قال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء:1] أرى الناس فى غفلة شديدة وبعيدين كل البعد عن الله وطاعته، أين رجال الدين؟ وأين العقول المفكرة التى تعمل على توعية الشعب وتدفعه إلى طاعة الله حبًّا لله وإيمانًا به وإخلاصًا له؟ لقد حَرم الله علينا قتل النفس، قال تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة 32، فكيف يقتلون ويقتلون؟! كل ما أخشاه على شبابنا أن يغضب الله عليهم، فإن غضبه شديد وانتقامه كبير، وأدعوهم إلى (جهاد النفس) فهو الجهاد الأكبر، فإن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى) فإن النفس تأمرنا بالشر، وتجد من يساعد على انتشاره بيننا من شياطين الجن والإنس. وأقول للشباب: احذروا أن يجرفكم تيار الغضب بسبب ما حكمت به المحكمة الدستورية التى لها كل الاحترام والتقدير، فاحترام القانون واجب شرعى، واحذروا من أعدائنا الحقيقيين المتربصين بنا والمنتظرين الفرصة كى يهجموا علينا ونحن منشغلون بأنفسنا فى معصية الخالق ونحارب أنفسنا بأنفسنا، ونقتل أولادنا بأيدينا، فكيف يكون ذلك؟ ندمر وطننا العزيز علينا، والذى عشنا فيه وتمتعنا بخيره، ولو كان قليلاً، فإن من يقوم بذلك يدٌ غير أيدينا تريد تدميرنا وتحطيمنا والقضاء علينا، ولا يمكن أن تكون هذه اليد يدنا نحن، بل هى يد غريبة علينا، وهذا هو دوركم الحقيقى فى إظهارها والقضاء عليها ومحاربتها، ولا تستمعوا إلى وسوستها فى القتل والضرب، والنهب والسرقة والدمار والخراب والتحكم فى عقولكم لتدميركم فى النهاية، فهى تسعى جاهدة للقضاء عليكم، فجاهدوا أنفسكم، فإن جهاد النفس عظيم، وهو من أصعب أنواع الجهاد، وأقوى من جهاد الدم والمال، فإن النفس الشريرة تدفع صاحبها لأن يقتل ويضرب ويسرق ويفتك بأخيه المسلم دون وجه حق، وعليه أن يجاهد نفسه ويدفعها للخير بدلاً من الشر المنتشر حاليًّا، ونسى الجميع قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه). رواه مسلم، فكيف يستحلون ذلك لأنفسهم وكلنا أبناء وطن واحد؟! خافوا من غضب الله فإن غضبه سيحل علينا جميعًا، فكيف تضحون بأنفسكم وأهليكم وعشيرتكم؟! وفى سبيل من؟! ومن فى مصلحته أن تموتوا؟! أليس هو العدو اللدود الذى يختبئ الآن وراءكم ويترككم تتقاتلون حتى تقضوا على بعضكم وينتصر هو عليكم دون أن يخسر جنديًّا واحدًا أو سلاحًا واحدً؟ حتى الأسلحة تُشترى منه فيروج هو أسلحته الفاسدة ونُقتل نحن على يد بعضنا البعض، وهذه هى خطتهم فى الحرب الجديدة التى أشاروا إليها فى خطاباتهم السابقة، فعودوا إلى رشدكم قبل فوات الأوان، وقبل أن تقتلوا على يد إخوتكم وتبوؤوا جميعًا بغضب الله وتفشلوا وتذهبَ ريحكم. لقد وقف الشعب والجيش سابقًا معكم يؤيدانكم لأنكم كنتم على حق لانتشار الفساد والظلم والرشوة، فأراد الله أن يخلصنا منها وعلى يدكم أنتم، فاصبروا وأعطوا الفرصة لكبرائنا وثقوا فى الله، إنه لن يخذلكم أبدًا، وإن ما هدم خلال ثلاثين عامًا لا يصلح فى سنة أو سنتين، ولا أقول نسكت عن الباطل، لا، بل أعينوا حكامنا واعملوا جاهدين من أجل البناء والتعمير والإصلاح، وقدموا يد المساندة والمساعدة، ولا تقفوا مكتوفى الأيدى، ولا تتركوا الحاكم يحكم وحده مرة أخرى دون محاسبة أو مشاركة فعلية منكم، ولكن بطريقة سلمية كما فعلتم من قبل، ودون إراقة أى نقطة دم، ولا تفسدوا ما قمتم به فى الخامس والعشرين من يناير بكثرة التظاهرات المليونية التى لا تؤتى ثمارها، ويموت خلالها الكثيرون من الأبرياء الشرفاء، فتحققوا لأعدائنا ما يريدون، ولن تجدوا هذه المرة من يساندكم من الجيش أو الشعب كما حدث من قبل، إلا القليل، وحاولوا أن تستمر عجلة الإنتاج مهما حدث، والانتخابات الرئاسية احرصوا على أن تتم فى موعدها، فما هى إلا خطوة على الطريق السليم لإقامة دولة ديمقراطية حرة. وهذا هو دليل تقدمكم ورقيكم، أن تظهروا بالصورة اللائقة أمام جميع الشعوب، فأنتم كنتم قدوة لهم، فاعملوا على أن تظلوا هكذا، ويفخر كل مصرى فى العالم كله بأنه مصرى، ولا تجعلوا أوباما ينتصر عليكم بطريقته الجديدة فى الحرب، والتى أشار إليها فى خطابه الشهير من أن هناك طرقًا أخرى للحرب غير التى نعرفها، ودون أى خسائر من ناحيته، سواء فى الأرواح أو المعدات، وإذا كان يريد أن يحكم العالم كله فليبتعد عن العالم العربى والإسلامى الذى وضعه نصب عينيه، فإن لهم أبناء أشداء يدافعون عنه بأرواحهم ويفدونه بأنفسهم، وهم أضعاف أضعاف من يرونهم الآن فى مصر وحدها، وهذا إذا اتحدوا جميعًا كما قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ منَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم منْهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} آل عمران 103. اللهم اجمع المؤمنين على كلمة سواء واجمع جميع أطياف المجتمع المصرى بكل أحزابه ومذاهبه ودياناته، وألِّف بين قلوبهم وانصرهم على أعدائهم ولا تشمت فيهم عدوهم، وانصرنا على القوم الكافرين.