إقبال الطلاب على ورش مراكز الموهوبين والتعلم الذكي بإدارة شرق الإسكندرية    تراجع أسعار الذهب في ختام تعاملات الأربعاء 26 يونيو    تقرير عبري: إسرائيل مستعدة لمحاولة إضافية من أجل التوصل إلى تسوية في الجبهة الشمالية    انسحاب المرشح قاضي زاده هاشمي من الانتخابات الإيرانية    جورجيا تضرب البرتغال بالهدف الثاني في يورو 2024    بالأسماء.. مصرع وإصابة 9 أشخاص إثر اصطدام سيارتين بالطريق الزراعى بالبحيرة    السيطرة على حريق في محول كهرباء بقنا    كريم عبد العزيز يعلق على ظهوره برفقة الملاكمين جوشوا ودوبوا: الخناقة هنا بمستقبل    مسئول أمريكى يؤكد بأن الجميع لا يريد حربا بين إسرائيل وحزب الله    5 صور ترصد زحام طلاب الثانوية العامة داخل قاعات مكتبة الإسكندرية    جولر يقود تشكيل تركيا ضد التشيك فى يورو 2024    التعليم تعلن نتيجة امتحانات الدور الأول للطلاب المصريين بالخارج    قرار جديد من الداخلية بشأن التسجيل بدفعة معاوني الأمن الجديدة للذكور    تفاصيل عرض برشلونة لخطف جوهرة الدوري الإسباني    على أنغام أغنية "ستو أنا".. أحمد سعد يحتفل مع نيكول سابا بعيد ميلادها رفقة زوجها    "يا دمعي"، أغنية جديدة ل رامي جمال بتصميم كليب مختلف (فيديو)    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    القوات المسلحة تنظم مؤتمراً طبياً بعنوان "اليوم العلمى للجينوم "    صندوق النقد الدولي يقر بتمويل 12.8 مليون دولار للرأس الأخضر    «قطاع الآثار»: فيديو قصر البارون عار تمامًا من الصحة    أزمة جديدة تواجه شيرين عبد الوهاب بعد تسريب 'كل الحاجات'    لماذا يقلق الغرب من شراكة روسيا مع كوريا الشمالية؟ أستاذ أمن قومي يوضح    الرئيس السيسي يوقع قوانين بربط الحساب الختامي لموازنة عدد من الهيئات والصناديق    وزير الرى يدشن فى جنوب السودان مشروع أعمال التطهيرات بمجرى بحر الغزال    "شباب النواب" توصى بصيانة ملاعب النجيل الصناعي في مختلف محافظات الجمهورية    بشرى لطلاب الثانوية العامة.. مكتبة مصر العامة ببنها تفتح أبوابها خلال انقطاع الكهرباء (تفاصيل)    مساعد وزير البيئة: حجم المخلفات المنزلية يبلغ نحو 25 مليون طن سنويا    كيف يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الرحلات الجوية؟.. عطَّل آلاف الطائرات    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    مهرجان فرق الأقاليم المسرحية.. عرض «أحداث لا تمت للواقع بصلة» و«الحضيض» الليلة    منتخب اليد يتوجه إلى كرواتيا 4 يوليو استعدادا لأولمبياد باريس    خبير شئون دولية: فرنسا الابن البكر للكنيسة الكاثوليكية    «مياه كفر الشيخ» تعلن فتح باب التدريب الصيفي لطلاب الجامعات والمعاهد    كيف يؤدي المريض الصلاة؟    بيراميدز يترقب مصير أحمد حجازي مع اتحاد جدة    المشدد 15 سنة لصاحب مستودع لاتهامه بقتل شخص بسبب مشادة كلامية فى سوهاج    اخوات للأبد.. المصري والإسماعيلي يرفعان شعار الروح الرياضية قبل ديربي القناة    «التمريض»: «محمود» تترأس اجتماع لجنة التدريب بالبورد العربي (تفاصيل)    الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي: صرف معاشات شهر يوليو اعتبارا من الخميس المقبل    نجم ميلان الإيطالي يرفض عرض الهلال السعودي ويتمسك بالبقاء في أوروبا    وزيرة البيئة تتابع حادث شحوط مركب سفاري بمرسى علم    الصحة: استجابة 700 مدمن للعلاج باستخدام برنامج العلاج ببدائل الأفيونات    الإعدام لثلاثة متهمين بقتل شخص لسرقته بالإكراه في سوهاج    شديد الحرارة رطب نهارًا.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس غدا الخميس    لجنة القيد بالبورصة توافق على الشطب الإجبارى لشركة جينيال تورز    ختام دورة "فلتتأصل فينا" للآباء الكهنة بمعهد الرعاية    تعيين 4 أعضاء جدد في غرفة السلع والعاديات السياحية    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال يمارس جرائم حرب ضد الإنسانية في قطاع غزة    فحص 764 مواطنا فى قافلة طبية مجانية بقرى بنجر السكر غرب الإسكندرية    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    الأكاديمية الطبية تفتح باب التسجيل في برامج الماجستير والدكتوراة بالمعاهد العسكرية    أحمد فتحي: انسحاب الزمالك أمام الأهلي لا يحقق العدالة لبيراميدز    «حلو بس فيه تريكات».. ردود فعل طلاب الثانوية الأزهرية بقنا عقب امتحان النحو    الجريدة الكويتية: هجمات من شتى الاتجاهات على إسرائيل إذا شنت حربا شاملة على حزب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف الذى نريده

للثقافة العربية أثر مباشر على الأذواق والأفكار والموضوعات لكل فرد من أفراد المجتمع، ولهذا يظهر دور المثقف نحو مجتمعه وبيئته، فهؤلاء المثقفون، باعتبارهم المبدعين، يوزعون ويمارسون الثقافة، فهم ورثة الرهبان والكهنة فى العصر الوسيط وهم الذين حافظوا على قيم المجتمع وثقافته الرمزية، فينتجون، ويجددون فى المجال الثقافى والجمالى والأيديولوجى، فالمعرفة تنتج القوة، أى أنها تتحول إلى سلطة، فسلطة المثقف الحديث تبلورت وتشكلت منذ القرن الثامن عشر وارتكزت على الحقائق التى يبتكرها العلم فى مختلف المجالات: فى الفلسفة والدين والاجتماع، والسياسة والاقتصاد والطبيعة.
والثقافة تعنى الاستقامة وإقامة الإعوجاع، وقد اتسع معنى اللفظ وتعددت مفاهيمه وإطلاقاته لتستقطب كل ما يؤدى إلى الاستقامة فى ميادين الفكر والروح والعقل.
ومن هنا جاءت تلك الشمولية التى لا تعرف حدًّا، والتى تتسع دائرتها، بمقدار قابلية الفكر والعقل والروح للتطور والشمول، والانطلاق.
وإطلاق الفكر فى مجال الحياة هو الوسيلة الكبرى للتثقيف، وذلك هو سر تجدد مفاهيم الثقافة وتطورها وشموليتها.
إن الثقافة هى المظهر الأمثل، لفكر الإنسان، ووجدانه، وتطلعاته فى الحياة، ورغبته الدائمة فى التطور والتميز.
فالثقافة إذن تترجم جهد الإنسان الخلاق المنبعث من الشعور والوجدان، وهى من أجل ذلك ذات منحى كونى، لا تدرك غايته إلا بقبول التنوع والاختلاف على أساس من حرية الفكر، والضمير، واحترام القيم الأخلاقية، والحضارية، لأن الخطأ، والانحراف عن سبيل الحكمة الحق إنما يأتيان - كما يقرر أهل الفكر - من التسلط ونشر الأحكام من المعرفة الزائفة التى لا تقوم على أساس عقلى، كما يأتيان من تحكم العادات المقبولة على علاتها، فى مجال الفكر الخالص.
إن التحولات التى يجتازها العالم المعاصر، سواء فى مجال الأفكار والمذاهب أو فى المجال السياسى والحضارى، تتطلب الوضوح فى الرؤية والشمول فى المعرفة.
الدراسات والكتب والرسائل تناولت المثقف ورسالته من الجوانب المختلفة، الثقافية والسياسية.. وغيرها، ابتداء من صناعة الكتابة التى عليها أن تقطع مع التقاليد فى المعارض والطريقة وباعتباره داعيًا إلى التحديث الاجتماعى والسياسى بفحص، وتمحيص المصادر البديلة، واستخراج الوثائق الدقيقة وإحياء الروايات المنسية والمهجورة معتمدًا على فكر نقدى يحلل بنية المجتمع، ونظام السياسة.
ويرى العالم جرار ليكريك أن وظيفتهم تعود إلى العصور التى شهدت ميلاد الكتابة، والدولة، بحيث تقوم وظيفتهم على إنتاج الخطابات الضامنة لهوية الجماعة، والقيم المركزية السائدة فيها.
أما الفيلسوف غرامشى فيرى أن لكل مجموعة اجتماعية جماعة من المثقفين، وظيفتهم القيام بدور الهيمنة ووسيلة للسيطرة وتحقيق الانسجام داخل المجموعة، وبذلك يتحدد وضع المثقف من خلال المجموعات الاجتماعية التى يخدمها، ومن خلال الدور الذى يقوم به فى السياسية، والصيرورة التاريخية.
المؤرخ جاك لوكوف jacques legoff يقول: فى كتابه: (المثقفون فى العصر الوسيط) إن ظهور أهل العلم والأدب والفن مقترن بنهضة المدن فى أوروبا فى القرن الثانى عشر الميلادى بحيث لم يكن قبل هذا القرن فى الحواضر الرومانية التى كانت مقرًّا للأسقفيات سوى عدد قليل من العوام (laicat) يحيط بهم كهنة أكثر منهم عددًا.. ثم يضيف أنه استجابة لمتطلبات الحواضر الإسلامية من المواد الأولية من الغرب البربرى (أى المتخلف، والمتوحش) نشأت وتطورت مدن جنينية (portas) مستقلة أو متصلة بجنبات الحواضر الكهنوتية غير أن هذه الظاهرة لم تبلغ ما يكفى من الاتساع والانتشار إلا فى القرن الثانى عشر حينما غيرت البنيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى الغرب، لقد أضاف إلى هذه التحولات العميقة تحولات أخرى ثقافية فنتج عن هذه الأنواع من التفتح والنهوض نهضة فكرية.. إذن لم يكن العلم فى أوروبا قبل القرن الثانى عشر خارج الأديرة، وحتى داخل هذه الأديرة، لم يكن يتجاوز استنساخ المخطوطات، ومع نشأة المدن واتساع العلاقات مع العالم العربى الإسلامى بدأت الحياة تنتعش، وبدأ الوعى، بما يحدث من تطور، ثقافى وفكرى، يعبر عن نفسه، وهو شىء جديد (حديث) قوامه الارتباط بعلوم القدماء المتحررة والمتسامحة والمنفتحة، على نقيض علوم الكنيسة.
لقد جاءت المخطوطات العربية إلى الغرب المسيحى بالثقافة اليونانية - العربية وأدت ترجمة المؤلفات العربية إلى خلق وعى جديد، وجيل من المثقفين، كان معاصروهم يسمونهم "المحدثين" (les modernes) ولهذا كانت الرغبة فى النهوض والتجديد، هى التى حركت الهمم بحماس فى الاطلاع على علوم العرب، من أجل سد النقص فى الثقافة الأوروبية اللاتينية، خاصة فى الفلسفة والعلوم. وقد أخد المثقفون الأوروبيون من الثقافة العربية الإسلامية مناهج التفكير التى ستطبع الفكر الأوروبى، وستشكل قوته.
إن اتصال أوروبا بالعرب عن طريق القوافل التجارية كان وراء نشأة المدن ونموها، كما تلقت آثار الثقافة العربية.
ومن كل ما سبق يظهر لنا جليًّا دور المثقف فى الحفاظ على الهوية الأخلاقية لبنى وطنه وخصوصًا الشباب، فأمة بلا تراث وبلا أخلاق ومبادئ وقيم هى فى الظلام والهلاك. فهل آن الأوان لأن يطلع المثقف العربى بدوره الأصيل والثابت نحو مجتمعه وبيئته وأهله.
والخلاصة أن تأثير الثقافة العربية الإسلامية فى القرون الوسطى أدى إلى التغيير فى الروح والخيال العام الذى كانت تسيطر عليه الإمبراطورية الرومانية.. كان أثر الثقافة العربية أثرًا مباشرًا على الأذواق والأفكار والموضوعات والدواعى النفسية والأساليب اللغوية التى تستمد منها الآداب.
إن سلطة المعرفة تتجلى فى الربط بين السياسى والاجتماعى والمعرفى لكى يعطى معنى لمضمون الفكر من خلال تفعيله، وترجمته إلى أفعال، أى واقع مَعِيش، وبمعنى آخر تحويل الأفكار المجردة إلى وقائع اجتماعية وإلى فعل حضارى.
كما أرجو أن نكون على عتبةٍ جديدة من الفهم والوعى لتلك المفاهيم والقيم والمبادئ والتى هى موجودة أصلاً لدى الغرب.
تحياتى لكل من يأخذ بأسباب إرساء القيم والمبادئ فى مجتمعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.