واحة مليئة بالأزهار تسمو فى سماء العطاء تهل نسائمها على الأرواح فتزيدها إشراقا وشوقا بعد كل هذا الانتظار.. عانقناك ثلاثين يوما لكنك أبيت الانتظار تركت فى قلوبنا لوعةً واشتياقاً وحب الحبيب إليك يا رمضان.. مع اسمك تهيم النفوس وتذوب مع ذكراك القلوب ويعيش عبق الإيمان فى كل الصدور وتدمع العيون لشغف عشقك... لم تكن لنا أيام صوم فحسب وإنما زينتها بباقة أفعال قربتنا أكثر من الله وجعلتنا نهيم فى ملكوت الرحمن بحب وشوق لطاعة الإله.. طهرت نفوسنا وجعلت رجاءنا أن يغفر الله لنا ذنوبنا ويسامحنا على أخطائنا ونكون من عتقاء النار.. وبعد أن ودعتنا وأخذت قلوبنا وأرواحنا معك أحببت أن تسعدنا بأجمل الأعياد وتملأ قلوبنا وتزخرف نفوسنا بكل الإحساس.. فها هو العيد يهل مع خيوط الفجر ليشعل نور الفرحة فى قلوبنا وقلوب كل الأطفال.. سارعت لأتناول قلمى وأقدم التهانى لكل الأحباب والأصحاب لكن قلمى أبى بكل كبرياء أن يخط أى حرف أو كلمة لكل الأصدقاء.. وسالت دموعه على الورق وأنبنى ببعض الكلمات.. كيف أكتب التهنئة ودم الشهداء ما زال بالطرقات.. كيف أفرح وأطفالى جثث مرمية بالأزقة والحارات... كيف أعبر عن سعادتى وما زال الوطن يعيش الهموم والمأسى وتتعالى منه الصرخات والآهات.. كيف أكتب عن سعادتى وما زالت الأرواح تتصاعد إلى السماء وباقات الزهور تتناثر على القبور هنا وهناك وهمسات الحزن تحرق قلوب الأهل والخلان .. أى عيد يكون وصرخات الاستغاثة فى كل مكان واستباحة بيوتنا ومقدساتنا تعم كل الأرجاء.. أى حلم أتمناه والماضى والحاضر يطاردنى فى كل مكان.. كيف أفرح وأنا التى تدفن الآلام والأحزان بين جثث الأموات التى تناثرت أشلاؤها على كل الطرقات.. أين النور الذى سيبدد كل هذه الظلمات ويكشف لنا عن آمال جديدة وقد فاضت بحورنا من دموع أهل الشهداء.. ونبضات حزنهم تتراقص فى كل الاتجاهات.. هنا نزف قلمى دماً وبدأ يكتب بصمت عن مأسى الأوطان وتضحيات الشهداء وعن الهلع والخوف الذى ملأ قلوب الأطفال.. وعن هذه الفرقة والانقسام التى عمت الشعوب والأفراد.. وفى لحظة صمت ماردة كتب.. لكننا رغم الآهات والأحزان سنبتسم لك ياعيد.. فلربما تشرق البسمة أملاً وتفاؤلاً وتعيد للقلوب جزءا من السعادة والهناء.