يوافق اليوم ذكرى مرور 5 سنوات على رحيله ومع ذلك فإن الأستاذ مازال حاضرا ومقروءا ومسموعا ومؤثرا فى المشهد السياسى داخل مصر وعلى طول وعرض الأمة العربية من المحيط إلى الخليج. رحل الأستاذ عن دنيانا فى يوم 17 فبراير 2016 وهو نفس يوم رحيل والدى يوم 17 فبراير عام 1974 ليتأكد صدق إحساسى بأنه كان بالفعل الأب الروحى الذى عوضنى عن رحيل والدى ببرقية تعزية مؤثرة «أعلم أن الفراق صعب ولكن الحياة يجب أن تستمر وكن على ثقة أنك لست وحدك» لقد كان لهذه البرقية فعل السحر فى نفسى لأنها من الأستاذ العظيم بعد أيام قليلة من خروجه من الأهرام وكان قد منحنى وحدى دون سائر زملائى فى الأهرام شرف أن أصحبه يوم خروجه من الأهرام ظهر يوم السبت أول فبراير عام 1974 تنفيذا لقرار الرئيس السادات بإعفائه من رئاسة الأهرام وفى الطريق إلى منزله قال لى مقولته الشهيرة «إن السادات مارس حقه فى إعفائى من الأهرام ولكن الذى ليس من حقه أن يكلفنى بالعمل معه كمستشار سياسى لأن ذلك حق مطلق لى لا يملك أحد أن ينازعنى فيه»! هكذا كان الأستاذ الذى كان يعلمنا أن الصحفى موقف ورأى فهو الذى قال لصديق عمره جمال عبد الناصر عام 1970 أنه يرفض أن يكون وزيرا للإرشاد القومى «الإعلام» رغم أن قرار تعيينه تضمن استثناء فريدا بأن يجمع بين منصب الوزير واستمراره رئيسا لمجلس الإدارة ورئيسا لتحرير الأهرام وفى زمن لم يكن فيه مسموحا لأحد أن يمارس حق الرفض أو حق الاستقالة ومع ذلك اضطر الأستاذ إلى قبول منصب الوزير راجيا ألا تزيد المدة على عام واحد وقد قبل عبد الناصر ذلك وقال لأنور السادات الذى كان يقوم بدور الوساطة إنه يوافق على طلب الأستاذ وعندما رحل عبد الناصر فى 28 سبتمبر عام 1970 جدد الأستاذ رغبته فى ترك منصب الوزير ونشر خطاب الاستقالة فى الصفحة الأولى للأهرام ثم نشر فى اليوم التالى نص رد السادات بقبول الاستقالة بعد إنهاء إجراءات الاستفتاء وتحمل السادات مسئولية الرئاسة فى أكتوبر 1970 وبعد خروج الأستاذ من الأهرام إثر خلاف مع السادات بشأن المسار السياسى بعد نصر أكتوبر تباعدت المسافات خصوصا بعد صدور كتاب «الطريق إلى رمضان» عام 1974 ولكن سرعان ما استعاد السادات علاقته مع الأستاذ عام 1975 وعرض عليه أن يتولى منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الإعلام بعد أن اعتذر عن عدم قبول العودة إلى الأهرام وفق شروط معينة وفوجئ السادات بأن الأستاذ يرفض هذه العروض ويقول له إننى سأتفرغ للكتابة مثيرا دهشة السادات الذى قال له أى كتابة وأين ستكتب ليبدأ هيكل أزهى مرحلة فى كتابة المقالات للصحف العالمية ويتفرغ لإصدار العديد من الكتب التى وثقت لتاريخ المنطقة. رحم الله الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى ظل مكانه شاغرا منذ إخراجه من الأهرام فى فبراير عام 1974 وبعد رحيله عن دنيانا فى فبراير