فأجانى مجموعة من الشباب والصبية، يوم الجمعة الماضية، عند نفق العروبة فقطعوا الطريق على السيارات، وجلسوا على الأرض!! واقتربت من سيارتى فتاة ملثمة ومعها عدد من الشباب وبادرونى قائلين، إحنا ولاد ناس مش بلطجية بس أردنا نعلمكم بما يحدث لنا وكانت رائحة الدخان الناتج عن قنابل الغاز تنتشر فى المكان وبعد ربع ساعة سمح هؤلاء الشباب للسيارات بالعبور ودارت بذهنى عدة أسئلة تدور حول الهدف الذى دفع هؤلاء لقطع أشهر طريق فى مصر (صلاح سالم) وما هو الدافع لأن يترك صبى لا يتجاوز الخمسة عشر عاما منزله فى يوم ممطر وعاصف وفى وقت متأخر من الليل ليذهب إلى مقر رئيس الجمهورية، وهل هناك من يحرك هؤلاء الصبية بالسيطرة على عقولهم أو منحهم المال أو إعطاء الوعود لبناء مجتمع أكثر تحضرا. ولم أجد تفسيرا واضحا لما يحدث وزاد الطين بلة صمت الحكومة المستمر عن تبرير هذه المشاهد المتكررة، ولماذا لا تحمى وزارة الداخلية الطرق الرئيسية من محاولات قطعها والسيطرة عليها، وقد أفصح لى أولادى عن تعاطفهم ومساندتهم لقاطعى الطريق من الصبية الصغار، وحاولت جاهدا أن أشرح لأولادى مدى خطورة قطع الطريق وأن هناك الضرر الأشد الذى يجب أن نتفاداه بالضرر الأخف، وأن السيارات التى تعطلت عن سيرها قد تكون أداة لإغاثة مريض أو لإنقاذ بلد من الحريق أو لنجدة ملهوف، ولكن لم تجد محاولاتى فى إقناع أولادى. شعرت فى هذه اللحظة إلى أهمية الرجوع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية، التى يجب أن تكون ضمن المناهج الدراسية، والتى استقت منها مبادئ حقوق الإنسان كل نصوصها. لقد شعرت بمدى تقصيرى وغفلة وزارة التربية والتعليم والأزهر الشريف ووسائل الإعلام عن الدور الأساسى فى نشر مبادئ الشريعة كمنهج حياة، والتى لا تختلف كثيرا عن معظم المبادئ فى الشرائع المسيحية واليهودية. لم يكن الفكر القاصر لهؤلاء الصبية مستوعبا لخطورة الاعتداء على حقوق الآخرين فى السير آمنين فى الشوارع للوصول إلى مصالحهم، وسألت نجلى الطالب بكلية الإعلام ماذا لو منعك قطع الطريق عن الوصول إلى كليتك واللحاق بالامتحان؟ فرد قائلا: كله يهون من أجل مصر، وهنا أدركت أن هناك فجوة شاسعة بين الحكومة والحاكم وبين جموع الشعب لا يسدها إلا المصارحة والحوار والشفافية ومراعاة وسائل الإعلام لدورها الأمين فى طرح الحقائق مجردة من كل زيف أو تضليل.