في كلمة مسجلة.. وزيرة الهجرة تشارك في مهرجان "اكتشف مصر" المقام بكندا    النواب يبدأ مناقشة قانون بربط حساب ختامي الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2022/ 2023    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    ميناء دمياط يستقبل 45 سفينة متنوعة    نائب محافظ بني سويف تناقش إجراءات توفير أراض لإقامة مشروعات بقرى المرحلة الثانية من حياة كريمة    ارتفاع الطلب على الصادرات في تايوان بأكثر من المتوقع    صلاحيات مطلقة وفوق الجميع.. ماذا نعرف عن مجلس صيانة الدستور المسئول عن تقرير مصير إيران؟    55 ألف دولار تتسبب في إيقاف قيد الزمالك    موجة طقس خماسيني حار في بورسعيد    المشدد 5 سنوات لعامل بالشرقية لاتهامه بخطف طالبة وهتك عرضها    22 مايو.. تأجيل محاكمة طبيب وآخرين متهمين بإجراء عمليات إجهاض    في ذكرى رحيله الثالثة.. تعرف على الفنانين الشباب الذي يضحكون سمير غانم    برنامج "لوريال - اليونسكو" يفتح باب التقدم للمرأة المصرية في مجال العلوم لعام 2024    البحيرة: توريد 203 آلاف طن قمح للشون والصوامع حتى الآن    ضبط 6 أشخاص سرقوا مبلغ مالى من داخل سيارة وخزينة اموال في الجيزة    العمل: ندوة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الوزارة فى مواجهتها بسوهاج    توقيع 3 مذكرات تفاهم خلال انطلاق "قمة مصر للتحول الرقمي والأمن السيبراني"    هل تفكر في مشاهدة فيلم ريان رينولدز IF.. إليك أحدث تقييماته وإيراداته المتوقعة    فرقة الجيزة تقدم «هالوفوبيا» في ثاني أيام مهرجان نوادي المسرح 31    محافظ كفرالشيخ: تقديم خدمات طبية ل 1528 مواطنًا بالقافلة الطبية المجانية بقلين    مجلس النواب يقر نهائيا مشروع قانون المنشآت الصحية    سيد معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    عاجل.. كواليس اجتماع تشافي ولابورتا| هل يتم إقالة زرقاء اليمامة؟    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    وزير النقل يكشف معدلات تنفيذ المرحلة الأولى لخط المترو الرابع (صور)    8 شروط لتطوير وإقامة المنشآت الصحية، تعرف عليها    لص يقتل شخصًا تصدى له أثناء سرقة منزله بقنا    ضبط 4 متهمين ببيع الذهب الخام الناتج عن التنقيب غير الشرعي في أسوان    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    بالصور.. محافظ أسيوط يتفقد امتحانات طلاب الكلية المصرية الألمانية للتكنولوجيا    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. الأبراج المائية على الصعيد المالي والوظيفي    عمر الشناوي: محدش كان يعرف إني حفيد كمال الشناوي    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    صلاح: سعيد بتتويج الزمالك بالكونفدرالية    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    تشاهدون اليوم.. بولونيا يستضيف يوفنتوس والمصري يواجه إنبى    «الرعاية الصحية» تعلن حصول مستشفى الرمد ببورسعيد على الاعتراف الدولي    مظاهرات أمام الكنيست اليوم للمطالبة بانتخابات فورية واستبدال حكومة نتنياهو    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    طريقة عمل العدس بجبة بمكونات بسيطة    دعاء النبي للتخفيف من الحرارة المرتفعة    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    تركيا: مسيرة «أكينجي» رصدت مصدر حرارة يعتقد أنه حطام مروحية رئيسي    ميدو: الزمالك سيصبح وحشا إذا حصل على نصف حقه    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    لبيب: جمهور الزمالك كلمة السر في الفوز بالكونفدرالية وفخور بتهنئة الرئيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنسانية متوحشة.. لماذا؟

من نكون وكيف يكون إنساننا الداخلي؟ وما هذا الاختلاف الشاسع بين البشر؟ وكيف تحول هذا الإبداع الإلهى فى خلقة إنسانيتنا إلى كائن مجنون أو شخص شرس يقتل ويذبح؟ وكيف صارت الإنسانية ملوثة التاريخ ومشوهة الملامح؟
فى عام 1561م ولدت الكونتيسة إليزابيث باثورى من عائلة ملكية فى المجر، وكانت هذه العائلة تحمل سمات شرسة. وعاشت إليزابيث فى وسط عنيف، وكانت لها ملامح جميلة من الخارج إلا أن تكوينها الداخلى عبث به مخالب الشر.
وفى عامها التاسع حدثت ثورة للفلاحين البسطاء على الظلم ودخلوا القصر فخافت واختبأت من أيدى العابثين، ورأت من حيث تختبئ رجالا بلا قلب اغتصبوا أختيها وقتلوهما. ولكن استطاعت العائلة المالكة أن تسيطر على الثورة.
وفى عامها الرابع عشر تزوجت من أحد أفراد الأسرة وكان قاسيا يستمتع بتعذيب الأسرى الأتراك واصطحب زوجته الصغيرة ليريها ما يفعله بهؤلاء المساكين من تعذيب وكان يرقص معها وسط الجثث وعلى الدماء. وترقى الزوج وأصبح قائدا للجيوش وغاب عن القصر ولكن كانت قد تحولت الفتاة الصغيرة إلى وحش لا يشبع إلا برؤية تعذيب الآخرين فكانت تذهب إلى القرى وتختار الفتيات الصغيرات وتحضرهن إلى قصرها وتقضى أوقاتها فى تعذيبهن وتستمتع بصوت صراخهن.
وفى عام 1604م مات زوجها فطردت أم زوجها وأبناءها الأربعة وصارت أكثر وحشية. ولأنها كانت من أجمل النساء شكلا فقد تسابق الأمراء للفوز بالزواج منها، خاصة أنها قد ورثت أيضا أملاكا كثيرة عن زوجها المتوفى وكانت تستمتع بتعذيب الرجال بالارتباط بها وتركهم.
ومرت السنوات وهى تستمتع بالتعذيب الوحشى والنفسى لمن حولها، وعندما بلغت عامها الثالث والأربعين وجدت أن جمالها قد بدأ فى الزوال فأحضرت أشهر الأطباء لكى يساعدوها على الاحتفاظ بجمال وجهها ولكنهم لم يستطيعوا. فلجأت إلى إحدى الساحرات التى نصحتها بأن تشرب من دماء فتاة عذراء.
وبالفعل كانت تأمر أشرار قصرها بأن يخطفوا لها عذراء كل يوم من القرى المحيطة وتقتلها وتشرب من دمها. وازدادت من الوحشية حتى أنها كانت تدهن جسمها بالدم ظنا منها أن هذا يحميها من التجاعيد. ولكن بعد خمس سنوات من القتل وشرب الدماء أدركت أن هذا كله لا يصلح وأن جمالها يذهب من ملامحها فذهبت إلى الساحرة القديمة تعاتبها على عدم نفع ما نصحتها به. فأشارت عليها بأن دم الفلاحين لا ينفع فإن أردت أن توقف الشيخوخة يجب أن تشرب من الدم الملكي.
وبدأت تخطط لخطف فتيات العائلة أقاربها وبالفعل نجحت فى خطف وذبح فتيات وشرب الدماء الملكية. ومع صراخ العائلة انتفض الامبراطور ماثياس الثانى وأمر بالتحرى عن اختفاء فتيات عائلته واكتشف الحقيقة فأحضر الكونتيسة وأمر بمحاكمتها، واعترفت بقتل ستمائة فتاة من الفلاحين وشربت دماءهم وخمس وعشرين فتاة من العائلة الملكية. وحكم على الكونتيسة والساحرة بالإعدام حرقا ولكنها أفلتت من العقاب لأنها من العائلة الملكية وخفف الحكم بالسجن المؤبد ولكنها قتلت داخل محبسها عام 1614م.
كيف تحولت الجميلة إلى هذا القبح؟ كيف صار الإنسان وحشا؟ لقد أبدع الإله فى صنع الإنسان الذى يحمل الجمال والخير فى ملامحه أو قد وهبه ما يجعله يصنع عالما يسوده الحب والحق. كيف تحول إلى عالم شرير فاسد؟!
إنها مسئوليتنا جميعا، مسئولية الفرد والأسرة والمجتمع. فتلك الكونتيسة لم تخلق شريرة ولم تكن تحمل روحا شيطانية ولكن ثقافة الشر كونت نفسا وروحا شرسة حمقاء. فما رأته فى الطفولة وتربت عليه كون إنسانيتها المنحرفة والشريرة. كما يقول ابن سينا: الذات هى الصورة المعرفية للنفس البشرية.
ويقول جورج ميد: الذات لا تتكون إلا من خلال تجربة اجتماعية، ويقول العالم العظيم كارل روجرز: الذات هى تكوين معرفى منظم ومتعلم للمدركات الشعورية واللاشعورية والتطورات والتعميمات التى يعيشها الفرد.
فنحن نولد أبرياء أنقياء صفحة بيضاء ثم تملأ ذواتنا وكياننا من الأسرة والمدرسة والمجتمع ما يجعلنا ما نكون عليه، ولكن لا يعنى هذا أننا بلا اختيار لما نحن عليه فهناك تفاعل قوى ودائم بين الإنسان وعقله ومشاعره وضميره وبين ما هو حوله. ولكن السنوات الأولى قبل أن ينضج العقل والضمير يكون تأثير المجتمع أقوى من الاختيار الداخلى وهذه هى المشكلة.
وموسولينى الزعيم الإيطالى الذى كان أحد عناصر الحرب العالمية الثانية. لقد كان يعيش حياته الأولى فى خوف دائم وتربى بطريقة غير آدمية. فقد كان أبوه يخرج من البيت ويرجع مخمورا ويظل يضربه وأمه ضربا وحشيا. حتى إنه فى يوم من الأيام أراد موسولينى أن يوقف الضرب الدائم اليومى له ولوالدته فأخفى عصا كبيرة وراء الباب حتى حينما يدخل والده يضربه هو ويتخلص منه ولكن ما إن فتح الأب الباب ودخل حتى تسمرت رجلا موسولينى وتحجرت يداه وهو ممسك بالعصا، فنظر إليه الأب وقال له: ما هذا الذى تمسك به؟ فرد عليه هذه العصا أحضرتها لك كى أموت بيدك يا أبي. ولكن الأب جلس وأخذ يشرب الخمر وقال لابنه لا ليس الآن.
وقد اختار موسولينى أن يسفك دماء الأبرياء لأنه قد تربى على السلوك الوحشى بذلك يجب أن نعيد التفكير فى كل ما فى مجتمعنا كى تولد إنسانية لا تحمل ملامح مشوهة.
فنحن اليوم نرى العنف فى سلوكيات المجتمع حتى إن الأم تقتل ابنها والأب يخنق ابنته، ونتساءل لماذا؟ إذا أردت أن تعرف لماذا أنظر إلى كل ما هو حولنا يدعو إلى العنف بداية من أخبار الحروب مرورا بالإعلام والأفلام والمسلسلات. هذا مع اختفاء ما هو جميل وعدم وجود خطة حقيقية للتربية ووضع خطوط تربوية حقيقية. فإذا سألت الأسرة ما هى أساسيات التربية وهل يوجد هدف تضعونه أمامكم فى تربية الأبناء؟ هل يوجد رد؟...
والأسوأ هو المنظومة الأخرى للتربية سواء من المدرسة أو دور العبادة ومنظومة الثقافة والفن والإعلام. وللحديث بقية.
لمزيد من مقالات القمص أنجيلوس جرجس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.