الآن.. رابط نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها رسميًا (استعلم مجانًا)    بعد ارتفاعها 400 جنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (بداية التعاملات)    واشنطن تطلب من مواطنيها مغادرة لبنان فورًا    حزب الله يعلن استهداف قاعدة ومطار رامات ديفيد جنوب شرق حيفا    حزب الله يستخدم صواريخ «فجر 5» لأول مرة منذ عام 2006    يوسف أيمن: جماهير الأهلي الداعم الأكبر لنا.. وأفتقد محمد عبد المنعم    خالد جلال: قمة الأهلي والزمالك لا تخضع لأي لحسابات    أحمد فتحي يوجه رسالة مؤثرة إلى جماهير الأهلي بعد اعتزاله.. ماذا قال؟    «عيب اللي قولته واتكلم باحترام».. نجم الزمالك السابق يفتح النار على أحمد بلال    عاجل- أمطار ورياح.. تحديثات حالة طقس اليوم الأحد    أستاذ مناخ: نتوقع حدوث السيول في فصل الخريف بنسبة 100%    نقل آثار الحكيم إلى المستشفى إثر أزمة صحية مفاجئة    إسماعيل الليثى يتلقى عزاء نجله بإمبابة اليوم بعد دفن جثمانه ليلا بمقابر العائلة    أمامك اختيارات مالية جرئية.. توقعات برج الحمل اليوم ألحد 22 سبتمبر 2024    أحمد سعد يعلن عودته لزوجته علياء بسيوني.. ويوجه رسالة للمطلقين (فيديو)    احتفالية كبرى بمرور 100سنة على تأسيس مدرسة (سنودس) النيل بأسيوط    اليوم.. محاكمة مطرب المهرجانات مجدي شطة بتهمة إحراز مواد مخدرة بالمرج    أضف إلى معلوماتك الدينية | حكم الطرق الصوفية وتلحين القرآن.. الأبرز    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 22 سبتمبر بعد الانخفاض بالبنوك    الدفاعات الإسرائيلية تحاول التصدي لرشقات صاروخية أطلقها حزب الله.. فيديو    وزير الدفاع الأوكراني: الغرب وعدنا بأموال لإنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة    الموزب 22 جنيهًا.. سعر الفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024    أحمد شكري: كفة الأهلي أرجح من الزمالك في السوبر الإفريقي    لاعبو الأهلى يصطحبون أسرهم خلال الاحتفال بدرع الدورى 44.. صور    مواجهة محتملة بين الأهلي وبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال إفريقيا    وزير الشباب والرياضة يشيد بحرص القيادة السياسية على تطوير المنظومة الرياضية    عاجل.. بدء حجز وحدات سكنية بمشروع «صبا» للإسكان فوق المتوسط بمدينة 6 أكتوبر    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأوزبكستاني أوجه التعاون وعلاقات البلدين    الخارجية الأمريكية تطالب رعاياها بمغادرة لبنان    مش كوليرا.. محافظ أسوان يكشف حقيقة الإصابات الموجودة بالمحافظة    وزير الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية تضر بحصة مصر المائية    نشأت الديهي: الدولة لا تخفي شيئًا عن المواطن بشأن الوضع في أسوان    نشأت الديهي: الاقتصاد المصري في المرتبة ال7 عالميًا في 2075    صيادلة المنوفية تُكرم أبنائها من حفظة القرآن الكريم    محمد حماقي يتألق في حفل بالعبور ويقدم «ليلي طال» بمشاركة عزيز الشافعي    «موجود في كل بيت».. علاج سحري لعلاج الإمساك في دقائق    جثة أمام دار أيتام بمنشأة القناطر    اندلاع حريق بمحال تجاري أسفل عقار ببولاق الدكرور    خبير يكشف عن فكرة عمل توربينات سد النهضة وتأثير توقفها على المياه القادمة لمصر    الصين وتركيا تبحثان سبل تعزيز العلاقات    محافظ الإسماعيلية يناقش تطوير الطرق بالقنطرة غرب وفايد    رئيس شعبة بيض المائدة: بيان حماية المنافسة متسرع.. ولم يتم إحالة أحد للنيابة    شاهد عيان يكشف تفاصيل صادمة عن سقوط ابن المطرب إسماعيل الليثي من الطابق العاشر    استدعاء ولي أمر يرفع لافتة كامل العدد بمهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    أخبار × 24 ساعة.. طرح لحوم مجمدة ب195 جنيها للكيلو بالمجمعات الاستهلاكية    احذر تناولها على الريق.. أطعمة تسبب مشكلات صحية في المعدة والقولون    نشرة التوك شو| انفراجة في أزمة نقص الأدوية.. وحقيقة تأجيل الدراسة بأسوان    د.حماد عبدالله يكتب: "مال اليتامى" فى مصر !!    5 أعمال تنتظرها حنان مطاوع.. تعرف عليهم    خبير لإكسترا نيوز: الدولة اتخذت إجراءات كثيرة لجعل الصعيد جاذبا للاستثمار    قناة «أغاني قرآنية».. عميد «أصول الدين» السابق يكشف حكم سماع القرآن مصحوبًا بالموسيقى    المحطات النووية تدعو أوائل كليات الهندسة لندوة تعريفية عن مشروع الضبعة النووي    الحكومة تكشف مفاجأة عن قيمة تصدير الأدوية وموعد انتهاء أزمة النقص (فيديو)    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور..سوريا بين جحيم بشار وذل المخيمات
نشر في اليوم السابع يوم 24 - 08 - 2012

بلا كلمات فقط وقفت تتحدث بنظراتها البريئة جدا خلف سياج لم يعتد جسدها الصغير على الاحتجاز خلفه، تحتضن بأناملها الصغيرة أطرافه وكأنها تتوسل وتتساءل فى نفس الوقت عبر الخيام المكتظة بها معسكرات اللاجئين السوريين أى ذنب اقترفت حتى أجلس فى أرض ليست بأرضى، على أطراف الحدود التركية المتاخمة لسوريا المشتعلة ثورتها منذ أكثر من عام ونصف، هكذا عرفنا أننا وصلنا لبغيتنا أخيرا، بعد رحلة مثيرة قطعناها عبر الجبال، بدأناها من مدينة أنطاكية التركية، الواقعة على نهر «العاصى»، واستمرت لمدة ساعة وربع حتى بدأت قمم معسكرات اللاجئين السوريين، والتى استقبلنا أولها ويسمى «بوخشين»، هنا لاذ أكثر من 3 آلاف لاجئ سورى، بالفرار من ويلات قصف بشار الأسد لمنازلهم، وحسبما تقول الإحصائيات التركية، احتضنت هذه الأراضى أكثر من 42 ألف لاجئ سورى، فروا من منازلهم هربا من آلة الحرب المرعبة التى تطاردهم وتقتنص أبناءهم غدرا وبلا رحمة.
أين أصدقائى؟ هل رأيت مريم وجهاد؟ وماذا عن بائع الحلوى أين هو؟ وأرضى التى تبعد 3 كيلومترات فقط هل سأراها من جديد؟ سنوات التشرد أكسبت أبناء سوريا اللاجئين فى معسكرات دول العالم الحدودية عمرا على أعمارهم، فكما تغير الثورات وعى شعوبها تشكل أيضا الحروب وعيا مختلفا.. تساوى الجميع فى الحزن، بعدما تحولت ثورتهم ضد طغيان نظام البعث السورى إلى حرب مجنونة، يشنها بشار ومعاونوه على شعب بأكمله، غير عنوانه، وصار لاجئا، تؤويه الجبال، وتتلقفه برودتها القارسة، رغم فصول الصيف، ويتاجر فيه سماسرة التهريب، ويتهدده بصاصو النظام بالاعتقالات المفاجئة التى لا تميز بين معارض ولاجئ.
«اليوم السابع» تجولت بين لاجئى مخيم «بوخشين» بالجنوب الغربى لمدينه أنطاكية بمنطقة الريحانية، الوصول للمخيم يستلزم رحلة ليست بالقصيرة عبر شريط جبلى يأخذك صعودا وهبوطا، تحفه من الجوانب مساحات شاسعة من الأرض المزروعة بالقمح وأشجار الزيتون والفاكهة، حيث الحدود التركية المتاخمة للحدود السورية على امتداد 880 كيلومترا تقريبا، قبل الوصول لمخيم «بوخشين» يقع مخيم «أبايدن» وهو من المعسكرات المحظور الاقتراب منها أو التصوير، لإيوائه ما يقرب من 35 عميدا و70 عقيدا وضباط ونقباء منشقين يقدرون بحوالى 300 فرد.
بعد حوالى ساعة و15 دقيقة من مدينة أنطاكية باتجاه منطقة الريحانية نلمح قمم خيم اللاجئين السوريين بمخيم «بوخشين» مخيم الثلاثة الآلاف لاجئ، منهم 10 عائلات من ضباط الجيش السورى المنشق عن نظام الأسد، على أبواب المخيم استقبلنا فتى لا يزيد عمره عن 14 عاما - نحتفظ بذكر اسمه منعا لتورطه فى أى إشكالية - لتسهيل دخولنا للمخيم، فالدخول لم يكن مسموحا نظرا لمنع السلطات التركية لأى وسيلة إعلامية الدخول لمعسكراتها لاعتبارات أمنية عديدة، منها الخوف على الضباط العلويين بالمخيم من اختطافهم على أيدى علويى تركيا المؤيدين لنظام الأسد، لذا فعلى أى وسيلة إعلامية تتوق لدخول مخيم للاجئين المرور بسلسلة طويلة من التصريحات.
من الجهة الخلفية للمخيم وبعيدا عن نقطة مراقبة الشرطة التركية بحوالى عشرة أمتار دخلنا عبر قطعة ممزقة من السياج الحديدى، تجولنا بالمخيم فى حرص شديد وبمساعدة كبيرة من الأهالى للاختفاء عن أعين الشرطة التركية، المخيم هادئ، الجميع يحاول التعايش مع حياته الجديدة، فهناك عند خزان المياه مجموعة من الرجال يحملون جراكن بيضاء متوسطة الحجم يملؤون زادهم اليومى من المياه، وأمام الخيام تجلس النساء يحضرن طعام الإفطار بقليل من الخضروات والمواد التموينية البسيطة التى توفرها لهم الحكومة التركية وفقا لعدد المسجلين فى العائلة الواحدة، يحيطهم أطفالهم والبعض الآخر يجلس يحتمى من حرارة الشمس داخل خيامه.
«سوريا لن تركع.. أنقذوا جسر الشغور» تلك الجملة كتبها أبوالشهداء نزار رمضان 60 عاما، حيث يرجع لقبة لسقوط أكبر عدد من الشهداء بعائلته، «12 - 6 - 2011، 4 - 6 - 2011» تواريخ استشهاد أبناء أبوالشهداء أيهم وشادى ومحمد فى مظاهرات سلمية خرجت تندد بالقمع، يقول أبوالشهداء: ولم أجد بديلا عن التسلل ليلا إلى الحدود السورية عبر قرية المشمشان التى قضيت بها 24 ساعة قبل الانتقال إلى قرية العتبة السودة، ثم منها إلى قرية أطمة وبعدها إلى الحدود التى تبعد عن القرية مسافة 10 دقائق بالعربة»، مشوار لا بأس به، مر به آلاف اللاجئين السوريين، بعضهم تكبد أموالا طائلة دفعوها للمهربين، والبعض الآخر فضل الاعتماد على نفسه لحماية ما تبقى لهم من أموال.
المخيم يضم 10 شوارع عائلة عمرو حجازى الشاب صاحب 16 عاما وحدها توجد بأربع شوارع، جميعهم لم يسجلوا بعد كلاجئين سوريين لحداثة وجودهم بالمخيم، لذا فالجميع يحصل على حصة واحدة من الطعام خاصة بالمسجل فى المخيم كلاجئ، عن رحلتهم الشاقة يقول عمر: «خرجنا من حى الفردوس بحلب بصعوبة، فى مجموعات صغيرة، خوفا من تعقب نظام الأسد، فالبصاصون كالنحل واعتقالات النظام لا تقتصر فقط على معارضيه، لذا خرجنا عبر مدينة جسر الشغور بحلب، ثم منها إلى الحدود التركية عبر عدد من القرى، ولابد من إخطار شباب الجيش الحر لتأمين خروج آمن»، وعن زرع النظام للألغام العشوائية كعقاب للفارين يقول عمر: «هناك شباب مدرب جيدا على تحديد أماكن الألغام والتخلص منها لتأمين الطريق للفارين، إلى الحدود، سواء بتركيا أو الأردن أو لبنان».
بعد دقائق قليلة من وجودنا بالمخيم جاءنا أحد الأهالى يحذرنا من معرفة سلطات المخيم بوجودنا، اضطررنا للاختباء بخيمة عمرو ثم انتقلنا فى حذر من خيمة لأخرى للتحدث مع أكبر عدد من الأهالى، فى خيمة عمر عبدالغفور الشاب العشرينى التقينا عائلة قضت نحو عام ونصف بالمخيم لم يصل منها إلا الأم وثلاثة أطفال، تقول الأم: «خرجنا من أرضنا بدليل حتى لا نصطدم بالجيش النظامى فى مقابل ستة آلاف ليرة سورية، لم يكن الخروج سهلا، فاضطررنا للمبيت بعدد من القرى لمدة تصل لثلاثة أيام متواصلة فى العراء حتى وصلنا إلى الحدود، ومنها انتظرتنا سيارة فى مقابل 1800 ليرة أوصلتنا إلى مدينة أنطانوز قبل أنطاكية، ومنها عبرنا إلى الحدود السورية التركية لنسلم أنفسنا لحرس الحدود».
استشهاد الأبناء يمثل نقطة فاصلة فى حسم قرار الرحيل، كما تقول إحدى سيدات المخيم - رفضت ذكر اسمها - «تركت بيتى بعد استشهاد ابنى الصغير عقب دفنه مباشرة، جئنا تهريبا عن طريق الجبل، ومنه استلمتنا مجموعة من الجيش الحر سهلت لنا المرور لمنطقة هاتية اضطررنا للمبيت بها 5 أيام خوفا من بطش الجيش النظامى، ثم انتقلنا للحدود التركية عبر عربة لتخزين اللحوم أنا و6 أسر كل منها به 4 أفراد، كنا نختنق والأطفال يصرخون، بعضنا قضى أكثر من 12 ساعة بلا قطرة ماء والبعض الآخر سقط مغشيا عليه داخل العربة».
«كما تقولون بالمصرى هربنا باللبس اللى علينا»، كلمات قالتها، أم زين الله قضت ثلاثة أشهر بالمخيم هى وحفيدتها صاحبة السبعة الأعوام، تقول أم زين الله: «أشعر بالعجز أمام أسئلة حفيدتى ولا أملك إجابة، اللهم إلا أن أدعوها للصلاة والدعاء»، عشرة شهداء سقطوا فى عائله أم زين الله، ولكن صعوبة الوصول لأبناء عائلتها المعتقلين أشد وطأة على قلبها المريض، تقول: «ما نعرف أى شىء عن أبنائنا المعتقلين، وإذا سألنا عنهم نتعرض للاستغلال ونطالب بدفع مبالغ طائلة، خيمة الشهيد كريم بتول التقينا بشقيقة أنس بتول الأب لثلاثة أبناء، جاء للمخيم منذ 5 أشهر مع أخيه وأطفاله الثلاثة بعد استشهاد زوجته، لكن الأخ الأصغر أصر على العودة للوطن بعد شهر واحد من لجوئهم للمخيم يقول أنس: «أخى فضل الشهادة على الخروج من أرضه، وتحققت له منذ ثلاثة أيام، حيث لقى حتفه تحت حطام منزل أحد بيوت المقاومة هو وأصدقاؤه ال15 عندما قصف الجيش السورى منزلهم بعد أذان الفجر، كعادة النظام الغادرة».
إجمالى عدد اللاجئين فى تركيا ولبنان والأردن أكثر من 112 ألف لاجئ، كما تشير الإحصائيات الرسمية من هيئة الأمم المتحدة بتجاوز عدد الشهداء فى سوريا إلى 70 ألف شهيد، و2700 من النساء، 2400 من الأطفال وعدد النازحين 250 ألف لاجئ بتركيا ولبنان والأردن، فضلا على وجود 8 ملايين متضرر يحتاج للإغاثة داخل سوريا.
«التنظيمات المسلحة الإجرامية» ذلك التوصيف الشائع فى وسائل الإعلام السورية الذى أطلقه النظام السورى على المشاركين فى المظاهرات المندلعة فى المدن السورية، وهو ما رفضه اللاجئين بالمخيم، الطريف أن الرئيس السورى بشار الأسد أمر بإعادة وضع لواء الإسكندرون، الذى يعرف بإقليم هاتاى فى تركيا ويقع فيه مخيم اللاجئين السوريين، فى الخريطة السورية الرسمية رغم أنه كان قد أمر بطبع الخريطة السورية بدونه مع تحسن علاقات بلاده مع تركيا، ليعيد للأذهان صورة الصراع على الإقليم الحدودى مرة أخرى.
ساعة ونصف هى كل الوقت الذى استطعنا قضاءه فى مخيم اللاجئين نظرا لاكتشاف السلطات التركية وتحديدها لمكان تواجدنا بالمخيم، ورفضهم القاطع استمرارنا فى استكمال الحديث نظرا لعدم حصولنا على تصريح رسمى من جهة سيادية، وإصرارهم على تحرير محضر رسمى لنا، لم نعترض وحاولنا بهدوء توضيح طوال النصف ساعة التى قضيناها داخل غرفة المحققين بين أمن المخيم والشرطة التركية غرضنا المهنى فى إيصال صرخات مجتمع يعيش الفقر والتشرد للمجتمع الدولى، وهو ما تفهمه القادة بدرجة كبيرة فى تهذب وأدب شديدين، بل سمحوا لنا بالتصوير من خارج المخيم كما نشاء والتحدث مع اللاجئين من الخارج كما نشاء.
◄أطفال المخيمات وقود الثورة السورية.. يحلمون بقتل بشار والانضمام للجيش النظامى
span Class='NewsSubTitleText'◄الأمهات توصى صغارها بالدعاء على الأسد.. وتركيا تحايلت على آلامهم الصغيرة بألعاب بسيطة
جلسوا حولنا حاصرونا بضحكاتهم وأحلامهم البسيطة، مزقوا قلوبنا بأسئلتهم البريئة عن موطنهم، أطفال المخيمات أعمارهم لا تتعدى السبع سنوات، لكن عقولهم نضجت لحد إدراك القمع السلطوى، ولأنهم تعرضوا لظلم من حاكمهم رغم تأييد آبائهم له قهرا أو سلما على مدى عقود.
«أنا اسمى محمد وهذا معتصم وهذا حمزة وهذا عبده وهذا محمود» قالها مصطفى أكبر أطفال المعسكر صاحب العشر سنوات وهو يعرف نفسه وأصدقاءه الذى تعرف عليهم فى المعسكر لتنشأ بينهم علاقة قوية لها مذاق خاص، ليقف جوارى محاولا جذبى لرؤية باقى أصدقائه قرب ألعابهم البسيطة التى وضعها لهم النظام التركى للترفيه عنهم بالمخيم، «ماعدنا بنخاف من الرصاص فصوت الطلقات كأصوات العصافير بالبلدة نسمعها يوميا نهاراً ومساءً» بتلك الجملة بدأ معتصم 7 سنوات حديثه، فبرغم صغر سن مصطفى فإن مشهد تركه لمنزله بحارة الشغور ومجيئه للمعسكر منذ عام وثلاثة أشهر، بعد وقوعهم تحت حصار القذف وطلقات النار والمرور على جثث أقاربهم لا يزال عالقا فى ذهنه، ليقول مصطفى: «تركنا بيتنا بعد اعتقالات كثيرة بالحى، وأصبحنا بنخاف نجلس أمام البيت ليعتبرونا دخلاء».
أما محمد 6 سنوات، شقيق لشهيد جاء بالمعسكر من 6 أشهر يتذكر طلب والده منه يوم رحيلهم عن منزلهم، حيث أوصاه بالصلاة جماعة قبل الرحيل، يقول محمد: «أبى رفض المجئ معنا للمخيم وفضل البقاء لمقاومة النظام بسوريا، وطلب منا أن نتوضأ ونصلى العشاء خلفه قبل أن نتركه ونرحل».
«ماعدنا نرجع إلا أن يسقط النظام» بتلك الجملة عبر حمزة 7 سنوات عن اشتياقه لوطنه بحلب، معبرا ببساطة عن قلة حيلته كطفل لا يقوى على حمل نفسه للعودة لبلده، لا يملك إلا أن يدعو الله كما أوصته أمه بسقوط النظام، حتى يستطيع العودة لمنزله بين من تبقى من أهله وأصدقائه على وجه الأرض وتعمير أرضه - على حد تعبيره، يقول حمزة «كل يوم تقريبا أسال أمى متى سنعود لبيوتنا فلا تقول لى إلا جملة واحده: عندما ينتقم الثوار من قاتلى أخيك عندها سنعود لأرضنا لنعمرها»، على حد تعبيره، عبده 7 سنوات قال موجها حديثه للكاميرا، معتقدا أنها مخصصة للتصوير الفيديو قائلاً: «قولوا لبشار موتك قريب أنت العميل وليس نحن»، شقيق لثلاثة شهداء حملته أمه فجر يوم السبت الماضى متسللة من دمشق ومنها إلى الحدود التركية، لا يتذكر اسم القرى التى مر عليها وجلسوا بها ثلاثة أيام خوفا من الشبيحة، ليصف حال والدته قائلاً: «كنت أسمع بكاء أمى فى صلاة الفجر تدعو وتبكى أخوتى»،أما عن أوقاتهم بالمخيم قال محمود فى عفوية ممتزجة بالبراءة «بالزحاليق خلف المخيم»، وأحيانا نلعب بالنرد أو غماية.. إلا أن أكرم حجازى صاحب ال9 سنوات منحه عمره الأكبر سنة من باقى أصدقائه وعيا أكثر قليلا بحال أيامهم بالمعسكر قائلاً: «الأيام كلها هنا تشبه بعضها، لا يوجد وسيلة متعة واحدة غير التجمع مع أهالينا نتذكر مجازر الأسد وقتله لأقاربنا وأهالينا.. لا نفعل شيئا يختلف عن غيره، الصباح نلعب وأحيانا نساعد أهالينا فى جلب المياه وتحضير طعام الإفطار بشرائه من جهة خاصة بالمعسكر وبالمساء نجلس مع أهالينا بالخيمة، فلا يملك الجميع جهاز راديو أو تليفزيون»، أحلام أطفال المخيم هى أيضاً اختلفت عن أحلام أى طفل آخر ينعم بالهدوء وبحياة مستقرة، حيث اشترك 7 أطفال فى حلم واحد أن يكونوا جزءا من الجيش النظامى بعد مقتل الأسد وسقوط نظامه، لتطهير هذا الجهاز من فاسديه وتحقيق العدل فى وطنهم ولو لمرة واحدة.
◄الأطباء العلويون ينتقمون من مصابى الثورة فى المستشفيات الحكومية التركية
◄الأهالى: هم مصدر رعب لنا.. وطبيب معالج يتقدم بشكوى ضد طبيب علوى سبّ مصاباً سورياً ووصفه بالحيوان
يجلس جندى سورى منشق عن الجيش النظامى، على أبواب مستشفى دار الاستشفاء بمنطقة الريحانية، الذى يعالج فيه المصابون السوريون فقط، يحمل قدمه اليسرى على كرسى خشبى صغير، أبو وضاح ذو التسعة والعشرين عاما أصيب بطلقة نارية من قناص أدت إلى تفتت عظام قدمه التى باتت بحاجة إلى إجراء ثلاث عمليات جراحية.
على أبواب مستشفى دار الشفاء بمنطقة الريحانية يعتاد جميع أهالى المنطقة رؤية المصابين السوريين يتحركون داخل المستشفى بعضهم على كراسى متحركة والبعض الآخر يكتفى بعكازين وساق واحدة، أما داخل جدران المستشفى فالجميع يتبادلون قصصهم كنوع من التهوين وشد الأزر.
الدخول لمستشفى دار الشفاء لم يكن صعبا كباقى المستشفيات الحكومية نظرا لتناسب أعداد المصابين به على عكس المستشفيات الحكومية الأخرى التى تتلاحم بها أجساد المصابين، المستشفى يضم ما يقرب من 200 مصاب، يسمح لكل مصاب بمرافق واحد فقط.
كل طابق يضم 12 غرفة بكل غرفة مخدعان، المصابون يقسمون وفقا لحالاتهم فأصحاب الأعضاء المبتورة يجمعون فى غرف، والكسور فى غرف، والحروق فى غرف أخرى، والأطفال فى غرف منفصلة تماما.
الرعاية الطبية فى هذا المستشفى مجانية كحال جميع المستشفيات الحكومية التركية، إذ يغطى تكاليف علاجهم المنظمة الطبية للإغاثة السورية، نظرا لأن المشفى لا يتبع الحكومة التركية فى شىء، إلا أن الفارق بين المستشفيات الخاصة والحكومية أن المستشفيات الحكومية التركية قوتها لا تحتمل استضافة المصابين ولو ليلة واحدة بعد العلاج، وهو ما يدفع كثيرا من المصابين السوريين للجوء إلى المستشفيات الخاصة بعد العلاج بالمستشفى الحكومى للإخضاع تحت الإشراف الطبى كمستشفى.
حكايات مرعبة عن النظام
بالدور الأول التقينا مجموعة من المقاتلين الشباب من الضباط العسكريين المنشقين عن نظام الأسد والمنضمين لكتائب من الجيش الحر، إصابات الجنود كانت متدرجة الخطورة، مؤيد الخضر 31 عاما ضابط، مصاب ببتر فى الساق اليسرى إثر إصابته بقذيفة دبابة عسكرية فى احتجاجات مدينة حلب، يقول مؤيد: «النظام كان يحاول تشويه الثوار وتصويرهم بالجماعات الإرهابية، ولكن ما شاهدته لا يتطابق نهائيا مع ادعاءاتهم فما علاقة قتل الأطفال وهتك أعراض النساء بمقاومة الإرهاب؟ وإصابتنا لن تمنعنا من العودة لأرضنا».
انشقاق «مؤيد» عن الجيش النظامى الأول جاء بعد تضحية النظام بأبنائه من الضباط، ليوضح قائلاً: «قادات الجيش كانوا يرسلون خلف الضباط بالساحات الشبيحة ليس للمشاركة معهم ولكن لمراقبة الضباط، فمن كان لا يقتل كان يقتل فورا، كما كان يقتل الضباط المصابون فى حال إصابتهم بإصابات تعجزهم عن المشاركة فى القتال من جديد.. سنعود من جديد إما للشهادة أو النصر حتى لو كان أحدنا بعين واحدة».
راتب حبشى 22 عاما ضابط منشق عن كتائب الجيش النظامى، كانت خدمته بالدفاع الجوى، والآن ضمن كتيبة لواء التحرير بالجيش الحر، حبشى أوضح وجود احتقانات كثيفة بين صفوف الضباط قد تنذر بانقلاب عسكرى وشيك خاصة بعد تحويل أعداد كبيرة للسجون العسكرية بعد احتجاجهم على القتل العشوائى للنظام بأحياء سوريا.
المدنيون وحكايات القصف
بكل غرفة كان يجتمع حولنا مصابو الغرف المجاورة بوجوه بشوشة تعلوها ابتسامة مقاتلين فقط يتخذون من فترة إقامتهم بالمشفى استراحة محارب، أولى الروايات كانت لشاب يدعى رضوان طحان 32 عاما، عامل مصاب بتهتك فى عظام اليد اليمنى نتيجة قذيفة أطلقتها دبابة نظامية وقت الإفطار، يقول طحان: «الأسبوع الماضى وقت الإفطار الجميع كان بمنزله يتناول الإفطار حتى قطع الصمت صوت قذيفة عسكرية أطلقتها إحدى دبابات الأسد على منزلنا والمنازل المجاورة، لتقتل أخى و4 من جيرانى، بعدها لم نستطع الخروج إلا بعد نصف ساعة انتظارا لمرور الدبابة لنقطة تمكن أهلى من حملى لأقرب مستشفى». بجواره كان يجلس أحمد خضر 42 عاما، مزارع، فقد قدمه اليمنى نتيجة قذيفة أطلقتها طائرة حربية على محافظة إدلب وقت دفن أهالى الحى لشهدائهم لينضم للقبور شهداء جدد فى أقل من 15 دقيقة، يقول خضر: «27 تموز الماضى كنا ندفن شهداءنا بالقرية، لم نكن فى حالة تسمح لنا بالاحتجاج أو الاشتباك مع قوات الأسد، اللهم إلا بعض الهتافات لنفاجأ بطائرة حربية تقصف الحى قصفا عشوائيا ليسقط عشرات الجرحى والقتلى فى أقل من 5 دقائق». يلتقط طرف الحديث ابن عمه مصطفى خضر، 32 عاما، عامل بناء، مصاب بتهتك فى عظام اليد اليمنى، قائلاً: «النظام لم يمهلنا لدفن شهدائنا حتى أوقع من بيننا شهداء جددا، بعد القذف من كان حيا منا نقل باقى الشهداء قبل حتى ما يغسلوهم إلى جوار شهدائنا، والبعض الآخر تولى نقل المصابين لأقرب مستشفى أو لأقرب نقطة حدودية مع تركيا لنسلم للأتراك لنقلنا للمستشفيات الحكومية التركية لأن المستشفيات بسوريا هزيلة الإمكانيات لا يوجد بها إلا ضمامات ومسكنات، وبنقول الحمد لله».
مصطفى غنام 33 عاما، يعيش فى ريف حلب يملك قطعة أرض صغيرة يحرثها ويعيش من رزقها، أصيب بطلق نارى أعلى الصدر، أثناء مناورة عسكرية قام بها الجيش الأسدى مساء يوم بالشهر الماضى، وقت نزوح الأهالى إلى أسفل المدينة، يقول غنام: «كنت ومجموعة من رفاقى فى طريقنا إلى وسط حلب لجلب بعض مستلزمات الزراعة التى أصبحت بعد القصف والحصار من النظام الأسدى شحيحة جداً، لنفاجأ بمجموعة من العسكر مرتدين زيهم العسكرى أمطرونا بوابل من الأسئلة طلبوا منا النزول من العربة وتركها، وعندما اعترضنا انهالوا علينا بالرصاص».
«الأطفال عندنا بسوريا محكوم عليهم بالإعدام» هكذا قال والد الطفل مصطفى صاحب السبع سنوات، مشيراً إلى أن النظام السورى لم يرحم طفلا كان يجرى خوفا بالحى من صوت طلقات الرصاص فأحرقوه.. مصطفى مصاب بحروق من الدرجة الثالثة تغطى نصف جسده بعد إحراق شبيحة النظام لعدد من منازل أحياء حلب فلم يستطع الفرار وأغلق عليه أحد أبواب تلك المنازل، إلا أن العناية الإلهية وحدها أنقذته من القتل.
الأطباء العلويون وهاجس الانتقام
ما قاله عدد كبير من المصابين فيما يخص أداء عدد كبير من الأطباء العلويين بتركيا الموالين لنظام الأسد، لانتمائهم للفئة العلوية فهم يمارسون عقابا جماعيا على المصابين سواء أكانوا مدنيين أم عسكريين، لدرجة تجعلهم يستسهلون فى بتر الأعضاء، قال عز الدين الشيخانى 22 عاما ضابط منشق عن وزارة الدفاع السورية مبتور القدم: إن الأطباء العلويين يحتلون النسبة الكبرى بالمستشفيات التركية وهم معروفون بين الجميع، مشيرا إلى أنه كان سيتعرض لبتر قدمه من أعلى الركبة رغم عمل الساق الجيد أسفل الركبة قائلاً: «لولا أنى كنت واعيا وقلت للطبيب إن الركبة تعمل جيدا لكانت بترت من أعلى».
هنا قاطعه أحد الضباط المنشقين - طلب عدم ذكر اسمه - بأنه سمع طبيبا علويا بأحد المستشفيات الحكومية أثناء علاجه أحد المصابين السوريين يتهكم على المرضى السوريين بالمشفى، قائلاً: «فى البداية استغربنا طريقة معاملته معنا، فالمفترض أنه مسؤول عن إنقاذ أرواحنا، ولكن فوجئت بابن عمى المرافق لى فى هذا المستشفى يقول إن هذا الطبيب هو علوى مؤيد لنظام الأسد»، مؤكداً أن كثيرا من الأطباء العلويين بالمستشفيات الحكومية يستسهلون أثناء علاج المصابين السوريين بتر الأعضاء، فحالات قطع الأوتار التى تحتمل العلاج لا يعطونها حقها فى العلاج، بل يتخذون القرار الأسرع ببترها».
أحمد أبوالحسن، طبيب سورى مشرف على علاج المصابين قال أنهم تقدموا بشكوى بنقابة الأطباء التركية ضد أحد الأطباء العاملين بأحد المستشفيات الحكومية التركية من طائفة العلويين بعد سبه لأحد المصابين السوريين ووصفه بالحيوان، قائلاً نصا: «دعوا هذا الحيوان يموت»، مؤكداً أن هناك حالة عامة لدى المصابين السوريين بالمستشفيات التركية الحكومية من الأطباء العلويين تدفع البعض لإرسال تسجيلات مصورة له بحالة المريض للتأكد إذا كانت فعلا إصابته تستدعى بتر العضو أم لا، وهو أمر عرضه أحد المرضى من مدينة «غازى عتاب» .
وعن شكوكه كطبيب معالج إذا كان صادف حالة بعد الفحص اكتشف أنها لم تكن تستحق البتر، قال مؤكداً: «نعم هناك حالة واحدة لاتزال تخضع للعلاج داخل المستشفى، خضع للعلاج أولا بأحد المستشفيات التركية حيث بترت ساقه اليسرى ثم نقل إلى هنا لأن طاقة المستشفيات الحكومية التركية لا تسمح باحتمال المرضى بعد إجراء العمليات، ولكن بعد الفحص تأكدت بنسبة %100 أن إصابة قدمه كان يمكن لها أن تعالج». رغم هذا وذاك فالروح المعنوية لدى الضباط والمدنيين السوريين المصابين لاتزال فى أعلى مراحلها، يجتمعون لسرد الحكايات واقتسام الألم فى البداية، لكنهم ينهون جلستهم بالأمل فى الغد بسوريا، منتظرين يوم شفائهم بفارغ الصبر للعودة من جديد للقتال فى أرض الوطن.. لينطبق عليهم قول الأبنودى: «اقتلنى.. قتلى مش هيعيد دولتك تانى».
◄اللاجئون السوريون يعلنون الحرب على العلويين.. معركتنا ليست مع الأسد بل مع طائفته بأكملها
◄ناشط سورى: النظام السورى يشعل الفتنة الطائفية بأساليب مبتكرة ليبرر قتله للشعب السورى
«الدم لا يرد إلا بالدم» عبارة تتبلور يوميا لتصبح عقيدة لدى معظم شباب النازحين السوريين بمعسكرات اللاجئين، وهى أيضا الجملة التى قالها الشاب السورى النازح عمرو حجازى، 18 عاما ليس معبرا عن ثأره الثورى مع نظام الأسد، ولكن ليعبر عن غضبه الذى طال السماء من أتباع حزب البعث الملكى «العلويين»، الذين استحلوا نساءهم متاعا لهم وأموالهم غنائم وكرامتهم حقا مكتسبا.
عندما تسأل اللاجئين السوريين عن معنى الظلم الذى يتحدثون عنه، سيسارعون بإخبارك بالكثير من مظاهرة المتمثلة فى الفساد الذى طال كل شىء فى حياتهم ومنعهم من العيش بكرامة وجعل أبسط أمورهم لا تسير بدون رشوة، حتى يحصل المواطن غير العلوى على أقل حقوقه، «مفهوم العدالة الاجتماعية ليس له محل من الإعراب فى حياة المواطن السورى غير العلوى»، هكذا قالت عائشة حجازى المرأة الستينية واصفة الوضع العنصرى الذى أسسه النظام الأسدى لبنى عشيرته العلوية، قائلة: «لأننا لم يكن لنا ضهر قبل الثورة اعتبرنا العلويين حقا مكتسبا، وأصبحت الرشوة هى المتحكم الأول فى توزيع فرص العمل على الشباب السورى حتى لا يقاسمه مواطن علوى فى رزق، وبالنهاية لا يوجد ضمان فقد تذهب الوظيفة لمواطن علوى لا يقدر بها إلا كشف الحضور والانصراف والمرتب آخر الشهر».
التفرقة الواضحة فى المعاملة بين فئة العلويين التى لا تتجاوز ال«8 ملايين» فى مقابل شعب يمثل 28 مليون نسمة بسوريا على المستوى الاجتماعى والسياسى من شأنها دفعت الفئة العلوية لارتكاب أبشع صور القمع الإنسانى ضد أطياف المجتمع السورى - على حد تعبير اللاجئين - الممثلة فى المستباحات الثلاثة «أموالهم وأعراضهم ودمائهم»، من شأنها خلق روح عدائية شرسة تمزق قلوب كل مواطن سورى لا ينتمى لحزب البعث الأسدى، عبر عنها عمرو حجازى قائلاً: «العلويون استباحوا دماءنا وأعراض نسائنا بتدعيم من النظام السورى لدرجة دفعت آلاف الآباء إلى التفكير ألف مرة قبل تقديم بلاغ ضد علوى اغتصب ابنته.. وبعد نجاح الثورة القريب جدا لن يكون هناك علوى على وجه الأرض».
ليلتقط طرف الحديث أنس بتول 33 عاما، أنس يجلس فى خيمة أخيه الشهيد الذى ترك المعسكر منذ ثلاثة أشهر للعودة للانضمام لصفوف الثوار فى سوريا ولكنه لم يعد، قائلاً: «احتقان الشعب السورى ضد العلويين لم يأت من فراغ، فهم ذبحوا آباءنا واغتصبوا نساءنا علنا على مرأى ومسمع من نظامهم الحاكم، فنحن تعرضنا لقمع علوى من فئة مدنية لأكثر من 40 عاما».. كيف يأتى الآن لائم يرفض حقنا فى القصاص.. مضيفا بقوله: «صارت ساعة الصفر».
«فى أزمة المازوت الأخيرة قبل الثورة النظام العلوى أعطى لأتباعه العلويين الجاز للتدفئة وترك باقى المواطنين بلا تدفئة» غصة جديدة عبر عنها شاب سورى - رفض ذكر اسمه - مؤكداً أنه أقسم على الثأر من نظام قتل والدته المسنة من شدة البرد مستهجنا سؤالى حول تحول شعب يتوق للحرية لشعب متعطش للدماء، قائلا فى جملة واحدة «الدم لايرد إلا بالدم».
حوادث التحرش الجنسى والاغتصاب يتعرض لها فتيات السنة يوميا قالتها شقيقة الشهيد مصطفى، قائلة بصوت مرتعش: «تعرضت كثيرا لحوادث تحرش جسدى أنا وفتيات الضيعة من قبل العلويين، بل فى إحدى المرات كسرت عظام فخذى أثناء هربى من بين فكى مجموعة من شباب العلوية واسعى الصيت بمدينة دمشق».
من جانبه قال ناشط سورى مقيم بتركيا - طلب عدم ذكر اسمه - إن النظام السورى يشعل الفتنة الطائفية بأساليب مبتكرة ليبرر قتله للشعب السورى، مضيفا: «النظام كثف مجهوداته للإيقاع بين أطراف السنة والعلويين بإعطاء صلاحيات لفئة حزب البعث من العلويين وهو صراع قديم جدا غذاه النظام لإشعال الفتنة، ومن ثم انشغال الشعب عن حقوقه وعن مفاسد السلطة، فى حين أجحف من حق باقى فئات الشعب ومع الثورة السورية توجه لفئة الدروز وأعطاهم بعض الحقوق الشكلية كتسليمهم بعض الأراضى لضمان ولائهم له، فالنظام الأسدى اعتمد على تقسيم الثوار عن طريق ضرب العقائد الطائفية بدولة مثل سوريا تضم عددا هائلا من العقائد والقوميات من كرد وأشوريين وكلدان وشركس وسنة وشيعة ودروز ومرشدية، للاحتفاظ بالكرسى مدى الحياة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.