سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خبراء مراكز الأبحاث الأمريكية: يجب مراجعة برنامج المساعدات.. وإستراتيجية واشنطن فى مصر غير مكتملة ولن تؤدى للاستقرار.. وعلى الولايات المتحدة ألا تركز على العلاقات مع الحكام الحاليين فى شهادتهم عن مصر أمام الكونجرس..
أدلى عدد من خبراء مراكز الأبحاث الأمريكية بشهادتهم أمام الكونجرس بشأن مصر وتطورات الأوضاع فيها بعد عامين من ثورتها المطالبة بالديمقراطية، والتى أطاحت بديكتاتورية الرئيس السابق حسنى مبارك بعد "30 عاما" من الحكم، ودعوا فيها إلى ضرورة إعادة النظر فى برنامج المساعدات الأمريكية لمصر، والتركيز على الأهداف طويلة الأمد فى العلاقات بين البلدين. وقال إليوت إبرامز، الخبير بمجلس العلاقات الخارجة الأمريكية، أمام اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنبثقة عن لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكى، "إننا جميعا تأثرنا عندما رأينا الشعب المصرى يطيح بمبارك فى فبراير 2011، وكانت هناك لحظة أمل بأن تمضى مصر قدما نحو الديمقراطية، وكانت الصحافة حرة، وحرية التجمع تحظى بالاحترام، وتم التخطيط لإجراء انتخابات حرة، ثم أجريت بالفعل، لكن بعد مرور عامين، فإن آمال الكثيرين منا، وآمال ملايين المصريين تتخافت". وتحدث إبرامز عن التراجع فى حرية التجمع وحرية التعبير، وأشار إلى ما قالته إحدى المنظمات الحقوقية بأن عدد القضايا المرفوعة بدعوى إهانة الرئيس فى أول مائتى يوم من حكم مرسى تجاوز عدد القضايا منذ عام 1982 وحتى الثورة. ورأى الخبير الأمريكى أن جزءا من المشكلة هو أن الإخوان المسلمين الذين يحكمون مصر لا يسعون إلى التسوية والتوافق، بل يسعون إلى الحكم ونقل مصر إلى اتجاههم المفضل عندما يستطيعوا. وتطرق خبير مجلس العلاقات الخارجية أيضا إلى الحديث عن الوضع الاقتصادى المتدهور، وتعثر المفاوضات الخاصة بقرض صندوق النقد الدولى بسبب الاضطراب السياسى والاقتصادى فى البلاد. وأشار "إبرامز" إلى وجود مشكلة كبرى فى مصر تتعلق بغياب القانون والنظام وارتفاع معدلات الجريمة، ولاسيما زيادة الهجمات والاعتداءات ضد النساء وانتشار ما وصفه بوباء التحرش الجنسى والاغتصاب فى مصر. وعن دور المساعدات الأمريكية لمصر فى تلك المرحلة، قال إبرامز إن تلك المساعدات لن تجدى نفعا ما لم يحدث تغيير نحو التسوية السياسية فى مصر، وأشار إلى أن صندوق النقد الدولى محقا فى تعليق مفاوضاته مع مصر بشأن القرض، لافتا إلى أن المتحدثة باسم الصندوق قالت إنهم يرغبون فى تقديم مساعدات مالية لبرنامج اقتصادى يتعامل مع التحديات الاقتصادية والمالية، ويكون متوزانا اجتماعيا، ويحظى ب"ملكية واسعة" حتى تستطيع الحكومة تطبيقه. وأوضح إبرامز أن ما تعنيه الملكية الواسعة أن يكون هناك اتفاقا بين الإخوان المسلمين والأحزاب السياسية الأخرى، لأن الأزمة السياسية الحالية ستجعل من المستحيل حل الأزمة الاقتصادية، فهما مرتبطتين بشدة، لكن مرسى لم يتخذ أى إجراءات فى هذا الاتجاه حتى الآن. ويبدو أن اتجاهه يقوم على أساس أنه فاز فى الانتخابات، إذن فإنه سيحكم فترته، لكن إذا لم يتم تغيير هذا الاتجاه، فنأمل "ألا يتم تشريفه بزيارة رسمية إلى واشنطن، ويجب أن تستخدم أمريكا نفوذها للضغط على مرسى للتوصل إلى حل مع القادة العلمانيين والمعتدلين وقيادات المجتمع المدنى، حتى تستطيع مصر معالجة المشكلات التى تواجهها. وحث الخبير الأمريكى لجنة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الفرعية على أن تنظر بحرص فى توقيت وشروط المساعدات الأمريكية لمصر وعناصرها. وحذر من خطورة أن تتبنى الولاياتالمتحدة نهجا قديما ومضرا بتجاهل ما يحدث داخل مصر طالما أن سياساتها الخارجية مستقرة، كما حذر من خطورة تقديم الطائرات إف 16 التى لا يحتاجها المصريون لأداء عملهم الأمنى الذى يجب أن يقوموا به، وهو حماية النظام والقانون ومنع الإرهاب فى سيناء. وختم إبرام شهادته بالتأكيد على أهمية مراجعة برنامج المساعدات لمصر، وقال إنه بقدر أهميته، إلا أنه لا يمكن التحكم فى مساره المستقبلى، وقال إن أمريكا ليست مسئولة عن القرارات التى يتخذها حكام مصر سواء كانت جيدة أم سيئة، ولكنها مسئولة عن كلماتها وسياساتها والمساعدات التى تقدمها، وكل ذلك يجب أن يستخدم لتعزيز مصر أكثر استقراراً وحرية. من ناحية أخرى، قالت تمارا كوفمان ويتس، مديرة مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكنجز، إن السياسة الأمريكية تجاه مصر منذ الثورة اعتمدت على محورين، الأول هو التركيز الشديد للحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل وتأمين الحدود بين مصر وإسرائيل وغزة، وهو ما جعل الأولوية بالنسبة لإدارة أوباما الحفاظ على العلاقات والمساعدات العسكرية دون تغيير بقدر الإمكان. والمحور الثانى، وهو جهد دءوب وإن كان غير فعال لتقديم المساعدات الاقتصادية التى يمكن أن تساعد فى استقرار الاقتصاد وتساعد الحكومة الديمقراطية الجديدة فى تلبية طومحات شعبها، وكانت النظرية تستند على أن تعزيز التعاون الأمنى والاستقرار الاقتصادى سيؤدى إلى استقرار سياسى فى البلاد. إلا أن هذه الإستراتيجية غير مكتملة، كما تصفها كوفمان، ولن تسفر عن الاستقرار، ومثلما قال الخبيران روبرت كاجان وميشيل دون فى مقالهما بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية الأسبوع الماضى، فإن الاقتصاد المصرى يعانى والفوضى متفشية لأن قادة البلاد فشلوا على مدار العامين الماضيين فى بناء عملية سياسية شاملة. والقضية الرئيسية فى العلاقات المصرية الأمريكية ليست الاقتصاد ولكنها السياسة، والولاياتالمتحدة التى لا تزال حتى الآن متحفظة بشأن السياسة المتراجعة على نحو خطير فى مصر، تحتاج إلى التفكير مليا فى الضغط على مرسى وحزبه وكل الأطراف ذات الصلة للتوصل إلى التوافق الضرورى لإعادة مصر على مسار التحول الديمقراطى المستقر. وأكدت كوفمان على أن واشنطن لا يزال لديها القدرة على التأثير فى التطورات السياسية فى مصر، برغم أنها لا تستطيع إملاء النتائج، ويجب ألا تحاول ذلك، فالتأثير لا يأتى من خلال الإملاءات والمطالب بل يتطلب استخدام المهارات الدبلوماسية مع الحكومة والجهات الفاعلة غير الحكومية، ونشر الموارد بالتنسيق مع الآخرين الذين يشاركون واشنطن مصالحها، سواء فى مصر أو المنطقة أو فى المجتمع الدولى. ودعت الخبيرة الأمريكيةواشنطن إلى عدم تركيز النهج الأمريكى إزاء مصر على العلاقات المتبادلة مع الحكام الحاليين، أو على أهداف قصيرة الأمد. وأكدت على ضرورة عدم افتراض معرفة من سيفوز فى هذا التحول الفوضوى، فتطلع المصريين للديمقراطية الذى كان فى قلب ثورتهم هو فرصة إستراتيجية للولايات المتحدة لبناء شراكة أقوى وأكثر مصداقية وإنصافا مع حكومة مصرية مسئولة أمام الشعب المصرى. وطالبت كوفمان بالتركيز على هدفين على المدى الطويل، وهما بناء استقرار دائم فى مصر والذى سيتحقق فقط من خلال حكم أكثر انفتاحا ومشاركة ويخضع للمساءلة ويعامل المواطنين بكرامة ويعمل على توفير الفرص الحقيقية لهم، والهدف الثانى هو بناء ائتلاف واسع داخل مصر لدعم العلاقات التعاونية مع الولاياتالمتحدة. ورأت كوفمان أن هذا يمثل تحديا هائلا للولايات المتحدة أن تتواصل بفعالية مع ممارسين جدد للسياسة فى مصر، لأنه بعد عقود من القمع، العديد منهم ليس لديه خبرة بسياسة "الأخذ والعطاء" الديمقراطية، ولا يعرفون الكثير عن المصالح الكامنة فى قلب العلاقات الأمريكية مع مصر والمنطقة. ورغم الانتقادات التى وجهتها لحكم الإخوان المسلمين، إلا أن خبرة بروكنجز دعت إلى ضرورة استمرار تواصل واشنطن معهم برغم الخلافات العميقة، لكن عليها أن توضح أن هذا التواصل لا يعنى تأييدا.