على مدار التاريخ المصرى القديم تعامل المواطنون، مع الفرعون، نسبة إلى الفراعنة، باعتباره إلها، لذلك حرصوا على رسمه على جدران المعابد، وتصويره فى التماثيل الحجرية الضخمة، كأقرب ما يكون إلى الكمال الجسمانى، من حيث القوة، والوقفة، وحتى ملامح الوجه. أما الفرعون الذى ولد من أسرة غير ملكية، وغير إلهية، كما يعتقدون، كانوا يحرصون على رسم مشهد على جدران معبد الفرعون يعرف بالولادة الإلهية، يصورون فيها الآلهة وهى تلد الحاكم، الذى كان من العامة، ثم تحول إلى إله. الفرعون الملك الإله، لم يعد موجودا سوى فى كتب التاريخ، لكن رؤساء مصر الثلاثة السابقين، كانوا أقرب إلى النموذج الفرعونى، الرئيس شبه الإله، وبعد 25 يناير بات التصور السائد لدى المصريين أنه لا يمكن العودة مرة أخرى لنماذج الحاكم على طريقة عبد الناصر والسادات ومبارك، وبالتالى فإن مصر تبدأ عصرا جديدا للحاكم المواطن. تأملت صور وملصقات ولافتات المرشحين لأعرف كيف يفكر كل مرشح من صورته التى يضعها، فاكتشفت أن من بين المرشحين ثلاثة فراعنة صغار، أو مرشحين تحولوا إلى فراعنة فى صورهم، وهم عمرو موسى فى لافتاته الكبيرة، أوت دور، وحمدين صباحى فى الأوت دور أيضا، ثم أبو الفتوح فى الدفعة الأخيرة من الملصقات التى تغطى مختلف الشوارع. ينظر موسى وصباحى فى الأوت دور إلى الأعلى ويرفعان رأسيهما فى شموخ، بنفس الطريقة التى كان يرسم بها المصريون القدامى فراعنتهم، أما أبو الفتوح الذى سوق نفسه باعتباره المرشح الوسطى، فقد استبدل ملصقه الانتخابى الذى كان يظهر فيه بالمواجهة، ويبدو على وجهه التواضع بملصق آخر ينظر فيه إلى الأعلى وليس للمواطنين. صورة موسى ليست جديدة على شخصيته، فهو من النوع النرجسى المغرم بنفسه، وحين كان وزيرا للخارجية وأمينا عاما للجامعة العربية، ما كان يتردد فى الرد بحدة على أى صحفى لا يعجبه السؤال الذى يوجهه له. أما صباحى فهو يضع صورة له شبيهة بالصورة الرسمية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى الستينات، علما بأن ناصر استبدل صورته هذه بعد النكسة، بصورة أكثر إنسانية. أبو الفتوح حدث له تطور كبير فى الشخصية عكسه تغيير صوره الملصقة فى الشوارع، ربما لأنه وقع فى نفس الخطأ الذى ارتكبه الإخوان بعد الفوز بأكثرية مجلسى الشعب والشورى، حيث انتابتهم حالة من الغرور أفقدتهم الكثير من الجماهير التى تعاطفت معهم فى الانتخابات النيابية، أبو الفتوح ارتكب نفس الخطأ فبعد دعم السلفيين والجماعة الإسلامية وحزب الوسط، وبعض الثوريين والليبراليين تصور أنه حسم الانتخابات لصالحه وبدأ يتكلم باعتباره رئيس مصر القادم، وبالتالى غير صورته إلى صورة ينظر فيها للسماء وليس للمواطنين. لو تمعن المصريون جيدا فى صور مرشحى الرئاسة سيدركون من هو قابل للفرعنة؟.. ومن هو الرئيس الفرعون؟.. ومن هو الرئيس المواطن؟.. فلا تنتخبوا فراعنة بعد ذلك.