يبدو رجل الأعمال الثرى ميت رومنى المرشح الأوفر حظا للفوز فى انتخابات الحزب الجمهورى لاختيار مرشح لاقتراع الرئاسة فى الولاياتالمتحدة فى نوفمبر، لكن طموحات هذا السياسى المعتدل ما زالت تصطدم بتصلب الجناح اليمينى فى حزبه. ورومنى (64 عاما) الذى فاز فى انتخابات "الثلاثاء الكبير" فى ست ولايات، هو ابن حاكم جمهورى سابق لولاية ميشيجن، بدأ حياته السياسية متأخرا، فبعد حصوله على شهادة ماجستير فى إدارة الأعمال وإجازة فى القانون من جامعة هارفرد، أسس فى بوسطن شركة استثمار اسمها "باين كابيتال" سمحت له بجمع ثروة شخصية تقدر بمئات ملايين الدولارات، ولم تكن تجربته الأولى فى السياسة ناجحة حيث حاول بدون جدوى عام 1994 الفوز بمقعد إدوارد كينيدى فى مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس (شمال شرق). تولى رومنى منصب حاكم ماساتشوستس بين 2002 و2006، إلا أنه واجه فشلا سياسيا ثانيا كبيرا عام 2008 عندما هزمه جون ماكين فى معركة الفوز بالترشيح الجمهورى للانتخابات الرئاسية، إلا أن هاتين الهزيمتين السياسيتين لم تنالا من تصميم هذا السياسى المورمونى، الذى عرف بالمثابرة منذ 1966 عندما توجه الى فرنسا كمبشر لكنيسته، وقد قضى هناك ثلاثين شهرا درس خلالها الكتاب المقدس والفرنسية وجال على المنازل مع شركائه فى المعتقد محاولا إقناع الفرنسيين باعتناق ديانته ولم تضعف عزيمته حين لم يلق أى تجاوب بل تعلم الإصرار والمتابعة. وبعد أربعة عقود ترتب عليه إقناع الناخبين الأمريكيين، خاصة خصومه المحافظين الذين أخذوا عليه إقراره نظام ضمان صحى فى ماساتشوستس يشبه تماما الإصلاح الذى فرضه باراك أوباما عام 2009 على الصعيد الوطنى، ودافع ميت رومنى عن نفسه موضحا أن ما يناسب ولاية معينة لا ينطبق بالضرورة على مجمل البلاد، وأن أول قرار يتخذه فى حال وصوله إلى سدة الرئاسة سيكون إلغاء إصلاح أوباما. ويعتبر وصفه بالمعتدل عائقا أمامه فى حملة جمهورية تجنح إلى اليمين، كما أن إيمانه المورمونى لا يقنع المسيحيين الإنجيليين الذين يشكلون شريحة كبيرة من الناخبين المحافظين. ويتمتع رومنى بمظهر جذاب بقامته الطويلة وقسماته المتناسقة وشعره الأشيب عند الصدغين، إلا أنه غالبا ما يواجه انتقادات لافتقاره إلى العفوية فى الكلام ما يجعله يظهر وكأنه يردد درسا حين يتكلم إلى الناخبين، وقد أطلق آلة انتخابية قوية تملك احتياطيا وافرا من الأموال وهو يتسلح بنجاحه كرجل أعمال بقى مساره المهنى بعيدا عن أروقة السلطة فى واشنطن التى يمقتها الناخبون الجمهوريون. وتؤكد سيرة رومنى الرسمية أنه "لم يمتهن السياسة وقضى القسم الأكبر من حياته فى القطاع الخاص، ما أكسبه معرفة وافية لتفاصيل عمل اقتصادنا"، وهو يتذرع بخبرته ليطرح نفسه فى موقع المرشح الوحيد القادر على هزم باراك أوباما الذى ينتقد سياسته الاقتصادية بشدة. وكان رومنى حسن صورته بإنقاذه دورة الألعاب الأولمبية الشتوية فى سولت لايك سيتى (أوتا، غرب) بعدما كانت مهددة بالفشل نتيجة سلسلة من الأخطاء الإدارية، وحوله نجاح هذه الألعاب إلى بطل سواء فى أوتا حيث مقر الكنيسة المورمونية أو فى ولايات أخرى مثل ماساتشوستس. وأثرت سلسلة هفوات سلبا على صورة رومنى مؤخرا لا سيما بعدما أعلن فى مقابلة مع شبكة "سى إن إن" بأنه "ليس قلقا على الأكثر فقرا فلدينا نظام حماية هنا وإذا كان بحاجة لإصلاح فسأقوم بإصلاحه". وحرص المرشح على تصويب مواقفه. وقال لشبكة تليفزيون محلية فى نيفادا "أسأت التعبير عن رأي. حين نعطى آلاف المقابلات يحصل فى بعض الأحيان أن نخطىء وأن نعبر خطأ، هكذا بكل بساطة".