سعر الدولار اليوم الاثنين أمام الجنيه في البنوك المصرية بالتعاملات المسائية    «الإسكان»: الطرح الجديد في نوفمبر المقبل يغطي جميع المحافظات بمقدم 20%    اقرأ في عدد الوطن غدا.. رئيس الوزراء: تحسين مستوى الخدمات لتعظيم استفادة الطلاب من مخرجات التعلم    أول تعليق من البيت الأبيض بشأن تسريب وثائق «الرد الإسرائيلي» على إيران    عاجل| استبعاد 5 لاعبين من تشكيل الأهلي في نهائي السوبر المصري.. عودة الفدائي    «الأرصاد» تكشف حالة الطقس غدا: رياح وأتربة وانخفاض درجات الحرارة    قطار العياط يدهس طفلين والأهالي يحرقون "غرفة الحارس" ويعطلون حركة القطارات    قبل حفلها بمهرجان الموسيقى العربية.. 7 معلومات عن الفنانة حنين الشاطر    3 أبراج منحوسة في شهر نوفمبر المقبل.. ونصائح لتلاشي الحظ السيء    هل الإفراط في تناول القهوة يضر بصحة الكبد؟    أحمد موسى: الكيان الصهيوني ركع أمام البحرية المصرية منذ 57 عامًا    «عاوزني أطلق عشان يتجوزني».. وعضو «العالمي للفتوى»: المفتاح معاكِ (فيديو)    إبراهيم دياز يشارك فى مران ريال مدريد الأخير قبل قمة بوروسيا دورتموند    دوي انفجار في تل أبيب الكبرى بدون صافرات إنذار    لابيد لسفير الاتحاد الأوروبي: حظر الأسلحة على إسرائيل "لا يغتفر"    أمين تنظيم الجيل: الاحتلال يوهم المجتمع الدولي وعمليات قصف المدنيين بغزة مستمرة    وكيل النواب يعلن تلقي إخطارات من الأحزاب باختيار ممثلي الهيئات البرلمانية بالمجلس    تصنيف الاسكواش.. علي فرج يحافظ على الصدارة ومصطفى عسل وصيفًا    الشباب والرياضة تفتتح عددا من المعسكرات المجمعة بشمال سيناء    "قوى النواب": قانون العمل يهم الملايين ونحرص على توافقه مع المعايير الدولية    ندوة بعنوان "أسرة مستقرة تساوى مجتمع أمن" بجامعة عين شمس.. الأربعاء المقبل    محافظ الوادي الجديد يتابع أعمال رفع كفاءة الطرق الداخلية بالخارجة    تقديم خدمات طبية وبيطرية خلال قافلتين سكانيتين بالبحيرة    مفتى الجمهورية يستقبل مدير مركز التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا    عبدالرحيم علي: قراءة ما يدور في رأس نتنياهو يجعلنا نفهم طبيعة الصراع الحالي    ضمن أنشطة "بداية".. الثقافة تنظم قافلة لاكتشاف مواهب المدارس بالمنيا    حلقات مصورة عن ما حققه على مدار سنوات.. فاروق حسني حامي الثقافة والتراث |تقرير    محافظ الغربية ومدير الأمن يتابعان السيطرة على حريق مصنع بكفر الشوربجي.. صور    رد مفحم من الشيخ رمضان عبد المعز على منكري وجود الله.. فيديو    دعاء الأرق الصحيح .. روشتة شرعية تجعلك تنعم بهدوء وسكينة    الموافقة على تقنين أوضاع 293 كنيسة ومبنى تابعا    مشاركة صحة البحيرة في المؤتمر الدولي الثاني للصحة والسكان والتنمية البشرية    ماذا يحدث لجسمك عند الإفراط في تناول المكملات الغذائية؟    قرار عاجل من محافظ الغربية بشأن حريق مصنع بلاستيك (تفاصيل)    ما حكم تعديل قبلة المسجد حسبما حدد مهندس الأوقاف؟    استشارية صحة: النسخة الثانية من مؤتمر للسكان تمثل الإطلاق الحقيقي ل"بداية"    فصائل فلسطينية تعلن مقتل محتجزة إسرائيلية في شمال قطاع غزة    منها «قاسم والمكنسة».. أشهر نوات تضرب الإسكندرية فى 2024    الجامع الأزهر يستقبل رئيس دائرة الثقافة بأبو ظبي    ضمن «بداية».. تنظيم بطولة كاراتيه للمرحلتين الإعدادية والثانوية بالمنوفية    موعد مباراة الأهلي والزمالك في نهائي كأس السوبر المصري    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم أتوبيس وسيارة على كورنيش الإسكندرية    استشاري: الدولة نجحت في القضاء على فيروس سي بتوجيهات القيادة السياسية    هيئة الاستثمار تبحث مع وفد اقتصادي من هونج كونج فرص الاستثمار بمصر    سيطرة مصرية على المشاركة في تحدي القراءة العربي.. وجوائز العام 11 مليون درهم    الحكومة تكشف حقيقة خفض "كوتة" استيراد السيارات بنسبة 20%    12 نافلة في اليوم والليلة ترزقك محبة الله .. 4 حان وقتها الآن    الصحة: 50% من الأفراد يستفيدون من المحتوى الصحي عبر الدراما    ناقد رياضي: على «كهربا» البحث عن ناد آخر غير الأهلي    إيهاب الخطيب: الأسهل للأهلي مواجهة الزمالك في نهائي السوبر المصري    أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء عامل حياته شنقا من مسكنه في المنيرة الغربية    وزيرة التضامن الاجتماعي تبحث مع سفير قطر بالقاهرة تعزيز سبل التعاون    ضربات روسية على خاركيف.. ووزير الدفاع الأمريكي في كييف للمرة الرابعة    مدبولى خلال جولته بمدارس كرداسة : نتأكد من تطبيق الإجراءات على أرض الواقع لتحسين مستوى العملية التعليمية بمختلف مراحلها    أهلي جدة في مهمة صعبة أمام الريان بدوري أبطال آسيا    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    «دوائر مغلقة» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم    تعليق مثير للجدل من نجم الأهلي السابق بعد تأهل الأحمر لنهائي كأس السوبر المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسوان.. هنا بلد التسامح والثروات المنهوبة.. النوبة .. حلم العودة إلى بلاد الذهب ولو بعد حين

أسوان محافظة تتميز بخصوصية شديدة عن سائر محافظات الصعيد، حيث تتراجع فيها قوة السلاح أمام طبيعة بشرية مسالمة لا تعرف العنف أو تغليب العرقِ على الحق، يندرج أبناؤها من مشارب ثقافية متعددة فينشأوا مختلفين فى سلم، متنازعين فى صمت.
هى المدخل الجنوبى لمصر، تمتد أوسوان طوليًا على ضفاف نهر النيل، حتى تلامس أطراف دولة السودان جنوبًا، وأطراف محافظة الأقصر شمالاً، وتتميز المحافظة ذات البشرة السمراء بتنوع ثرواتها، فبالإضافة إلى المخزون الحضارى الذى يتمثل فى معابد وآثار فرعونية متناثرة يمينًا ويسارًا تجعل العمل بالسياحة المورد الرئيس لدخل كثير من السكان، تمتلك أسوان أراضى زراعية خصبة تنتج أنواعًا مختلفة من الخضروات والفاكهة، كما تحوى جبال المحافظة ومحاجرها ثروة معدنية هائلة ومتنوعة، وفضلاً عن كل هذا تُعد بحيرة ناصر من أفضل أماكن صيد الأسماك فى مصر.
هذا التنوع، جعل من أسوان مطمعًا لناهبى الثروات الذين انتشروا فى ربوع مصر كالسرطان فى عهد النظام السابق، وهو ما خلّف فى كل قطاع من القطاعات المذكورة مجموعة من الأزمات يعانيها أبناء المحافظة التى ذهبت خيراتها لحفنة من الأثرياء، لكنّ الأزمات التفصيلية على كثرتها تتوارى أمام أزمة أخرى تتصدر لائحة الأزمات فى أسوان منذ زمن بعيد وهى أزمة النوبة التى بدأت بتهجير أهلها من قراهم على ضفاف النيل أربع مرات فى أعوام 1902 و1912 و1933 و1964 ويسعى النوبيون، رغم مرور أكثر من نصف قرن على هجرتهم الأخيرة، للعودة إلى منازلهم مجددًا ويفتتحون كل يوم فصلاً جديدا فى قضيتهم رافضين التدويل أو الاستقواء بالخارج، التسامح الذى يشتهر به أبناء أسوان - لم يقوَ على الوقوف أمام نيران الفتنة الطائفية التى اشتعلت مؤخرًا فى قرية الماريناب بإدفو، وإلى الآن ما زال الجرح غائرًا فى صدور أبنائها فى رحلة أسوان أيضًا، ذهبنا إلى هؤلاء المنقبين عن الذهب بأيديهم بوادى العلاقى أقصى جنوب مصر، حيثُ شباب متعلمون يعملون فى الرعى والتنقيب عن الذهب ويطالبون الحكومة بتقنين التنقيب كما الحال فى السودان.
النوبة قضية، تأبى ملامحها أن تطمس بمرور الوقت، تضرب جذورها أعماق التاريخ، يتوارث أبناؤها جينات أقدم حضارة عرفتها البشرية، ويحلمون بالعودة إلى بلادهم مهما طال الزمن وتعددت الهجرات.
فى 1902، كان الفصل الأول من قصة تهجير أهالى النوبة من منازلهم على ضفاف النيل، وقتها قررت الدولة بناء خزان أسوان الذى ترتب على تشييده غرق بعض القرى النوبية، أمّا الفصل الثانى فكان فى 1912 حين حاولت الحكومة تطوير الخزان ونتج عن ذلك غرق عشر قرى نوبية، وتكرر الأمر ذاته عام 1933، ثم جاء الفصل الأخير ليشهد الهجرة الرابعة لأبناء بلاد الذهب وكان ذلك فى 1962 أثناء بناء السد العالى.
هنا انتهت فصول القصة الأولى، قصة شعب يمتلك حضارة يفتخر بها ويموت دونها، قررت أنظمة سياسية تهجيره - دون تعويض فى الغالب - ونقله إلى مواطن أخرى متفرقة، وبدأت قصة أخرى تروى محاولات أبناء النوبة فى العودة إلى منازلهم مجددًا، تلك المحاولات التى اصطدمت بعقبات كثيرة يحاولون اجتيازها كل يوم.
يُفند أبناء النوبة، فى هذا التقرير، كل الاتهامات التى وُجهت لهم من الأنظمة السياسية السابقة والتى كانت سببًا رئيسيا فى رفض إعادة توطينهم على ضفاف النيل، ثم يقومون بالرد عليها مؤكدين أن كل الاتهامات «مجرد وهم» اختلقته أنظمة سياسية «هشّة» لم تعرف معنى الحضارة أو التاريخ وحكمت البلاد بعقلية أمنية غاشمة.
نقطة الاشتباك الأولى فى الملف النوبى ترتبط بتمسك أبناء هذه الحضارة بتقاليدهم إلى درجة تصعب معها محاولات إذابة الهوية، فأبناء النوبة يُشرّقون ويُغرّبون، ويخالطون بشرًا مختلفة ألسنتهم ولهجاتهم وعاداتهم لكنهم لا ينسون لغتهم، إلا فى حالات نادرة وشاذة، وتسبب هذا الأمر فى أرق شديد للأنظمة السياسية فى مصر «عهد عبدالناصر ومبارك» خاصة فى ظل العقلية الأمنية التى تعامل بها النظام السابق مع هذا الملف وتخوفه الشديد من أن تندمج نوبة مصر مع شقيتها فى السودان ويقوما بإنشاء دولة موحدة.
يُعلق هانى يوسف الناشط السياسى النوبى على هذا الأمر بقوله: «الاعتزاز بالهوية والحضارة ليس عيبًا وليس مبررًا للخوف من أهل النوبة كما كانت تردد الأنظمة السابقة إذ كانت تصور أن النوبيين يريدون الحياة فى عالم مستقل والانفصال اجتماعيًا عن مصر، كل هذا الحديث غير صحيح على الإطلاق» وأضاف: «الاعتزاز بالانتماء للنوبة هو اعتزاز بالانتماء للوطن، لأن حضارة النوبة هى أصل الحضارة المصرية».
ويتعجب يوسف من ترديد البعض وجود اختلاف فى الثقافة وبعض العادات داخل الوطن الواحد يؤدى إلى الفرقة قائلاً: «هذا كلام عار من الصحة، لا منطق لمن يرددونه، ولو نظروا إلى دولة مثل الهند لرأوا العجب من كثرة المذاهب والعادات والديانات والتقاليد ورغم ذلك متعايشون معًا، بل على العكس تمامًا فإن الاختلاف الثقافى يثرى المجتمع ويعدد مشارب ومناهل أبنائه».
ويضيف محمد عبدالباسط، ناشط نوبى: «الحضارة النوبية أصل الحضارات، وإن تعارضت مع غيرها فهل يُترك الأصل أم الفروع التى نبتت لاحقًا، من يتحدث عن الهوية النوبية يجب أن يعلم مسبقًا قيمة هذه الحضارة وأبعادها الإنسانية والاجتماعية والتاريخية ثم يتكلم».
من الأسباب الرئيسية لرفض إعادة توطين أهالى النوبة على ضفاف النيل هو - على حد قول مسؤولين رسميين - الضرر البيئى الذى قد ينتج عن التوطين واحتمالات تلويث مياه النيل.
ويستفز الحديثُ عن تلويث النيل جموع النوبيين، ولا يعتبرونه إساءة لهم فحسب بل طعنا صريحا فى علاقتهم بالمكون الرئيسى لثقافتهم والسبب المباشر فى حياتهم، وفى ذلك يقول طارق منير، أحد القيادات النوبية: «آباؤنا كانوا يعبدون النيل، فكيف نُلوثه؟.. من يردد أن هناك مخاطر أو أضرارًا بيئية ستترتب على تواجدنا على ضفاف النيل أو قريبًا منه عليه أن ينظر إلى القرى النوبية المتواجدة حاليًا على ضفاف النيل ولم تتهدم أو يُرحل سكانها ك«غرب سهيل» سيجدها أكثر القرى حفاظًا على مياه النيل».
أقسى اتهام يوجه لأى مصرى هو محاولة الاستقواء بالخارج من أجل الوصول لحقوقٍ ولو كانت مشروعة، وأهالى النوبة متهمون من أنظمة سابقة ولاحقة بأنهم يسعون لتدويل قضيتهم بشتى الطرق لإرغام الدولة على قبول مطالبهم.
«أولُ من دوّل القضية النوبية هو جمال عبدالناصر، هذه حقيقة تاريخية يجب ألا ننساها» بتلك الكلمات بدأ هانى يوسف حديثه عما يتردد عن لجوء النوبيين لتدويل قضاياهم وانتزاع أحكام دولية ضد الحكومة المصرية.
وفسر يوسف حديثه «حين قام عبدالناصر ببناء السد العالى وقرر تهجير سكان النوبة استعان بمنظمات دولية عالمية للمساعدة فى تهجيرنا لأن مصر وفقًا لما تردد آنذاك لم تكن تمتلك القدرة على نقل أبناء النوبة ولا إنقاذ المعابد المتواجدة فى تلك المنطقة من الغرق، هذا بالإضافة إلى أن الحكومة المصرية هى من استعطفت الفاو لمنحها منحة لبناء قرى للنوبة».
وأضاف محمد حلمى، مرشد سياحى: لم يكن التدويل واردًا على أجندتنا على الإطلاق، لكن الحكومات بكثرة استفزازها لأهالى النوبة وظلمهم البيّن لهم يدفعوننا نحو التدويل، ونحن نعلم أننا إذا رفعنا قضية فى محكمة دولية سيكون الحكم فى صالحنا لكننا لا نريد هذا الأمر، نريد فقط عودة حقوقنا إلينا ولا نريد أن يدفعنا أحد إلى التقدم بطلب لإنشاء حكومة نوبية.. من يتحدث دائمًا عن التدويل هو من يريدنا أن نسير فى هذا الاتجاه.
أثناء تواجدنا فى أسوان قال لنا مصدر رسمى، - طلب عدم نشر اسمه - إن من أكبر أزمات القضية النوبية أنها بلا قائد، ففى الصباح تجد شخصًا يطلب أشياءً، وفى المساء تجد آخر يطلب أشياءً أخرى، وفى اليوم التالى يفاجئك ثالث بأنه أصبح زعيمًا للقضية النوبية ويطالب بأشياء جديدة.
ومطالب النوبيين - وفقًا لهذا المصدر - ترتفع سريعًا وتصل إلى حدود ربما تكون غير معقولة وغير منطقية على الإطلاق، وهذه أمور تعود بالضرر على القضية النوبية إذ لو توحدوا خلف قائد أو اثنين سيكون الأمر أفضل حالاً وستعرف الحكومة مع من تتعامل.
هذا الاتهام استفز محمد عبدالباسط من أهالى غرب سهيل فقال «كل قيادات النوبة التى ظهرت لتتكلم عن قضيتنا أيام مبارك كانت صنيعة الحزب الوطنى سواءً حجاج أدول أو مسعود هركى أو غيرهما، وكان الحزب يضع لهم حدودًا معينة للحديث لذلك فهم لا يعبرون عن القضية وأما قضية تعددهم فهى متعمدة حتى يُقال إن النوبة مطالبها متعددة ومتشعبة.
فور عرض أسماء القيادات النوبية التى رشحها لنا المصدر الرسمى ووصفها بأنها معتدلة وستمنحنا معلومات دقيقة عن القضية النوبية تفاجأنا بغضب عارم بين شباب وشيوخ جمعية منشية النوبة فالأسماء كلها «فلول» على حد قول أبناء النوبة.
وعلى ذلك تُعلق سهام بهلول، أمين مساعد لجنة التعليم بالجمعية: «كل هذه الأسماء فلول، لو تحدثت مع أى نوبى سيخبرك أن هؤلاء لا يمثلونه لقد رفضنا تواجدهم بيننا فى منشية النوبة، ولا دليل أكبر على أنهم مخربون من أن مصدرا رسميا حاليا منحك أسماءهم فكل المسؤولين الحاليين يريدون قتل القضية النوبية».
من الاتهامات المتكررة لأبناء النوبة أنهم يهولون الأمر ويبالغون فى الحديث عن قضيتهم، فكثير من أبناء مصر يعانون أزمات، هناك بدو الصحراء الشرقية الذين سقطوا تمامًا من حسابات الأنظمة السياسية السابقة وعاشوا مبتورين عن جسد مصر إضافة إلى حالات الإهمال والتجاهل التى عانت منها كل المدن الحدودية وأبنائها، فلماذا إذن يتحدث النوبيون كل يوم عن أزمتهم ولماذا يضخمونها بهذا الحجم؟.. هذا التساؤل الذى يحمل فى طياته اتهامًا مباشرًا لأهالى أعتق الحضارات أنهم يبالغون ويهولون ويختلقون أزمات، فماذا كان الرد؟.
حاولنا البحث عن إجابة لهذا التساؤل، من أحد القيادات التى لا تنتمى للنوبة وهو الشيخ عبدالمجيد عتمان شيخ قبائل العبابدة فى مصر والسودان فأجاب: أهالى النوبة لا يهولون فى قضيتهم، كيف يُقال على من هُجر من بيته ومنزله إنه يبالغ فى الأمر ويضخمه، ماذا بعد الطرد من السكن والتشريد، وأضاف نحن ندعم حقهم العادل فى عودتهم إلى منازلهم القديمة، وأظن أن ما أزعج النظام السابق هو قدرة أهالى النوبة على الوصول لوسائل الإعلام وهذا الأمر يحسب لهم وليس عليهم.
يضيف زكريا برسى أحد النشطاء النوبيين على كلام الشيخ عتمان: النظام السابق وذيوله التى مازالت متواجدة حاول جاهدًا الوقيعة بيننا وبين أبناء القبائل الأخرى لكنه لم يفشل، والنظام الحالى يحاول أيضًا تكرار الأمر ذاته لكنهم لن يستطيعوا لأننا كيان واحد.
بعد أن انتهى أبناء النوبة من تفنيد الاتهامات والرد عليها، شرعوا فى الحديث عن التطور الذى شهدته قضيتهم منذ تحول مصر إلى النظام الجمهورى عام 1952 وحتى سقوط الرئيس السابق مبارك.
هانى يوسف ومحمد عبدالباسط يرويان بالتفصيل تاريخ القضية النوبية بعدما أصبحت مصر تحت حكم أبنائها وليس المحتل الأجنبى، يقول عبدالباسط الذى فرّغ حياته للدفاع عن بلاد الذهب: البداية كانت مبشرة لنا، فور تعيين محمد نجيب قال إنه سيخصص ميزانية مستقلة لحل أزمة النوبة ولإعادة توطين السكان على ضفاف النيل لكنه لم يستمر طويلاً فتبخرت أحلامنا مع اعتقاله ثم جاءت مرحلة جمال عبدالناصر وكانت على النقيض.
يمسك يوسف بطرف الحديث ويقول: عبدالناصر حاول جاهدًا إذابة الهوية النوبية، وكان دافعه من ذلك هو الخوف الشديد من اتحاد أهل النوبة فى مصر مع نوبة السودان وتكوين دولة واحدة وهذا هاجس أرّقه وأرق نظام مبارك أيضًا لأن كلا منهما تعامل مع النوبة باعتبارها ملفا أمنيا فى المقام الأول وأضاف: فى هذا العصر حدثت حالة الهجرة الرابعة بسبب بناء السد ووعدتنا الحكومة بإعادة توطين أهالى النوبة على ضفاف النيل وبدفع تعويضات مالية لهم، ولم تُبن حتى الآن منازل هؤلاء المهجرين وعددهم تجاوز الخمسة آلاف، أما التعويضات فكانت ضعيفة.
«عصر السادات هو الأزهى لنا، وكنا قريبين فيه من تحقيق حلم العودة لكنه توفى قبل أن يتمكن من ذلك» كانت تلك فاتحة كلمات عبدالباسط للتحدث عن الحقبة الزمنية بين عامى 1970 و1981 وأضاف: قال لنا أنتم حجر الأساس لمصر وسأضع هذا الحجر، وقام بتفعيل دور الجمعيات النوبية وبنى بيتًا فخمًا له فى النوبة، لكن موته عطل مسيرتنا ولا أنسى أن بعد موته قال لنا حسب الله الكفراوى أبوكم مات خلاص.
يتحدث يوسف بأسى بالغ عن أطول تلك الحقب الأربع، عصر المخلوع حسنى مبارك ويقول: «طوال الثلاثين عامًا، كان ملف النوبة يدار من مكتب المخابرات العامة لأن مبارك تخوف هو الآخر من أن يتحد نوبة السودان ونوبة مصر، ويعد هذا العهد هو الأسوأ لنا إذ قام فيه الإعلام الرسمى بتشويه صورتنا إلى حد كبير فكلما تحدثنا ونطقنا ولو بكلمة واحدة قالوا أنتم انفصاليون تريدون تدويل القضية وأصبحت كلمة نوبة فيه كأنها سُبة، يختتم أهالى النوبة حديثهم، رافضين التعويضات التى منحت لهم سابقًا، ورافضين أيضًا الانتقال إلى المشروع السكنى الذى أنجزته القوات المسلحة والمسمى ب«مشروع كركر» والذى أعد لتعويض أبناء النوبة الذين فقدوا منازلهم فى الهجرة الرابعة فى ستينيات القرن الماضى، ومؤكدين أن قضيتهم لم تُمح من ذاكرتهم وأن حلم العودة لضفاف النيل سيحقق ولو بعد حين.
النوبة «المسالمة» تعلن الحرب المسلحة على البلطجية
يشتهر أهل النوبة بالمسالمة وطيبة القلب، يبحثون منذ خمسين عامًا عن حلول سياسية لأزمة تهجيرهم، فقدوا منازلهم لكنهم لم يفقدوا مبادئهم التى ترفض اللجوء للعنف مهما كانت الأسباب، هذا هو المعروف عنهم لكن الحال قد تغير وهم الآن على مشارف اللجوء لعنف مسلحٍ ومنظم.
يفسر المشهد التالى أسباب تفكير أبناء النوبة فى اللجوء للعنف: «أمام قيادات قسم شرطة مركز ناصر النوبة، وقف بلطجى نجح نوبيون فى القبض عليه بعدما هددهم وروعهم واعتدى على بعضهم أكثر من مرة ليقول (أنا هامشى بسلاح وما حدش هنا يقدر يمنعنى من إنى أشيله أو أستخدمه فى الوقت اللى أنا عايزه)، لينظر الأهالى للمأمور الذى بدلاً من أن يحبسه أو حتى يهدده بالحبس عرض على الطرفين التصالح وإنهاء الأزمة».
«تحالف منظم بين البلطجية وأفراد شرطة ناصر النوبة، حصيلته قتيل فى السادسة والعشرين من عمره، وعشرات الإصابات البالغة إضافة إلى انتزاع مجموعة من الأراضى من الأهالى».. تلك هى الأزمة، وفقًا لروايات مختلفة من نوبيين بمركز ناصر، أزمة استثارت الحالمين بالعودة إلى بلاد الذهب لتجعل همهم الأول والرئيس هو القضاء على البلطجية وتغيير أفراد الشرطة بمركز ناصر النوبة ولو كان بالسلاح.
أمام المنزل اصطف الرجال يتقبلون العزاء، وداخله ارتفع صوت القرآن الكريم.. هنا منزل مصطفى عبد الباسط بقرية المالكى فى مركز ناصر النوبة، قُتل هذا الشاب فى شهر يناير الماضى على يد بلطجية قناويين من قبيلة السمطاء.
يقص عمر محمد على، عم الشاب المتوفى، وقائع قصة الوفاة التى ذُكرت فى تحقيقات النيابة على لسان شاهد تواجد مع مصطفى وقت وقوع الحادث: «بينما كان يجلس مصطفى فى الأرض الزراعية التى يمتلكها خاله جاءه بلطجى ومعه لودر كبير يسوقه شخص مجهول من أجل تحويل مياه إحدى الترع إلى اتجاه آخر، طالب مصطفى اللودر بالرجوع واشتبك معه البلطجى لفظيًا فرد عليه مصطفى: لم أتحدث معك بل تحدثت مع صاحب اللودر، وبعد حديث قصير انصرف البلطجى غاضبًا وقال: «هاوريك تمنعنى ازاى من دخول الأرض» وترك سائق اللودر.
جلس مصطفى وطالب سائق اللودر «وهو راوى تلك القصة» بالنزول إليه من أجل «تقديم الواجب» وبالفعل أحضر مصطفى كوبًا من الشاى للسائق وجلسا سويًا، يكمل السائق القصة قائلاً: «قلت له ما الذى تفعله، هل تعلم أنه ذهب ليحضر لك بلطجية آخرين ليشتبكوا معك»، فرد قائلاً: «اشرب الشاى أولاً، وحين يأتون نتعامل معهم» ثم تحدث مع عمه وأبلغه بالقصة فطالبه الأخير بالحذر والاحتياط».
يواصل سائق اللودر حديثه: «بعد دقائق قدم إلينا البلطجى ومعه آخر، كانا يحملان السلاح تحدثا مع مصطفى للحظات ثم وجها السلاح إليه وأطلقا رصاصة اخترقت رأسه ونفذت من الجانب الآخر ثم هربا وابتعدت عن المشهد من هوله وبعد دقائق عادا مجددا وقاما باستخدام الأسلحة التى معهما فى تهشيم رأس مصطفى حتى لا يعلم أحد طريقة الوفاة».
غالب عمّ الشاب المتوفى حديثه قائلاً: «الله يرحمه كان من خيرة الشباب» واستكمل حديثه مذكرًا ببعض فضائل المتوفى: «كان حاملاً لكتاب الله، وكانت لديه غيرة على الإسلام وحب لنصرة المظلومين بطريقة لم أر لها مثيلاً.. حين كثف الاحتلال الإسرائيلى غاراته الجوية على قطاع غزة قبل سنوات ذهب مصطفى إلى فلسطين وتسلل لغزة لنصرة المجاهدين هناك، والعام الماضى غادر أسوان فور بدء الثورة وشارك فى مظاهرات التحرير، وكان يشارك فى بعض الأحداث الثورية بين الحين والآخر».
يستكمل الحاج عمر على حديثه مشيرًا إلى تفاصيل أخرى بقوله: «لم يكن البلطجية ليتجرأوا على مصطفى بهذه الطريقة إلا لأنهم مسنودون» ويفسر: «كل أهالى ناصر النوبة يعلمون المصالح التى تجمع أفراد وضباط قسم الشرطة وهؤلاء البلطجية، يمنحونهم ما يشاءون من الأموال مقابل إطلاق أيديهم يفعلون ما يشاءون، يستخدمون الأسلحة ويتعدون على الأراضى ويقتلون».
حسين ركابى، زوج أخت مصطفى يقول: «الحادث نتيجة تواطؤ فادح من أجهزة الأمن مع هؤلاء البلطجية، مصطفى نحتسبه عند الله شهيدا، لكنه قُتل غدرًا ولن نترك حقه وسنأخذ بثأره إذا لم تقم الأجهزة الأمنية بعملها وتكف عن التواطؤ وتقوم بإحضار القتلة المعروفين بالاسم لديها».
«عقب الحادث قررنا أن أى سمطى سنجده داخل قريتنا سنتخذه رهينة حتى يتم تسليم القاتلين إلينا أو إلى الشرطة»، بدأ الحاج على يشرح الإجراءات التى اتخذها أهالى القتيل مضيفًا: «فور إعلاننا ذلك هرب القاتلان وكل أبناء سمطاء الذين زحفوا إلينا خلال السنوات الماضية وعادوا إلى بلدتهم لكننا لن نسكت».
وتابع عمّ المتوفى: «لدينا قدرة على الوصول إلى القاتلين داخل منازلهما خاصة بعدما أبدى أهالى سمطاء استياءهم من حادثة القتل وطالب بعضهم القاتلين بالرحيل والبحث عن مكان آخر يعيشان فيه».
على عبد الباسط، شقيق مصطفى، الذى عاد من السعودية عقب علمه بالحادث أكد أيضًا أن كل أبناء قرية المالكى عازمون على القصاص لمصطفى وسينتظرون الشرطة لتقوم بدورها، حيثُ وعدهم مدير الأمن بالقبض على الجناة خلال أيام معدودة، وأكد عبدالباسط أن هناك لجانًا شعبية من الشباب ستبدأ من يوم السبت البحث عن السمطيين وحال وجود أى منهم سيتم أخذه كرهينة.
كان حادث قتل مصطفى أثار ردة فعل عنيفة داخل مركز ناصر النوبة إذ قام الأهالى بمظاهرات حاشدة ضد تكاسل وتواطؤ الشرطة على حد قولهم، ثم عقدوا مؤتمرًا صحفيًا حضره قرابة ألف مواطن أعلنوا فيه نيتهم التسلح للتصدى للبلطجية بعدما خذلتهم الشرطة عشرات المرات واكتشفوا أنها أحد أضلاع الجريمة.
حين قابلناه كانت آثار المعركة ظاهرة على جسده، ذراع مكسورة وجروح بالوجه أجلسته فى المنزل لكنها لم تثنه عن التحدث تفصيليًا عن أزمة «الغياب المتعمد للأمن» على حد قوله عن 44 قرية بمركز نصر النوبة بأسوان.
زكريا برسى، أحد أبناء النوبة الذين تعرضوا لهجوم من البلطجية أسفر عن إصابات متعددة لكنه لحسن حظه لم يتوف أو يفارق الحياة، يتحدث عن الوضع الأمنى قائلاً «بعدما تم تهجيرنا من أراضينا إلى مركز ناصر النوبة لم نجد عملا إلا الزراعة فى الأراضى المتواجدة فى منطقة الظهير الصحراوى ووادى شعيث ووادى النقرة، كانت الحياة هادئة حتى عام 2007 الذى شهد توافد مجموعة من البلطجية لينتشروا بالقرب من الأراضى التى نعمل بها وحضروا إلى هنا بالتنسيق مع ضابط شرطة يدعى شريف فيصل».
يضيف برسى: «بدأوا بمرور الوقت يهجمون على الأراضى ويروعون الآمنين لكنها كانت أحداثًا قليلة ومتباعدة، قمنا بالشكوى إلى الشرطة أكثر من مرة وتوقعنا أن تقبض عليهم أو تردعهم لكن شيئًا من هذا لم يحدث، وحين جاء مدير الأمن الجديد اللواء حسن محمد حسن بادرنا بالجلوس معه لتعريفه بالوضع الأمنى ومدى حاجتنا إلى تفعيل دور الشرطة وإلى عدم تقاعسها عن حمايتنا».
يقول الشاب المكسورة ذراعه: «ذهبنا إلى مدير الأمن وقدمنا إليه قائمة بها أسماء كل البلطجية والمجرمين المتواجدين فى أسوان والذين تتركز اعتداءاتهم على منطقة الظهير الصحراوى وتفاجأنا أنه بعدما قرأ اسم الأول قال متسائلا: محمد حسن أليس هذا تاجر المخدرات، فقلنا له هو بعينه فوعدنا بالقبض عليه وأكد أنه يعلم جميع الأسماء المتواجدة فى هذه القائمة».
يواصل الشاب النوبى حديثه قائلاً: «فى منطقة وادى شعث نمتلك أراضى زراعية منذ 25 عامًا، قمنا بشق الترع وتمهيد الأرض للزراعة، وفى الفترة الأخيرة ومع تكرار الاعتداءات علينا طالبنا ضباط قسم الشرطة بالتدخل لنجدتنا فقرروا عقد جلسة عرفية بيننا وبين هؤلاء البلطجية الذين يريدون وضع أياديهم على الأراضى التى نزرعها لنا، وأثناء الجلسة تم الاتفاق على أن يتوقف الطرفان على العمل فى الأراضى محل النزاع ووافقنا على الاتفاق ونحن كارهون لذلك إلا أننا تفاجأنا خلال الجلسة نفسها بأن هذا البلطجى يقول أمام ضابط الشرطة «ما حدش يقدر يمنعنى أشيل سلاح» وكان الأغرب أن الضابط لم يحرك ساكنًا واكتفى بالاستماع له دون أن يتخذ ضده موقفًا وهو ما أكد لنا تواطؤهما معًا».
ويقص برسى تفاصيل الواقعة التى تم خلالها التعدى عليها بقوله: «تحدث إلينا مقدم فى المباحث الجنائية وقال بالنص: (ساعدونا نمسك البلطجية دول، كلمونى لما يظهروا ويحاولوا الاعتداء عليكم أو يحاولوا سرقة كابلات الكهرباء) وحدث ذلك بالفعل، ففى يوم وجدناهم وكانوا متحفزين ضدنا وأبلغت الضابط بما يحدث وبعد المكالمة بعشر دقائق فقط زاد عددهم من بضعة أفراد إلى 20 فردًا وقاموا بالهجوم علينا مستخدمين الشوم وكانوا أثناء هجومهم يبحثون عنى بين المتواجدين ويقولون هذا هو زكريا ويوجهون أغلب ضرباتهم صوب رأسى حتى إننى فقدت الوعى وقتها».
أضاف برسى: «هنا تأكدت أن الشرطة والبلطجية إيد واحدة، فالمقدم الذى تحدثت إليه لم يأت لنا حتى بعد انتهاء الاشتباك وكان تأثير المكالمة الوحيد هو أن عدد البلطجية زاد من 4 أو 5 إلى 20 فردًا»، وتابع: «بعد المظاهرة التى قمنا بها قامت مديرية أمن أسوان بنقل أمينى شرطة من المركز وكأن الأزمة كلها كانت فى هذين الأمينين وليست فى كل الفاسدين المتواجدين داخل قسم ناصر النوبة.
وأكد البرسى ومعه خالد سالم من سكان القرية نفسها أن القرار النهائى الذى اتفق عليه الأهالى هو التسلح إذ لن يخرج أى منهم إلى عمله إلا ومعه سلاح وإذا اقترب منه أى بلطجى سيتعامل معه فورًا دون الرجوع للشرطة التى يرونها متواطئة ومنتفعة من وراء تواجد هؤلاء الفاسدين».
وقال البرسى: «فى حياتنا لم نكن نفكر فى اللجوء للسلاح، حتى فى قضيتنا الأم وهى العودة إلى منازلنا فى النوبة القديمة لم نفكر يومًا فى اللجوء للعنف وقررنا سلك كل السبل المشروعة لكن الآن حين يقف البلطجية فى وجوهنا ومن خلفهم الشرطة فماذا سنفعل؟ وماذا نفعل حين تكون الجهة الرسمية المسؤولة عن حمايتنا تتولى حماية القتلى والبلطجية والمخربين الذين تربطهم ببعض علاقات قوية منذ أيام مبارك».
واختتم: «لا تراجع عن قرار التسليح، خاصة بعدما قُتل مصطفى ظلمًا وعدوانًا، لن نترك دمه ولن نترك حقوقنا، وسترى الشرطة غضب أبناء النوبة كيف يكون».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.