تتوالى العهود على قاهرة المعز ولكن يظل الليل الرمضانى ذا مذاق خاص فى رحاب مسجد سيدنا الحسين، فكأنه ارتباط شرطى بين سهرات الشهر الكريم وساحة مسجد سيد شباب أهل الجنة، فيصبح هذا المكان وجهة لأهل القاهرة ويفتح ذراعيه ليستقبل أهل المحروسة كلها حتى يمسى أكبر بقع الأرض زحاما فى ساعات ما بعد صلاة التراويح وحتى مطلع الفجر. أجواء قدسية تصدح بصدى أصوات مشاهير القراء والخطباء والدعاة، بيارق الطرق الصوفية، الأنوار المتلألئة فوق المآذن والقباب، راقصو التنورة، المجاذيب، نداءات الزبائن على المقاهي، «أيوا جاي» يطلقها الجرسونات وهم يحملون الشيش، فرق الموسيقى والرقص الشعبي، روائح البن المحوج والسحلب بالمكسرات والينسون والقرفة والجنزبيل تفوح من المقاهي، نكهة الشاى الأخضر من البراد الصغير على الفيشاوي، جولة فى خان الخليلي، أقراص طعمية كبيرة، سوبيا وتمر هندى وخروب، كل هذا لن تجده مجتمعا إلا فى هذه البقعة. ورغم أن أحياء القاهرة تمسى فى رمضان كمقاه عملاقة حتى موعد السحور، إلا أن السهرة كانت ومازالت لها مفعول السحر عندما يعانق عينيك قمر رمضان فوق قباب ومآذن المشهد الحسينى والأزهر وأبو الدهب ووكالة الغوري. على صفحات الأهرام قديما، كم سجلت عدسات المصورين وكتبت أقلام المحررين، عن سهرات قاهرة المعز وكيف استمتع الناس برمضان فى لياليه الساحرة، ففى ليل القاهرة كل ما تتمناه حتى تكاد سهرتك تنتهى بأن تصافح رمضان شخصيا قبل أن تودع هذا المكان لتعود إليه فى رمضانك القادم.
الصور من أرشيف الأهرام والميكروفيلم (مركز التنظيم وتكنولوجيا المعلومات) عدسة إميل كرم محمد وسيم