ما يحصل الآن في غزة من تدمير مُمنهج لكل مظاهر الحياة ومقوماتها، وارتكاب جرائم حرب ومجازر في حق سكان القطاع، وتقديمه على أنه إنجاز او مكسب من مكاسب تلك الحرب أمر غير منطقى وتحدٍ سافر للقوانين الدولية والشرعية الدولية حتى لو كانت تتعامل بازدواجية المعايير، ورغم ذلك هناك عدة أمور تتكشف فى ظل إصرار نتنياهو على اجتياح رفح الفلسطينية. وأعتقد أن إصرار نتنياهو على القيام بعملية عسكرية برية في مدينة رفح الفلسطينية، وباتباع سياسة المراوغ فى التفاوضات، يأتي من منطلق عدة أمور، أولها في إطار التكتيك أو بامتلاك ورقة ضغط على حماس لقبول شروط إسرائيل لإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين. الأمر الثانى الذي يريده نتنياهو، تفتيت الصراع الدائر الآن وتشتيت انتباه الرأي العالمى عما يجرى فى قطاع غزة من شماله إلى جنوبه وصرف النظر عن الموت بسبب التجويع وأعمال الإبادة الجماعية. والأمر الثالث يأتي في إطار "الخدعة" ليقول في المستقبل، إن السبب وراء عدم قدرة إسرائيل على هزيمة حماس بالكامل كان نتيجة معارضة الولاياتالمتحدة لغزو برى في رفح خاصة أن لم يحقق أي من أهدافه من الحرب رغم وصول الضحايا إلى 35 ألف شهيد ومائة ألف مصاب وجريح، ومرور أكثر من 200 يوم على بدء الحرب. الأمر الرابع، يأتي في إطار ضمان البقاء والهروب للأمام باتباع ما سبق وبالتصعيد بفتج جبهات مع حزب الله، وبالتصعيد مع إيران بقصف القنصلية الإيرانية ثم التنسيق وفقا لقواعد الاشتباك مع إيران بهدف النجاة من العزلة الدبلوماسية عالميا وتشكيل تحالف استراتيجي ضد إيران، وإشغال مجلس الأمن في إدانة إيران بدلا من مناقشة وقف إطلاق النار في غزة. لكن تأت الرياح بما لا تشتهى السفن، فما يحدث الآن يؤكد خسارة نتنياهو قادمة لا مُحالة في ظل تزايد حدة الانقسامات الداخلية في إسرائيل واستقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية والحديث عن استقالات أخرى قريبا، وتصاعد حدة التظاهرات في الشارع الإسرائيلي والانتقال من مستوى المطالبة بصفقة المحتجزين إلى إسقاط حكومة نتنياهو، وكذلك تصاعدة حدة الانقسامات في الخارج بسعى دول أوروبية بالاعتراف بفلسطين بشكل أحادى، وكذلك تصاعدة حدة التظاهرات في عدد من الجامعات الأوروبية والأمريكية واعتصام الطلاب ما أدى كل هذا إلى زيادة الضغوط العالمية خاصة بعد اكتشاف المقابر الجماعية في غزة. وأخيرا.. كل الدلائل والمؤشرات تؤكد أن خسارة نتنياهو قادمة لا مُحالة، لكن علينا الحذر والانتباه بأن نأمن من حدوث خداع استراتيجى تقوده الولاياتالمتحدة خاصة أنه بدت ملامحه تظهر وتتضح بزيادة حالة النفاق، حيث تصريحات تدعو إلى ضرورة إقامة دولة فلسطينية ودعم جهود التفاوض، ومن جهة أخرى موافقات للكونجرس بإرسال القنابل والأسلحة وتخصيص مليارات الدولارات لإسرائيل، والعجز في الضغط على إسرائيل في تسهيل إدخال المساعدات عبر المعابر البرية الأسهل والأسرع، وترك نتنياهو يُنفذ مخططات التهويد في القدس والتوسع في الاستيطان بالضفة الغربية وعمليات الإبادة في القطاع، وهو ما يجب أن ندركه ويدركه معنا المجتمع الدولى بدعم كل الجهود لتنفيذ المقترح المصرى للوصول إلى إنهاء الحرب.