ظلت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير وقت حرب أكتوبر تسأل قيادات جيشها وأجهزة مخابراتها، عما إذا كان المصريون والسوريون سيشنون حربا على إسرائيل؟.. تساؤلات مائير شبه ركزت على مطلب واحد وهو متى يستطيع الجيشان المصرى والسورى شن الحرب التى تتحدث عنها بعض التقارير الإعلامية والمخابراتية؟. لم تختلف أجوبة قادة الجيش و المخابرات الإسرائيلية على أسئلة مائير، فالرد النهائى هو عدم قدرة مصر وسوريا على شن الحرب، وقدم كل قائد أو جهاز حيثيات توقعه باستمرار حالة اللا حرب واللا سلم بين الطرفين المتحاربين. وربما نتوقف هنا عند السبب الرئيسى الذى اقتنعت من خلاله مائير بعدم اندلاع أى حرب، وهو حسب ما أقنعتها القيادات العسكرية والمخابراتية بذلك امتلاك إسرائيل قوة الردع التى تمنع الجيش المصرى من التفكير فى إدارة حرب خاصة وهو لا يملك مقاتلات بعيدة المدى تتمكن من الوصول الى بطن إسرائيل الرخو أى الداخلية الإسرائيلية وإزعاج الإسرائيليين فى عقر دارهم. وبالتالى لن تستطيع سوريا شن الحرب هى الأخرى نظرا لاعتمادها على الجيش المصري. وحسب تقرير لمركز بيجين السادات للدراسات الإسرائيلية، فإن جولدا مائير امتنعت عن إصدار قرار يوم الخامس من أكتوبر 1973 باستدعاء الاحتياط، نظرا لتضخم فكرة قوة الردع الإسرائيلية وخوف المصريين من خسارة ما تبقى من جيشهم إذا شن حربا حيث لن تقوم له قائمة أخرى ولو بعد حين، كذلك خوف الجيش السورى من مواجهة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر. فى حين وهذا لم تحسبه القيادات العسكرية والمخابراتية الإسرائيلية قدر حسابه أن سبب تأخير الحرب بالنسبة لمصر وسوريا لم يكن الخوف من الجيش الإسرائيلى ولكن تخاذل الاتحاد السوفيتى وعدم التزامه بتوريد الأسلحة المطلوبة لمواجهة تسليح الجيش الإسرائيلى الأمريكي . ثم توجهت مائير بكل تساؤلاتها لوزير دفاعها موشيه ديان الذى كانت تثق فيه ثقة عمياء..وهى الثقة التى خدعت مائير حيث سقطت مغشية عليها وقت إبلاغها بشن المصريين للحرب وعبورهم القناة، حيث كان رد ديان هو صعوبة عبور المصريين للقناة وإذا عبروا سنحاصرهم من كل الأجناب، فنامت مائير نومة هنية ليلة الحرب ولكنها لم تهنأ بعدها أبدا. تؤكد تساؤلات مائير أنها كانت تعى تماما ثبات وقدرة المصريين على استرداد سيناء، ولكن قادة جيشها المغرورين خدعوها بفكرة قوة الردع. * نقلًا عن صحيفة الأهرام