نزلت سورة التحريم في شأن( مارية القبطية) حينما حرمها رسول الله صلي الله عليه وسلم علي نفسه ثم ردها بأمر من الله تعالي في( سورة التحريم) وقد ذكرت سورة التحريم ما نزل بخصوص مارية القبطية ولكن لم تذكر ما حدث بخصوص عائشة وحفصة رضي الله عنهما إلا في القرآن الكريم. قال تعالي في شأن مارية رضي الله عنها: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم, قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم, وإذ أسر النبي إلي بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير(3) إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير(4) عسي ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا(5) التحريم. وقد ذكرنا في أمر مارية في مقال خاص قصة تحريمها حرمها رسول الله صلي الله عليه وسلم علي نفسه إرضاء لحفصة ثم ردها بأمر الله تعالي كما في سورة التحريم. أما عن حفصة وعائشة رضي الله عنهما فقد ذكر الإمام ابن كثير أنهما كانتا المتظاهرتين طبقا للحديث الذي رواه الإمام أحمد عن ابن عباس قال: لم أزل حريصا علي أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي قال الله تعالي( إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما) حتي حج عمر وخججت معه, فلما كان ببعض الطريق عدل عمر, وعدلت معهم أتاني, فسكبت علي يديه فتوضأ, فقلت: يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلي الله عليه وسلم: اللتان قال الله تعالي(إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما) فقال عمر: واعجباه لك يا ابن عباس قال الزهري: كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه,. قال: هما( عائشة وحفصة), قال: ثم أخذ يسوق الحديث قال: كنا معشر قريش قوما نغلب النساء, فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم, فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهن. ثم سرد عمر رضي الله عنه ما حدث له من زوجه من جدال حينما أرادت مراجعته فلما علم منها أن أزواج رسول الله صلي الله عليه وسلم يراجعنه ومنهن حفصة ابنته فسألها فوافقت علي ذلك وأنهن يهجرنه إلي الليل فهددها وقال: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر. أفأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله, فإذا هي قد هلكت, لا تراجعي رسول الله صلي الله عليه وسلم, ولا تسأليه شيئا, وسليني من مالي ما بدا لك ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم( أي أجمل) وأحب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم منك يريد عائشة. ثم علم أن رسول الله في إشاعة أنه طلق نسائه فأتي حفصة وهي تبكي وسألها عن ذلك فقالت: لا أدري, هو في معزل في هذه المشربة, فأتيت غلاما له أسود, فقلت: أستأذن لعمر ثم دخل كل من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فوجدا رسول الله صلي الله عليه وسلم معتزلا نساءه وقد اعتزلهن شهرا لطلبهن متاع الدنيا وزيادة النفقة والغيرة من( مارية) لإنجابها الولد فقال عمر رضي الله عنه( عسي ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن) فنزلت الآية, وقد أراد كل من أبي بكر وعمر أن يضرب ابنته فمنعهما رسول الله صلي الله عليه وسلم. ثم أنزل الله تعالي علي رسوله آية التخيير( كما ذكرنا في مقال أزواج رسول الله صلي الله عليه وسلم) فاخترن كلهن الله ورسوله والدار الآخرة رضاء لله ورسوله صلي الله عليه وسلم.