إن الناظر فى أحوال الناس اليوم يجد أن الكثير من الناس إلا من رحم الله قد استهانوا بأمر الأمانة فلا يلقون لها بالاً، ولا يقيمون لها وزناً حتى أصبح عثور إنسان على مبلغ من المال وقيامه بتسليمه لصاحبه أو تسليمه للجهات المسئولة أو رفض موظف قبول رشوة خبرا جيدا يحظى بالرعاية والاهتمام فى كل وسائل الإعلام مع أن هذا التصرف هو السلوك الصحيح المعتاد الذى تربينا عليه و تعلمناه من تعاليم ومبادئ ديننا وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تلاشى قيمة الأمانة وشيوع الخيانة فى حياة كثير من الناس. والله سبحانه لا يحب الخائنين، قال تعالي: «إن الله لا يحب من كان خوانًا أثيمًا» النساء: 107، فخيانة الأمانة من الرذائل التى شاعت فى حياة المسلمين اليوم وتتخذ أشكالا وصورا مختلفة فالمجاملات فى ترسية العطَاءات والمناقصات عمدًا على شخص أو شركة بعينها، ويوجد من بين المتقدمين من هو أفضل منها خيانة للأمانة، واستخدام العمال والموظفين للأشياء الموجودة بالمكان الذين يعملون فيه لأغراض شخصية، كاستخدام سيارات المصلحة أو الهيئة أو الشركة لتنقلاتهم وتنقلات أسرهم، واستخدام وسائل الاتصال لاتصالات شخصية، واستخدام طباعات وأدوات وأجهزة العمل لأغراض شخصية خيانة للأمانة، وإخفاء عيب فى السلعة أو الغش فى الوزن أو فى تواريخ الإنتاج وتواريخ إنتهاء الصلاحية أو فى النوع والجودة أو فى الميزان والمكيال أو استخدام مواد مضرة بصحة الإنسان فى التصنيع أو غير مطابقة للمواصفات خيانة للأمانة، وإهمال المدرس فى رعاية طلابه وعدم إتقانه فى شرحه للدرس حتى يضطر الطلاب لأخذ دروس لديه خيانة للأمانة، وإهمال الطبيب فى المستشفى العام وعدم قيامه بواجبه تجاه المرضى حتى يضطروا أن يأتوا إليه فى عيادته الخاصة خيانة للأمانة، وعدم وضع الإنسان المناسب فى المكان المناسب، خيانة للأمانة، والسر أمانة، وإفشاؤه خيانة حتى ولو حدث خصام بينك وبين من ائتمنك على سره، والعلاقات الزوجية أمانة وإفشاؤها خيانة ولو على سبيل المزاح.. إلخ إن الخيانة إحدى علامات النفاق، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» متفق عليه، فلا يضيع الأمانة ولا يخون إلا كل منافق، أما المسلم فهو بعيد عن ذلك فنبينا يقول: « أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» رواه الترمذي.