توقع محللون أن تستمر موجة النشاط فى بورصة الكويت خلال الأسبوع المقبل مدعومة بالتفاؤل الذى اجتاح المتداولين بعد تصريحات حكومية بشأن الإسراع فى إصلاح الاقتصاد والمضى قدما فى مشروعات التنمية. وقال هؤلاء لرويترز إن البورصة تترقب أى تحرك حكومى سواء لدعم سوق الأوراق المالية بشكل مباشر أو من خلال بدء خطوات جدية لدفع عجلة التنمية للأمام وتنفيذ خطوات الإصلاح الاقتصادى. وأغلق مؤشر كويت 15 اليوم الخميس، عند مستوى 964.46 نقطة مرتفعا بمقدار 27.84 نقطة توازى ثلاثة فى المائة عن مستوى إغلاق الخميس الماضى. كما أغلق المؤشر السعرى الأوسع نطاقا اليوم عند مستوى 5879.82 نقطة مرتفعا بمقدار 87.11 نقطة توازى 1.5 فى المائة عن إغلاق الأسبوع الماضى. وعقد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت لقاء مع عدد من الوزراء وكبار المسئولين يوم الثلاثاء، وأمر الحكومة بوضع تصوراتها لاستكمال خطوات الإصلاح الاقتصادى فى البلاد. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن وزيرى المالية والتجارة قولهما إن اللقاء تركز بشكل أساسى على الشأن الاقتصادى فى البلاد وأكد الأمير حرصه على ما يمكن تنفيذه على أرض الواقع لمعالجة الاختلالات الاقتصادية بأسرع وقت ممكن. وأثارت هذه التصريحات موجة من التفاؤل فى سوق الكويت للأوراق المالية لاسيما فى ظل تعطش السوق لأى دعم حكومى وغياب الحوافز الأخرى وهو والتراجع المستمر الذى يشهده السوق منذ بدية الربع الثانى من العام الحالى. وقال مهند المسباح نائب المدير التنفيذى فى شركة مرابحات الاستثمارية لرويترز إن المحك الأساسى فى هذا الأمر هو اتخاذ خطوات عملية فى سبيل تحقيق أهداف الإصلاح الاقتصادى. وقالت صفاء زبيب رئيسة البحوث لدى شركة الكويت والشرق الأوسط للاستثمار المالى (كميفك) إن مبادرة الأمير شكلت "حافزا قويا ودعما معنويا (للسوق) يجب أن يقترن بخطوات عملية". وأضافت زبيب "الثقة موجودة لكن لا تكفى.. لابد من خطوات على الأرض". وقال المسباح إنه ليس متفائلا ولا متشائما تجاه ما ستأخذه الحكومة من خطوات مستقبلية بعد توجيهات الأمير لكنه أشار إلى أن المطلوب من الحكومة يتعدى بكثير ارتفاع أو هبوط البورصة لأنه ينصرف إلى "دورة اقتصادية متكاملة". وتشكلت فى الكويت خلال الأشهر القليلة الماضية لجنة من كبار الخبراء والاقتصاديين والمسئولين فى الدولة برعاية أمير البلاد لكن توصياتها لم تحظ بالتطبيق الملائم من قبل الحكومة. وقالت زبيب إن تدخل الحكومة بالشراء المباشر فى البورصة أثبت فعاليته فى دول خليجية أخرى لاسيما إبان اندلاع الأزمة المالية العالمية منذ أربع سنوات وتأثر أسواق المنطقة بها. ويسود اعتقاد لدى عدد من المراقبين أن الهيئة العامة للاستثمار التى تمثل الصندوق السيادى للكويت قد تدخلت من خلال ما يعرف "بالمحفظة الوطنية" بالشراء بقوة فى السوق خلال هذا الأسبوع وهو ما انعكس فى ارتفاع قيم التداول اليومية وفى ارتفاع الأسهم القيادية أيضا. وطبقا لحسابات رويترز فقد بلغ متوسط قيم التداولات اليومية خلال الأسبوع الحالى 21 مليون دينار وهو معدل مرتفع للغاية إذا ما قورن بمعدلات الربع الثالث من 2012. وقال مجدى صبرى المحلل المالى إن التصريحات الحكومية بشأن الإصلاح الاقتصادى خلال هذا الأسبوع خلقت انطباعا بأن الحكومة تدخلت بالشراء فى البورصة كجزء من منظومة الإصلاح. ويرى المسباح أن غياب الشفافية عن سوق الكويت للأوراق المالية والمؤسسات الحكومية يجعل من الصعب أن نعرف على وجه اليقين هل كانت تداولات الأيام القليلة الماضية ناتجة عن تدخل المحفظة الوطنية فى السوق أم لا لكنه استبعد أن يكون الحجم الكبير من التداولات ناتجا عن نشاط المتداولين "العاديين". وتوقع المسباح أن يشهد الأسبوع المقبل قدرا من النشاط فى البورصة إذا واصلت المحفظة الوطنية نشاطها، لكنه قال إن قدرة الدولة على شراء الأسهم تظل فى النهاية محدودة وأن الوسيلة الناجعة لإنعاش السوق على المدى الطويل تكمن فى إنعاش الاقتصاد الذى "يعيش (حاليا) على التنفس الصناعى". وتؤيد زبيب هذه الصورة قائلة إن "السوق مريض بسبب عدم استئصال الشركات غير الجيدة منه" وهو الأمر الذى ينعكس على كل القطاعات لاسيما قطاع البنوك الذى تأثر سلبا بسبب تراجع قيم الأصول المرهونة لديه سواء كانت هذه الأصول عقارات أو أسهما. وسجلت معظم بنوك الكويت تراجعا فى أرباحها الفصلية فى الربع الثانى من العام الحالى مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضى بسبب اضطرارها لتجنيب مخصصات مقابل القروض غير الجيدة. وتوقعت زبيب ألا تكون نتائج البنوك خلال الربع الثالث من 2012 أفضل حالا من الربع الثانى. وقالت "طالما التدهور مستمرا للأصول فهذا يلزم البنوك بالمخصصات.. وهذا هام جدا لميزانيات البنوك". وأكدت زبيب أن البنوك لم تعد ترغب فى الإقراض كما كانت تفعل من قبل وهو الأمر الذى أثر سلبا على مجمل النشاط الاقتصادى معتبرة أن الحل هو تفعيل خطة التنمية الحكومية التى تتضمن مشاريع تقدر كلفتها بثلاثين مليار دينار (107 مليارات دولار). وتلجأ عادة بعض المحافظ والشركات لرفع أسعار الأسهم التى تملكها فى نهاية الفترات الفصلية لكى ينعكس ذلك إيجابيا على ميزانيتها فى نهاية الفترة المعنية وهو ما يعرف "بالتداولات التجميلية." وتكهنت زبيب بأن يشهد الأسبوع المقبل مثل هذه التداولات التجميلية بالإضافة للجوء الشركات أيضا لشراء الأسهم الجيدة لرفع قيمة أصولها وهو ما سيخلق طلبا على هذه النوعية من الأسهم. ويتوقع صبرى أن يشهد الأسبوع المقبل تذبذبا فى المؤشرات لكنها ستميل للارتفاع لاسيما فى الأسهم القيادية.