لله رجال اختصهم بموهبة متميزة.. ووضع في حناجرهم أنغام السماء فانسابت فناً جميلاً بالتواشيح والابتهالات والأناشيد العذبة التي تنزل علي قلوبنا برداً وسلاماً.. في الاحتفالات والمناسبات الدينية.. خاصة في شهر رمضان المبارك والذي يكون لهذه الأنغام طعم خاص ويكون لأصحابها حضور قوي بيننا.. تعالوا لنتعرف علي مسيرة حياة وحلاوة فن هؤلاء النجوم. الشيخ "سلامة إبراهيم حجازي" أحد أعلام وأقطاب الإنشاد الديني.. ولد في الخامس من شهر فبراير عام 1855م بحي رأس التين في مدينة الإسكندرية والتي كان يطلق عليها.. العاصمة الثانية لمصر.. مات والده "الريس إبراهيم حجازي" وكان يملك عدة مراكب تجارية تدر له الربح الوفير.. وعلي الرغم من ان ابنه "سلامة" في مرحلة الطفولة ويحتاج إلي الرعاية والاهتمام.. إلا ان والدته تزوجت رجلاً.. وبدلاً من اهتمامه بها وبأفراد الأسرة.. لم يحافظ علي التركة التي تركها الريس إبراهيم وظل يصرف منها علي متطلباته الشخصية.. فقد كان بلا عمل ثابت يتقاضي منه أي أموال.. كما أنه اساء معاملة الصغير "سلامة".. الأمر الذي جعل أحد أصدقاء والده يتولاه بالرعاية وعهد به إلي معلم نجح في تعليمه القراءة والكتابة.. كما حفظ القرآن الكريم. وبمرور الأيام.. مات كافله.. صديق والده.. فانقطع سلامة عن الدراسة واحترف قراءة القرآن في المنازل والمحلات والأماكن العامة ليعول نفسه ويساعد والدته وأسرته.. وبعد التلاوة.. أصبح يرفع الآذان في المساجد ومنها: مسجد "البوصيري. ومسجد "أبي العباس المرسي".. وفي نفس الوقت اتجه إلي الإنشاد الديني وكانت بداية حياته كمنشد لقصائد الذكر.. ومثل غيره من أعلام وأهل الفن بالإسكندرية وكل المحافظات.. بمجرد ان لمع نجمه وحقق شهرة انتقل إلي القاهرة وتعرف علي المطرب الكبير "عبده الحامولي" الذي اقترح عليه بعد ان استمع إليه وأعجب بصوته وفنه الانضمام لاحدي فرق التمثيل والتي كانت منتشرة جداً في مصر.. وذلك لينفرد بنفسه في هذا اللون من الغناء. وبالفعل.. وعملا بنصيحة الحامولي هجر الشيخ سلامة حجازي العمل مع "التخت".. أي الفرقة الموسيقية.. وانضم أولاً إلي فرقة - القرداحي - وظل يعمل بها لفترة ثم انتقل إلي فرقة أخري هي - فرقة أبوخليل القباني - بقيادة الفنان إسكندر فرح الدمشقي الذي جاء من سوريا واشتهر في مصر.. وشارك سلامة حجازي مع هذه الفرقة في بطولة مجموعة روايات منها: هاملت. شهداء الغرام. صلاح الدين الأيوبي. غانية الأندلس.. وغيرها.. وكان يقوم فيها بأدوار البطولة.. تمثيلاً وغناءً.. ثم أسس وحده فرقة خاصة وأصبح أول مصري يؤسس فرقة تمثيل قدمت عروضها في مصر ثم طافت ببلاد افريقيا والوطن العربي.. خاصة سوريا التي عاد منها عام 1917 مصاباً بشلل.. وبمجرد ان شفي منه عاد إلي التمثيل لكنه سرعان ما مرض مرة أخري.. وانتقل إلي جوار ربه في الرابع من أكتوبر من نفس العام.