أصدر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، برئاسة الكاتب الكبير محمد سلماوى، البيان الختامى للمؤتمر العام الخامس والعشرين للاتحاد، والذى عقدت دورته فى البحرين فى الفترة من الثانى والعشرين وحتى الخامس والعشرين من ديسمبر 2012، وذلك بحضور أربعة عشر وفدًا ممثلاً للاتحادات والروابط والأسر والجمعيات الأعضاء، وبعد استعراض شامل وعميق للمتغيرات التى يشهدها الوطن العربى على الأصعدة كافة، ومراجعة التأثير المحتمل لكل ذلك على واقع المثقفين والأدباء والكتاب، وقبل ذلك على واقع الدول العربية وتطلعات شعوبها المشروعة إلى تحقيق قيم الحرية والعدل والاستقرار المبنى على توفير الحياة الكريمة للمواطن العربى فى كل مكان، أعلن المجتمعون دعمهم لحق الجماهير العربية فى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ودعا الحكومات والأنظمة العربية بضرورة مراعاة إرادة الجماهير فى اختيار حكامها. كما أصدر المؤتمر بياناً عن الحريات فى الوطن العربى رفض فيه التجاوزات والانتهاكات التى حدثت فى الأشهر الأخيرة لحرية التعبير والإبداع الأدبى والفنى والنشر، وما تعرض له الأدباء والمثقفون من ملاحقة واضطهاد وصلت فى بعض الأحيان إلى حد القتل العمد مثل ما حدث مع الصحفى المصرى الشاب الحسينى أبو ضيف، وأدان البيان محاولات تقييد السلطة القضائية مستنكراً الحصار الذى وقع فى مصر للمحكمة الدستورية العليا ومنع قضاتها الأجلاء من مباشرة مهمتهم المقدسة. وجدد الاتحاد العام مطالبة الجهات المعنية الرسمية والشعبية فى أقطار الوطن العربى كافة بضرورة التصدى للخطاب التكفيرى والإقصائى الذى تكون عناصره مهددة للأمن القومى الثقافى وللوحدة الوطنية، وأن يترافق مع ذلك الترشيد والحكمة. ويراقب الاتحاد العام ما يجرى فى الساحات العربية خصوصًا بلاد الثورات العربية منذ العام 2010، بعين المتابع الفخور بالمنجز من ناحية، والقلق من ناحية ثانية لجهة المحافظة عليه من دون تشويه أو استلاب، ومن دون إخضاع لرأى جماعات أو أحزاب بينما تستبدل أو تحاول أن تستبدل ديكتاتورية الفرد بديكتاتورية التوجه الواحد. ويؤكد الاتحاد العام بهذا الصدد على حق الشعوب فى الوصول إلى حقوقها بالوسائل المشروعة، خصوصًا تلك المتصلة بالحياة الديمقراطية، والحريات العامة، والعدالة الاجتماعية والسياسية. ويؤكد الاتحاد العام ضرورة تكريس فكرة الدولة المدنية، والنظر إليها كمشروع قومى ووطنى قابل للتطبيق بتهيئة جميع أسبابه ووسائله، بحيث تبنى الدول على أساس مبدأ المواطنة، مع نبذ نزعات التطيف والتمذهب والانحياز إلى العصبيات والمصالح الضيقة، وكذلك العمل على تحقيق البيئة الوطنية والحقوقية للمكونات الاجتماعية. ومواجهة مخاطر التهويد التى تزداد على القدس وعموم فلسطينالمحتلة، مع حث الدول العربية، قياداتٍ وشعوبًا، على دعم مقاومة الاحتلال، وتوفير كل ما من شأنه إسناد صمود أهلنا فى الأرض المحتلة. ويبارك الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب حصول فلسطين على عضوية مراقب فى الجمعية العامة للأمم المتحدة كخطوة أولى نحو التحرير الناجز. يتصل بذلك موضوع مقاومة التطبيع، وهو أحوج ما يكون إلى العمل الجدى نحو تعزيز نشر ثقافته، ومواجهته بكل أشكاله، وأن تعمل المؤسسات الوطنية فى الدول العربية خصوصًا ذات الاختصاص الأكاديمى والفكرى والثقافى على ترسيخ القضية الفلسطينية باعتبارها القضية الأولى ذات الأولوية المطلقة، مع حشد كل الإمكانيات المادية والمعنوية لنصرة الشعب الفلسطينى ونيل حقوقه فى محيط شرس من الاحتلال والاضطهاد والمضى أشواطًا بعيدة فى الاستيطان. يرفض الاتحاد العام التدخلات الأجنبية فى أى شأن عربى، ويرجو لمناطق التوتر والنزاع فى الوطن العربى التوصل إلى معالجات داخلية عبر الحوار الحر غير المشروط، بحيث يكون الحوار حالة مستمرة وغير طارئة، وفى هذا السياق ينظر الاتحاد العام إلى ما يجرى فى سورية بقلق شديد، ويدعو الأطراف جميعًا إلى الحرص على صون الوطن، واستقلاله، وتجاوز حالة القتل اليومى والمجانى، مع التأكيد على حق الشعب السورى فى حاضر ومستقبل يتيحان الحياة الديمقراطية الكريمة. يطالب الاتحاد العام الأشقاء العرب بضرورة العمل لصيانة وحدة السودان الشقيق واستقلاله الوطنى، وذلك بالتأكيد على وحدة ترابه الوطنى، حيث هو مستهدف من قوى خارجية على رأسها الكيان الصهيونى الذى وصل قصف طائراته إلى الخرطوم العاصمة. ويؤكد الاتحاد العام أهمية الالتزام بقيم الهوية الثقافية العربية الجامعة من خلال وعى شروط هذه الهوية إزاء التحديات والمخاطر التى تواجهها الأمة من مشاريع تهدد وجودها البنيوى، ويدعو المثقفين والمبدعين العرب إلى الرد على التحدى بأعلى درجات المسئولية القومية والأخلاقية من خلال الجهد المشترك، والحرص الشديد على التزام الحريات العامة، وتنوع المكونات الوطنية والمجتمعية. ويؤكد المؤتمر العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وهو ينعقد فى مملكة البحرين، التى كانت ومازالت تمثل للعرب جميعًا أحد منابع ثقافتهم وحضارتهم عبر دورها الثقافى والتنويرى طيلة سنوات طويلة وعقود، على أهمية تكريس هذا الدور انطلاقًا من عروبة هذا البلد الأصيل؛ بعيدًا عن النزعات الطائفية أو الانتماءات المشكوك فيها، مع ضرورة التعاون لضمان أمن واستقرار البحرين، وضمان وحدة شعبها الذى كان طوال تاريخه مثالاً يحتذى فى احترام التعددية. وعلى صعيد البيت الداخلى للاتحاد العام، فقد جرت فى هذا المؤتمر العام مراجعة للنظام الأساس، استحدثت معها مراكز ومهام وأدوار جديدة، ما يؤدى إلى مشاركة أوسع من قبل مكونات الاتحاد. ويرحب الاتحاد العام بما تم فى بداية هذا الشهر من إحياء لاتحاد كتاب عريق هو اتحاد كتاب أفريقيا وآسيا الذى كان للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب دور فاعل فى إتمامه، بما يمثله من تمكين لشعوب هاتين القارتين ممثلين فى أدبائهما وكتابهما، آملاً أن يكون هناك تعاون أوثق فى المستقبل بين الاتحادين العريقين. ويشكر الاتحاد العام مملكة البحرين قيادة وشعبًا على حسن الضيافة ورحابة الصدر، حيث أسهمت الأجواء المتاحة فى إنجاح حوارات المؤتمر، وبالتالى الوصول إلى نتائجه المثمرة. ويدعو المؤتمر العام الخامس والعشرين للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الدول العربية كافة إلى احترام أدبائها وكتابها، فهم ضميرها الناطق، وصوتها المعبر عن همومها وأحلامها، ولا يفوته دعوة الدول العربية التى لا توجد فيها تمثيليات أو تنظيمات للأدباء والكتاب إلى الإسراع فى إشهار التمثيليات التى تعتبر حقًّا مشروعًا للأدباء والكتاب، وفى الأمثلة الشاهدة النموذج دولة قطر التى ينتظر أدباؤها إشهار جمعيتهم أو اتحادهم، والمملكة العربية السعودية، وكذلك ليبيا التى تفتقد الآن الرابطة الأدبية الواحدة المعبرة عن الجسم الإبداعى كاملاً.