من بين عشرات الرسائل والتعليقات الرصينة التي تلقيتها حول مقال الأربعاء الماضي تحت عنوان «الدخان الأزرق» إلي جانب ما استقبلته من اتصالات هاتفية لمسئولين ودبلوماسيين عرب مرموقين, انتقيت رسالة المؤرخ العسكري الدكتور مدحت حسن عبد العزيز لعرضها كمجرد نموذج يعبر عن الاتجاه العام في التعاطي مع ما طرأ من مستجدات في ملف التطبيع العربي مع إسرائيل. والرسالة كما عدت لمصادرها الأصلية تمثل اقتباسا أمينا لمقال قديم للكاتب الفلسطيني سلمان أبو ستة ونشرته قبل نحو 20 عاما مجلة «وجهات نظر» المصرية في العدد رقم 31 الصادر في أغسطس 2001, يتناول فيه الكاتب دراسة إسرائيلية نشرت عام 1997 اشترك في إعدادها 250 خبيرا من كبار الباحثين في إسرائيل تحت إشراف صمويل نيمان مدير معهد «التخنيون» الإسرائيلي, ومحور الدراسة محاولة للإجابة عن سؤال يقول «كيف تري إسرائيل نفسها عام 2020»؟. إن إسرائيل تهدف أن تصبح في عام2020 في مصاف الدول الثمانى الكبري ولكن أهم الصعوبات التي تواجهها أنها لا تستطيع أن تصبح دولة صناعية كبري في حجم الدول الصناعية الثمانى الكبار دون أن يتسع حجمها الحالي نظرا لأن ثلاثة أرباع مساحة إسرائيل بما فيها الجولان المحتلة تستخدم لأغراض عسكرية، بينما الربع المتبقي من المساحة الفعلية يستخدم لأغراض زراعية وربع هذا الربع يستعمل «للسكن».. والإيواء! وتتوقع الدراسة الإسرائيلية أن تنجح إسرائيل في إقامة علاقات دبلوماسية مع كل الدول العربية والإسلامية رغم استمرار رفضها لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ورفض عودة اللاجئين، وبناء علي ذلك تري الدراسة الإسرائيلية أن نجاح إسرائيل في عدم ربط التطبيع بالقضية الفلسطينية سيعود بفوائد عظيمة علي إسرائيل، منها زيادة الاستثمارات الأجنبية وجذب المزيد من المهاجرين اليهود لتلبية التغيرات الهيكلية الواسعة لكي يتخصص الاقتصاد الإسرائيلي في مشاريع تعتمد علي التكنولوجيا الحديثة بينما يقوم العرب بتوفير اليد العاملة الرخيصة. وليس هناك من يشكك في أن إسرائيل تحتاج إلي السلام بأكثر من احتياج العرب له تحت مظلة الشروط الإسرائيلية المتشددة، خصوصا أن الدراسة الإسرائيلية تشير بوضوح إلي جملة تحديات تعترض مخطط إسرائيل 2020 لأنه لا الرقعة الجغرافية ولا عدد السكان المتوقع ولا الأهداف الاقتصادية ولا الموارد الطبيعية المحدودة، خصوصا من المياه والبترول، يمكن أن توفر لها القدرة اللازمة لدخول نادي الدول الكبري.. ومن ثم تجيء أهمية التخلي عن نظرية التوسع العسكري واستبدالها بنظرية التوسع بالسلام! انتهي الاقتباس وتبقي الأسئلة المشروعة هي: ما مصير الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني؟.. وما هو مصير الأراضي العربية المحتلة؟.. وكيف يمكن التعامل مع التحديات المستقبلية لبناء توازن إقليمي ينتصر للسلام وللشرعية الدولية ودون المساس بثوابت الأمن القومي العربي؟! خير الكلام: ثقة بلا حذر.. حصان أعمى!