهلة    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 12-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغيرات المناخية أخطر علي البشر من أسلحة الدمار الشامل
نشر في القاهرة يوم 15 - 12 - 2009

هل قدر لإنسان القرن الحادي والعشرين أن يكون هو السبب الأول والمسبب الرئيسي في نهاية الحياة الإنسانية علي الكرة الأرضية؟
تساؤل مثير للجدل ويدفع للتفكير بعد أن بدأت تظهر في الأفق حصيلة حساب الحصاد الذي جاء موافقا تماما لحساب الحقل، فالبشرية اليوم تجني ما زرعته في تعاملاتها مع الطبيعة، وبات علي البشر أن يدفعوا ثمنا باهظا لما اقترفته أياديهم من جراء الاعتداء علي الطبيعة وتلويثها في طريق إدراك الثروة وتحقيق الغني ومد الهيمنة وبسط النفوذ، هذه المنظومة الأنانية الأحادية والتي مع الأسف سيدفع الجميع اليوم ثمنها ولا شك.. لماذا هذا الحديث الآن علي وجه التحديد؟
منذ عدة أسابيع نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا صادرا عن اللجنة الحكومية للتغير المناخي في الولايات المتحدة الأمريكية ويرأسها نائب الرئيس الأمريكي الأسبق آل جور يرتبط ارتباطا كارثيا جديا بما يحدث للتغير المناخي العالمي.
لم يكن التقرير قصرا علي دولة بعينها فحسب بل تناول عدداً كبيراً من دول العالم المهددة بالغرق من جراء ذوبان ثلوج القطبين الشمالي والجنوبي بسبب ارتفاع حرارة كوكب الأرض.
في مقدمة تلك الأماكن دلتا مصر حيث يسكن ثلثي المصريين وتعتمد مصر علي 60% من غذائها عليها، تلك المنطقة الخضراء الخصبة، مرشحة للغرق والطمر تحت الماء وتاليا هجرة ملايين المصريين منها.
ورغم أن الأمر بالحسابات العلمية لن يحدث قبل ثلاثين أو أربعين عاما إلا أن الأمر في أوله وأخره وجه من وجوه كارثية عديدة لن تفلت منها دول العالم كافة، فمن لا يصيبه الغرق ستبقي الزلازل والأعاصير ولاحقا البراكين والجفاف والاحتباس الحراري مع تبعات ما تقدم علي الزراعة وانتشار ظاهرة التصحر، إضافة إلي قلة المعروض من المنتجات الزراعية كالقمح والذرة، ونقص المياه، ثم لاحقا الاضطرابات السياسية والحروب التي ستنشأ من جراء الصراع علي موارد الحياة، هذه كلها ستبقي مهددة للجنس البشري ومستقبله. . هل من المزيد من التفصيلات؟
الاحتباس الحراري
يعزي الأمر كله في واقع الأمر إلي ظاهرة الاحتباس الحراري والذي هو الأساس والقاعدة لغالبية التأثيرات السلبية لما يجري علي الكرة الأرضية.. ما الاحتباس الحراري في الأصل؟
يقول علماء الفيزياء والجيولوجيا انه لكي تحافظ الكرة الأرضية علي متوسط درجة حرارتها لابد لها من أن تشع إلي الفضاء الخارجي نفس كمية الطاقة التي تتلقاها من الشمس، وهي تفعل ذلك عن طريق إصدار إشعاع موجاته طويلة، والمفترض أن يكون المتوسط السنوي لدرجة حرارة الكرة الأرضية هو 15 درجة "سليزية" بسبب وجود غازات مختلفة بصورة طبيعية في الجزء الأدني من الغلاف الجوي مثل الأوزون والميثان وأحادي أكسيد الكربون وبخار الماء. وهذه الغازات المعروفة باسم غازات الاحتباس الحراري تمتص بعضا من الإشعاع الصادر عن الأرض علي شكل موجات طويلة وتعيد إرساله.
وسطح الأرض يسخن بسبب الطاقة الناتجة من الأشعة التي يعيد الغلاف الجوي اشعاعها إلي الأرض ولا يسمح لها بالمرور خارجها وهذا ما يعرف بمفعول الاحتباس الحراري.
ومن شأن زيادة كمية الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي زيادة مفعول الاحتباس الحراري.
وعليه يمكن توقع ارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب تلك الزيادة، ولما كان نظام الكرة الأرضية معقدا جدا فان ارتفاع درجة حرارة سطحها يعتمد علي عدة عوامل مثل عمليات التغذية المرتدة والتأثيرات بين مختلف أقسام هذا النظام. ولذا فان أي تغير في التوازن الإشعاعي للأرض بما في ذلك التغير الذي تسببه الزيادة في غازات الاحتباس الحراري أو الهباء الجوي من شأنه أن يغير درجات حرارة كوكب الأرض، مما يؤثر علي أنماط الطقس والمناخ وبالتالي أشكال الحياة وفي المنطقة البيئية والمنظومة الاجتماعية الاقتصادية علي كوكبنا. .. كيف ذلك؟
موارد المياه في خطر
منذ فترة ليست بعيدة كان أهم إنذار يصدر في شأن التغيرات المناخية يرتبط بالماء، سائل الحياة، فقد دعا عالم مناخ بارز في الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة لتقديم دعمها من اجل الأبحاث التي تعني بتأثير تغير المناخ علي موارد المياه، أما العالم فهو " د. جوناثان اوفريييك " مدير معهد دراسات كوكب الأرض في جامعة أريزونا والذي قال أثناء شهادة له أمام لجنة العلوم والتكنولوجيا التابعة لمجلس النواب الأمريكي إننا " لا نعرف كيف يؤثر التغير المناخي علي موارد المياه؟.
وفي محاولة العالم الفائز بجائزة نوبل الجواب أشار إلي أن العلماء لا يعرفون كم ستتغير موارد المياه في المستقبل ويضيف إن للحرارة تأثيراً كبيرا علي موارد المياه، فمع ارتفاع الحرارة ترتفع الرطوبة في الأجواء التي تسحب المياه من الأرض والغابات والزراعة من النباتات ومن أي مورد مياه مفتوح.
وعلي الجانب الأخر تفيد الدراسات الخاصة بجليد القطب الجنوبي بان الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وصلت إلي أعلي مستوياتها في الغلاف الجوي مقارنة بأي فترة علي مدي ثمانمائة ألف سنة سابقة علي الأقل.
في هذا الصدد يضيف " توماس ستوكر " احد معدي الدراسة قائلا : "يمكننا القول بكل تأكيد أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون والميثان اليوم أعلي بنسبة 28% و 124% علي الترتيب من ذي قبل".
أما احدث الدراسات الصادرة عن البنك الدولي فتشير إلي أن التغيرات المناخية تؤثر بصورة مباشرة علي أسعار المواد الغذائية والمرتبات في كثير من الدول النامية وهو ما يدفع الفقراء من سكان المدن إلي مزيد من الفقر.
الأسواق المالية تتأثر سلبا
الأمر لا يتوقف علي المياه بل يمتد كذلك إلي الأموال ففي تقرير نشرته وكالة أنباء رويترز كان التأكيد علي أن ارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري سيؤثر سلبا وبصورة بالغة علي الشركات والأسواق المالية في وقت يقوم المستثمرون فيه بإعادة تقييم الشركات استنادا إلي حجم تعرض استثماراتها لمخاطر التغيرات المناخية.
ويقول التقرير الذي اعد بواسطة مجموعة من المؤسسات الاستثمارية التي تتولي الإشراف علي أصول قيمتها ما بين 4 و 5 تريليون دولار إن بعض تلك الشركات ربما تتهاوي قيمتها بنسبة كبيرة قد تصل إلي 40% بسبب ارتفاع معدلات انبعاث الكربون.
والخسائر المالية يستتبعها ولاشك أخطار أخري مثل خطر حدوث المجاعات وتلك هي الأشد فتكا بالبشرية وقد أكد علي ذلك المؤتمر الدولي الثاني عشر للتغيرات المناخية الذي عقد في العاصمة الكينية نيروبي في الثاني من فبراير 2007 لمناقشة أسباب ارتفاع حرارة الأرض، حيث حذر من أن وصول درجة الحرارة إلي 3-4 فهرنهايت يعني أن إنتاجية الأرض الزراعية من الحبوب خاصة من الأرز والذرة ، ستنخفض بشدة بنسب تتراوح بين 25%- 35% بما يجعل مئات الملايين غير قادرين علي إنتاج أو شراء الحد الأدني من احتياجاتهم الغذائية، ليزيد عدد المعرضين للمجاعات والذين وصل عددهم إلي حوالي 800 مليون شخص علي مستوي العالم.
كما أشار المؤتمر إلي انه بحلول عام 2080 قد تتراجع كمية المحاصيل المنتجة عالميا بنسبة 5% بما يعرض حوالي 70% من سكان إفريقيا للمجاعة.
كما أن التلوث البيئي الناتج عن التغيرات المناخية سيؤدي إلي نقص عمليات النمو والتكاثر بالنسبة للأحياء المائية في العالم بنسبة لا تقل عن 18% وترتفع هذه النسبة إلي حوالي 25% في المناطق التي تتعرض لتلوث اشد مشيرا إلي تقلص الأنواع التي تعيش في البر والبحر بنسبة 30% مقارنة بما كان عليه الحال قبل 30 عاما.
الحفاظ علي البيئة أو الدمار القادم
وحتي لا يضحي الحديث مجرد تنظيرات فكرية فحسب نلجأ إلي الأرقام التي لا تكذب ولا تضلل سيما إذا كانت صادرة عن جهات لها مصداقية مثل معهد الاقتصاد الألماني في برلين والذي أشار إلي أن العالم يحتاج بشكل ملح إلي سياسة للحفاظ علي البيئة خوفا من العواقب الوخيمة فالتغيرات المناخية سببت أثناء الثلاثين سنة الماضية خسائر اقتصادية فادحة وان موجة الحر التي عمت أوربا في 2003 ألحقت خسائر وصلت إلي 17 مليار دولار، ويتوقع خبراء الاقتصاد ارتفاع حجم الخسائر إلي البليون يورو إذا ارتفعت درجة حرارة الكرة الأرضية درجة واحدة مئوية. ولذا تصر دول الاتحاد الأوربي علي التزام جميع الدول باتفاقية كيوتو ولا سيما الدول الصناعية (أمريكا، والصين، والهند) حيث تشكل أمريكا نسبة 6% من سكان العالم، وتستهلك 30% من طاقة العالم، وهناك 3 جهات مسئولة عن ذلك الشعب الذي يبذر الطاقة بشكل مفرط والشركات والمصانع التي تلوث البيئة والحكومة التي ترضخ لضغوطات الشركات، وخاصة الشركات التي تعمل في مجال البترول والأسلحة والسيارات والفحم والغاز الطبيعي.
ويقدر خبراء الاقتصاد خسائر شركات التأمين بسبب الكوارث الطبيعية السنوية المحتملة علي المدي القريب بحوالي 115 مليار دولار منها 65 مليار دولار خسائر أمريكية، و35 مليار دولار خسائر أوروبية، وحوالي 15 مليار خسائر اليابان، وقد سجل عام 2004 رابع اشد الأعوام حرارة خلال هذا العقد، وقد تسبب في وقوع خسائر فادحة والتي تقدر بحوالي 35 مليار دولار أمريكي منها تعرض أمريكا وحدها إلي خسائر بسبب الأعاصير إلي حوالي 26 مليار دولار خلال عام 2004. الفقراء يزدادون فقرا
لماذا ستزداد أحوال الفقراء فقرا؟ ببساطة كما يقول " جيرارد وين " من شبكة "إنسان نت" الألمانية إن الإجراءات التي تتخذ لمواجهة التغيرات المناخية تؤدي إلي تضخم تكاليف الطاقة حيث يزيد هذا من أسعار الوقود الاحفوري ويشعل فواتير الغذاء من خلال استغلال الأراضي الزراعية لإنتاج وقود متجدد.
والآن تتزامن الأسعار العالية مع أسعار الغذاء مع تباطؤ الاقتصاد مما أثار اضطرابات في عدة دول بالإضافة إلي مطالب بخفض الضرائب علي الوقود وتحرير الأراضي الزراعية من اجل الغذاء. في هذا الإطار يقول الاقتصادي الكبير " جوزيف ستيجليتز" الحائز علي جائزة نوبل في الاقتصاد إن هذا المكون المهم من الاقتصاد العالمي. . الغذاء والطاقة تعرض لتشويه بالغ بسبب تسعير المياه والهواء الخالي من الكربون بأسعار اقل من أسعارها الحقيقية ويمضي يقول إن مكافحة التغيرات المناخية جعلت ارتفاع أسعار الغذاء أمر لا مفر منه.
وتتصاعد تكلفة السلع الغذائية المهمة بشدة حيث اقتربت أسعار الأرز والذرة والقمح من ارتفاع قياسي وأدي هذا إلي احتجاجات وأعمال شغب في بعض الدول النامية حيث قد ينفق الناس أكثر من نصف دخلهم علي الغذاء.
وتؤثر التغيرات المناخية علي الغذاء بطريقتين إما مباشرة من خلال أحداث حالات الجفاف الاستثنائية أو من خلال رد فعل سياسي لتحويل المحاصيل الغذائية إلي وقود صوبي مثل الايثانول لان انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عنه اقل من تلك الناتجة عن البنزين وهذا هو الهدف من إنتاجه.
وعلي الجانب الأخر فان تقريرا صادراً عن منظمة " كرستيان أيد " أشار إلي إمكانية أن تؤدي التغيرات المناخية إلي موجات نزوح بشري قد تصل إلي مليار شخص بحلول عام 2050 وتتوقع المنظمة أن تفاقم التغيرات المناخية المستقبلية ظاهرة النزوح البشري التي بدأت فعلا ويقول التقرير الذي أصدرته المنظمة إن هناك خشية من أن تؤدي موجات النزوح إلي اشتعال نزاعات في المناطق ذات الموارد الشحيحة حسب تقرير للبي بي سي.
ويضيف التقرير إن البلدان الأكثر فقرا غير واعية للتطورات السيئة مثل النزوح، التهديد الأكثر إلحاحا الذي يواجه الشعوب الفقيرة في الدول النامية.
ويقول "جون ديفسون" احد الذين شاركوا في وضع التقرير " نسمع عن محاولات الهجرة إلي دول أوروبا الغنية ولكن الأزمة الحقيقية هي قيد التطور والكثيرون ليسوا واعين بها بعد ".
أخطر من أسلحة الدمار الشامل
وفي سياق التدهورات المناخية العالمية تبقي ظاهرة التصحر اخطر في واقع الأمر من أسلحة الدمار الشمل.. ما التصحر وما إشكالياته؟
تعريف ظاهرة التصحر أمر يقودنا إلي هلع حقيقي ما لم تتبين البشرية عادة أخطاره وتعمل علي تجنب تأثيراته الضارة أيما ضرر، فالتصحر وفقا لتلك الدراسة من اكبر الكوارث التي تهدد المجتمعات البشرية وهو عبارة عن درجة معينة من الاختلال في توازن العناصر المختلفة المكونة للنظم الايكولوجية وتدهور خصائصها الحيوية وانخفاض إنتاجيتها إلي الدرجة التي تصبح فيها هذه الأنظمة عاجزة عن توفير المتطلبات الحياتية الضرورية للإنسان والحيوان مما يضطره في النهاية إلي الهجرة أو قيامه باستيراد مصادر الطاقة اللازمة لاستثماره فيها من أنظمة أخري.
والتصحر كذلك نتيجة مباشرة لسوء استغلال الإنسان للموارد الطبيعية لهذه الأنظمة وبخاصة الموارد الحيوية بالإضافة إلي التأثيرات السلبية لعناصر البيئة وبخاصة الظروف المناخية الجافة إذ أن عناصر البيئة المختلفة في أي منظمة تتفاعل وتتكيف مع بعضها بعضا إلي أن تصل عبر التاريخ إلي نوع من التوازن الديناميكي.
ويظل كل نظام محافظا علي خصائصه المميزة له طالما بقيت التغيرات ضمن حدود القدرات الطبيعية إلا أن هذا التوازن يبدأ في الاضطراب بسبب الإفراط في استغلال عنصر أو أكثر بمعدل يفوق قدرته الكامنة علي التعويض أو بسبب عدم ملائمة أساليب الإدارة لطبيعة النظام القائم.
دور المناخ وتأثيراته السلبية
والمؤكد انه حدثت تغيرات مناخية كبيرة تعاقبت فيها عصور رطبة وأخري جافة عبر الأزمنة الجيولوجية أدت إلي نشوء الصحاري الطبيعية التي تغطي جزءا كبيرا من منطقتنا العربية وبالرغم من أن هذه العصور تلاشت إلا أنها لا تزال تؤثر بشكل فعال في نشوء البيئات الهشة من خلال الظروف القاسية التي تتميز بها الصحاري والتي تؤثر في المناطق المجاورة لها.
هذا من ناحية ومن ناحية أخري فان طبيعة المناخ في الوطن العربي منذ أكثر من خمسة ألاف سنة كان جافاً بطبيعته ودورات الجفاف الطويلة والقصيرة دائمة الحدوث ولم يحصل فيه أي تغيير ملموس حتي يومنا هذا حيث يمتاز بالانخفاض الشديد في معدلات الهطول المطري وعدم انتظامه وحصول الأمطار العاصفة إضافة إلي الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة وشدة الرياح وسيادة الرياح القارية ومن هنا فان الجفاف إلي جانب كونه احد أهم ميزات البيئات الجافة وشبه الجافة فهو يعمل إلي جانب تأثير الصحاري في اتساع رقعة البيئات الهشة وأحيانا تدهورها ونشوء بيئات أكثر حساسية واهم صفات هذه البيئات هي ضعف الغطاء النباتي وسيادة التربة غير المتطورة وندرة المصادر المائية.
مما سبق يتضح أن المناخ الجاف الذي يغطي معظم مساحة الوطن العربي قد أدي إلي وجود العديد من الأنظمة البيئية الايكولوجية الهشة والحساسة وقد بقيت هذه الأنظمة رغم ذلك في توازن حرج مع الظروف القائمة عبر التاريخ الطويل حيث كان عدد السكان قليلا ونشاطهم محدودا وإمكاناتهم التكنولوجية بسيطة وحينما زاد عدد السكان وزادت إمكانياتهم التكنولوجية واتسع مجال نشاطهم وزاد معدل استغلالهم للموارد الطبيعية فقد أدي كل ذلك متضافرا مع سوء الإدارة إلي الإخلال بالأنظمة الايكولوجية وتوازنها مما هيأ الفرصة للآثار السيئة للعوامل المناخية الجافة أن يزداد تأثيرها وفاعليتها في امتداد ظاهرة التصحر إلي معظم أنحاء الوطن العربي.
لذلك فان اعتقاد كثير من الباحثين أن الظروف المناخية التي تتميز بالجفاف فقط هي الأسباب الكامنة وراء عمليات التصحر هو اعتقاد خاطئ لان الظروف المناخية في الوقت الحاضر هي عامل مساعد ومنشط يتضح تأثيره بشكل كبير بعد اختلال التوازن في عناصر النظام الايكولوجي الناتجة أساساً عن النشاطات البشرية غير الملائمة.
والمؤكد أن ظاهرة التصحر في الوطن العربي ستؤثر سلبا مع مضي الزمن علي جميع أوجه الحياة من زراعة وصناعة وتجارة وغيرها وبخاصة إذا استمرت ظروف الضغط علي الموارد الطبيعية واستنزافها بقدرة اكبر من طاقتها علي التجديد.. كيف المواجهة؟ لنا عودة لاحقا للجواب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.