سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية: الانتهازية والطموح الأعمى وراء ترشح عمر سليمان فى الانتخابات الرئاسية.. استبعاد أن يكون سليمان هو مرشح الجيش فلديه قاعدة سلطة مستقلة عن وزارة الدفاع
وصف مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية ترشح عمر سليمان لانتخابات الرئاسة بأنه واحد من أكثر التطورات التى لم تكن متوقعة فى مصر ما بعد مبارك. وقال المجلس فى تقرير كتبه ستيفين كوك، الخبير بشئون مصر والشرق الأوسط بالمجلس، إن آخر مرة سمع فيها الناس سليمان أو شاهدوه كانت عندما ألقى خطاب تنحى مبارك فى 11 فبراير 2011، المكون من 41 كلمة وصل بها حكم مبارك الذى استمر حوالى 30 عاما إلى نهاية مخزية، ومنذ هذا تحول "عمر" باشا إلى شبح. ويتابع التقرير قائلاً: فى اللحظات المحيرة والارتباك الكبير بعد هروب مبارك إلى شرم الشيخ، كانت هناك افتراضات بأن مدير المخابرات السابق والذى شغل لمدة أسبوعين منصب نائب الرئيس، سيأخذ مقعدا فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لكن هذا لم يحدث. وظهر لفترة وجيزة للغاية أثناء محاكمة مبارك. وفى تحقيق سابق للمحاكمة، قال سليمان للنيابة عن الرئيس السابق عرف بكل طلقة أطلقت أثناء الثورة، (الكثير من الولاء، كما يقول كوك). ومنذ ذلك الحين، تواجد سليمان فى منزله بهليوبليس. وكانت هناك شائعات فى أواخر الخريف وأول الشتاء الماضى بأنه عاد إلى العمل فى مقر المخابرات العامة لدعم خلفه الجنرال مراد موافى فى الملف الإسرائيلى الفلسطينى. وربما كان هذا نوعا من التمنى من جانب الفلول، ودليل على أنه من الممكن أن يعودوا برغم هزيمتهم. ووصف المجلس ترشح سليمان بالتحول الدراماتيكى الذى جاء فى أسبوع ملىء بالدراما بعدما أعلن الإخوان المسلمين ترشيح خيرت الشاطر، القيادى رقم اثنين بها والذى يعد أقوى رجالها فى مصر ما بعد مبارك، وبعد الجدل الذى أثير حول جواز السفر الأمريكى لوالدة المرشح السلفى حازم صلاح أبو إسماعيل. غير أن ظهور سليمان طغى على كل شىء، وبدأت على الفور التخمينات والشائعات والنظريات التى تحاول فهم من وراء ترشح سليمان وماذا يخفى. ويشير كوك إلى العديد من التفسيرات لأسباب ترشح عمر باشا كما يسميه. التفسير الأول، ويحذر الكاتب قبل سرده فى أن الكثير من المصريين لا يؤمنون به لكنه سمعه وقرأه ولذلك فهو يستحق الانتباه. ويذهب هذا التفسير على القول بأن عمر سليمان هو حل الإخوان المسلمين للمشكلة التى يواجهونها، فالإخوان لم يتوقعوا كم الانتقادات الداخلية والخارجية التى تعرضوا لها بعد إعلانهم ترشيح خيرت الشاطر، وأضرموا نوعا من الاتفاق مع سليمان وحسبوا أن مدير المخابرات السابق سيفوز. وهذا سيريح الإخوان من المسئوليات ومخاطر السيطرة على البرلمان والرئاسة وربما الحكومة، ويعتمد هذا التفسير على حقيقية أن سليمان أثناء الثورة سعى إلى التفاوض مع القيادة العليا للإخوان ليس الثوار. وعلى الرغم من أن تواصل سليمان مع الإخوان خلال الأيام الثمانية عشر للثورة أظهر عدم قدرته على فهم الديناميات السياسية لتلك اللحظة، إلا أنه كان تقييما دقيقا بشكل مدهش لجماعة ستلعب دورا مهما فى مستقبل مصر. لكن يبدو أنه ليس من المرجح أن يسعى الإخوان إلى حل لمشكلاتهم السياسية بالاتفاق مع سليمان. التفسير الثانى أن ترشيح سليمان يمثل محاولة من المخابرات للتفوق فى مرحلة ما بعد مبارك. وهذا ليس مجرد احتمال، فهو أمر معقول تماما. فمن المهم أن نتذكر أنه خلال الثورة والعملية الانتقالية والمظاهرات فى الشوارع اقتربت أحداث العنف من وزارتى الداخلية والدفاع المتنافستين بطبيعة الحال. ولا تزال المخابرات العامة والعسكرية، فاعلة. وبطرق كثيرة، فإن الغموض فى مصر بعد الثورة بيئة يمكن أن ينشط فيه العملاء الذين هم على دراية جيدة بفنون التلاعب السوداء والخداع والترهيب. التفسير الثالث، كما يشير المجلس الأمريكى، هو أن عمر سليمان مرشح المجلس العسكرى، فهو ضابط جيش حارب فى اليمن وفى سيناء فى عامى 1967 و1973. وما قاله خلال محاكمة مبارك يدل على أنه ماهر سياسيا يحترم المجلس العسكرى، لكنه ترك الجيش فى ورطة. وهذا يتناقض بشكل صارخ مع ما قاله الرئيس السابق قبل المحاكمة بأن الجيش هو المسئول عن الأحداث فى مصر بدءا من 28 يناير أو جمعة الغضب. والأكثر أهمية أنه لو أراد الجيش أن يقدم شخصية عسكرية ذات خبرة سياسية، وربما تحظى بتأييد شعبى وتاريخ فى إبقاء الإسلاميين فى أماكنهم، فإن عمر سليمان هو خيارهم الوحيد. لكن كوك يعترض على نظرية أن سليمان هو مرشح الجيش، ويقول إنه على الرغم من أن سليمان ضابط لكنه لم يرتد الزى العسكرى منذ عقود، ولم يكن موجودا فى التسلسل القيادى، وترك المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإن كان هذا الأمر يعد ميزة سياسية. كما أن هناك شائعات بأن ضباط الجيش استهدفوا سليمان فى محاولة اغتيال فاشلة أثناء الثورة. ورغم أن سليمان من الجيش وسيحمى مصالحه، إلا أنه يبدو أن لديه قاعدة من السلطة مستقلة عن وزارة الدفاع ولا يستطيع الجيش السيطرة عليه ولدى سليمان ملف عن كل عسكرى ابتداء من حاملى رتبة العقيد إلى المشير. وينهى المجلس تقريره بالقول إن أفضل تفسير لترشح سليمان هو الطموح الأعمى والانتهازية. فهو شخص يختلف إلى حد ما عن الرسوم الكاريكاتورية التى تقدم عنه، فهو أكثر عمقا فى السياسة الخارجية أكثر مما يتكهن البعض. ولولا التغيير الذى حدث على مدار الأشهر الخمسة عشر الماضية، لم يكن ليحدث تغييرا كبيرا فى السياسة الداخلية، فكان مسئولا جزئيا عن الاستقرار الذى حدث فى 18 عاما من حكم مبارك الذى استمر لمدة 29 عاما. ويعتقد سليمان بلا شك أنه يستطيع أن يعيد الاستقرار والأمن لشوارع مصر، ويحقق الانتعاش الاقتصادى. لكن يبدو أن كثيرا من المصريين رفضوا أساليب عمر باشا.