كم من الوجوه تمنيت أن تصافحها وأنت تودع عاما يتسرب من بين يديك، هناك وجوه انتظرتها سنوات.. وفى نهاية كل عام ومع آخر لحظات فى السنة ربما انتظرت دقات على بابك لا تجىء.. وجوه غابت فى زحمة الحياة وأنت لا تعرف إلى أين سافرت.. أصدقاء رحلوا وكان وجودهم يملأ الحياة بهجة ومتعة.. أشخاص سكنوا قلبك وودعوه بلا كلمة وداع أو عتاب.. فى ليلة رأس السنة كنت تستقبل أصواتا كثيرة فى التليفون ولكن الأعداد تراجعت وحين انتصف الليل لم يسأل عنك أحد، هل هو الجحود أم النسيان أم وحشة البعد والجفاء.. فى يوم من الأيام كان يكفينا حبيب واحد وصديق واحد وفى زمن الوحشة لا حبيب ولا صديق ولا سؤال.. كثير من الناس الليلة سوف يضيئون شمعة وحيدة وحولهم باقات من الصور من سافر ومن باع ومن غدر.. لا شيء وسط السكون غير ملامح باهتة عبرت عليها مواكب النسيان فلم يبق فيها غير شحوب الملامح وأطياف زمن لا يعود.. منذ سنوات اعتدت أن انتظر وجوها عزيزة ولكنها لا تجىء انتظر وجها انتظر صوتا انتظر عتابا أو سلاما أشياء كثيرة لا تجىء.. إن آخر ما بقى عندى هذه الليلة بعض الصمت وكثير من الخوف واليأس لم يعد لدى إحساس بانتظار شىء ما لأننى لم اعد املك حلما أو أن أجد ما يسعدنى من الآخرين.. البرد شديد هذه الأيام والوجوه على الشاشات غاضبة موحشة والأخبار ليس فيها ما يسر وأنا أحدق حولى ولا أسمع غير أحاديث الصمت.. سوف أصافح الساعات وهى تمضى ولا اعرف هل انتظر مثل كل الأعوام السابقة شيئا لا يجىء.. مع نهاية العام كل واحد منا ينتظر شيئا هناك، من ينتظر حبيبا، وهناك من ينتظر حلما وهناك من ينتظر طيفا غاب ولن يعود.. أنا لا أحب ساعات الانتظار لا آحب أن أنتظر قطارا أو طائرة أو حلما وأصعب الأشياء أن تنتظر حلما لا يجىء وحين يكون الزمان بخيلا والليالى موحشة تختفى الأحلام ويكون من الصعب أن تجىء.