قبل نهاية فيلم عودة الابن الضال ، تسعى (فاطمة\مصر) لإقناع حبيبها المهندس على العائد الضال بعد غياب طويل، أن يتركا البلدة مثلما سيفعل ابراهيم ابن البك وتفيدة ابنة العامل (المستقبل) ولواحظ وحسونة (طبقة العمال) ويتركون ميت شابورة للأبد، بحثا عن حياة جديدة خارج البلدة الفاسدة العفنة، ولكنه يرفض أو بالأحرى لم يعد به عقل ليفكر. ويتركها، ليقتل شقيقه الظالم المستبد (طلبة)، ونشاهد مذبحة للعائلة تقضى على كل الماضى البغيض والحاضر المتمرد. لم تشهد البلدة فرح فاطمة وعلي، فالعهد الثورى كان كئيبا لم يفرح، ويبدع جاهين فى كلماته (مفترق طرق): آدى اللى كان وآدى القدر وأدى المصير..نودع الماضى وحلمه الكبير..نودع الأفراح والأشباح..راح اللى راح معادش فاضل كتير.. إيه العمل فى الوقت ده ياصديق..غير إننا عند افتراق الطريق..نبص قدامنا على شمس أحلامنا..نلقاها بتشق السحاب الغميق. جاهين ذاته أحد الذين تألموا من تمرد الابن الضال، فهو عشقه وكان أكبر المناصرين للثورة وواحدا من أهم قوتها الناعمة، ولكنه انخدع فى النتائج، فجسدت كلماته بصدق ما يجيش بصدره من وهم كبير عاشه وصدره للآخرين عن طريق أغانيه التى ألهبت عقول وقلوب المصريين والعرب وأقنعتهم بالعهد الثوري. وحاول جاهين التكفير عن أغانيه التى مجدت الثورة وحلم بناء أوبرا فى قرية عربية، ليلهم الجيل الجديد بالتغيير، ويوجهه للأمل :لسه الطيور بتفن..والنحلات بتطن..والطفل ضحكه يرن. جاهين لم يفقد الأمل رغم عذاباته فطالب بالقضاء على الحاضر والماضي, ليعيد بث روح الأمل فى صدور الجماهير فى أغنية (الشارع لمين) رغم ما بها من ألم وخيانة عهد ممن وعدوا وتنصلوا. حوار موسع بين إبراهيم وتفيدة (المستقبل) والضال على (الحاضر) ومجموعات الشباب والطلبة والعمال الذين تحدوا الجميع: الشارع لنا، إحنا لوحدنا، الناس التانيين دول مش مننا، دول ناس أنانيين فى مكانهم واقفين، دول مش مننا. وكان هؤلاء يردون على الابن الضال بعد وصفه الشارع: كان شوك، وأنا حافى ودمى عليه سيال، وورايا وقدامى سراب يغرق فى الرمال. بلدة ميت شابورة التى اعتبرت المهندس على «نبع صافى» وسيد العاقلين، اكتشفوا أنه مجرد وهم، سراب يعمى العيون، فقرر هو أن يكون من الماضى البغيض ليموت حتى لو اعترف بأن الطريق كان شوكى ودموعى. للحكاية بقية. نقلا عن صحيفة الأهرام