أصدر المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية العدد الجديد من دورية "حالة الإقليم"، التى تناقش ستة تطورات وظواهر رئيسية يشهدها الإقليم، فى المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية، حيث يهتم العدد بتحليل أبعاد الصراع بين القوى الإسلامية وقوى ما بعد الإسلاموية، وكيف سيعيد هذا الصراع تشكيل الشرق الأوسط. الدورية تضم ما كتبته رضوى عمار، الباحث المحلل فى المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، بأنه رغم أن القوى المعبرة عن ما بعد الإسلاموية، مثل أحزاب الإخوان المسلمين فى دول الثورات العربية، خرجت من رحم القوى الإسلامية، إلا أن الأولى تعبر نظريًّا عن الميل إلى علمنة الدين، والحد من الدور السياسى للدين من منطلق أنهم ليس لديهم كافة الإجابات لكافة مشكلات المجتمع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأنه ليس هناك تعارضا بين الإسلام والحداثة، وأن بقاء الإسلام كدين له مصداقية يعتمد على تحقيق هذا التوافق. وفى إطار اهتمام "حالة الإقليم"، بالتداعيات السياسية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعى خاصة تويتر فى المراحل الانتقالية فى الدول العربية، يرصد العدد تزايد استخدام تويتر فى المجتمعات الخليجية على نحو خلق "شوارع افتراضية" يستخدمها النشطاء للتعبير عن مطالبهم، وقالت جين كينينمونت كبيرة الباحثين فى برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بمؤسسة شاتام هاوس بلندن، إن تويتر لعب دورًا رئيسيًّا فى السماح لأصحاب الميول المتشابهة من الشباب، ورجال الدين والمسئولين الحكوميين فى دول الخليج فى التواصل عبر الحدود الوطنية، وهو ما قد يساهم فى التكوين المستمر للهوية "الخليجية"، لكن هناك جانب مظلم فى الأمر، حيث يمكن استخدام الوسيلة غير المنظمة بشكل كبير كمصدر للمعلومات الخاطئة التى يصدقها المستخدمون عديمو الخبرة فى بعض الأحيان بلا تمييز، وفى الدعاية وفى بث خطاب الكراهية. وحول التنافس على الأدوار فى الشرق الأوسط، نتيجة التحولات التى أحدثتها الثورات العربية، يناقش عدد من سياسيى الخارجية لكل من تركيا ومصر، وحجم التنافس والتقارب بينهما، يقول جولدن أيمن أستاذ مساعد متخصص فى العلاقات الدولية بكلية العلوم السياسية، جامعة مرمرة فى تركيا، بأنه لم يتولَّد عن الانتفاضات العربية وما تبعها من تطورات لتركيا فرص معيّنة فحسب تجعلها "الرابح الأكبر" من الثورات العربية، بل تولَّد عنها أيضًا تحديات خطيرة، اضطرّت أنقرة إلى إعادة النظر فى سياساتها، وإلى إعادة تعريف أدوارها فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة الصراع الدائر فى سوريا، التى ترى جولدن أنه يعتبر مأزقا حقيقيا لتركيا، وتجادل جولدن بأن الوقت قد حان لتدع تركيا فكرة أنها الدولة التى "تحافظ على النظام" فى الإقليم، ولتفكر واقعيا فى كيفية إعادة هيكلة النظام الإقليمى، من خلال تضافر جهود الدول الإقليمية الفاعلة. ويناقش السفير الدكتور عزمى خليفة، المستشار الأكاديمى للمركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، فى الدورية أبعاد رؤية النخبة الحاكمة الجديدة فى مصر للدور الإقليمى لمصر، حيث يجادل بأن الوعى بجغرافية مصر وتاريخها لم ينعكس فى البرنامج أو التصريحات السياسية لقيادات مصر الجديدة، التى تنتمى لحزب الحرية والعدالة، حيث لم تعِ هذه القيادات أن الخطر أضحى يأتى لمصر من الجنوب أيضًا، وهذا ما تُشير إليه محاولة اغتيال الرئيس السابق مبارك فى أديس أبابا، وأزمة مياه النيل، خاصةً وأن التوجه الرئيسى لبرنامج حزب الحرية والعدالة هو الإسلام، كما يرى أن رؤية هذه النخبة للدور المصرى ما تزال "قيد التشكل"، ومن الواضح من تصريحات قيادات هذه النخبة سيطرت البعد الدينى على مدركاتها للدور المصرى، وتحركها فى ظل ضغوط إقليمية متزايدة، نتيجة تناقض أدوار دول الجوار، بسبب الأزمة الإيرانية تارة، ونتيجة تبعات الأزمة السورية تارة أخرى. وحول الوضع فى المغرب العربى، تهتم "حالة الإقليم" بمناقشة مستقبل الاتحاد المغاربى، وهو التنظيم الذى ظل "مأزوما" منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، يؤكد عبد الوهاب عمروش أستاذ العلوم السياسية بجامعة بومرداس فى الجزائر، أن الثورات العربية طرحت على دول المغرب العربى ثلاثة تحديات رئيسية قيمية وأمنية، واقتصادية واجتماعية، جعلت من الضرورى أن تعيد هذه الدول النظر فى مستقبل الاتحاد المغاربى، ويرى أنه رغم أن المعطيات والسياسات فى دول المغرب العربى، تشير إلى وجود رغبة فى تفعيل الاتحاد، إلا أن التحديات التى تواجه تفعيله وتعيقه، يمكن أن تؤدى بالقيادات إلى اتخاذ تدابير ومبادرات قطاعية كفيلة بتحقيق تعاون جزئى يلبى حاجاتها كدول قطرية. وفى إطار اهتمام "حالة الإقليم" بالوضع الأمنى فى الإقليم، واحتمال توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لإيران، بسبب برنامجها النووى، يعرض العدد تقدير موقف أعدته وحدة العلاقات الإقليمية فى المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، وتجادل الوحدة بأن السمة الرئيسية للتفاعلات بين إيران وإسرائيل، تظل على المستوى الرسمى على الأقل هى العداء، الذى يكاد يسمح بالحديث عن "حرب باردة" إقليمية بينهما، تستخدم فيها كل منهما إستراتيجيات "ردع مركب"، فى صورة الحرب النفسية، والحرب الإلكترونية، والحرب بالوكالة، وهدفها الرئيسى هو رفع تكلفة أى مواجهة مباشرة بينهما، خاصة مع تزايد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية. يشار إلى أن حالة الإقليم هى دورية أكاديمية شهرية، تناقش التطورات الإستراتيجية والظواهر الرئيسية التى تتشكل فى إقليم الشرق الأوسط، والتى ستكون لها تداعيات على شكل الشرق الأوسط، وطبيعة التفاعلات البينية والداخلية فيه.