تعرضت الحياة الكروية لسكتة قلبية عقب القرار التاريخى لجمال علام، رئيس اتحاد الكرة، بتأجيل مسابقة الدورى الممتاز لأجل غير مسمى، خلال أول اجتماع رسمى للمجلس المنتخب مؤخرا، بداعى أن الجبلاية لم تحصل على الموافقة الأمنية من وزارة الداخلية بإقامة المسابقة، وجاء القرار قبل 48 ساعة فقط من الموعد المحدد سلفا بإقامتها فى 17 أكتوبر الجارى. ويرتبط القرار بالعديد من أطراف المنظومة الكروية، أبرزها اللاعبون والأندية والمنتخبات الوطنية، بالإضافة إلى وسائل الإعلام المهتمة بالشأن الكروى دون غيره من الأنشطة الرياضية وفقا لرغبات الجماهير من ناحية، وضغط المعلنين من ناحية أخرى، بخلاف ألتراس أهلاوى الرافض بشدة لعودة النشاط قبل القصاص من جناة مذبحة بورسعيد، وحرصت «اليوم السابع» خلال السطور التالية على رصد تأثير هذا القرار على كل طرف على حدة. تسريح اللاعبين كشف العديد من لاعبى الدورى المصرى عن نيتهم الرحيل إلى الدوريات الخليجية خلال فترة الانتقالات الشتوية فى يناير المقبل، للهروب من حالة التخبط التى تعيشها المنظومة الرياضية مؤخرا، ففى الوقت الذى أعلن فيه العامرى فاروق وزير الرياضة أن المسابقة ستنطلق 17 أكتوبر، وكثفت الأندية استعداداتها للدورى من خلال المعسكرات والمباريات الودية، استيقظ الجميع على قرار اتحاد الكرة بتأجيل المسابقة لأجل غير مسمى. نفس الكلام أكده محمود أبورجيلة، نجم الزمالك السابق وعضو لجنة الكرة بالنادى الأبيض، عندما أوضح ل«اليوم السابع» أن إلغاء مسابقة الدورى أو تأجيلها لأجل غير مسمى سيفتح الباب لهجرة كل عناصر كرة القدم من لاعبين ومدربين وإعلاميين إلى الخارج بحثا عن مناخ جديد مستقر لممارسة أعمالهم، وهو ما سيؤدى بالتأكيد إلى كارثة لكرة القدم المصرية داخليا. وردا على تطلعات نجوم الكرة بالرحيل عن مصر نتيجة غموض مصير مسابقة الدورى منذ حوالى ثمانية أشهر حتى الآن، أوضح محمد شيحة وكيل اللاعبين ل«اليوم السابع» أن رحيل المصريين إلى الدوريات الخليجية صعب للغاية، خاصة خلال فترة الانتقالات الشتوية المقبلة، نظرا للمبالغ الكبيرة التى تطلبها الأندية للاستغناء عن لاعبيها فى الوقت الذى تكون فيه انتقالات يناير محدودة، ووجود منافسة شرسة مع جميع لاعبى أندية العالم. أشار شيحة إلى أن ما يزيد من صعوبة رحيل اللاعبين فى الشتاء هو أن سمعة اللاعب المصرى فى الاحتراف الخارجى سيئة للغاية، وأكبر دليل على ذلك هو عدم نجاحهم فى الاحتراف باستثناء عدد من النماذج المحدودة، فى الوقت الذى تتجه فيه أنظار الأندية الخليجية إلى لاعبى أمريكا اللاتينية وشرق آسيا، حيث يتم التعاقد معهم بمبالغ صغيرة إلى حد ما مقارنة بطلبات الأندية المصرية للاستغناء عن لاعيبها. وطالب وكيل اللاعبين بضرورة التراجع عن النظرة التقليدية لكرة القدم باعتبارها هواية لأنها أصبحت صناعة تدر أرباحا طائلة على مستوى العالم، ولابد من التعامل معها بهذا المنطق فى مصر، لاسيما وأن دخول اللاعبين ارتفعت بشكل كبير جدا فى آخر 10 سنوات، مشيرا إلى أن اللاعبين أصحاب الدخل المرتفع استغلوا تلك الرواتب فى إنشاء مشروعات خاصة يعمل بها أفراد عديدة من أبناء الشعب، أدت إلى زيادة فرص العمل وأثرت بشكل إيجابى على الدخل القومى. أبدى محمد شيحة استياءه من التصريحات التى أدلى بها عصام العريان القيادى بجماعة الإخوان المسلمين وأكد خلالها تأييده لقرار تأجيل مسابقة الدورى، رافضا المحاولات التى يقوم بها البعض مؤخرا لتسييس قضية تأجيل الدورى، وخلط السياسة بالرياضة، مشيرا إلى أن العريان يسعى لكسب ود ألتراس أهلاوى للحصول على أصواتهم فى الانتخابات المقبلة لصالح حزب الحرية والعدالة، وتابع: «نسى العريان أن المتضررين من قرار تأجيل الدورى يصل عددهم إلى 5 ملايين مواطن، وبالتأكيد لن يعطوا أصواتهم للحرية والعدالة». وحمَّل شيحة مسؤولية ما يحدث حاليا إلى الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، مؤكدا أن تأجيل الدورى سيزيد من البطالة الموجودة فى البلاد، وستؤدى إلى العديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. أضاف قائلا: «أتمنى أن يقوم العامرى فاروق وزير الرياضة بالتحدث باسم الرياضيين والعاملين فى الحقل الكروى لإنهاء تلك الأزمة سريعا قبل تطورها». أندية على حافة الإفلاس تواجه الأندية مأزقا ماديا بسبب توقف النشاط الكروى، ووصلت المبالغ التى تم إنفاقها منذ توقف مسابقة الدورى حتى الآن لعدة ملايين من الجنيهات فى انتداب لاعبين جدد، لاسيما وأن تلك الفترة تضمنت سوقين للانتقالات الشتوية فى يناير الماضى، والصيفية الأخيرة، وقامت أندية الممتاز بتدعيم صفوفها بالعديد من اللاعبين فى الشتاء الماضى وكان معظمهم على سبيل الإعارة، ثم توقفت المسابقة منذ فبراير حتى نهاية الموسم، وخسرت الأندية مبالغ كبيرة دون الاستفادة من هؤلاء اللاعبين، ونفس الأمر تكرر فى الانتقالات الصيفية بعدما تلقت الأندية وعدا بانطلاق المسابقة فى 17 سبتمبر الماضى، ثم أجلت لمدة شهر، وأخيرا تم تجميدها لأجل غير مسمى، فى الوقت الذى صرفت فيه الأندية الملايين فى انتداب لاعبين جدد وصرف مقدم التعاقد والأقساط الشهرية بجانب المعسكرات والملابس وغيرها من المصاريف. فى هذا الشأن، أوضح أحمد سعد، عضو مجلس إدارة تليفونات بنى سويف، أن الوضع الحالى لو استمر فستعلن الأندية إفلاسها خلال فترة قصيرة جدا، لأن الأندية تواصل إنفاقها على التزاماتها المادية وسط حالة من التشاؤم تسيطر على الجميع لغموض مصير المسابقة حتى الآن. وحذر عضو مجلس إدارة تليفونات بنى سويف من وجود صدامات بين الأندية واللاعبين بسبب المستحقات وفقا لما أعلنه الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا»، والذى تعهد بالحفاظ على حقوق اللاعبين بصرف النظر عن إقامة الدورى من عدمه، وطالب الأندية بضرورة الوفاء بالتزاماتها تجاه اللاعبين واحترام التعاقدات المبرمة بينهم. أزمة التأجيل والإعلام امتدت أزمة تأجيل الدورى الممتاز إلى وسائل الإعلام الرياضية المتخصصة، حيث أغلقت قناتا ميلودى سبورتس وزوم سبورت، عقب تجميد النشاط الرياضى على خلفية أحداث بورسعيد بسبب الأزمات المالية الطاحنة التى عاشتها القناتان. وتحدث طارق عباس، مدير عام قناة ميلودى سبورتس، عن تلك الأزمة قائلا: إن قرار الإغلاق جاء بعد 6 شهور من تجميد مسابقة الدورى، تحمل خلالها القائمون على إدارة القناة مبالغ باهظة نتيجة تجميد عقد الوكالة الإعلانية عقب أحداث بورسعيد، وقامت الإدارة بتحمل نفقات كبيرة خلال الفترة من فبراير حتى يوليو 2012 ووصلت الخسائر إلى 10 ملايين جنيه. وحذر عباس من استمرار تجميد النشاط الرياضى لما له من تبعات قاسية على جميع العاملين بالحقل الرياضى، مشيرا إلى أن القنوات الرياضية المحلية المتواجدة على الساحة حاليا تعمل بقوة دفع المجموعات التابعة لها مثل قناة النهار الرياضية التابعة لمجموعة قنوات النهار، ومودرن التابعة لقنوات «سى بى سى». طالب مدير عام قناة ميلودى بضرورة التوصل لحل مع ألتراس أهلاوى، أحد أهم العقبات التى تعترض طريق الدورى فى الوقت الحالى، ولابد من طمأنتهم على حقوق الشهداء لأنه حق أصيل أن يطالبوا بحقوق زملائهم، ولابد من التوصل لحوار معهم لإنهاء تلك الأزمة سريعا. ثورة نجوم الكرة تزعم أحمد حسن، عميد لاعبى العالم ونجم الزمالك، ثورة اللاعبين للمطالبة بعودة النشاط الكروى، وحاول اللاعبون توصيل رسالة إلى الرئيس محمد مرسى للمطالبة بعودة الدورى، واصطدم نجوم الكرة بالألتراس الأحد الماضى، عقب المسيرة السلمية التى نظموها واتخذت منعطفا خطيرا على الرغم من انطلاق اللاعبين من أمام النصب التذكارى للجندى المجهول إلى قصر الاتحادية دون مشكلات تُذكر، انحرف مسار بعض اللاعبين إلى فندق البارون الذى يستضيف بعثة صن شاين النيجيرى استعدادا لمواجهة الأهلى فى إياب نصف نهائى دورى أبطال أفريقيا، وطالبوا بمنع إقامة تلك المباراة.