وزير الداخلية يقرر ترحيل سوريين لخطورتهما على الأمن العام    جامعة الإسكندرية تنهي استعداداتها لاستقبال العام الدراسي الجديد (صور)    محافظ سوهاج يسلم 11 عقد تقنين أراضي أملاك دولة لمواطنين    أسعار السلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024    ارتفاع أسعار النفط.. وخام برنت يسجل 74.11 دولار للبرميل    قطع المياه عن مركزي أشمون والباجور بالمنوفية 8 ساعات اليوم    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    تحذير عاجل من الكهرباء قبل تحصيل فواتير استهلاك سبتمبر    العربية للطاقة المتجددة: الرئيس السيسي وعاهل الأردن أول مَن شجعا على الاستثمار بالطاقة الخضراء    روسيا تجري مناورات بحرية مع الصين    وزير الخارجية البريطاني: زيادة التصعيد في لبنان يهدد بالمزيد من العواقب المدمرة    جيش الاحتلال يتوسع في عدوانه على بلدات الجنوب اللبناني واستهداف المدنيين    توقيع مذكرة تفاهم بين الجامعة العربية ومنظمة التعاون الرقمي    العراق والولايات المتحدة يبحثان تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية    ماذا قال الرئيس الإيراني عن الوضع في لبنان وحزب الله؟    تأجيل انطلاق دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا والكونفدرالية    الزمالك يحدد اليوم موقفه من الاعتراض على حكم السوبر    بنزيما وديابي ضمن تشكيل الاتحاد المتوقع أمام العين في كأس الملك السعودي    «إشاعة حب» تتسبب في جريمة شرف بالمرج.. عامل يقتل زوجته وصديقه.. المتهم: «صاحب عمري نهش في شرفي وخاني».. وأهل الضحية: بنتنا شريفة    الأرصاد تكشف تغيرات حالة الطقس مع بداية فصل الخريف 24 سبتمبر 2024    إصابة 4 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين على الطريق الزراعى الشرقى بسوهاج    اليوم.. الحكم على البلوجر سوزي الأردنية بتهمة سب والدها على الهواء    والد ليلى في مسلسل برغم القانون، من هو الفنان نبيل علي ماهر؟    لهذا السبب..إيمي سمير غانم تتصدر تريند " جوجل"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    «الصحة» تعلن حصول 3 مستشفيات تابعين لأمانة المراكز الطبية المتخصصة على شهادة اعتماد الجودة من الGAHAR    وكيل ميكالي: الأرقام المنتشرة عن رواتب جهازه الفني غير صحيحة    إجراء عاجل من مستشفيات لبنان بسبب العدوان الإسرائيلي    30 قيراط ألماظ.. أحمد سعد يكشف قيمة مسروقات «فرح ابن بسمة وهبة» (فيديو)    مدين ل عمرو مصطفى: «مكالمتك ليا تثبت إنك كبير»    نجيب ساويرس: ترامب وكامالا هاريس ليسا الأفضل للمنطقة العربية    مصرع شخص في حريق منزله بمنطقة الموسكي    جيش الاحتلال: اعترضنا عدة صواريخ أُطلقت من جنوب لبنان    مصر للطيران تعلق رحلاتها إلى لبنان: تفاصيل وتداعيات الأحداث الجارية    محمد على رزق يوجه رسالة للشامتين في حريق مدينة الإنتاج: «اتعلموا الأدب في المصايب»    مريم الجندي: «كنت عايزة أثبت نفسي بعيدًا عن شقيقي واشتغل معاه لما تيجي فرصة»    «الباجوري» بعد تصوير «البحث عن علا 2» في فرنسا: لم أخشَ المقارنة مع «Emily in Paris»    غدا.. افتتاح معرض نقابة الصحفيين للكتاب    قنصل السعودية بالإسكندرية: تعاون وثيق مع مصر في 3 مجالات- صور    برج الجدي.. حظك اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024: تلتقي بشخص مثير للاهتمام    «سجل الآن» فتح باب التقديم على وظائف بنك مصر 2024 (تفاصيل)    مروان حمدي يكشف كيف ساعده الراحل إيهاب جلال في دراسته    موتسيبي: زيادة مكافآت الأندية من المسابقات الإفريقية تغلق باب الفساد    "لم أقلل منه".. أحمد بلال يوضح حقيقة الإساءة للزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    الأمين العام الجديد لمجمع البحوث الإسلامية يوجه رسالة للإمام الطيب    بلاغ جديد ضد كروان مشاكل لقيامه ببث الرعب في نفوس المواطنين    هل منع فتوح من السفر مع الزمالك إلى السعودية؟ (الأولمبية تجيب)    وزير الأوقاف يستقبل شيخ الطريقة الرضوانية بحضور مصطفى بكري (تفاصيل)    الفوائد الصحية لممارسة الرياضة بانتظام    ارتفاع حصيلة مصابي حادث أسانسير فيصل ل5 سودانيين    محارب الصهاينة والإنجليز .. شيخ المجاهدين محمد مهدي عاكف في ذكرى رحيله    الآن رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والشهادات الفنية (استعلم مجانا)    أحمد موسى يناشد النائب العام بالتحقيق مع مروجي شائعات مياه أسوان    طريقة عمل الأرز باللبن، لتحلية مسائية غير مكلفة    خالد الجندي: بعض الناس يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبى    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤسسات الدولة العميقة سلاح النظام السابق
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 06 - 2012

إن الآثار الوخيمة التى ترتبت على قرار المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون المنظم للانتخابات البرلمانية والذى نتج عنه حل مجلس الشعب، والآثار التى ترتبت على نتيجة الانتخابات الرئاسية خلال المرحلة الثانية وفوز الدكتور محمد مرسى، ستكون بداية المواجهة والصدام المباشر بين النظام القديم والمتمثل فى مؤسسات وهيئات الدولة وبين جماعة الإخوان المسلمين والمصريين الذين انتفضوا فى يناير 2011 وسيدخل فى هذا الصدام طرف أساسى وهو مؤسسات الدولة العميقة والتى تتكون من المؤسسة الأمنية وأهم أطرافها وهم وزارة الداخلية وجهاز أمن الدولة وجهاز المخابرات العامة، والمؤسسة العسكرية ومخابراتها، ومدعومين بأجزاء من المؤسسة القضائية، وعواقب هذا الصدام ستكون كارثية بعد تولى الرئيس المنتخب لمهام منصبه وستعوق استكمال مسيرة ثورة 25 يناير وستدخل البلاد فى أزمة سياسية كبيرة وستبقى المؤسسة العسكرية فى الحكم لما بعد يونيه 2012.
إن الدولة العميقة فى الأساس مصطلح تركى وهو دولة داخل دولة حيث هذه المؤسسات تلعب دورا هاما من وراء الكواليس فى التأثير على العملية الديمقراطية بما لا يهدد مصالحها، وتحارب أى نظام جديد يريد أن يطيح بوجودها ويغير خريطة التوازنات الاستراتيجية ومراكز القوى والسيطرة داخلها من خلال الإطاحة بكبار القيادات بها والذين يعودون إلى عهد الرئيس السابق مبارك وإعادة هيكلتها من جديد لصالح آخرين.
إن قيادات المجلس العسكرى الحاكم منذ تنحى الرئيس السابق مبارك لديهم معتقد بأن الثورة ستطيح برؤوسهم جميعا وستجعلهم جميعا معرضين للمسائلة القانونية والمحاكمة وتجربة مبارك ليست بالبعيدة، ومن هنا كان التفكير فى وثيقة المبادئ الحاكمة الدستورية من قبل وما أكده الإعلان الدستورى المكمل باحتفاظ قيادات المجلس العسكرى بالتشكيل الحالى وعدم السماح لرئيس الجمهورية المساس به، وذلك لضمان مركز قوى للمؤسسة العسكرية فى الدستور الجديد، يجعلها محصنة تماما ومنغلقة على نفسها سواء فى خصوصية ميزانيتها أو قوانينها.
إن المجلس العسكرى نجح بامتياز فى اللجوء إلى استخدام إحدى مؤسسات الدولة العميقة وهى المؤسسة القضائية فى إدارة المرحلة الانتقالية سيئة التصميم منذ بدايتها، حيث استخدم سلاح المحاكم فى إدارة الصراع السياسى داخل الدولة، فقد نجح فى إنقاذ مبارك من حبل المشنقة وتبرئة نجليه علاء وجمال مبارك ورجال العادلى فى قضية قتل المتظاهرين وتسبب فى إطالة عملية المحاكمة بحيث تم إتلاف الأدلة والحجج القانونية التى كانت ستدين رجال النظام السابق مما أدى إلى تقوية موقفهم القانونى، المجلس العسكرى أيضا استخدم سلاح المحكمة الدستورية العليا فى الإطاحة بالبرلمان والإسلاميين، وأعتقد أن القيادة السياسية لا يمكن أن تخطأ مثل هذا الخطأ الاستراتيجى الجسيم إلا عن عمدِ وعن علم وتخطيط شيطانى لوقف صعود الإسلاميين نحو مؤسسات الحكم، وعلى افتراض أن المؤسسة العسكرية كانت لا تعلم هذه الثغرة القانونية والدستورية فيجب أن يحاكم قادتها بتهمة الإهمال الجسيم فى إدارة شئون البلاد وإهدار أموالها، والتفريط فى مقدرات ومكتسبات ثورة يناير لتسببها فى انتكاسة للعملية الديمقراطية والعودة بها إلى أبعد من النقطة صفر، وليس بالصدفة بأن يكون رئيس المحكمة الدستورية العليا هو نفسه رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار فاروق سلطان، وليس بالصدفة بأن يخرج رئيس نادى القضاة المستشار أحمد الزند بتصريحات نارية وانتقاض حاد للإخوان والبرلمان قبل أسبوع من حله.
إن المجلس العسكرى نجح فى هزيمة الإسلاميين بعدما تم تشويههم بمنهجية شديدة الحرفية أمام الشعب خلال الفترة الماضية وذلك حتى يقضى على المكاسب السياسية التى حققوها فى النظام السياسى بعدما حصدوا الأغلبية النسبية فى مجلس الشعب وقضى على المشروع الحضارى الإسلامى فى مهده وقبل أن يختبر على أرض الواقع بعدما أعطاهم الشرعية المنقوصة فى البرلمان المنحل فلم يستطيع مواجهة وتلبية ثورة التوقعات التى تريدها الشعب المصرى.
المجلس العسكرى استخدم مؤسسات الدولة العميقة فى افتعال الأزمات الاقتصادية وتسبب فى استمرار الانفلات الأمنى داخل البلاد والفوضى المصطنعة، وألصقها بالثورة المصرية وأوهم الأغلبية المصرية الكادحة بأن الثورة لم تزيدهم إلا فقرا وضياعا للاستقرار، وأوهم الأقباط والكنيسة بأننا على أعتاب شبح الدولة الدينية مما جعلهم ينصرفون عن الثورة ويتجهون إلى مرشح النظام السابق الفريق أحمد شفيق فى انتخابات الرئاسة.
مؤسسات الدولة العميقة بدون استثناء قامت بتدعيم الفريق أحمد شفيق لأنهم كانوا منتفعين فى ظل النظام السابق، وآن الأوان لتصفية الحسابات مع الثورة المصرية التى أطاحت بمصالحهم، وقد ظهر ذلك فى خطاب الفريق شفيق قبل انطلاق تصويت المصريين فى المرحلة الثانية للانتخابات الرئاسية عندما كشر عن أنيابه وأظهر نواياه الحقيقة بعدما شن هجوما حادا على جماعة الإخوان المسلمين، يتهمهم بأنهم يقتلون الأقباط ويروعونهم فى بيوتهم، وعندما تابعت مؤتمره الصحفى لم يزاولنى شك بأن تركيبة هذا الخطاب ليس إلا خطاب مخابراتى من صنع مؤسسات الدولة العميقة وجهاز الاستخبارات العامة، ولو كان نجح شفيق فى السباق الرئاسى فإن مؤسسات الدولة العميقة ستخوض تحت قيادته معركة شرسة ضد الثورة والإسلاميين.
إن الإخوان المسلمون أخطأوا بعدما تم الإطاحة بالنظام السابق وظنوا بأن الحرب وضعت أوزارها وآن الأوان للانقضاض على الغنائم واقتسامها وانفصلت عن الثورة وميدان التحرير وشقت الصف المصرى، ونست بأن المعركة مازالت طويلة مع النظام السابق تتطلب أن نلتف جميعا حول الشرعية الثورية لمواجهة فلول النظام والذين مازالوا يسيطرون على مؤسسات الدولة العميقة، والذين نجحوا فى توحيد صفوفهم وجهودهم للانقضاض على الثورة وكل ما ينتمى للمعسكر الثورى بعدما تفرق الإسلاميون الذين حموا الثورة فى معركة الجمل كرماة يوم أحد لجنى الثمار، فتحول الانتصار الذى حققته الثورة إلى انكسار، وأصبح النظام السابق يحتفل بانتصاراته المتتالية على خصومه وآخرها وصول الفريق شفيق إلى جولة الإعادة، وحل البرلمان المصرى، واستمرار المجلس العسكرى فى السلطة واحتمال فرض عملية سياسية جديدة من جانبه، وفشل القوى السياسية فى تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور والذى ليس من المستبعد بأن تقدم دعوى قضائية لحلها عاجلا أم آجلا.
والخلاصة، بأن الثورة الشعبية المصرية تراجعت ولم تستطع إقامة نظام ديمقراطى حتى الآن ونتيجة لأخطاء المرحلة السابقة فإننا على أعتاب دولة على الطراز التركى يحكمها الجيش ومؤسسات الدولة العميقة من وراء الكواليس، وليس شبح الدولة الدينية كما كان يظن البعض فمصر قادمة على مرحلة عسيرة من عدم الاستقرار السياسى وسيناريوهات الفوضى ومزيدا من تدهور وإهمال الوضع الاقتصادى للدولة والمواطن.
وفى النهاية، لاشك أن الإخوان خسروا المعركة مع المجلس العسكرى ولم يعد لديهم أى أسلحة سياسية أو شرعية دستورية يستندون عليها فى المعركة القادمة لإجهاض سيناريوهات العسكرى للقضاء على ما تبقى من وجودهم السياسى إلا أن مقعد الرئاسة التى يرجح أنه تم حسمه لصالح الدكتور مرسى، لأن كل مؤسسات الدولة مازالت خاضعة لسيطرة الجيش والنظام السابق بما فيها سلطة التشريع، فهل سيقبل الإخوان دخول المعركة ضد مؤسسات الدولة العميقة لبناء النظام الديمقراطى وتحقيق أهداف الثورة والتصدى للانقلاب العسكرى عليها ؟!، وهل استوعبوا الدرس بأن البقاء بالمشاركة مع بقية الرموز والقوى الوطنية المنتمية للمعسكر الثورى وليس بالمغالبة وتجنب الصدام مع العسكر ؟!، وهل تيقنوا بأن الشرعية الثورية وشرعية الميادين التى تخلوا عنها لن تسقط إلا باكتمال المؤسسات السياسية المنتخبة من الشعب المصرى وبعدما نتأكد بأن اللعبة الديمقراطية أصبحت مصانة بقوة الدستور والشرعية الدستورية.
آن الأوان بأن تعلن جماعة الإخوان عن أخطائها وأن تتخلى تماماَ ونهائيا على هوس السلطة والنفوذ وأن تعلى المصلحة الوطنية وتترجم تعهداتها بشكل واقعى عند تشكيل مؤسسة الرئاسة وتعلم بأن المعركة مازالت طويلة، وحان الوقت لجميع القوى السياسية والثورية بتنحية خلافاتهم الأيدلوجية جانبا وبتوحيد صفوفهم ومطالبهم وأهدافهم، ضد النموذج التركى للثورة والطرف الأول والثالث وهو المجلس العسكرى والدولة العميقة حتى نخرج الثورة المصرية من نكبتها ولنتعلم جميعا الدرس ولنعلم بأن الضربة التى لا تقسم الظهر تقويه.
ومصر والثورة من وراء القصد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.